الخبير المصري في الشؤون الكردية... إلهامي المليجي: ثورة 19 تموز نجحت في إقامة "حكم ذاتي" رشيد

- 29 سبتمبر 2024 - 142 قراءة

  • الثورة تواجه العديد من التحديات المستمرة والمعقدة التي تؤثر على قدرتها على تحقيق أهدافها كاملة

 

  • وصف ثورة 19 تموز بأنها "ثورة كردية" يعكس جزءًا من الحقيقة لكنه لا يشمل الصورة الكاملة

 

  • تجربة "الإدارة الذاتية" تهدف إلى إنشاء نموذج للحكم الذاتي يعزز فرص التعايش السلمي

 

  • النظام التركي يعتبر أن تجربة "الإدارة الذاتية" تمثل تهديدًا خطيرًا لأمنه القومي!

 

  • الأوضاع الإنسانية في شمال سوريا ما زالت "صعبة" مع وجود عدد كبير من اللاجئين والنازحين

 

  • عدم الاعتراف الدولي بالإدارة الذاتية يشكل عائقًا أمام الاستقرار السياسي والاقتصادي

 

  • تنظيم "داعش" والجيش التركي هما أبرز التحديات العسكرية التي تهدد ثورة 19 تموز

 

 

أكد الخبير المصري في الشؤون الكردية إلهامي المليجي، أن ثورة 19 يوليو/تموز في شمال سوريا نجحت في إقامة "حكم ذاتي" رشيد، مشيرًا إلى أن هذه الثورة تواجه العديد من التحديات المستمرة والمعقدة، التي تؤثر على قدرتها على تحقيق أهدافها كاملة.

وأضاف المليجي، في حوار شامل لـ "كردستان" بمناسبة الاحتفال بذكري ثورة 19 تموز بمناطق شمال شرق سوريا، التي تعتبر تجربة "الإدارة الذاتية" أحد أبرز منجزاتها، أن هذه التجربة تهدف إلى إنشاء نموذج للحكم الذاتي يعزز فرص التعايش السلمي، معتبرًا وصف ثورة 19 يوليو/تموز بأنها "ثورة كردية"، يعكس جزءًا من الحقيقة لكنه لا يشمل الصورة الكاملة.

وفي هذا الحوار، يتطرق المليجي إلى الأوضاع في شمال شرق سوريا في ذكرى ثورة 19 تموز، وكيف ينظر لما حققته الثورة، والإنجازات التي تحققت بالفعل، والتحديات التي مازالت تواجه المنطقة وشعوبها... وإلي نص الحوار:

 

  • كيف تنظر لثورة 19 يوليو/تموز في شمال سوريا... وهل حققت أهدافها؟

 

- ثورة 19 يوليو/تموز التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ووحدات حماية الشعب إلى جانب فصائل أخرى، بدأت كحركة لمقاومة القمع وسعيًا للحصول على حقوق سياسية واجتماعية.

وتقييم هذه الثورة يعتمد على مجموعة من العوامل منها تمكّن القوى المشاركة في الثورة من إقامة حكم ذاتي في مناطق معينة من شمال سوريا، مثل روجافا (غرب كردستان)، وتشكيل إدارات محلية تحكم مناطق عدة بشكل مستقل إلى حد ما عن الحكومة المركزية السورية.

من جهة ثانية، سعت الثورة إلى حماية حقوق الأقليات الكردية والأقليات الأخرى في المنطقة. وتم اتخاذ خطوات لتعزيز التعددية الثقافية واللغوية. كما تأثرت الثورة بالصراع المستمر في سوريا، وبالتدخلات الخارجية المتعددة، مثل التدخل التركي والروسي والأمريكي، مما أثر على استقرار الأوضاع في المناطق المحررة.

ورغم بعض النجاحات، فإن الأوضاع الإنسانية في شمال سوريا ما زالت صعبة، مع وجود عدد كبير من اللاجئين والنازحين ومحدودية الخدمات الأساسية. ولكن عدم الاعتراف بالحكم الذاتي في شمال سوريا، بشكل رسمي من قبل المجتمع الدولي، يضع قيودًا على الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية في المنطقة.

ويمكن القول، عمومًا، أن ثورة 19 يوليو/تموز حققت بعض أهدافها الأساسية مثل إقامة حكم ذاتي وحماية حقوق الأقليات، لكنها واجهت وما زالت تواجه تحديات كبيرة على عدة أصعدة. وتقييم النجاح الكامل للثورة يحتاج إلى مراعاة السياق الأوسع للحرب السورية والتدخلات الإقليمية والدولية.

تحديات

 

  • برأيك... ما التحديات التي مازالت تواجه ثورة 19 تموز في شمال سوريا؟

 

- ثورة 19 يوليو/تموز في شمال سوريا تواجه العديد من التحديات المستمرة والمعقدة، التي تؤثر على قدرتها على تحقيق أهدافها كاملة. ومن أبرز هذه التحديات الماثلة، التحديات الأمنية والعسكرية، كما أن التدخلات العسكرية الخارجية، وخاصة من القوات التركية، تمثل تحديًا كبيرًا، حيث تنفذ القوات التركية عمليات عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ووحدات حماية الشعب، حتى أنها احتلت بعض المناطق والمدن مثل عفرين، حيث أن النظام التركي يعتبر أن تجربة الإدارة الذاتية تمثل تهديدًا خطيرًا لأمنه القومي!

وكذلك، فإن تنظيم داعش رغم الهزائم الكبيرة التي لحقت به، ما زال يشكل تهديدًا أمنيًا من خلال خلايا نائمة وهجمات متفرقة.

أما عن الوضع السياسي، فإن عدم الاعتراف الرسمي بالحكم الذاتي في شمال سوريا من قبل المجتمع الدولي، يشكل عائقًا أمام الاستقرار السياسي والاقتصادي وتطوير العلاقات الدولية.

أيضًا العلاقة المتوترة مع الحكومة المركزية في دمشق تعيق جهود التفاوض والتوصل إلى تسويات سياسية طويلة الأمد.

وبشكل عام، ثورة 19 يوليو/تموز في شمال سوريا تواجه مجموعة من التحديات المعقدة التي تتطلب حلولًا شاملة ومتوازنة تجمع بين الجهود السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة.

تحديات أمام الثورة

 

  • هل يمكن وصف 19 يوليو/تموز بـ "الثورة الناجحة"؟

 

- وصف ثورة 19 يوليو/تموز في شمال سوريا بالثورة "الناجحة" يعتمد على المعايير المستخدمة لتقييم النجاح. الثورة حققت بعض الأهداف المهمة، لكنها ما زالت تواجه العديد من التحديات. هنا نظرة شاملة لتقييم مدى نجاح الثورة، ويمكننا أن نجمل النجاحات المتحققة في تحقيق الحكم الذاتي، حيث تمكنت القوات الكردية وحلفاؤها من إنشاء منطقة حكم ذاتي مع مؤسسات سياسية وإدارية محلية، مما يعتبر إنجازًا مهمًا في سياق السعي للاستقلال الذاتي.

وبفضل الجهود العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب، تم تحرير مساحات واسعة من سيطرة تنظيم داعش، مما ساهم في تحسين الوضع الأمني في بعض المناطق.

 

  • وماذا عن التحديات والمعوقات التي تواجه ثورة شمال شرق سوريا ؟

 

- هناك عدة معوقات أو تحديات، أبرزها عدم الاعتراف الدولي، حيث لم يتم الاعتراف رسميًا بالحكم الذاتي من قبل المجتمع الدولي، مما يضع قيودًا على الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية.

هذا، فضلًا عن التهديدات الخارجية والتدخلات العسكرية من قبل تركيا والضغوط السياسية من قبل دول أخرى تجعل من الصعب الحفاظ على المكاسب المُحققة.

وإذا نظرنا إلى المعايير المتعلقة بالحكم الذاتي، وتحسين الأمن النسبي، وتعزيز حقوق الأقليات، يمكن اعتبار ثورة 19 يوليو/تموز قد حققت بعض النجاح. ومع ذلك، بالنظر إلى التحديات الكبيرة المتبقية، لا يمكن وصف الثورة بأنها حققت نجاحًا كاملًا وشاملًا.

بالتالي، يمكن القول إن الثورة كانت ناجحة جزئيًا في تحقيق بعض أهدافها الأساسية، لكنها ما زالت تواجه العديد من التحديات التي تحتاج إلى معالجتها لضمان استدامة ونجاح أكبر في المستقبل.

 

  • ما الفرق بين ثورة 19 تموز في شمال سوريا و15 آذار التي انطلقت من درعا عام 2011؟

 

- ثورة 19 يوليو/تموز في شمال سوريا وثورة 15 مارس/آذار التي انطلقت من درعا في 2011 هما حركتان مختلفتان في الأهداف، السياقات، والأساليب، والأهداف.

أولًا، ثورة 15 مارس/آذار 2011 (درعا)، بدأت كاحتجاجات سلمية من درعا ضد نظام الرئيس بشار الأسد، مطالبة بالحرية، الكرامة، والإصلاحات الديمقراطية.

وكانت الأهداف هي إسقاط النظام السوري الحالي، تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وإقامة دولة مدنية كجزء من موجة "الربيع العربي" التي شهدتها عدة دول عربية.

أما ثورة 19 يوليو/تموز 2012 (شمال سوريا)، فقد بدأت بقيادة وحدات "حماية الشعب الكردية" في منطقة كوباني بهدف تحقيق الحكم الذاتي للكرد والأقليات الأخرى في شمال سوريا، بهدف إنشاء إدارة ذاتية، وحماية حقوق الأقليات، وبناء نظام سياسي ديمقراطي تعددي في مناطق شمال وشرق سوريا.

وجاءت هذه الثورة في سياق الحرب الأهلية السورية، حيث عملت الفصائل الكردية على ملء الفراغ الذي تركته المؤسسات الأمنية الحكومية بانسحابها من مناطق شمال سوريا، وهذا جعل من تلك الفصائل البديل الثوري للمؤسسات الحكومية.

ثورة "متعددة الإثنيات"

 

  • هل تتفق مع وصف 19يوليو/تموز بأنها "ثورة كردية"؟

 

- وصف ثورة 19 يوليو/تموز بأنها "ثورة كردية" يعكس جزءًا من الحقيقة لكنه لا يشمل الصورة الكاملة. بينما كانت الحركة بقيادة وحدات حماية الشعب الكردية والقوى الأخرى في شمال سوريا، إلا أن هناك عدة عوامل تجعل من الصعب تصنيفها كحركة كردية بحتة.

غير أن القوى المشاركة في الثورة، بالفعل، كانت وحدات حماية الشعب الكردية التي باتت وقتها في طليعة هذه الحركة، مع دعم كبير من المجتمع الكردي.

وتضم قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكلت في وقت لاحق، تضم مجموعة متنوعة من الفصائل، بما في ذلك العرب، والتركمان، والسريان، بالإضافة إلى الكرد. هذا التشكيل المتنوع يعكس الطابع متعدد الإثنيات للثورة.

ومع أن الكرد كانوا يسعون لتحقيق الإدارة الذاتية في مناطقهم التقليدية، إلا أن الأهداف المعلنة شملت أيضًا إنشاء نظام سياسي ديمقراطي تعددي يشمل جميع مكونات المجتمع في شمال وشرق سوريا.

والحركة ركزت على تعزيز حقوق الأقليات المختلفة في المنطقة، بما في ذلك العرب، والسريان، والأرمن، وغيرهم.

التعددية الثقافية، وتم تشكيل إدارات محلية تشمل ممثلين عن مختلف المجموعات العرقية والدينية، مما يعزز فكرة أن الحركة ليست حصرية للكرد فقط.

 

  • بعد زيارتك الأخيرة لمناطق الشمال السوري... ما انطباعاتك عن المنطقة وشعبها ؟

 

- كان لي حظ زيارة مناطق الشمال السوري أكثر من مرة بدعوة من الإدارة الذاتية، ومن "مركز روج أفا للدراسات الاستراتيجية"، ومن خلال تلك الزيارات تمكنت من الاطلاع على المنطقة، والتي لم يسبق لي زيارتها ولم تكن لدي معلومات عنها بالرغم من زياراتي المتعددة لسوريا، فضلًا عن إقامتي لمدة خمس سنوات في دمشق.

ولاحظت خلال زيارتي الأخيرة للشمال السوري، أنه منطقة تتميز بتنوعها الجغرافي والسكاني والثقافي، والمنطقة تقع على تقاطع طرق تاريخية بين الشرق والغرب، مما جعلها مكانًا غنيًا بالتراث والحضارة.

والمنطقة تضم خليطًا من الكرد، والعرب، والتركمان، والأرمن، والسريان وغيرهم. هذا التنوع يعكس تاريخًا طويلًا من التعايش المشترك بين مختلف الجماعات العرقية والدينية. وهي تتميز بالغنى الثقافي وتأثرها بتعدد الأعراق والطوائف، ويتجلى ذلك بوضوح في الأعياد والمهرجانات، والموسيقى، والفنون الشعبية، والأطعمة التقليدية المتنوعة. كذلك فإن تعدد اللغات المستخدمة بين السكان (الكردية، العربية، التركية، الآرامية) يعكس تاريخًا طويلًا من التعايش والتفاعل الثقافي.

ومعلوم أن الشمال السوري منطقة غنية بالتنوع الثقافي والتراثي، وشعبها يمتاز بالمرونة والصمود رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها. هذا التعايش الفريد والمثابرة اليومية يجعلان من الشمال السوري مكانًا يستحق الاحترام والتقدير.

 

  • بعد زيارتك لشمال سوريا... هل أخوة الشعوب واقع حقيقي أم مجرد ديكور شكلي؟

 

- تجربة الإدارة الذاتية في شمال سوريا، التي أنشأتها قوات سوريا الديمقراطية وقوات حماية الشعب الكردية بمشاركة عدة مجموعات عرقية ودينية، تهدف إلى إنشاء نموذج للحكم الذاتي الذي يعزز من التعايش السلمي بين مختلف المكونات السكانية في المنطقة. تحليل هذه التجربة يظهر أنها تتراوح بين تحقيق بعض النجاحات وتواجه بعض التحديات، مما يثير التساؤلات حول مدى تجسيدها لأخوة الشعوب بشكل حقيقي أو مجرد ديكور شكلي.

والخلاصة، أن تجربة الإدارة الذاتية في شمال سوريا تمثل محاولات جادة لتحقيق أخوة الشعوب والتعايش السلمي بين مختلف المكونات السكانية. بينما تم تحقيق بعض النجاحات في التعددية السياسية والثقافية، إلا أن التحديات والمشكلات القائمة تشير إلى أن هذه التجربة لا تزال تواجه عقبات كبيرة.

لذا، يمكن القول إن أخوة الشعوب في شمال سوريا قد أصبحت واقعًا إلى حد ما، ولكنها ما زالت في مرحلة تطور وتحتاج إلى جهود مستمرة، لتحقيق توازن حقيقي وشامل يعكس هذا المفهوم بشكل كامل.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.