هل ينتهي عصر «استرضاء» نظام الملالي؟

- 23 أغسطس 2023 - 579 قراءة

 

أجهزة نظام طهران تبث تقارير سلبية عن فصائل المعارضة الإيرانية في المنفى لتهميشها أمام الغرب

 

وليد فارس: إذا صعدت الجاليات الإيرانية نشاطاتها الإعلامية والسياسية كقوة موحدة ستجتاح الثورة قلوب الناس في الغرب

 

 

دأبت بعض البلدان الغربية، وعلى مدار أكثر من أربعة عقود، على "سياسة استرضاء" النظام الإيراني، والتحاور معه عبر طاولة المفاوضات. واستغل النظام هذه السياسة والتفاوض الدولي معه كنقطة لمصلحته، خصوصًا لجهة الإيحاء للشعب بأن البلدان الغربية تتفاوض معه لأنه أصبح أمرًا واقعًا.

والمثير للدهشة في الأمر، أن هذه البلدان الغربية قدمت الكثير من الامتيازات لهذا النظام، وفي الوقت الذي خدم ذلك النظام كثيرًا واستقوى به ضد الشعب وقواه الوطنية، فإن الغرب لم يتسلم أي شيء في مقابل ذلك.

وكشفت الاحتجاجات الواسعة النطاق التي شهدتها إيران منذ منتصف سبتمبر/أيلول 2022، إلى جانب النفوذ الدولي والمحلي المزدهر للمعارضة الإيرانية الرئيسية، عن نقاط الضعف الاستراتيجية العميقة لنظام الملالي. ويجب على الحكومات الغربية ألا تظل غافلة عن هذه التطورات الزلزالية، بل عليها بدلًا من ذلك أن تتبنى سياسة حازمة تدعم دعوة الشعب الإيراني القوية إلى جمهورية ديمقراطية.

ويقول الكاتب نظام مير محمدي، "كان الملالي يواجهون تحديًا مستعصيًا، وهم يلجأون إلى القمع العنيف، لقمع الاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد في سبتمبر/أيلول الماضي. وعلى الرغم من تعرضها لتقلبات عرضية، إلا أن الاحتجاجات لا تزال تشكل عقبات استراتيجية لا يمكن التغلب عليها أمام النظام الثيوقراطي المتعثر. وصل السخط الشعبي إلى مستويات غير مسبوقة، ويجد الملالي أنفسهم يتأرجحون على حافة الانهيار. في هذه الحالة المحفوفة بالمخاطر، شن النظام هجومًا شاملًا على المعارضة الرئيسية، تجسد في مجاهدي خلق والتحالف الديمقراطي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

ومنذ اندلاع الانتفاضة، كثف النظام حملاته للتضليل ضد المعارضة بينما كان يحاول يائسًا إقناع الحكومات الغربية بالعمل ضد "مجاهدي خلق" والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. ومع ذلك، فإن الحاجة الملحة للحكومات الغربية لحساب المكاسب الدولية الملحوظة للمعارضة تصبح أكثر وضوحًا.

وفي عرض تاريخي للتضامن الغربي، حضر أكثر من 500 شخصية مشهورة من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المرشح الرئاسي الأمريكي لعام 2024 مايك بنس، وعشرات الأعضاء الحاليين في الكونجرس الأمريكي، وكذلك الرؤساء السابقين ورؤساء الوزراء والوزراء والبرلمانيين الحاليين، مؤتمر إیران الحرة 2023: إلى الجمهورية الديمقراطية في فرنسا في بداية يوليو/تموز. كان دعمهم الحماسي لخطة عشر النقاط الحكيمة للرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة، مريم رجوي، والتي تدعو إلى جمهورية علمانية وحرة وديمقراطية تدعم حقوق النساء والأقليات، غير مسبوق.

اكتسب هذا الدعم زخمًا في الأشهر الأخيرة. في يونيو/حزيران، اتحد 120 من قادة العالم في توقيع رسالة تعبر عن تضامنهم مع المجلس الوطني للمقاومة والانتفاضات في إيران. كان لرسالة مريم رجوي المدوية صدى قوي في البرلمان الأوروبي، بينما سهلت جلسة الاستماع في الكونجرس في مجلس النواب الأمريكي المشاركة الحاسمة بين صانعي السياسة وممثلي المقاومة.

والجدير بالذكر أن أكثر من 3600 مشرع من أكثر من 40 دولة، بما في ذلك أغلبية كبيرة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والهيئات التشريعية الفرنسية، قد وقعوا على بیانات دعم لخطة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بخصوص المستقبل في إيران.

رياح التغيير في إيران

في خطابها أمام مسيرة 1 يوليو/تموز، حذرت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز تراس الغرب من «استرضائه» النظام الإيراني. كان لتصريحاتها في الوقت المناسب صدى عندما اتخذت كل من الحكومة الفرنسية وألبانيا، مقر منظمة مجاهدي خلق في أشرف 3، خطوات لتقليص حركة المعارضة.

وأعلنت فرنسا في البداية حظر مسيرة إيران الحرة، وهو قرار ألغته المحاكم لاحقًا، مما يؤكد طبيعته المعيبة. في غضون ذلك، نشرت ألبانيا 1200 ضابط شرطة لممارسة الضغط على منظمة مجاهدي خلق، مما أدى إلى خسائر مأساوية في الأرواح وإصابات عديدة.

وجه مؤتمر إيران الحرة 2023 الذي استمر أربعة أيام، باجتماعاته ومناقشاته الغنية وتجمع وسط باريس القوي الذي حضره عشرات الآلاف من المعارضين الإيرانيين، ضربة قاسية للنظام وسياسة المهادنة السائدة في الغرب. لقد أظهر بشكل لا لبس فيه أن المعارضة والبديل للنظام قد أصبحا أقوى وأكثر مرونة من أي وقت مضى، في الداخل والخارج.

تجسد إدانة النظام العلنية لفرنسا في أعقاب المسيرة، بعد انتصار قضائي للمجلس الوطني للمقاومة، الخوف العميق الجذور من مجاهدي خلق والتحالف الديمقراطي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المسیطرین على النظام.

كما أكد مايك بنس في خطابه في مؤتمر إيران الحرة في 1 يوليو/تموز، "واحدة من أكبر الأكاذيب التي روجها النظام الحاكم للعالم هي أنه لا يوجد بديل للوضع الراهن للاستبداد والقمع في إيران. ولكن هناك بديل منظم جيدًا ومستعد تمامًا ومؤهل تمامًا ومدعوم شعبيًا يسمى منظمة مجاهدي خلق".

وأضاف: "كنت فخورًا بالانضمام إلى مجموعة من أكثر من 100 من قادة العالم السابقين تدعو الرئيس جو بايدن وقادة الاتحاد الأوروبي للانضمام إلينا في دعم المقاومة الإيرانية وتحديدًا خطة مريم رجوي المكونة من 10 نقاط".

شق صفوف المعارضة

من جهته، يرى النائب اللبناني وليد فارس، أنه إذا صعدت الجاليات الإيرانية نشاطاتها الإعلامية والسياسية كقوة موحدة، ستجتاح الثورة قلوب الناس في الغرب، وينقلب الرأي العام إلى مؤيد ناشط لتغيير النظام، مما سيسقط آخر دفاعات الاتحاد الأوروبي وإدارة جو بايدن في التمسك بالاتفاق النووي. والأخطر بالنسبة إلى النظام عندها أن يبدأ الغرب بدعم "مقاومة إيرانية" ميدانيًا، مما يعني نقل المعركة إلى الداخل الإيراني، وصولًا إلى احتمال تساقط النظام، أو عزله بشكل كبير.

يضيف "فارس" أن القيادة في طهران وأجهزتها بثت تقارير سلبية عن مختلف فصائل المعارضة في المنفى، منذ سنوات لتهميشها أمام الغرب، ولكن انفجار الاحتجاجات الداخلية منذ بداية الخريف الماضي وصعود الفصائل والقيادات الخارجية إلى المنابر الإعلامية، شكل خطرًا مباشرًا على القيادة الخمينية، لأن التظاهرات صبت في تشريع الأصوات الخارجية وفي تهيئتها للعب دور وطني بديل داخل إيران.

لذلك، شنت أجهزة النظام ولوبياته في الخارج، حملة معقدة لإحداث مناكفات سياسية متصاعدة بين قيادات المعارضة الخارجية، وعلى رأسها القوتان المعنويتان والسياسيتان الأساسيتان، نجل الشاه السابق رضا بهلوي وحلفاء له من ناحية، ومريم رجوي زعيمة المجلس الوطني للمقاومة أو "مجاهدي خلق"، من ناحية أخرى.

إن عصر استرضاء أتباع نظام الملالي في طهران يقترب بسرعة من نهايته، حيث يلقي عدد متزايد من الشخصيات الدولية بثقلهم وراء المقاومة الإيرانية والانتفاضة ضد النظام الثيوقراطي الحاكم.

من جهته، يقول حسين عابديني، نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بريطانيا: "عندما ننظر إلى الساحة وندرس أسباب استمرار حكم الملالي الحاكمين في إيران والمعاناة المتزايدة للشعب الإيراني وشعوب مختلفة في الشرق الأوسط والعالم، نلاحظ كثيرًا من الأخطاء التي ارتكبها المجتمع الدولي عمومًا، والبلدان الغربية خصوصًا، لجهة التعامل مع النظام الحاکم في إيران، وتبعًا لتلك الأوضاع والتطورات السائدة والسياسة المتبعة إزاءها، لكن هناك خطأً کبيرًا جدًا، إذ يمكن القول إنه واحد من أهم أسباب بقاء هذا النظام، وحتى استقوائه وتغوّله على بلدان المنطقة والعالم، وهذا الخطأ تجلى وتجسد في سياسة استرضاء النظام الإيراني، والسعي من أجل حلول توافقية معه".

غير أن احتمالات قيام جمهورية حرة وديمقراطية وعلمانية في إيران، باتت في متناول اليد أكثر من أي وقت مضى. ويجب على الحكومات الغربية اغتنام هذه اللحظة المناسبة والامتناع عن مساعدة الملالي، حيث تهب رياح التغيير أقوى من أي وقت مضى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- المعارضة الإيرانية تكتسب مصداقية: قضية الدعم الغربي، موقع مجاهدي خلق، 10 يوليو/تموز 2023.

2- استراتيجية طهران لشق المعارضة الإيرانية، موقع إندبندنت عربية، 21 فبراير/شباط 2023.

3- سياسة استرضاء النظام الإيراني والتعويل على الحلول الفاشلة، موقع النهار العربي، 6 مارس/آذار 2023.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.