إلهام أحمد: اندماج «قسد» مع الجيش ممكن بعد الحل السياسي

- 19 ديسمبر 2023 - 350 قراءة

الكرد والعرب أصحاب حضارة وتاريخ مشترك وهما من المكونات الأصيلة في الشرق الأوسط

 

عمليات «التتريك» جارية على قدم وساق في جميع مناطق الشمال السوري الخاضعة للاحتلال التركي

 

حكومة أردوغان والنظام السوري يتفقان على إضعاف «الإدارة الذاتية» واستهدافها رغم حجم الخلافات بينهما

 

اللامركزية التي نتبناها في «سوريا الديمقراطية» قائمة على أساس جغرافي وليس عرقيًا أو عقائديًا

 

المعارضة السورية تعاني من حالة شرذمة وتفكك كبير... وهناك مجموعة لها مشاريع اقتصادية في تركيا

 

الحرب النفسية التي شنتها العديد من الدول كان هدفها «خلق فتن» بين مكونات المجتمع السوري

 

 

أكدت الناشطة الكردية السيدة إلهام أحمد، رئيسة الهيئة التنفيذية لـ "مجلس سوريا الديمقراطية"، أن اندماج قوات "قسد" مع الجيش السوري ممكن، بعد انتهاء الأزمة والتوصل إلى حل سياسي، مشيرة إلى أن حكومة رجب أردوغان ونظام بشار الأسد يتفقان على إضعاف "الإدارة الذاتية" واستهدافها، رغم حجم الخلافات بينهما.

وأضافت رئيسة الهيئة التنفيذية لـ "مجلس سوريا الديمقراطية"، في حوار لـ شؤون إيرانية"، أن المعارضة السورية تعاني من حالة شرذمة وتفكك كبير، وأن هناك مجموعة منها تمتلك مشاريع اقتصادية في تركيا، منوهة إلى أن الكثير من المعارضين وقعوا تحت تأثير تلك الآلة الإعلامية، وأجندات الدولة بوعي ودراية، وبنوا مواقفهم على أسس "براجماتية" نفعية.

وحذرت إلهام أحمد، من أن عمليات "التتريك" التي تنفذها تركيا جارية على قدم وساق، في جميع مناطق الشمال السوري الخاضعة للاحتلال التركي، مشددة على أن الحرب النفسية التي شنتها العديد من الدول والقوى كان هدفها "خلق فتن" بين مكونات المجتمع السوري.. وإلى نص الحوار:

 

شككتم عبر تصريحات لكم مؤخرًا في نوايا تركيا بشأن ما يتردد عن تقاربها مع النظام السوري... فماذا ستكون نتيجة هذا التقارب إن حدث؟

 

- أعتقد أن التقارب بين الطرفين إن لم يكن ضمن إطار عملية التغيير الديمقراطي، فلابد أنه سيكون على حساب الشعب السوري بأكمله. خاصة أن الدولتين لديهما إشكالية القضايا القومية، وخاصة القضية الكردية.

وكما هو معروف، فإن التنسيق الأمني بين تركيا والنظام السوري قائم بشكل دائم ولم ينقطع على مر الأعوام السابقة. وعلى الرغم من حجم الخلافات بين الطرفين فإنهما يتفقان على إضعاف الإدارة الذاتية واستهدافها، حيث يجد الإثنان في الإدارة الذاتية تهديدًا على مصالحهما السلطوية. كلما زادت تركيا من تهديداتها بشن عملية عسكرية، يقابلها صمت مطبق من قبل النظام السوري، لأنها تجد في ذلك فرصة للضغط على قوات سوريا الديمقراطية لزيادة نفوذها في مناطق الإدارة الذاتية من خلال الحصول على التنازلات. وكل عمليات المقايضة التي حدثت في سوريا كانت من نتائج اتفاقية "استانا".

 

وهل سيكون التقارب التركي- السوري المحتمل "تقاربًا أمنيًا" فقط وضد مصلحة مجلس سوريا الديمقراطية والكُرد بشكل عام؟

 

- النظم الديكتاتورية شديدة المركزية مستعدة للاتفاق وتجاوز كل الخلافات والعراقيل بينهما وإن كانت بشكل مؤقت في سبيل الحفاظ على نظمها واحتكار السلطة بمفردها، ورفض أي نوع من المشاركة مع أطياف المجتمع، وقطع الطريق أمام محاولات التحول الديمقراطي في المنطقة، ومنعها من الانتقال إلى نماذج الديمقراطية والوطنية من التمدد والانتقال إلى داخلها. وهو ما تخشاه تركيا من نموذج الإدارة الذاتية، خاصة لديها مشاكل في العديد من القضايا مع مكونات الشعب التركي وبشكل خاص مع القضية الكردية.

 

مخططات "التتريك"

 

كيف ترون مخططات "التتريك" التي تنفذها أنقرة في مناطق الكُرد السوريين... وهل يجري ذلك في تقديركم بالتواطؤ مع نظام بشار الأسد؟

 

- الدولة التركية لها أهداف توسعية داخل الأراضي السورية، فأول خطوة تقوم بها هي الحملات العسكرية تحت مسمى "مكافحة الإرهاب"، وثاني خطوة تفريغ المناطق من سكانها الأصليين ومن ثم "تتريك" المنطقة من خلال السياسات الممنهجة في تغيير معالم المنطقة بالكامل.

ومن المعلوم أن عمليات "التتريك" جارية على قدم وساق في جميع مناطق الشمال السوري الخاضعة للاحتلال التركي بشكل مباشر، وتلك التي تدار من قبل الفصائل التابعة لدولة الاحتلال التركي.

والنظام السوري أكبر شاهد على ما يحدث في مناطق الشمال خاصة عفرين، فهناك يتم تكرار سيناريو لواء إسكندرون، وفي الستينات أيضًا كان نظام البعث صاحب مشروع التعريب في المناطق الكردية على الحدود العراقية، بالتالي تعتبر عملية التتريك من ضمن مشروع التعريب أو متممة له بشكل آخر، والهدف هو إفراغ المناطق الكُردية من سكانها الأصليين وتغيير ديموغرافيتها وثقافتها وتاريخها.

 

لماذا تؤيدين إقامة نظام حكم لا مركزي في سوريا يتمتع فيه الكُرد بالإدارة الذاتية؟ وهل سيكون ذلك حال حدوثه في مصلحة الكُرد؟

 

- طالما كانت الأزمة السورية أحد مفرزات بنية النظام المركزي القائم في سوريا، بالتالي نجد بأن الحل يكمن في تجاوز هذا النوع من المركزية في النظام، والتحول نحو اللامركزية، وهذا التوجه يخدم كافة أطياف ومكونات المجتمع السوري وليست مصلحة الشعب الكُردي لوحده وتجاوز الأزمة السورية ومفرزاتها وهو النظام الأنسب لخصائص المجتمع السوري.

 

قلتم إن "الحديث عن اللامركزية والإدارة الذاتية لا يعني الانفصال أو إجراء استفتاءات أو مشروع على غرار إقليم كردستان العراق"... فما هي طبيعة الإدارة الذاتية التي تريدونها؟

 

- اللامركزية التي نتبناها في "مجلس سوريا الديمقراطية" على أساس جغرافي وليس عرقيًا أو عقائديًا. ويشارك فيها جميع مكونات أبناء المنطقة في إدارة مناطقهم، كما أن هذه الإدارة تضمن حقوق كافة المكونات وحمايتها. واختيار للامركزية على أساس جغرافي وثقافي ذات صلاحيات موسعة تشمل الجانب الاقتصادي والإداري والثقافي لكونها الأنسب لخصائص المجتمع السوري. كما تعلمون سوريا تتشكل من موزاييك واسع من المكونات إثنية وعقائدية والجميع يتعايش مع البعض، وهذا يتطلب وجود مشروع قائم على العيش المشترك والتشاركية والتعددية.

 

سر "الإقصاء السياسي"

 

لماذا يعاني مجلس سوريا الديمقراطية من الإقصاء في المبادرات السياسية منذ بداية الثورة حتى الآن؟

 

- يمكنني الإجابة على هذا السؤال باختصار شديد، وهو أن الدول القائمة على إدارة ملف الحل السياسي تخضع لضغوطات من الدول الإقليمية التي تعاني من مشاكل في القضية الكردية. وهي تعتبر أن التقدم خطوة في حل هذه القضية من خلال إشراك المخاطبين الرسميين في العملية السياسية، ما يعني خلق الظروف لحلها لدى تلك الدول أيضًا. ومختصرها يعني عملية التغيير والتحول الديمقراطي في البلد. فوجود هكذا مشروع يشكل عائقًا أمام التدخلات الإقليمية ويقطع الطريق أمام مشاريعهم الاحتلالية التوسعية. المشروع التركي (ميثاق الملي) على سبيل المثال، وبالتالي عملت هذه القوى والدول وسخرت جميع إمكانياتها في سبيل إقصاء المجلس.

 

اعتبرتم في حوار مع برنامج "بلا قيود" على موقع هيئة الإذاعة البريطانية مؤخرًا أن المعارضة السورية أصبحت "نخبوية وقليلة العدد"... كيف ولماذا؟

 

- المعارضة السورية تعاني من حالة شرذمة وتفكك كبير، هناك مجموعة باتت صاحبة مشاريع اقتصادية في تركيا، أي لها مكاسب من دماء الشعب السوري، وهي ليست مستعدة للتخلي عن هذه المكتسبات، وتبقى رهن قرارات وسياسات الحكومة التركية.

وأرى أن فرض بعض الدول أجندتها على قوى المعارضة ومحاولاتها تفريغ الثورة من محتواها بالتالي دفعت ببعض من المعارضة السورية إلى تجميد نشاطاتها السياسية.

 

لماذا يناصب الكثير من فئات المعارضة السورية العداء لمشروع الإدارة الذاتية للكُرد؟

 

- كما ذكرت آنفًا، هناك قسم من المعارضة التي خرجت من إطار المعارضة السورية مرتهنة لقرارات وأجندات الدولة التركية، وهي غير قادرة على اتخاذ قراراتها بالمفرد وبإرادتها الحرة، لذلك فهي تبدي عداءها للإدارة الذاتية حسبما تقتضي مصلحة حكومة العدالة والتنمية في تركيا.

كما لا ننسى الحرب النفسية والإعلامية التي شنتها العديد من الدول والقوى، كان هدفها الأساسي هو خلق فتن بين مكونات المجتمع السوري، تارة على أساس عرقي وتارة أخرى على أساس ديني. وعملت تلك القوى والدول بكل السبل على خلق حالة من التشرذم والقطيع بين المعارضة حتى تتمكن من السيطرة التامة وضمان ارتهانهم لها. وكما أشرت في حديث طبيعة مشروع الإدارة الذاتية الذي يشكل عائق أمام التدخلات الإقليمية وبالتالي سعي تلك الدول لعملية التشويه وضربها عبر السوريين أنفسهم.

وللأسف، الكثير من المعارضين وقعوا تحت تأثير تلك الآلة الإعلامية وأجندات الدولة البعض بوعي ودراية، وبنوا مواقفهم على أسس براجماتية نفعية شخصية، والبعض الآخر من دون دراية.

 

هناك من يزعم أن حزب العمال الكردستاني قد احتكر قرار كُرد سوريا... فما مدى صحة ذلك؟

 

- لا أدرى ماذا يعنون باحتكار القرار، لكن ما يمكنني قوله أن الكُرد السوريون لديهم التجربة الكافية، سواء كان في مجال السياسة أو الحرب أو الإدارة، بالتالي لا يرون الحاجة أن يأخذ طرف آخر بدلًا عنهم القرارات.

 

إذا تم التوصل إلى حل للقضية الكردية... هل يقبل مجلس سوريا الديمقراطية بدمج قواته مع الجيش السوري؟

 

- تأسست قوات سوريا الديمقراطية بناء على حاجة السوريين في الشمال الشرقي من البلاد إلى عنصر الحماية من إرهاب داعش، وهو لا زال صاحب هذا المبدأ، وسيبقى ضمن هذا الإطار. وعندما تنتهي الأزمة ويأتي الحل السياسي، يمكن لقوات سوريا الديمقراطية أن تندمج مع الجيش السوري، وتشكل نواته الأساسية بآليات معينة يتفق عليها بين الطرفين.

عمليات إبادة الكُرد

 

يعتبر بعض الباحثين أن العرب لم ينتبهوا إلى أهمية العلاقات مع الكُرد... فهل هناك تقصير من الجانب العربي في هذا الشأن؟

 

- الباحثون العرب كان من الممكن أن يلعبوا دورهم في الفهم التاريخي للعلاقة الكُردية العربية بحياد ووجدانية أكثر. خاصة أن للكُرد تاريخ حافل بالبطولات في الشرق الأوسط. لكن في هذه النقطة بالذات لا زال الشعب الكُردي يعاني العزلة والتجريد في أصعب مراحل نضالاته لأجل الحصول على أبسط حقوقه المشروعة.

للكُرد الحق في تقرير مصيرهم، هذه الجملة التي يتم التفوه بها بالنسبة لأي شعب آخر، لكن عندما يأتي الحديث عن الشعب الكُردي، تعتبر الجملة جُرمًا يرتكبه الكُرد بحق الشعوب الأخرى. إزدواجية المعايير ليس بالأمر العادل بالنسبة لقضايا الشعوب. نأمل من الباحثين في التاريخ والقانون أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار والإنصاف فيها، وتطوير العلاقة الكُردية العربية بناء على الأسس التاريخية للشعبين.

 

وما أوجه التقارب بين العرب والكُرد من وجهة نظرك؟

 

- الكُرد والعرب أصحاب حضارة وتاريخ مشترك وهما من المكونات الأصيلة في الشرق الأوسط. يوجد مشتركات بين الشعبين، يجب البحث في هذه المشتركات لإنقاذ المنطقة من كوارث حرب قادمة لا تنتهي إلا إذا حصدت مئات الآلاف أو ملايين الأفراد من سكان المنطقة.

وكما تتابعون، الشعب الكُردي يتعرض لعمليات إبادة بكافة أشكالها وبشكل خاص منذ الحرب العالمية الأولى وإلى الآن، وبقناعتنا الدور لن يقتصر على الكُرد لوحدهم بمجرد الانتهاء من الكُرد سيكون الدور على العرب كعرب ولن يقتصر على الشعب الفلسطيني وحده. في ظل وجود مشاريع توسعية احتلالية واستيطانية إقليمية في ظل غياب مشروع ديمقراطي بعيد عن العنصرية والشوفينية القوموية وحالة التشرذم عربي واضح. وهذا يتطلب منا العمل معًا في هذه المرحلة الحساسة والمفصلية من تاريخ المنطقة والتي نعيش مخاضات حرب عالمية ثالثة وستكون هناك فرض لرسم خرائط واستراتيجيات جديدة مفروضة في ظل غياب تام للإرادة والحضور الكُردي والعربي ونكون جزءًا فاعلًا ومؤثرًا في رسم السياسات والاستراتيجيات.

 

وكيف نعمل على تمتين العلاقات بينهما... وتعزيز الحوار العربي الكُردي؟

 

- يتطلب الأمر منا أولًا قراءة تاريخنا قراءة نقدية، حيث البحث أولًا على المشتركات ومن ثم العمل على تعزيز تلك المشتركات وتطويرها.

ونحن اليوم نعيش في عالم مفتوح وسهل الوصول. ومليء بالوسائل والأدوات يتطلب منا العمل بشكل علمي على استغلال تلك الوسائل والأدوات بالطرق الأمثل. العمل على طرح مشروع الكونفدرالية الديمقراطية الشرق أوسطية مهمة جدًا، فهي تطرح كبديل عن الأنظمة القائمة التي تسببت بتقسيم البلدان وتشتيت شعوبها. فهذا المشروع يساهم في تعاضد وتضامن شعوب المنطقة فيما بين بعضها البعض.

 

كيف نشكل حاضنة اجتماعية تضم المكونات الكُردية -العربية بتنوعها في مشروع وطني يلبي احتياجات وتطلعات هذه المكونات عامة؟

 

- مشروع الإدارة الذاتية أحد هذه الحواضن، حيث أن الإدارة ومنذ اليوم الأول من تأسيسها شارك فيها العرب والكُرد مع باقي مكونات المجتمع السوري من السريان والأرمن والشركس والتركمان. ودعم وتعزيز هكذا مشروع أثبت فاعليته على مدار أكثر من عقد على تأسيسها جديرة بالاهتمام والتعميم.

 

دعا مثقفون عرب وكُرد إلى تأسيس معهد عربي-كُردي، بهدف تنشيط حركة التواصل على آداب وفنون وثقافات كل طرف، إضافة إلى التحدّيات والمخاوف التي تواجه الهوّية المشتركة للعرب والكُرد... كيف نفعل ذلك؟

 

- العامل الثقافي كقوة ناعمة مهم جدًا في تعزيز وتقريب الشعبين ببعضهما البعض، يمكن ذلك عبر تأسيس معاهد أو نوادٍ أو مؤسسات ثقافية أدبية تعمل على عقد فعاليات ونشاطات بكافة أنواعها وأشكالها. هكذا مشاريع ثقافية تنويرية بالتأكيد ضرورية لترسيخ أواصر الأخوة والعلاقات الودية بين الشعبين، إقامة المنتديات الثقافية التي تنمي ثقافة الشعبين وتزيل الهوة فيما بينهما. المهمة ليست بصعبة أو مستحيلة طالما هناك رغبة وإرادة.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.