غضب في إيران بعد إعدام داعية كردي

- 4 فبراير 2024 - 178 قراءة

"سليمي" هو رابع ضحية يُعدم منذ نوفمبر الماضي من ضمن مجموعة مكونة من سبعة أكراد سُنة

 

"العفو الدولية": الإعدام يكشف عن نمط مروع من استخدام إيران لعقوبة الإعدام ضد الأقليات المضطهدة

 

"موجة القتل" التي تشنها السلطات الإيرانية بلا هوادة مؤخرًا أدت إلى إعدام مئات الأشخاص تعسفيًا

 

منظمة "إيران لحقوق الإنسان": أبناء الأقليات الإثنية مستهدفون بشكل "غير متناسب" بالإعدامات

 

 

في فجر 23 يناير/كانون الثاني 2024، أقدمت السلطات الإيرانية بدم بارد على إعدام فرهاد سليمي، وهو الداعية السُني الكردي من سكان سقز، ينتمي للأقلية الكردية السنية، وذلك بعد أن جرى تجاهل مناشدات الضحية "سليمي" التي استمرت عقدًا من الزمن، من أجل إعادة محاكمة عادلة، لا تستند إلى "الاعترافات القسرية"، التي انتُزعت منه تحت التعذيب أثناء التحقيق معه قبل 14 عامًا.

واعتقل "سليمي" في عام 2009، وأصدرت "محكمة الثورة"، برئاسة القاضي محمد مقيسه، حكمًا بإعدامه بتهمة "الإفساد في الأرض"، قبل أن تطعن المحكمة العليا بالقرار وتُعيد مسار محاكمته. ولكن القاضي أبو القاسم صلواتي، صادق بعد نحو 8 سنوات من ذلك على حكم الإعدام.

وذكرت إعلامية معارضة للنظام الإيراني، أنه تم نقل "سليمي" في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي 2023، إلى الحبس الانفرادي بسجن قزل حصار، قبل أيام من تنفيذ حكم الإعدام. وأدى نقله إلى هذا السجن، وقتها، إلى زيادة المخاوف بشأن خطر إعدامه الوشيك. وقد كان.

من جانبها، أفادت منظمة "هنغاو" لحقوق الإنسان في إيران، بأن سلطات السجن اتصلت بأسرة فرهاد سليمي، لإجراء الزيارة الأخيرة له، في وقت متأخر من الليلة السابقة للإعدام، لكنهم لم يسمحوا لها بالزيارة. وعندما ذهبوا إلى سجن قزل حصار، أبلغوهم بأن حكم الإعدام قد تم تنفيذه بالفعل!

وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "إنَّ الإعدام التعسفي لفرهاد سليمي يكشف عن نمط مروع من استخدام السلطات الإيرانية غير المتناسب لعقوبة الإعدام ضد الأقليات العرقية المضطهدة في إيران".

وأضافت الطحاوي: "إن موجة القتل التي تشنها السلطات الإيرانية بلا هوادة التي أدت إلى الإعدام التعسفي لمئات الأشخاص بعد محاكمات فادحة الجور في العام الماضي، تؤكد الحاجة لتجديد وتمديد ولاية المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران ولجنة تقصي الحقائق في الدورة المقبلة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وقد حان الوقت أيضًا لكي تشرع الدول في إجراء تحقيقات جنائية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية ضد جميع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن الجرائم التي يشملها القانون الدولي، بمن فيهم كبار المسؤولين الإيرانيين".

وفي هذا الصدد، كشف تقرير نشرته منظمة "إيران لحقوق الإنسان"، وهي مجموعة حقوقية مقرها النرويج، مؤخرًا، أن "سليمي كان مضربًا عن الطعام احتجاجًا على إعدام متهمين آخرين في ملفه. ولفتت إلى أن إعدام سليمي «قتل خارج نطاق القانون، ويجب محاكمة المرشد الإيراني ومسؤولي النظام القضائي الفاسد".

وأشار التقرير، إلى أن الأقليات الإثنية في إيران مستهدفة بشكل غير متناسب بالإعدامات، وأنه في عام 2022 وحده، أُعدم 130 شخصًا من أبناء الأقليات في محافظات غرب أذربيجان، وشرق أذربيجان، وسيستان وبلوشستان، وكردستان، وهي زيادة كبيرة، صعودًا من عدد 62 ضحية في عام 2021 و60 في 2020

.

"اعترافات" تحت التعذيب

 

كشفت مصادر في الداخل الإيراني، أن فرهاد سليمي هو رابع رجل يُعدم منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، من ضمن مجموعة مكونة من سبعة من الكُرد السنة، محكومون بالإعدام منذ أكثر من عقد في محاكمة جائرة لم تستغرق سوى بضع دقائق، اعتمدت على "اعترافات" انتُزعت تحت التعذيب.

وهناك مخاوف متزايدة من أن السلطات الإيرانية عازمة على تنفيذ عمليات إعدام وشيكة بحق الرجال الثلاثة المتبقين من المجموعة وهم: أنور خضري، وكامران شيخه، وخسرو بشارت.

وكان فرهاد سليمي قد اعتُقل في ديسمبر/كانون الأول 2009 في محافظة أذربيجان الغربية مع ستة رجال من الكُرد السنة الآخرين، واتُهم بالانتماء إلى "جماعات سلفية".

واعتُقل الناشطون السبعة في مدينة كرمانشاه بتهمة التورط في اغتيال رجل دين سني في كرمانشاه، قبل أن توجه إليهم اتهامات عديدة، من بينها "تهديد الأمن القومي والدعاية ضد النظام والعضوية في جماعة متشددة والإفساد في الأرض".

وفي رسائل مفتوحة كتبها الرجال السبعة من السجن، قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة للإدلاء باعترافات قسرية.

ومن جانبه، قال فرهاد سليمي في رسالة خاصة تم تسريبها إلى خارج السجن، إنه تعرض لضغوط متكررة للإدلاء بتصريحات يُجرّم فيها نفسه، ولإقالة محاميه الذي اختاره بشكل مستقل.

وحكم الفرع 26 من "محكمة الثورة" على الرجال بالإعدام في يونيو/حزيران 2018 بعد إدانتهم بتهمة "الإفساد في الأرض". وألغت المحكمة العليا أحكام الإدانة، والأحكام الصادرة بحقهم، بسبب نقص الأدلة وأحالت قضاياهم لإعادة المحاكمة من جديد.

وفي فبراير/شباط 2020، صادقت المحكمة الإيرانية العليا، على حكم الإعدام الصادر بحق المتهمين السبعة، لكن تقارير إعلامية ذكرت وقتها أن هؤلاء المتهمين وقعوا ضحية لمؤامرة حاكتها مخابرات "الحرس الثوري".

وصادقت المحكمة العليا على أحكام الإعدام بحق سبعة سنة أكراد بعد إدانتهم بقتل عبدالرحمن تينا إمام مسجد خلفاء الراشدين في مدينة مهاباد التابعة لمحافظة أذربيجان الغربية في 2008.

وأيدت المحكمة الإيرانية العليا الحكم بالإعدام في القضية المستمرة منذ 10 أعوام تقريبًا بحق كل من: أنور خضري، وكامران شيخة، وفرهاد سليمي، وقاسم آبسته، وخسرو بشارت، وأيوب كريمي، وداود عبد اللهي. وتم إبلاغ محاميهم بالأحكام الصادرة.

ووفق منظمات حقوقية إيرانية، اتسمت كلتا المحاكمتين بالجور بالمطلق، فقد حرمت السلطات المتهمين من الاتصال بمحامين في مرحلة التحقيق. كما رفض القاضي السماح لمحاميهم بالتحدث أثناء محاكمتهم. واستُخدمت اعترافاتهم القسرية، التي قالوا مرارًا وتكرارًا إنها انتُزعت تحت وطأة التعذيب، كأدلة قطعية أدت في النهاية إلى إدانتهم، والحكم بإعدامهم.

وفي 21 يناير/كانون الثاني الحالي، جرى نقل فرهاد سليمي إلى الحبس الانفرادي في سجن قزل حصار في كرج، محافظة البرز. وبدأ هو والرجال الثلاثة الآخرون إضرابًا مفتوحا عن الطعام في 3 يناير/كانون الثاني 2024 احتجاجًا على إعدام الكردي داود عبداللهي في 2 يناير/كانون الثاني 2024، الذي حُكم عليه بالإعدام في القضية نفسها، والتهديد بإعدامهم الوشيك.

هذا، ويواصل كل من السجناء الكُرد المتهمين في القضية نفسها، وهم أنور خضري وكامران شيخه وخسرو بشارت، إضرابهم عن الطعام، بعد أن أُعدم رجلان آخران من المتهمين، هما قاسم آبسته وأيوب كريمي، سبق أن حوكما في القضية نفسها تعسفيًا في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 الماضي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- إيران: إعدام متظاهر من ذوي الإعاقة العقلية ومعتقل كردي بعد تعذيبه، في انحدار إلى مستويات جديدة من القسوة، موقع منظمة العفو الدولية، 25 يناير/كانون الثاني 2024.

2- إيران: إعدام شخصين و11 ينتظرون الإعدام الوشيك، موقع منظمة هيومن رايتس ووتش، 26 يناير/كانون الثاني 2024.

3- إعدام سجين رأي كردي إيراني آخر بسجن قزل حصار في كرج دون السماح لأسرته بالزيارة الأخيرة، موقع إيران إنترناشيونال، 23 يناير/كانون الثاني 2024.

 

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.