مجددًا هاجم الزعيم السني البارز في إيران، الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي، إمام الجمعة في مدينة زاهدان، مركز إقليم بلوشستان، مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، بسبب استمرار التجاوزات بحق السنة عمومًا في إيران والعلماء منهم خصوصًا وكان آخرهم الشيخ محمد حسين گرگیج مدير معهد "فاروقية" وهو عالم خدم الإسلام نصف قرن، ومفسر استفاد من درسه الآلاف، وله شعبية جارفة في إيران.
التصعيد الأخير جاء بعد عزل الشيخ محمد حسين گرگیج شيخ مشايخ أهل السنة في منطقة "تركمان صحراء" الإيرانية من خطبة الجمعة في "آزاد شهر" ووضعه قيد الإقامة الجبرية، كما حاصرت مليشيات خامنئي منزل الشيخ محمد حسين گرگیج، الأمر الذي دعا الآلاف من المسلمين السنة في "تركمان صحراء" لإخراجه عنوه أمام أنظار الأمن الإيراني، وأوصلوه للمسجد الجامع حيث أكد في خطبة الجمعة الماضية قائلًا: "لو كان لدي ألف روح، لأفديهم لديني"، وذلك في تحدي منه لخامنئي شخصيا.
زعيم سنة إيران كان قد هاجم خامنئي منذ شهور سابقًا وقال له إن السنة في إيران لا يزالون يعتبرون "مواطنين من الدرجة الثانية، والمشكلة الرئيسية في التمييز ضد السنة في إيران تأتي من جهات معينة في مراكز صنع القرار، فبعد 42 عامًا من انتصار الثورة، لا يزال السنّة في إيران يواجهون العديد من المشاكل والمخاوف بشأن الحقوق المدنية".
وكأن نظام خامنئي الذي يعاني على كافة الأصعدة يريد أن يفتح على نفسه بابا جديدا للقلاقل ولغضب الجماهير المشتعل أصلا، فالثورة الداخلية المرتقبة التي تحدث عنها قادة النظام الإيراني كأمثال القيادي الإيراني البارز علي لاريجاني نرى إرهاصتها في أقاليم الأحواز وأذربيجان الجنوبية وبلوشستان، فالأتراك في أذربيجان الجنوبية والأكراد في كردستان والعرب في الأحواز (عربستان) والبلوش في بلوشستان والتركمان في إقليم تركمان صحراء، ومعهم الأقليات الآثنية الصغيرة كاللور والبختيارية والطالش والغيلك والمازندرانيين وغيرهم، وهؤلاء جميعهم يشكلون مجتمعين، حوالي 65% من السكان وغضبهم ظاهر للعيان، ومع هذا فخامنئي يرتكب المزيد من الحماقات التي يمكن أن يدفع ثمنها غاليا.
زعيم السنة يوبخ خامنئي
فيما خاطب الشيخ عبدالحميد إسماعيل زهي خامنئي، قائلًا إن: "الشیخ محمد حسين گرگیج يحظى بشعبية كبيرة بين السنة، ولإزاحته عواقب لا يمكن إصلاحها على وحدة المسلمين، وإن مقدسات أهل السنة تعرضت للإهانة مرات عديدة في البلاد، وعلى الرغم من أن أهل السنة لم يحصلوا على حقوقهم القانونية، لكنهم اختاروا الصبر.
وتابع: "عزل الشيخ كركيج من إمامة الجمعة، أثار اليأس والإحباط لدى أهل السنة، ولا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، وله تبعات وعواقب لا تحمد عقباها لوحدة المسلمين. ولقد تم تجاهل كافة الجهود التي بذلها للشعب الإيراني".
المرجعيات العلمائية السنية
وفي رسالة جماعية من مجموعة من الأكاديميين في جامعة دار العلوم زاهدان، أكبر مركز ديني وتعليمي لأهل السنة في إيران، وجهوها إلى ممثل خامنئي في محافظه "كلستان"، أعربوا فيها عن قلقهم تجاه هذا القرار، كما طالبوا بإعادة النظر فيه لإنهاء المشكلة، كما أكدوا في رسالتهم أنهم يعلمون أن ضغوط الجماعات المتطرفة كانت سببا في إتخاذ هذا القرار العاجل، كما استغربوا أن العشرات من الشيعة من فئات مختلفة، صدرت منهم أسوء أنواع الإهانات إلى مقدسات أهل السنة والخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين، لكن لم يتخذ ضدهم أي إجراء.
وشددوا في رسالتهم على أن "عزل الشيخ كركيج من إمامة الجمعة، أثار اليأس والقلق في قلوب آحاد الناس، فيرجى أن يعاد النظر في هذا القرار حتى لا يشعر أهل السنة أن طريق الوحدة طريق أحادي الجانب".
أما رئاسة وعلماء جامعة الحرمين الشريفين في مدينة "تشابهار" فأكدوا على براءة الشيخ كركيج من أي إساءة لأهل البيت، لأنه من العلماء الكبار والشخصيات العلمية الذين يخدمون القرآن والحديث منذ سنوات عديدة، وله معرفة تامة بعقيدة أهل السنة تجاه أهل البيت.، كما وصف أساتذة مدارس "عين العلوم" عزل الشيخ محمد حسين كركيج من إمامة الجمعة "مغايرا للدستور، وتدخلا في الشؤون المذهبية لأهل السنة"، وجاء في البيان: "إن محبة أهل السنة مع أهل البيت لا تخفى على أحد، بل أهل السنة أكثر من السائرين دعاء لأهل البيت في صلواتهم، ولا يتجرأ أحد من أهل السنة أن يسيء إلى أهل البيت. وإن إتهام عالم بارز اشتغل بالتعليم والقرآن أربعين سنة، بالإهانة إلى أهل البيت، اتهام لا يقبله العقل السليم".
علاقة إيران بالسنة
كانت إيران دولة سنية، ولكن قبل 5 قرون قام إسماعيل الصفوي ودولته الصفوية بإبادة مئات الآلاف من السنة، وإجبار الملايين على التشيع عنوة، ليس في إيران بحدودها الحالية فقط وإنما حتى في هيرات بأفغانستان وفي مناطق شاسعة من اذربيجان الجنوبية والشمالية.
ومع هذا فإن ثلث السكان في إيران هم من السنة، وهذا ما يؤكده زعماء السنة في إيران، ومن السهل التأكد من ذلك عبر النظر إلى خارطة إيران، وخصوصا أطرافها في بلوشستان وكردستان وتركمان صحراء وجلستان (ذات أغلبية تركمانية) وأجزاء كبيرة من إقليمي الساحلي وبوشهر تسكنها أغلبية سنية، بل يكفي أن نعلم أن الفرس في إيران نصفهم من السنة.
كما تشهد الأحواز أو عربستان، نسبة تسنن هي الأكبر في إيران، بين الشيعة العرب الذين كانوا يشكلون الأغلبية في هذا الإقليم فيما مضى.
أدى كذلك التوسع الإيراني المباشر في سوريا واليمن والعراق وتمويل التخريب والإرهاب في البحرين ولبنان، ودخول المرشد خامنئي في صدام مع محيطه الإقليمي، وإنفاق نظامه المليارات على مليشياته العسكرية والسياسية في المنطقة، إلى إلحاق الضرر بشكل بالغ بالاقتصاد الإيراني وبتماسك الشعوب الإيرانية وباثارة النعرات القومية والمذهبية.
والسنة يعانون من الاضطهاد بشكل ممنهج، وكان آخر هذا الاضطهاد، كما خامنئي لما أسماه “مجلس تخطيط المدارس السنية”، وهو تدخل مباشر في المذهب السني بشكل فج وغير مسبوق.
ومع هذا فالمذهب السني ينتشر انتشار النار في الهشيم، نتيجة للوعي الجماهيري وشبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت والفضائيات السنية الإيرانية أو الناطقة بالفارسية كوصال حق ووصال جيهاني وكلمة.
زعماء السنة انتقدوا مرارا وتكرارا تدخلات النظام الإيراني الخارجية خصوصا في سوريا والعراق، وكذلك هيمنة الحرس الثوري على الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية