أكد القيادي الكردي صالح مسلم، الرئيس المشترك لـ "حزب الاتحاد الديموقراطي"، أن الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية"، هي الخطوة الأولى لكي يشعر المواطن بحقه، ويمارس إرادته الحرة، ويحدد مصيره، مشيرًا إلى أن "التهديدات التركية" ضد الكرد قائمة منذ 8 سنوات، وليست بسبب هذه الانتخابات، وتركيا لا تحتاج إلى ذرائع لأنها تستهدف وجود كل المكونات السورية، وهي "تفعل ما تشاء".
وأضاف مسلم، في حوار لـ "شؤون إيرانية"، أن الإدارة الأمريكية تصمت على الكثير من ممارسات تركيا في المنطقة، بما فيها طبعًا الحرب المستمرة التي تشنها أنقرة منذ عدة أعوام على شمال شرق سوريا، حتى لا تدفع أنقرة إلى حضن روسيا.
واعتبر الرئيس المشترك لـ "حزب الاتحاد الديموقراطي"، أنه إذا حدث أي تقارب بين نظاميّ "أردوغان والأسد" فسيكون على حساب الكرد، وعلى حساب الشعب السوري كله، مؤكدًا أن الكرد يرحبون بالحوار الوطني مع كل القوى السياسية السورية... وإلى نص الحوار:
•• نحن حزب سياسي يعتمد ديموقراطية الشعب، ولسنا حزب سلطة. ولذلك، ونحن نعود إلى الجماهير في كافة أعمالنا وإنجازاتنا، ونحاول أن يكون الشعب واعيًا ويمتلك إرادته الحرة.
وهذه الإرادة يمكن أن تظهر من خلال الانتخابات الديموقراطية التي تشارك فيها جميع شرائح المجتمع، ولذلك نحن نرى ضرورة إجراء الانتخابات في الوقت المناسب عندما تكون الظروف مُهيأة، لكي يُظهر الشعب إرادته السياسية، ويدير نفسه بنفسه. ونعتقد أن الانتخابات المحلية التي قررت "الإدارة الذاتية" إجراؤها هي الخطوة الأولى ليشعر المواطن بحقه، ويمارس إرادته، ويحدد مصيره.
وبالنسبة للتهديدات التركية، فإن تركيا تتذرع بكل شيء لأن هدفها هو تقويض الإدارة التي أقيمت في المنطقة الكردية، ولهذا تشن أنقرة الحرب علينا منذ 8 سنوات، ولن تتوقف هذه الحرب بشتى الوسائل، سواء أُجريت الانتخابات أم لا.
•• التهديدات التركية ليست بسبب الانتخابات، إنما هي قائمة منذ 8 سنوات، أي منذ 2016، وتركيا لا تحتاج إلى ذرائع لأنها تستهدف وجود كل المكونات السورية، وتستهدف كل مشروع ديموقراطي، وتفعل ما تشاء، وتشن هجمات على مناطقنا. وقد احتلت مدن عفرين ورأس العين وتل أبيض. إن تركيا تستهدف الوجود الكردي وتعرقل الحل السوري، وتحولت إلى عقبة رئيسية في تنفيذ القرار الدولي 2254.
واليوم، تتخذ تركيا من هذه الانتخابات ذريعة لشن مزيد من الهجمات، ونحن نتعامل بجدية مع كل هذه التصريحات، لأنها صدرت من أعلى سلطة وهو الرئيس التركي ووزير دفاعه، علمًا أن هجمات تركيا لم تتوقف يومًا ضد مناطقنا، من ضربات بطائرات مسيّرة وقصف للبنية التحتية وخطوط الطاقة وحقول النفط، لذلك نحن نخشى من تنفيذها، ويجب أن نكون مستعدين لها تمامًا.
"تحفظات" الإدارة الأمريكية
•• تحفظات الإدارة الأمريكية معلومة للكافة، ومعلوم أيضًا أسبابها. فضمن وجودها في الشرق الأوسط، تحاول واشنطن رغم سياستها التي تتناقض مع المصالح الأمريكية، الحفاظ على تركيا إلى جانبها في حلف "الناتو"، لكونها منطقة استراتيجية مهمة بالنسبة لحلف الأطلسي، وكذلك بالنسبة لروسيا والآخرين. ولهذا تصمت الإدارة الأمريكية على الكثير من ممارسات تركيا في المنطقة، بما فيها طبعًا الحرب المستمرة التي تشنها أنقرة منذ عدة أعوام على شمال شرق سوريا، حتى لا تدفع تركيا إلى حضن روسيا.
ومنذ بدأ تعاون واشنطن مع "الإدارة الذاتية"، كان الأمريكيون يصرون على وجود حوكمة رشيدة، وإشراك جميع مكونات المنطقة بالحكم، أما موقفهم بتطبيق القرار 2254 وأن أي انتخابات يجب أن تكون بموجب هذا القرار، فيعلم الجميع أنه ليس هناك إطار زمني لتطبيق هذا القرار، ولا نعلم متى ستتم ترجمته، هل سننتظر 10 سنوات أخرى لانتخاب رئيس بلدية؟ هذا أمر غير معقول. ونعلم أن الإدارة الأمريكية لديها وجهة نظر، وتتجنب التصعيد مع الأتراك، ولا تريد المشاحنة والاحتكاك معها لأنهم حلفاء في "الناتو".
•• الانتخابات تأجلت في المرة الأولى من 30 مايو/أيار الماضي حتى 11 يونيو/حزيران، بسبب نقص الترتيبات اللوجستية للمفوضية العليا للانتخابات، ربما لقلة الخبرات أو لعدم معرفة واقع المنطقة، ولذلك كان هناك نقص كبير في الإعداد لهذه العملية.
والأمر الثاني، هو الاعتراضات المقدمة من بعض الأحزاب السياسية التي ستشارك في الانتخابات، والتي قالت إن المدة الزمنية المنصوصة في العقد الاجتماعي تمنح الأحزاب 20 يومًا للدعاية الانتخابية، لكنَّ المفوضية أمهلتها 10 أيام فقط ووجدت أنها ليست كافية.
•• نحن، منذ البداية، كنا نطالب بالحوار مع جميع القوى السورية بما فيها النظام الحاكم، وكذلك روسيا حاولت التوسط لعقد لقاءات سياسية بيننا لكنَّ النظام عارضها آنذاك. وتصريح الأسد كلام صحيح ونحن تأخرنا جدًا في هذا الحوار، ويجب أن يكون حوارًا مع جميع القوى الوطنية. فإذا كانوا يذهبون إلى جنيف لإجراء حوارات بين المعارضة والنظام فلماذا لا نُجري هذه الحوارات بحريّتنا هنا في الداخل، وأعود الى تأكيد عدم حدوث صدامات مسلحة بين قوات الجيش السوري و«قسد»، لأن قواتنا دفاعية ولم تعتدِ على أحد ولم تخرج عن حدود سيطرتها، وحتى هذه المناطق التي تدافع عنها حرَّرتها من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي، وعندما اعتدت تركيا قاومت هذا الاحتلال، وهي ملتزمة الدفاع وحماية مناطقها، و«قسد» لم تذهب إلى دمشق ولم تذهب إلى منطقة سورية أخرى، إنما دافعت عن مناطقنا من تنظيم «داعش» ومن الهجمات التركية المعادية، وما دام النظام السوري يؤكد عدم اللجوء إلى صدامات عسكرية فهذا عين العقل، فما دمنا نستطيع الحوار فلا داعي لأي خيارات ثانية.
•• بالعكس، نحن جزء من سوريا أولًا، والثورة السورية قامت لتطالب بالديموقراطية والحرية للشعب السوري، ونحن نلتزم الديموقراطية والحل السلمي.
والمشروع الأهم هو مشروع الإدارة الذاتية الديموقراطية، وهو نموذج لسوريا المستقبل. ما ندعو إليه، تطالب به مناطق سورية مختلفة. الكل أصبح يطالب بالإدارات الذاتية التي تقوم ضمن دولة واحدة وحكومة مركزية وسلطات تابعة. تبقى نقطة واحدة هي أن المواطن السوري لم يعد يقبل بأي شيء إن لم يكن شريكًا في القرار السياسي. لم يعد ممكنًا أن يتفرد مجلس معيّن بالقرارات السياسية. يجب احترام إرادة الشعب السوري وقراراته.
"زواج قسري"
•• الواقع أنه منذ سنوات طويلة تُعقد مؤتمرات ولقاءات لإيجاد حلول لهذه المشكلة، ولكن تركيا تعرقل ذلك، هي لا تريد حلًا سياسيًا. فهي تقول:" إذا لم نحتفظ بالورقة في اليد، لن توجد حلول سياسية". وبالطبع العالم لا يريد الخضوع لذلك، والشعب السوري وجب عليه إيجاد حله الذاتي، وتنفيذه بنفسه، سواء كان ذلك برضا أنقرة، أو بغير ذلك.
•• عندما جرى الحديث عن لقاء بين (الرئيسين) بشار الأسد ورجب طيب أردوغان وعن تقارب بين النظامين السوري والتركي وصفناه بـ "الزواج القسري". العداء بين الطرفين قديم، منذ ضمّ لواء اسكندرون وحتى من زمن الانتداب الفرنسي. هناك مآسٍ كثيرة تعرض لها السوريون على يد الدولة التركية والفاشية التركية ولن تُلغى بجرّة قلم. في خصوص مسألة أوجلان عندما وقعوا اتفاقية أضنة (في 1998) بين رئيس شعبة الأمن السياسي في سوريا ورئيس المخابرات التركية، كانوا يريدون القضاء على كل شيء كردي ضمن سوريا. ولذلك خوفهم من المسألة الكردية يتزايد.
والخلافات بين الأتراك والسوريين كبيرة، لكن يجمعهم العداء للكرد. لا أعرف إن كانوا سيتوصلون إلى اتفاق، لكني أرى أن الظروف الموضوعية غير متوفرة والتوازنات غير متوفرة. ونحن نعتبر أنفسنا سوريين ونريد بعض الحقوق للشعب السوري بمن فيه الشعب الكردي. لا عداء مع الدولة السورية واليوم أعلنت "الادارة الذاتية" برنامجها: سوريون يدعون إلى بعض الديموقراطية ليتنفسوا. لذلك إذا حدث أي تقارب بين الأتراك والسوريين، فسيكون على حساب الكرد وعلى حساب الشعب السوري، وآنذاك لن يكون أمامنا إلا المقاومة، فلا وسيلة أخرى.
•• نحن نعمل على تعزيز ودعم مؤسساتنا وقواتنا العسكرية. فمصيرنا مرتبط بالمكونات التي تعيش هنا، ومشروعنا يعمل على سد الثغرات بين شعوب المنطقة، منعا لأي تفرقة.
كما نعمل أيضًا على توحيد صفوفنا، وأي جهة تعتدي علينا، سترى أننا سندافع عن أنفسنا، وهذا حق مشروع مصون. ونحن نعتبر مشروع الإدارة الذاتية يصلح لتطبيقه في بقية أنحاء سوريا؛ فأهالي السويداء يطالبون بإدارة ذاتية مدنية، وأهالي درعا طالبوا بأن الحل الأنسب يتمثل في إدارة لا مركزية، وهذا الأمر سمعناه من أهالي الساحل السوري ومحافظات الداخل. وهذا المشروع يأتي في إطار وحدة سوريا، أرضًا وشعبًا.
•• نحن، بالطبع، نريد صفًا كرديًا واحدًا حتى لا تضيع حقوق الشعب الكردي ضمن المكونات الأخرى، وندافع عن الحقوق الكردية ضمن الوحدة الموجودة الآن في شمال وشرق سوريا مع إخواننا، وليكون القرار كرديًا عربيًا سرياناً ومجملًا بهذا الشكل، ونحن نرى أصواتًا مختلفة خاصة من الأحزاب السياسية، بينما المجتمع الكردي كله يريد وحدة الصف الكردي، ليس لفرض سياسات معينة، وإنما لتحديد "الخطوط الحمراء" التي لا يمكن تجاوزها، فمثلًا كل ما يؤثر على الوحدة الكردية هو خط أحمر يجب أن لا يكون، وما يدفع إلى الاقتتال والاحتراب بين الكرد هو خط أحمر، يجب وضع الخطوط الحمراء لما يجب تجنبه، وهذا هو الهدف من وحدة الصف الكردي، وأيضًا لتمثيل الكرد ضمن الإدارة الذاتية، والعقبات التي تعرقل هذا الأمر معروفة، وأعتقد أن الجميع بات يعرفها، فهناك من له علاقات خارجية مع أطراف لا تجد وحدة الصف الكردي من مصلحتها، أو أنهم لا يدركون أهمية المرحلة التاريخية التي نحن بصددها، ورغم ذلك الجهود تبذل.
ونحن ندرك أن أعداء الشعب الكردي يخلقون "أحزابًا كرتونية" ويدّعون أنها تمثل الكرد، ويدفعون الأموال لتبييض ذمة هذه الأحزاب حتى لا تتحقق الوحدة الكردية، وتتظاهر بالدفاع عن حقوق الكرد، ولكن في الحقيقة هي مرتبطة بمخططات خارجية ولا تريد الوحدة الكردية ولا تريد المشروع الديمقراطي ضمن سوريا، ولهذا يجب الحذر من هذه الأحزاب.
وأعتقد أن سبب وجود تلك الأطراف هو عرقلة التنسيق الكردي، والشعب الكردي مخدوع بهذه الأحزاب وشخصياتها، فالكاذب والدجال لن يعترف بأنه يعمل من أجل السوء، وخاصة أن الوصول إلى الحقيقة يتطلب الكثير من الجهد في هذه المرحلة، خصوصًا في ظل الحرب عن طريق الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة ووسائل التواصل الاجتماعي، فكذبة واحدة تثير الكثير من الغبار، ولهذا نتمنى أن يبذل جميع أبناء شعبنا الجهود، حتى يصلوا إلى الحقيقة.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية