15 عامًا من الاعتداءات الإسرائيلية على غزة

- 29 نوفمبر 2023 - 273 قراءة

الأمم المتحدة اتهمت إسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال عملية "الرصاص المصبوب" عام 2008

 

جيش الاحتلال استخدم خلال عملية "عمود السحاب" عام 2012 أسلحة محرمة دوليًا قتلت 177 شخصًا

 

2322 شهيدًا و11 ألف جريح فلسطيني سقطوا خلال حرب "الجرف الصامد" ضد القطاع عام 2014

 

 

في عام 2005، انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، وأخلت جميع المستوطنات التي كانت مقامة على الأراضي الفلسطينية في القطاع. ومنذ ذلك الحين، تنفذ (إسرائيل) عمليات عسكرية ضد القطاع من حين لآخر، بعضها تحول إلى حروب استمرت أسابيع وخلفت آلاف الشهداء.

وتعرض القطاع الذي يعد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، حيث يقطنه على نحو 2.4 مليون شخص، لعدة اعتداءات إسرائيلية على مر السنين، بعضها اغتال فيها الاحتلال قيادات لحركات المقاومة الفلسطينية، وبعضها كان يسعى من خلالها لاستعادة أسراه لدى المقاومة.

وبعد سيطرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على قطاع غزة في يونيو/حزيران 2007، أعلنت (إسرائيل) في سبتمبر/أيلول غزة "كيانًا معاديًا"، وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه فرضت (تل أبيب) حصارًا شاملًا على القطاع الصامد في وجه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.

وفيما يلي أبرز الحروب التي شنتها (إسرائيل) على القطاع منذ حصاره، والتي كان آخرها عملية "السيوف الحديدية"، ردًا على عملية "طوفان الأقصى":

عملية "الرصاص المصبوب"

في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008، شنت (إسرائيل) عدوانًا واسع النطاق على قطاع غزة، ضمن عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "الرصاص المصبوب". وكان الهدف الذي وضعته قيادة الاحتلال لهذه الحرب هو "إنهاء حكم حركة حماس في القطاع"، والقضاء على المقاومة الوطنية الفلسطينية، ومنعها من قصف (إسرائيل) بالصواريخ.

وبررت حكومة الاحتلال الإسرائيلية برئاسة إيهود أولمرت، وقتها، تلك الحرب بزيادة إطلاق الصواريخ من جانب حركة "حماس" ضد المناطق الجنوبية لـ (إسرائيل)، ورفضها تجديد التهدئة التي تم التوصل إليها في 19 يونيو/حزيران 2008 برعاية مصرية

وأعلنت قيادة "حماس" في 14 ديسمبر/كانون الأول 2008 أن التهدئة المعلنة قبل ستة أشهر، لن تجدد بسبب استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لهذه التهدئة.

استمرت عملية "الرصاص المصبوب" أكثر من ثلاثة أسابيع، من 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى 21 يناير/كانون الثاني 2009، مخلفةً وراءها نحو 1400 شهيد و5450 جريحًا في الجانب الفلسطيني، ومقتل 10 جنود و3 مدنيين في الجانب الإسرائيلي، فضلًا عن تدمير عدد كبير من المرافق الحيوية في القطاع، من طرقات ومنازل ومدارس ومستشفيات ومساجد.

ووفق الباحث الفرنسي جان- فرنسوا لوجران، فإن التبريرات التي قدمتها حكومة الاحتلال الإسرائيلية لقيامها بشن عملية "الرصاص المصبوب" لا تصمد أمام الإحصائيات التي قدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه، إذ بينما كانت حركة "حماس" تطلق نحو 180 صاروخًا شهريًا في المتوسط قبل التوصل إلى التهدئة، فإنها توقفت عن إطلاق الصواريخ بصورة كلية ما بين شهري يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول 2008، على الرغم من استمرار الحصار الذي لم يرفع قط.

ويضيف لوجران، أن حرب "الرصاص المصبوب" عجزت عن تحقيق أهدافها، إذ قدّر عدد كبير من المحللين، بعد انتهائها، أنها لم تستطع تحقيق الأمن للمناطق الجنوبية من (إسرائيل)، وفشلت، رغم حصيلتها الإنسانية القاسية، في وضع حد لإطلاق الصواريخ، وأن تدمير البنية التحتية العسكرية لحركة حماس بصورة كاملة، كان سيتطلب إعادة احتلال كاملة وطويلة الأمد لقطاع غزة، وهو أمر لم يكن هناك اتفاق حوله داخل الدوائر السياسية والعسكرية في (إسرائيل)، بل تسربت معلومات، على الرغم من الطوق الذي فرض على نشر المعلومات، عن بروز خلافات حقيقية داخل هذه الدوائر حول الإجراءات التي يتوجب اتخاذها.

وفي سبتمبر/أيلول 2009، قدم القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد جولدستون، بتفويض من الأمم المتحدة، تقريرًا أدان (إسرائيل)، وخلص إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تصرف "بازدراء لأرواح المدنيين" و"استخدم القوة المفرطة"، متهمًا (إسرائيل) بارتكاب "جرائم حرب" أو حتى "جرائم ضد الإنسانية"، مما أثار غضب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي إيهود أولمرت.

أما مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فقد دعا (إسرائيل) إلى مقاضاة الجناة الذين كشفهم التقرير بدون جدوى، في الوقت الذي أنكرت جميع التحقيقات التي شرع فيها القضاء العسكري الإسرائيلي حدوث "انتهاكات" للقانون الإنساني والقوانين الدولية.

عملية "عمود السحاب"

في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، شنت حكومة الاحتلال الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو، عملية "عمود السحاب" استمرت 8 أيام، بهدف تدمير المواقع، التي يتم فيها تخزين الصواريخ طويلة ومتوسطة المدى، والتي كانت تطلقها حركة "حماس" والمنظمات الفلسطينية الأخرى على البلدات والمدن الإسرائيلية.

وقال نتنياهو، عند بدء العملية وقتها، إنه "لا يمكن لأي حكومة أن تتسامح مع وجود مليون من مواطنيها تحت التهديد المستمر بالصواريخ". وبدأت تلك العملية بتصفية قائد العمليات العسكرية في "حماس" أحمد الجعبري.

وخلال ثمانية أيام، تم إطلاق 1500 صاروخ فلسطيني، طالت لأول مرة (تل أبيب) وجنوب القدس. وبعد أسبوع من الغارات الجوية، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه دمر خلالها ما يقرب من 1000 قاذفة صواريخ وأصاب 1500 هدف، بما في ذلك 19 موقع قيادة و26 موقعًا لتصنيع وتخزين الأسلحة.

وتم التوقيع على وقف إطلاق النار في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2012. وقد أسفرت عملية "عامود السحاب" عن استشهاد 177 شخصًا في قطاع غزة في أسبوع واحد، من بينهم 26 طفلًا على الأقل، وسقط أكثر من 1200 جريح فلسطيني، كما تم تدمير مقر حكومة حماس في غزة، و200 منزل بالكامل، وإلحاق الضرر بنحو 8000 منزل. بينما قُتل جنديان وأربعة مدنيين في الجانب الإسرائيلي، وقُدرت الأضرار التي لحقت بإسرائيل بـ 1.2 مليار دولار.

وفي أثناء العدوان الإٍسرائيلي الذي توقف في 18 يناير/كانون الثاني 2009، استخدم جيش الاحتلال أسلحة محرمة دولية، مثل الفسفور الأبيض واليورانيوم المنضب، وأطلق أكثر من ألف طن من المتفجرات.

واستهدفت المقاومة الفلسطينية بدورها في هذه الحرب الغلاف الاستيطاني المحيط بغزة (نحو 17 كيلومترا) بنحو 750 صاروخًا، وصل بعضها لأول مرة إلى مدينتي أسدود وبئر السبع.

عملية "الجرف الصامد"

في 8 يوليو/تموز 2014 بدأ الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا جديدًا على غزة، حمل اسم عملية "الجرف الصامد". وبينما حدد معظم المحللين بدء تلك الحرب في 8 يوليو/تموز 2014، يرى المحللون أن هذا التاريخ هو التاريخ "الرسمي الإسرائيلي الذي يجعل الحرب عملًا للدفاع عن النفس جراء قيام حركة حماس بإطلاق الصواريخ على (إسرائيل) في ذلك اليوم"، مشيرًا إلى أن هذا الإطلاق كان، بالنسبة للحركة "مجرد رد على قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتصفية ستة من مقاتليها في يوليو/تموز".

وحسب تسلسل الأحداث الذي سبق اندلاع هذه الحرب والعوامل التي ساهمت في اندلاعها، ففي 12 يونيو/حزيران 2014، حصل تطوّر خطير تمثل في اختطاف ثلاثة شبان إسرائيليين وقتلهم بالقرب من الخليل، وهي عملية نفت "حماس" مسؤوليتها عنها، لكن حكومة نتنياهو حملتها المسؤولية، وبدأت تحضّر لشن حرب "دفاعية" مقبلة.

ورغم أن "حماس"، حاولت - دون جدوى - تجنب المواجهة، حتى بعد قيام مستوطنين يهود بخطف وحرق الطفل محمد أبو خضير، من مدينة القدس، في 2 يوليو/تموز، ولم تعلن مسؤوليتها عن إطلاق أي صاروخ قبل 8 يوليو/تموز، فإن (إسرائيل) رفضت سماع رسالتها، وأعلنت حكومتها عن "اكتشاف" المخابرات الإسرائيلية قيام حركة حماس ببناء شبكة أنفاق، دفاعية وهجومية، جاعلة من هذا "الاكتشاف" ذريعة لشن الحرب، وصرّح رئيسها نتنياهو أن العملية الإسرائيلية "ستهدف إلى تدمير الأنفاق التي تمر تحت الحدود".

وفي 17 يوليو/تموز، تم توسيع العملية لتشمل الغزو الإسرائيلي لقطاع غزة بهدف تدمير نظام الأنفاق في غزة؛ ثم انسحبت القوات البرية الإسرائيلية في 5 أغسطس/آب 2014.

وأطلقت كتائب الشهيد عز الدين القسام في هذه الحرب أكثر من 8 آلاف صاروخ، استهدفت ببعضها لأول مرة مدن حيفا وتل أبيب والقدس، وتسببت بإيقاف الرحلات في مطار تل أبيب.

كما أطلقت المقاومة الفلسطينية أيضًا طائرات مسيرة في المجال الجوي الإسرائيلي، لم تتمكن منظومات دفاع جيش الاحتلال من اكتشافها إلا بعد أن اخترقت العمق الإسرائيلي بأكثر من 30 كيلومترًا.

وأعلنت كتائب القسام في 20 يوليو/تموز 2014 أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

وفي 26 أغسطس/آب، أُعلن وقف إطلاق نار مفتوح. وبحلول ذلك التاريخ، أفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي أن "حماس" وحركة "الجهاد الإسلامي" وجماعات مسلحة أخرى أطلقت 4564 صاروخًا وقذائف هاون من قطاع غزة على (إسرائيل)، وتم اعتراض أكثر من 735 مقذوف أثناء القتال وإسقاطه بواسطة القبة الحديدية.

وهاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي 2635 هدفًا في غزة؛ وتم تدمير ما لا يقل عن 34 نفقًا، ونفدت ثلثا ترسانة "حماس" البالغ عددها 10 آلاف صاروخ أو دُمرت تمامًا.

وأسفرت هذه الحرب عن 2322 شهيدًا و11 ألف جريح، وارتكبت (إسرائيل) مجازر بحق 144 عائلة، استشهد من كل واحدة منها 3 أفراد على الأقل، في حين قتل 68 جنديًا إسرائيليًا، و4 مدنيين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وأصيب 2522 إسرائيليًا بجروح، بينهم 740 عسكريًا.

وفي 26 أغسطس/آب 2014، توصلت (إسرائيل) والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، برعاية مصرية، إلى هدنة أنهت حرب الـ"51" يومًا، وتضمنت بنود الهدنة استئناف المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية غير المباشرة، في غضون شهر واحد من بدء سريان وقف إطلاق النار.

وقدّرت وزارة الاقتصاد الفلسطينية خسائر الحرب الإجمالية المباشرة وغير المباشرة، في المباني والبنى التحتية، وخسائر الاقتصاد الوطني في غزة بكافة قطاعاته بـ 5 مليارات دولار تقريبًا.

معركة "صيحة الفجر"

صباح يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، استيقظ أهالي غزة على دوي انفجار بصاروخ انطلق من طائرة إسرائيلية مسيرة، استهدف قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي" في غزة بهاء أبو العطا، في شقته السكنية بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، وأدى ذلك إلى استشهاده هو وزوجته.

وكانت (إسرائيل) تتهم أبو العطا - وهو من مواليد غزة عام 1977 وله 5 أبناء- بالمسؤولية المباشرة عن شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية.

ردت "الجهاد الإسلامي" على هذا الاغتيال في عملية استمرت بضعة أيام أطلقت عليها "معركة صيحة الفجر"، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

وفي حين تكتمت (إسرائيل) على خسائرها البشرية والمادية جراء صواريخ المقاومة، فإن غاراتها الجوية أسفرت عن استشهاد 34 فلسطينيًا، وجرح أكثر من 100 آخرين، بينهم نشطاء في سرايا القدس، وأعداد كبيرة من المدنيين.

عملية "الفجر الصادق"

في أغسطس/آب 2022، اغتالت (إسرائيل) قائد المنطقة الشمالية لـ "سرايا القدس" (الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، حيث استهدفته بطائرة مسيرة داخل شقة سكنية في "برج فلسطين" بحي الرمال.

وجاءت عملية الاغتيال في ظل جهود تبذلها مصر لمنع تدهور الأوضاع، إثر إقدام (إسرائيل) على اعتقال القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي في جنين بالضفة الغربية بسام السعدي.

وأطلقت (إسرائيل) على هذه العملية اسم "الفجر الصادق"، وعللت اختيار تلك التسمية بأنها "لتأكيد تركيزها على حركة الجهاد التي تتخذ اللون الأسود شعارًا"، بحسب بيان لجيش الاحتلال صدر حينها.

وردت حركة الجهاد الإسلامي بعملية سمتها "وحدة الساحات"، وأطلقت خلالها مئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح).

وقالت "سرايا القدس" في بيان وقتها، إنها قصفت تل أبيب ومطار بن جوريون وأسدود وبئر السبع وعسقلان ونتيفوت وسديروت.

وأفادت وزارة الصحة في قطاع غزة، بأن عدد الشهداء في هذه الحرب بلغ 24، بينهم 6 أطفال، في حين أصيب 203 بجروح مختلفة، جراء الغارات الإسرائيلية على غزة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- حروب إسرائيل على قطاع غزة: قتل وتدمير من دون تحقيق أهداف سياسية، موقع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 21 مايو/آيار 2021.

2- حروب غزة 2008-2021: تعاظم قدرات المقاومة، موقع الخنادق، 18 مايو/آيار 2021.

3- أبرز حروب إسرائيل على قطاع غزة، موقع الجزيرة، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.