مجتبى خامنئي... مرشد الظل

- 28 يناير 2023 - 952 قراءة

• أنصار التيار الإصلاحي يصفون نجل المرشد بأنه "مهندس الانتخابات وصانع الرؤساء"

 

• الاستخبارات الإيرانية تتحفظ على 200 ألف وثيقة تتعلق بسحب أموال لـ مجتبى من البنوك الأجنبية

 

• ثروته تُقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار.. من بينها 300 مليون على شكل ذهب وألماس

 

 

في أغسطس/آب من العام الماضي 2022، وضعت وكالة أنباء الحوزة الدينية بمدينة قم، العاصمة الدينية لإيران، صفة "آية الله" أمام اسم مجتبى خامنئي، نجل المرشد علي خامنئي، رغم أن هناك شكوكًا حول بلوغ "مجتبى" درجة "الاجتهاد"، التي تؤهله للحصول على هذا اللقب.

وجاء منح لقب "آية الله" لابن المرشد، بعد مرور أقل من شهر على نشر موقع "كلمة" المنسوب للمقربين من مير حسين موسوي، زعيم "الحركة الخضراء" المعارضة، مقالًا له من إقامته الجبرية في منتصف أغسطس/آب، حذر فيه من "توريث" الزعامة في إيران.

وفي إشارة إلى احتمال توريث مجتبى نجل علي خامنئي بعد وفاة الأخير، كتب موسوي أن "نسمع خبر هذه المؤامرة منذ 13 عامًا، إذا لم يبحثوا عنها حقًا، فلماذا لا ينفون ذلك ولو لمرة واحدة؟".

ملياردير النفط

تُقدر ثروة مجتبى خامنئي بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، من بينها 300 مليون على شكل ذهب وألماس. وقد حصل الابن على مليار من ثروته من التجارة بالنفط على شكل ضرائب، والتي تمثّلت بدولار واحد يضعه مجتبى في جيبه على كل برميل من النفط يُباع للصين والهند، ومبلغ بقيمة 5 إلى 15 دولارًا يربحه على بيع البترول الإيراني بشكلٍ عام، لذلك يطلق عليه الإيرانيون لقب "ملياردير النفط".

ووضع مجتبى يده على أراضٍ واسعة هي بالأساس ملك للدولة في مدينة مشهد، محولًا إياها إلى ملكيته الخاصة. وهو يملك أيضًا في ذات المدينة أكبر مركز تسوق، خلافًا لأضخم مشروع سكني تجاري. كما أهداه رئيس بلدية طهران، محمد قاليباف، هكتارات واسعة من أراضي الدولة في أعالي منطقة عباس آباد في العاصمة طهران.

وفي عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي أجرت الحكومة الإيرانية مناقصة «إيرانسل» الشهيرة، وكان مجتبى قد اتفق على منح المناقصة لشركة جنوب أفريقية مقابل نسبة مئوية تودَع في حسابه في مصرف بريطاني؛ إلا أن المناقصة رست على شركة (ترك سل) التركية.

يومها اتصل "مجتبى" بخاتمي هاتفيًا، معربًا عن استيائه مما حدث آمرًا إياه بالتراجع عما أسفرت عنه المناقصة؛ لكن خاتمي لم يرضخ فتدخل قاسم سليماني وآخرون من قادة الحرس الثوري بذريعة أن ملف الاتصالات يجب ألا يُسند إلى تركيا لدواعٍ أمنية.

وتطرقت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية إلى الفساد المالي لنجل المرشد، وأوردت في تقرير لها أن وزارة الاستخبارات الإيرانية تتحفظ على 200 ألف وثيقة يتعلق بعضها بسحب أموال وودائع لنجل المرشد من البنوك الأجنبية.

خفايا "قائد الظل"

ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في تقرير لها نشرته مؤخرًا، أنه وسط الاحتجاجات العنيفة التي تدخل شهرها الخامس، على خلفية وفاة شابة كردية داخل أحد مراكز الاعتقال التابعة لشرطة الأخلاق الإيرانية، يظهر زعيم قوي جديد من الظل".

وأضافت الصحيفة، أن "خامنئي الابن له تأثير في تعيين مسؤولين أمنيين، والإشراف في بعض الأحيان على قطاعات رئيسية من جهاز الأمن الإيراني، الذي يتعرض حاليًا لتدقيق متجدد في أعقاب اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين إثر وفاة مهسا أميني".

ويُعد مجتبى خامنئي، ثاني أبناء المرشد، هو أكبرهم نفوذًا وأكثرهم صلةً بدوائر الحكم، حيث يُنظر إليه على أنه "الرجل الثاني" في إيران، بعد والده، وقبل الرئيس إبراهيم رئيسي، رغم أنه لا يحتل أي منصب رسمي. 

وكان الظهور الأول له على سطح الحياة السياسية الإيرانية، خلال دعمه لأحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية 2005 و2009، والتي فاز فيها نجاد، وأدت إلى اندلاع "الانتفاضة الخضراء" الدامية.

وهذا الأمر دفع المرشح الخاسر مهدي كروبي، وقتها، إلى توجيه رسالة للمرشد في 20 يونيو/حزيران 2005 يستوضح فيها موقفه قائلًا: "بالرغم من أن مواقف سيادتكم شفافة، ولكن هناك أنباء تتحدث عن دعم نجلكم الموقر السيد مجتبى لأحد المرشحين، كما سمعت بعد ذلك بأن أحد كبار الشخصيات أبلغكم بأن (ابن السيد يدعم فلان) فرددتم عليه: إنه ليس ابن السيد بل هو سيد، لذا فإن هذا القول يدل على أن الدعم المذكور كان من السيد مجتبى، وليس من فضيلتكم".

وبات مجتبى يُعرف بـ «قائد الظل» للبلاد، إذ تقول المصادر إنه يسيطر على أهم المؤسسات الأمنية، ومن أهمها جهاز الاستخبارات التابع لـ "الحرس الثوري"، الذي يتم تعيين رئيسه من قبل مكتب المرشد مباشرة.

وخلال العقود الماضية، كان على العديد من مرشحي الرئاسة كسب تأييد مجتبى أولًا قبل الإعلان عن ترشحهم، لذلك يُتهم من قبل الإصلاحيين بأنه «مهندس الانتخابات وصانع الرؤساء».

وكان الرئيس الأسبق محمد خاتمي، ومجموعة من كبار القياديين الإصلاحيين، وجهوا تحذيرًا للمرشد، معربين عن مخاوفهم من تصاعد دور مجتبى داخل دوائر صنع القرار، مما قد يؤدي إلى نتائج كارثية لا تحمد عقباها، لا سيما أنه يقف وراء قرارات اتخذها البرلمان، تتعلق بتسريع الأنشطة النووية.

ومن بين القرارات التي اتخذها البرلمان، وكان مجتبى يقف وراء هندستها، القانون الخاص بتسريع الأنشطة النووية ورفع تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المئة، والمشروع المسمى «خطة العمل الاستراتيجية لرفع العقوبات وحماية مصالح الأمة الإيرانية»، الذي تم التصويت عليه بموافقة 251 نائبًا من أصل 290، وكان أغلب المؤيدين لهذا القانون هم من المقربين لـ مجتبى.

ويرى هؤلاء الإصلاحيون، أن سبب تدخل مجتبى في الانتخابات هو سعيه إلى اختيار رئيس يتناسب مع توجهه لخلافة والده في منصب المرشد، وأن استمرار هذا الوضع قد يؤجِّج احتجاجات واسعة، رفضًا للتوريث.

وتتزايد مخاوف العديد من القوى السياسية الإيرانية الفاعلة من تعاظم نشاط ودور مجتبى خامنئي داخل مكتب المرشد، أو ما يعرف بـ«بيت رهبري»، الذي يشرف من خلاله خامنئي على جميع التفاصيل والأحداث وشؤون البلاد، عبر العشرات من المستشارين والسياسيين والعسكريين والاقتصاديين، الذين يثبت ولاؤهم للمرشد ونجله شخصيًا.

ويعتبر الكاتب أحمد المسلماني، أنه "إذا ما أصبح الرئيس إبراهيم رئيسي هو المرشد الأعلى، فسيظلّ مجتبى زعيم الظلّ لبعض الوقت، ثمّ يتوارى تمامًا بعد قليل. وإذا ما أصبح مجتبى المرشد الأعلى فقد يصبح المرشد الأخير".

في المقابل، يرى بعض المراقبين أنه على الرغم من مخاوف الإصلاحيين من شغل مجتبى خامنئي منصبَ المرشد الأعلى المقبل في طهران، فإن الواقع الجديد الذي سوف يفرضه رحيلُ خامنئي عن مشهد السياسة الداخلية الإيرانية، علاوةً على بعض الحقائق التاريخية الأخرى المُستمدَّة من التاريخ السياسي لإيران، قد يقودنا إلى استبعاد سيناريو تولِّي مجتبى خامنئي خلافة أبيه في منصبه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- الحوزة الدينية بقم تصف مجتبى خامنئي بـ "آية الله".. هل تمهد لتوريثه ولاية الفقيه؟، موقع العربية، 28 أغسطس/آب 2022.

2- مجتبى خامنئي يُخيف الإصلاحيين في إيران، موقع القبس، 1 أبريل/نيسان 2021.

3- زعيم من الظل.. حكاية مجتبى خامنئي ممارس السلطة الصارمة سرًا على نساء إيران، موقع فيتو، 26 سبتمبر/أيلول 2022.

4- مجتبى خامنئي مرشدًا.. الوليّ الأخير؟، موقع أساس ميديا، 28 سبتمبر/أيلول 2022.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.