المخرج علي بدرخان سليل الأمراء الكرد: الأسرة البدرخانية أدخلت "صناعة السينما" إلى مصر

- 10 سبتمبر 2024 - 33 قراءة

طلعت حرب طلب من والدي أن يدرس في باريس كيفية إقامة "صناعة سينما" في العالم العربي

 

لم يكن لدى سعاد حسني أي خلفية غير أن والدها من كرد سوريا... لكن بالمقابل فإن حالة الجينات الكردية بالتأكيد كانت تظهر في تعاملاتنا

 

قلت لوالدي إني أخشى "الرسوب" في معهد السينما... فقال لي: إذا لم تنجح فلن تكون ابني!

 

أتمنى تقديم فيلم كبير يناقش "القضية الكردية" يعتمد على البطولة الجماعية ويحصد جوائز كبرى

 

 

المخرج الكبير علي بدرخان، أحد الأساتذة الكبار في فن الإخراج السينمائي، وصاحب عدد من أهم الأفلام في تاريخ السينما العربية، هو أحد أحفاد الأسرة "البدرخانية" الكردية العريقة التي حكمت إمارة "بوطان" زمنًا طويلًا، وتمتد جذورها في التاريخ المدون إلى عام 1260، وهي واحدة من أهم الأسر الكردية النبيلة.

بدأت الأسرة "البدرخانية" نشر الثقافة الكردية في تركيا وسوريا من مصر، عندما أصدر الأمير مقداد بدرخان عام 1898 أول مجلة كردية باللغة العربية وهي مجلة "كردستان"، من مؤسسة "دار الهلال" في القاهرة.

وكان من بين من جاء إلى مصر من آل بدرخان، بعد سقوط إمارة "بوطان" في أيدي العثمانيين، جد علي بدرخان، والذي عمل مديرًا "محافظًا" لمديرية بني سويف والفيوم، واستقر هناك، ورزق بابنه "أحمد"، والد مخرجنا الكبير، الذي كان له الفضل في إدخال صناعة السينما إلى مصر، بالتعاون مع رجل الأعمال الوطني طلعت حرب باشا.

ظل المخرج الكبير علي بدرخان، الذي يصفه موقع "الهيئة الوطنية للإعلام" المصرية، بأنه سليل الأمراء الكرد الوفي للثقافة المصرية، مناضلًا صاحب توجهات إنسانية، فهو مع أي شعب تحت الاحتلال أو مضطهد، وله صولات وجولات في دعم كل حركات التحرّر الوطني والشعبي في العالم، وعمل الكثير عند اجتياح لبنان عام 1982، وكان مهتما بشأن العديد من بلدان عالمنا العربي، ويتفاعل مع أحداث العراق وسوريا وفلسطين ولبنان وليبيا ومصر.

وفي هذا الحوار، يتحدث علي بدرخان عن أسرته، وعن تاريخ هذه الأسرة العريقة، وكيفية وصول أبنائها إلى مصر بدءًا من جده، إلى والده أحمد بدرخان أحد أهم رواد صناعة السينما المصرية، وحكايات أخرى مثيرة.. وإلى نص الحوار:

  • ما الذي تذكره العائلة البدرخانية عن تاريخ الأسرة العريق... وهل هناك بينهم حاليًا؟

- هذا التاريخ العريق يعرفه معظم أفراد الأسرة المتبقين في مصر وسوريا والأردن وتركيا، وهم يحفظون هذا التاريخ عن ظهر قلب. وهناك تواصل كبير بين الأسر البدرخانية، بجانب أنه في ظل التقدم التكنولوجي وخصوصًا "فيسبوك" أصبح هناك تجمع "جروب" للأسرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

  • من هم مشاهير الأسرة البدرخانية في التاريخ المعاصر؟

-  في التاريخ، أذكر الأمير بدرخان العزيزي، الذي كان أول من سعى لتأسيس إمارة مستقلة عن الدولة العثمانية. وبالفعل كان هناك استقلال، واندلعت معارك كثيرة حتى حاصر العثمانيون "قلعة أروخ" فترة طويلة حتى استسلم هو وأولاده، وتم أخذهم إلى القسطنطينية.

وطبعًا لابد أن أذكر محمد علي باشا، والي مصر، وهو ألباني من أصول كردية، الذي كان يساعد الأمير بدرخان العزيزي بالسلاح، عندما قاوم الدولة العثمانية.

  • كيف وفدت أسرة بدرخان إلى مصر واستوطنتها.. ولماذا كانت مصر دون غيرها هي وجهة هذه الأسرة؟

- جئنا إلى مصر أيام جدي علي بدرخان، الذي وفد إلى القاهرة وخصص له الوالي أراض واسعة في بني سويف والفيوم، وتم تعيينه مديرًا لمديرية بني سويف والفيوم، وهو منصب يشبه المحافظ حاليًا. وعشنا في مصر منذ ذلك التاريخ، كما عاشت أسر كردية كثيرة جنبًا إلى جنب مع المصريين، حتى باتوا مصريين.

ويقول بدرخان عن السيدة روشن بدرخان، زوجة جلادات بدرخان، أنها كانت تزورنا في مصر باستمرار.

  • اشتهر عدد من أبناء الأسرة بالعمل الفني... فكيف عرف آل بدرخان طريقهم إلى السينما؟

- درس والدي القانون في مصر، ثم سافر إلى فرنسا لكي يكمل دراسته في الحقوق. لكنه وهو في باريس، انجذب إلى فن السينما، وانبهر به، وكان يكتب عنه ويراسل جريدة اسمها "الصباح".

وقرأ طلعت حرب "باشا" المقالات التي كان يكتبها والدي، فأرسل له طالبًا منه أن يدرس كيفية إقامة صناعة سينما هنا، في مصر. ولهذا السبب، اتجه والدي إلى معهد السينما في فرنسا لكي يدرس الفن السابع، وآتت الدراسة ثمارها بتأسيس "استديو مصر"، الذي كان له دور كبير في تدشين صناعة السينما المصرية.

وكان الوالد يخرج وينتج الأفلام بنفسه، وبات معروفًا على نطاق واسع، وهو صاحب أول كتاب باللغة العربية عن تقنيات السينما صدر عام 1936. وعندما تأسست نقابة السينما، كان هو نقيب السينمائيين الثاني بعد محمد عبد الوهاب، بالتالي دخلت أنا هذا المجال السينمائي في وجود الوالد، حيث التحقت بمعهد السينما. وحين أنهيت دراستي في مصر، سافرت إلى إيطاليا كمنحة تدريبية، ثم عدت لممارسة العمل الفني منذ ذلك الحين.

  • يقال إنك دخلت الإخراج برغبة من والدك.. فهل هذا صحيح؟

- كنت أحب التصوير بالكاميرا كثيرًا، فلاحظ والدي أن لدىَّ ميولًا فنية. لذلك فى الثانوية العامة عندما نجحت بمجموع 58%، قلت له أريد أن أصبح ضابطًا بحريًا. وبالفعل نجحت فى الاختبارات، لكنه رفض أن يوقع على استمارة إمضاء ولى الأمر، وقال لى: "اذهب وقدّم أوراقك فى معهد السينما"، فقلت له: بالفعل قدمت وسأقدم أيضًا فى البحرية، فإن لم أنجح فى اختبارات معهد السينما أجد شيئا آخر والعكس، لكنه قال "إذا لم تنجح فلن تكون ابني"!، فدخلت الاختبارات وأنا أشعر برعب شديد، لكننى نجحت فى النهاية.

  • لماذا أسست أكاديمية «بدرخان» وأنت بالفعل تدرّس الإخراج فى معهد السينما وجامعات دولية خارج مصر؟

- بدأت فى مهنة التدريس لسببين، أولًا أنا خريج هذا المعهد «معهد السينما»، وهناك إحساس بالعرفان لهذا المكان ولأساتذتى الذين علمونى، وأريد أن أقدم شيئًا ولكننى مقيد بنظام معين، أنا عملت منهج لنفسى كى أوصل ما أريد، أدرس مادة الإخراج لكن لا يجوز أن أعطى إخراجًا بمفرده، عندما تشاهد فيلمًا يجب أن تتعلم كيف تقرأه، الممثل والإضاءة والديكور والتصوير وكل شيء حتى لو كان دقيقًا، إذن المخرج هو كل هذه العناصر، وكيف يوظفها ويستخدم الإبداعات المختلفة ليعبر عن وجهة نظره ورؤيته وإحساسه، إذن بالضرورة يجب أن يعرف سيناريو ومونتاج وتصوير وديكور لا بد أن يعرف العناصر التى يستخدمها ليستطيع توصيل ما يريد.

  • لماذا ابتعدت عن الساحة السينمائية في الأعوام الأخيرة؟

- لست بعيدًا عن الساحة بحكم عملي كأستاذ في الإخراج في المعهد العالي للسينما، الأمر الذي يتيح لي التدريس والإشراف على الرسائل العلمية وأفلام الطلاب والتواصل مع أجيال جديدة ورؤى مختلفة، ما يجعلني أساهم في بناء أجيال أكثر وعيًا تستطيع متابعة المسيرة بأفق مفتوح.

أما ما يمنعني راهنًا من المشاركة في المشهد السينمائي، فهو اختلاف الأساليب والطرق الخاصة بالإخراج وصناعة السينما عمومًا، تغير المناخ وفرضت الأوضاع الراهنة أساليب لا تناسبني، ازداد الأمر سوءًا بعدما باتت تلك الأوضاع قواعد مستحكمة لا يمكن الفكاك منها.

  • ما هي الفكرة التي يتمنى علي بدرخان أن يقدمها في السينما حاليًا؟

- أتمنى تقديم القضية الفلسطينية بشكل مشرف وتفصيلي، ولكن تكلفة العمل الإنتاجية ستكون كبيرة للغاية، وأيضًا أتمنى أن أقدم فيلمًا يناقش القضية الكردية، لأني من أصول كردية. وهذه الأعمال ستضم الكثير من النجوم؛ لأنها ستعتمد على البطولة الجماعية، وأثق بأنها ستحقق نجاحًا كبيرًا وسندخل بها الكثير من المهرجانات العالمية وستحصد الجوائز، وستضيف لكل من يشارك فيها رصيدًا فنيًا كبيرًا.

  • استمر زواجكم بالفنانة الراحلة ذات الأصول الكردية سعاد حسني 11 عامًا... وقلتم إن حالة "الجينات الكردية" كانت تظهر في تعاملاتكم... كيف؟

- الفنانة سعاد حسني أثرت الحياة الفنية وقدمت العديد من الأعمال الفنية التى تظل محفورة فى وجدان المشاهد المصرى. لم يكن لدى سعاد أي خلفية غير أن والدها من كرد سوريا، لكن بالمقابل فإن حالة الجينات الكردية بالتأكيد كانت تظهر في تعاملاتنا من انفعالات وغضب وطيبة قلب.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.