كشف العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، أن "ثقافة الكذب" منتشرة في (إسرائيل) على أعلى المستويات السياسية، وأن قادة الكيان الصهيوني يكذبون على الرأي العام المحلي في الأراضي المحتلة، كما يتنفسون!
ويؤكد محللون إسرائيليون أن "ثقافة الكذب” انتشرت كالنار في الهشيم من قبل أقطاب السياسة في (تل أبيب)، خصوصًا في كلّ ما يتعلّق بجولة الصراع العسكري الذي دار بين جيش الاحتلال والمُقاومة الفلسطينيّة، فقد أظهر حجم الدمار الواسع الذي خلّفته صواريخ المقاومة، أن منظومة "القبة الحديدية" هي مجرد دعاية عسكرية، وأن المزاعم الإسرائيليّة بأنه تم ردع حركة "حماس"، هي محض ادعاءات فارغة.
يؤكد أليكس فيشمان، محلل الشؤون العسكريّة والأمنيّة في صحيفة "يديعوت أحرونوت" واسعة الانتشار، أن كبار الساسة الإسرائيليين أدمنوا الكذب، ومن الأكاذيب التي يرددها هؤلاء الساسة، زعمهم أن الوجود الإيراني في سوريا يتراجع يومًا بعد يوم، بسبب الضربات الجوية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مواقع الميليشيات التابعة لطهران هناك، وأن (إسرائيل) هي "القوة العظمى العسكرية الثامنة في العالم"!
وأكد "فيشمان" هذه حفنة من الأكاذيب والترهات التي تخرج على لسان القيادة السياسية، كجزءٍ من الدعاية الانتخابيّة، فهم يخلقون إحساسًا وهميًا بالقوة الزائفة، لافتًا إلى أنّ (تل أبيب) تستخِّف بوريث المغدور قاسم سليماني، إسماعيل قاآني، مثلما لم تُقدّر خطورة أنور السادات وحسن نصر الله على نحوٍ صحيح.
واعتبر "فيشمان" أن الخدعة الكبرى نسجتها "مدرسة نتنياهو" التي تقول إنّ (إسرائيل) هي القوة العظمى الثامنة في العالم، استنادًا إلى استطلاعٍ رأي لا مصداقية له، خصوصًا أن معاهد بحث رائدة في العالم في مجال الأمن، تستنِد إلى مواد استخبارية ومعطيات علنية، أكدت حدوث "انخفاضٍ تدريجي" في قدرة (إسرائيل) العسكريّة خلال العقد الأخير.
من جهة ثانية، كشف تقرير اسرائيلي نشرته صحيفة "هآرتس" مؤخرًا، عن أن قادة الحرب والسياسة في الأراضي المحتلة، على السواء، كانوا يكذبون على بعضهم البعض وعلى الجنود وعلى "اليهود"، عندما زعموا أنهم متقدمون ومنتصرون في الصراع الأخير مع المقاومة الفلسطينية.
اقرأ أيضًا...
من جانبها، قالت صحيفة "معاريف" العبريّة إنّه بين الإحباط واليأس، بين ردٍّ عسكريٍّ حاسمٍ وبين تسوية مقبولة من كلا الطرفين: السكان في "غلاف غزة"، يريدون الهدوء والطمأنينة، وهو ما لم يتحقق لهم حتى الآن.
ووفق بعض المحللين الإسرائيليين، تنتشر "ثقافة الكذب" في المؤسسة الإسرائيليّة من رأس الهرم إلى قاعدته، وتتضمن عمليات غسيل الدماغ الادّعاء بأن الرأي العام العالميّ يدعم (إسرائيل) دعمًا كبيرًا، في حين أن ما حدث هو العكس تمامًا، حيث تم فضح الهمجية الإسرائيلية أمام العام أجمع.
كما تكشف علاقات القوى الفاعلة في الكنيست الكذب، وتؤكّد التقارير العسكريّة الجادّة أن النتائج من الحرب الأخيرة "لم تكن كافيّة"، بالإضافة إلى وجود صعوبة استخباراتيّة هائلة في الكشف عن نظم الصواريخ، حيث أقرّ كبار هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال بأنه يجب حساب مسار جديد يتعلّق بسلوك الدولة تجاه "حماس" خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد أن باتت الحركة تمثل خطرًا وجوديًا على (إسرائيل).
واعتبرت الصحيفة أن فيما "يتعلق بالإعلاميين الإسرائيليين، فإنهم لا يملكون الحدّ الأدنى من النزاهة، ويعملون أبواقًا لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيليّة، التي أعلنت كذبًا إلحاق دمار شامل بالأنفاق، وتكبيل القدرات الصاروخية لـ "حماس" بشكل نهائي، وهو ما أثبتت الأحداث أنه مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي فقط!
وتم توجيه الانتقادات للصحفيين ومحطات التلفزيون، التي تم إخضاعها دون إنزال قوّات، فقد استلم التحليل فيها جنرالات متقاعدون ورؤساء شاباك سابقين ادّعوا معرفة كلّ شيء عن الحرب والمدن الساحليّة المحتلّة وعن العرب، فلا عجب فهم بأنفسهم قتلوا عربًا في السابق.
ويدور حاليًا نقاش حاد داخل الكيان الصهيوني، بشأن أكاذيب بنيامين نتنياهو المستمرة، حيث قال الأكاديمي الإسرائيلي البارز باروخ لاشيم، أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الإسرائيلية، وهو مؤلف كتاب "نتنياهو: رجل التسويق السياسي"، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" مؤخرًا: "في حين أن نتنياهو صاحب السيرة الذاتية المعروفة في انتهاك الوعود بصورة دورية، فإن أشكنازي رجل شكاك بطبعه، ولا يشتري كثيرًا بضاعة نتنياهو، ومع ذلك، فقد وقعت الخديعة".
وأكد "لاشيم"، أن "نتنياهو لديه قدرات خاصة غير طبيعية، تأخذ بعقول من يعمل معه، وأمامه، ولعل صداقة نتنياهو ببعض الممثلين الساحرين منحته بعض صفاتهم المشتركة"، معتبرًا أنه "ليس هناك أحد في (إسرائيل) عاش طوال حياته السياسية يبذل جهوده للبقاء في السلطة كما نتنياهو، حتى لو كان ذلك ثمنه الإخلال بوعوده الانتخابية في كل جولة يخوضها، مع أن هذا ادعاء لا يزعمه خصومه السياسيون، لكنه كلام يؤكده رجال حزبه الليكود، السابقون والحاليون".
ونقل الأكاديمي الإسرائيلي عن دان مريدور، أحد قادة حزب "الليكود" السابقين، الذي عمل تحت إمرة نتنياهو وزيرًا في حكومة التسعينيات من القرن الماضي، قوله إن "نتنياهو إنسان كاذب، تتغلب درجة الكذب عنده على مستوى الثقة، فثقافة الكذب تحولت إلى نمط حياة طبيعية لدى نتنياهو".
وأشار إلى أن "أكاذيب نتنياهو تكررت في معظم ولاياته الحكومية، فقد قام بتضليل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في خطابه الشهير بجامعة بار إيلان، حول موافقته على إقامة الدولة الفلسطينية، وخدع يائير لابيد زعيم حزب "يوجد مستقبل"، حين وعده بتجنيد الحريديم المتدينين في جيش الاحتلال، وكذب على شائول موفاز، حين أبلغه أنه سوف يسن قانونًا لهذا الموضوع". وأكد أن "هناك العديد من الحالات التي تشهد على كذب نتنياهو وتضليله وخداعه، وكلها تؤكد أن عدم الثقة بنتنياهو هو الوجه الآخر للثقة به"!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية