الأحواز... أول ضحايا المشروع الفارسي

- 21 يناير 2024 - 255 قراءة

الرأي العام العربي بدأ ينادي علنًا بـ "تحرير الأحواز" والعودة إلى حدود ما قبل عام 1925

 

القضية الأحوازية باتت طيّ النسيان بالنسبة للدول العربية مقابل عدم تحريك المياه الراكدة مع إيران

 

السفير جمال بيومي: ينبغي على "الجامعة العربية" أن تحتضن قضية الأحواز المحتلة حتى إقامة دولة مستقلة

 

 

لا يمر يوم، دون أن يؤكد المراقبون والمحللون السياسيون أهمية القضية الأحوازية، باعتبارها "القضية العربية المُهمشة"، دون إدراك أن هذا الإقليم العربي المحتل منذ عام 1925، هو أول ضحايا "المشروع الفارسي" التوسعي في المنطقة، ما يعني أن هذا المشروع مستمر منذ نحو قرن من الزمان

وهذا التهميش، ناجم عن المصالح الجيوسياسية الكبرى في المنطقة، فضلًا عن المصالح المشتركة لبعض الدول العربية مع إيران، رغم أن الرأي العام العربي بدأ يدرك أهمية هذه القضية، وينادي تحرير الأحواز، والعودة إلى حدود ما قبل عام 1925.

غير أن القضية الأحوازية تشكِّل أبرز المداخل التي يمكن الاشتغال عليها في مواجهة إيران، باعتبارها بعدًا قوميًا يشرعن أي حراك عربي لنصرتها، وتوفير حق تقرير المصير لأبنائها من جهة، وينقل الحراك العربي إلى داخل جغرافيا إيران السياسية.

وربما تتقاطع الحسابات الدّوليّة مع المصالح الدّاخليّة لبعض الشعوب في مرحلة ما؛ لكن من الضروري أن تتمسّك الشعوب بحقّها في تقرير مصيرها والدّفاع عن وجوديّتها وعن أحقيّة الحياة لأوطان تعيش فيها قناعاتها. وهذا ما نجح به الأحوازيّون عبر تمسّكهم بحقّهم في بناء دولتهم المستقلّة.

 

دولة أحوازية مستقلة

 

مكنّ الموقع الاستراتيجي لإقليم الأحواز العربي المطل على الخليج العربي، الاحتلال الايراني من الاستفادة من هذا الموقع الذي استخدمه في تهديد طريق التجارة البحري وتجارة النفط، فضلًا عن الاعتداء على الدول العربية، واستخدام الخليج العربي كممر لتجارة المخدرات وتهريب الميليشيات ونقل السلاح لدعم الحوثيين في اليمن، ودعم الخلايا الإرهابية في دول مجلس التعاون الخليجي، فضلًا عن تحقيق الاستفادة الاقتصادية من هذا الممر البحري المهم، الذي أعطى الاحتلال الإيراني قوة التمركز على ضفة الخليج العربي واستخدامه في تمويل اقتصاده لتقوية شوكته في العالم العربي، والسيطرة على مقدرات المنطقة.

وتمثل الأحواز عصب الحياة للدولة الإيرانية، وأي دفع باتجاه خروجها عن سلطة المركز، سيلقى مناهضة كبيرة سياسية وعسكرية وإعلامية، وخاصّة في ظلّ انغلاق السلطات الإيرانية عن أيّ حلول لمسائل القوميات في الدولة.

بناءً على ذلك، يؤكد المراقبون أن من أراد القضاء على الخطر الإيراني الداهم، فعليه أن يستعيد الأحواز من الاحتلال الفارسي، أولًا، ومن ثم سيكون من السهل عليه إسقاط نظام الملالي، وإبعاد الخطر الفارسي عن الدول العربية كافة.

ويرى الناشط السياسي والباحث المختص في الشأن الإيراني – العربي، دانيال الأحوازي، أنّ أهميّة إقليم الأحواز تكمن في الجغرافيا السياسية للإقليم، أي الجيوبوليتيك السياسي، ومكانته الاستراتيجية الكبرى بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط برمتها.

ويعزو الأحوازي، هذا الصراع ما بين الدول العظمى إلى مناطق النفوذ في العالم، وفي منطقة الشرق الاوسط بالتحديد التي تتقسّم إلى دول بحر قزوين ودول الخليج العربي، وكل من هذه الدول لديها مصالح استراتيجية في المنطقة.

من جهة ثانية، يشير الأحوازي إلى أن أي تصعيد في المقاومة الأحوازية للسلطات الفارسية، يحتاج إلى فرصة سياسية تحدث داخل إيران، أو تنشأ في محيطها الإقليمي، وتكون من الشدة بحيث يمكن استغلالها أحوازيًا، أو على مستوى الشعوب المضطهدة في إيران كافة، مثل الكُرد والبلوش.

ووفق الباحث، سيقع السلوك السلطوي في إيران تجاه الأحواز ضمن احتمالين: احتمال التسوية السياسية السلمية وهو احتمال غاية في الضعف وفق المعطيات الحالية، واحتمال التصعيد السياسي والعسكري في الأحواز وخارجها. على أنّ عملية التصعيد قد تواجه مثبِّطات داخلية وخارجية، تعيقها وتمنع من تطوّرها، ومنها يتشكّل ما يمكن أن يكون فرصة سياسية للمطالبة بدولة أحوازية مستقلة.

 

فرض الثقافة الفارسية

 

يقول المحلل السياسي الدكتور علي البسام، إن "المحتل الإيراني يسعي جاهدًا إلى زيادة نسبة غير العرب في الأحواز، عبر انتهاج سياسة التغيير الديموغرافي لفرض أمرٍ واقعٍ، ولذا سعى نظام الملالي إلى تغيير الأسماء العربية الأصلية للمدن والبلدات والأنهار، وغيرها من المواقع الجغرافية في منطقة الأحواز، فمدينة المحمّرة على سبيل المثال أصبح اسمها (خرم شهر) وهي كلمة فارسية بمعنى البلد الأخضر".

ووفق البسام، طالت عمليات تغيير الطابع العربي كافة جوانب الحياة في الأحواز بعـد احتلالها، وكان الهدف هو فرض الثقافة الفارسية على السكان، فكان على رأس المحرمات التي أقرها الاحتلال الإيراني الفارسي التحدث باللغة العربية في الأماكن العامة، ومن يخالف ذلك الأمر يتعرض للعقاب؛ لأن التحدث باللغة العربية جريمة يعاقب عليها القانون الصفوي،  فقررت إيران بأن تكون مناهج الدراسة في المدارس باللغة الفارسية فقط ولا يجوز التحدث بأي لغة أخرى ومُنع الأحوازيون من تسمية مواليدهم بأسماء عربية، ومُنِعُوا من  لبس الزى العربي واستبداله جَبْرًا باللبس البهلوي الفارسي.

يتابع البسام: والحقيقة التي لا شك فيها أن الأحواز العربية لم تكن إلا بداية للمشروع الفارسي التوسعي في المنطقة العربية، مع اختلاف أنظمة الحكم الإيرانية والحكومات والأدوات المستخدمة لتحقيق حلم عودة "الإمبراطورية الفارسية" القديمة، ولكن في ثوب حديث.

من جانبه، يؤكد اللواء رضا يعقوب، الخبير المصري الدولي في مكافحة الإرهاب، أن ما تقوم به طهران من عمليات قتل وتعذيب لأبناء دولة الأحواز العربية المحتلة، يعد من أهم القضايا التي لابد من دعمها، دعمًا مصريًا وعربيًا، في مواجهة المحتل الفارسي، ولابد من العمل بجدية لتوصيل صوت أبناء الأحواز إلى المحافل الدولية، لكي تصبح المسألة الأحوازية قضية قومية من الطراز الأول، مثلها مثل قضية فلسطين سواء بسواء.

ويشير يعقوب، إلى أن الأحوازيّون دفعوا ثمن نضالهم من أجل قيام دولة مستقلّة لهم، نتيجة صراع الجبابرة في الحرب العالميّة الأولى، حتّى تمّ السكوت عن احتلال الأحواز من قبل إيران في أبريل/نيسان سنة 1925، بعد أسر أمير الأحواز الشيخ خزعل الكعبي. حتّى باتت هذه القضيّة طيّ النسيان من قبل المجتمع العربي، مقابل عدم تحريك المياه الرّاكدة مع إيران.

من جهته، يؤكد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري سابقًا، أن "التحرك على الصعيد الدولي لطرح قضية الأحواز أمر صعب جدًا، دون وجود داعم إقليميّ أساسي، يتحدّى الظروف، ويحمل هذا الملفّ ليطرحه في أروقة دول صناع القرار والمؤسسات الدولية."

ويؤكد السفير بيومي، أنه ينبغي على جامعة الدول العربية أن تحتضن قضية دولة الأحواز العربية المحتلة، وأن تفتح بابًا لمناقشة هذا الأمر خلال اجتماعات وزراء خارجية دول العربية، وهو إجراء من شأنه تعزيز قضية دولة الأحواز العربية المحتلة، والوقوف بجوار الشعب العربي الأحوازي الرافض للاحتلال الإيراني، والساعي إلى إقامة دولته المستقلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- "الأحواز العربية.. واقع مؤلم ومستقبل معتم"، موقع حبر أبيض، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

2- هل قضيّة الأحواز أولويّة عربيّة؟، موقع جسور، 29 سبتمبر/أيلول 2023.

3- القضيّة الأحوازيّة ضحيّة صراع الأمم، موقع الخليج بوست، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

4- قيادات مصرية تدعم دولة الأحواز العربية المحتلة من طرف النظام الإيراني، موقع الحدث الأفريقي، 31 مايو/أيّار 2023.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.