أحمد بهاء الدين شعبان: أتمنى أن نرى القائد «أوجلان» ذات يوم حرًا

- 23 ديسمبر 2023 - 358 قراءة

أفكار الزعيم عبد الله أوجلان التي أنضجتها سنوات الاعتقال الطويلة تمثل جهدًا عقليًا وفلسفيًا كبيرًا

 

العلاقة بين العرب والكُرد ليست علاقة سطحية أو عابرة... وإنما لها جذور عميقة في التاريخ والحضارة

 

10  من الشهداء المناضلين في صفوف حزب "العمال الكردستاني" سقطوا في معارك ضد إسرائيل

 

التأثير الكُردي في التاريخ المصري المعاصر تأثير واضح لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال

 

أول صحيفة كُردية في العالم صدرت في مصر... وأول إذاعة كُردية انطلقت من القاهرة

 

"التحدي الصهيوني" ماثل أمام الجميع ليس فقط بالنسبة للعرب وفلسطين بل أيضا للقضية الكُردية

 

 

قال المفكر السياسي المصري أحمد بهاء الدين شعبان، إن أفكار الزعيم الكردي الأسير عبد الله أوجلان، التي أنضجتها سنوات الاعتقال الطويلة في سجون تركيا، تمثل جهدًا عقليًا وفلسفيًا كبيرًا، وأن هذه الأفكار تقدم حلولًا ناجعة لمشكلات الشرق الأوسط، وليس للقضية الكُردية فحسب، متمنيًا أن يرى "أوجلان" ذات يوم حرًا طليقًا، وأن يكون هذا اليوم قريبًا.

وأضاف "شعبان" في حوار شامل لـ "شؤون إيرانية"، أن العلاقة بين العرب والكُرد ليست علاقة سطحية أو عابرة، وإنما لها جذور عميقة في التاريخ والحضارة، مشيرًا إلى أن هذه العلاقة التاريخية مستمرة، وأن هناك 10 من الشهداء المناضلين في صفوف حزب "العمال الكردستاني" سقطوا خلال معارك نضالية ضد (إسرائيل) في لبنان عام 1982، وهو ما يؤكد عمق الارتباط بين القضيتين الكُردية والفلسطينية، معتبرًا أن "التحدي الصهيوني" ماثل أمام الجميع، ليس فقط بالنسبة للعرب وفلسطين، بل أيضا للقضية الكُردية.

وأكد القيادي والمفكر اليساري، أن التأثير الكُردي في التاريخ المصري المعاصر تأثير واضح لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال، وأن أول صحيفة كُردية في العالم صدرت في مصر، وأول إذاعة كُردية انطلقت من القاهرة... وإلى نص الحوار:

 

  • تضرب العلاقات العربية- الكردية بجذورها في التاريخ... فما هي في تقديركم المشتركات الحضارية بين العرب والكرد بخلاف الجغرافيا المشتركة؟

 

- الحقيقة هذا السؤال مهم، لأنه يغوص في عمق المؤثرات والدوافع الحقيقية للعلاقة بين الشعبين العربي والكُردي. وفي هذا العمق، نكشف أو نكتشف أن العلاقة بين العرب والكُرد ليست علاقة سطحية أو عابرة، وإنما لها جذور عميقة في تاريخ وحضارة الشعبين.

وأول قيمة مشتركة هي الدين، باعتبار أننا في الشرق العربي والأوسط تحتل قضية الدين حيزًا كبيرًا من وعي الشعوب، ومؤثرة على خياراتهم ومواقفهم، فالدين الإسلامي هو دين الغالبية العظمى لأبناء الشعبين العربي والكُردي.

ولا شك أن رابطة الدين رابطة مهمة ولها تأثير كبير على تقارب الأمزجة والأفكار والأهداف، وجميعنا ندرك أهمية الدين بالنسبة لشعوبنا، وهذا أحد القواعد المشتركة بين الكُرد والعرب في منطقتنا.

النقطة الثانية العمق الحضاري المشترك، أن تكون هناك علاقة بين الشعبين ومدى ممتد لعمق الزمن لم تكن هناك فواصل بين المشترك الحضاري بين الشعبين، فلنا نفس الدوافع الحضارية والقيم الفكرية والأيديولوجيا. وهناك تراث مشترك وتقاليد وعادات متقاربة، ولا يشعر العربي وسط الكُرد أو الكُردي وسط العربي بأنه غريب، أو بأنه يتحدث مع طرف مغاير متناقض معه، إنما هناك الكثير من العادات والتقاليد مقربة ما بين الشعبين إلى حد كبير.

أما النقطة الثالثة، فهي الثقافة المشتركة، فأغلب الكُرد لهم إلمام بالغة العربية وخصوصًا أكراد العراق، وربما في إيران وتركيا لهم إلمام باللغة العربية، ويجمعهم قراءة القرآن والتراث الثقافي القريب من بعضه الشعر والأغاني والأفلام والمسرحيات تتقارب في مشاعرها ما تتطرحه من رؤى بالنسبة للشعبين. وكانت المنطقة العربية الكُردية تتعرض للأزمات في لحظة الجذب والنهوض، ويكون العامل المشترك هو وحدة إرادة الشعبين من أجل تجاوز الأزمات.

 

الكرد في التاريخ المصري

 

  • هل أثرّت الشخصية الكردية في نظيرتها العربية، والعكس، وكيف كان هذا التأثير المتبادل إن وُجد؟           

 

- تأثير متبادل بين الشخصيتين الكُردية والعربية الحقيقة أستطيع أن أقول إن هذا التأثير كبير وملحوظ، وبالذات بالنسبة للوضع المصري على سبيل المثال، مصر أكبر دولة عربية ودولة عريقة، بالتالي كان التأثير الكُردي في التاريخ المصري تأثيرًا واضحًا لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال، وكثير جدًا من القادة الذين يتمتعون بوضعية مميزة في التاريخ العربي والمصري بشكل خاص مثل صلاح الدين الأيوبي ومحمد علي والشيخ محمد عبده وأحمد شوقي وعباس العقاد والمنفلوطي، وعائلة بدرخان في مصر بما قدمته من قيم ثقافية وفنية وعائلة متولي وتيمور وغيرها من العائلات الكُردية، ورواق الأكراد بالأزهر.

كل هذه شواهد على هذا التأثير المتبادل بين الشخصيتين الكُردية والعربية، ويذكر في هذا السياق، أن أول صحيفة كُردية صدرت للكُرد في العالم طبعت في مصر من أكثر من حوالي 100 سنة، وكانت نقطة تحول مهمة في الصحافة الكُردية معاصرة وأيضًا طبعت القاهرة كُتبًا مهمة مثل الكتب الخاصة بالقضية الكردية وكتاب "الشرق نامه" وغيرها من الكتب التاريخية اللي تؤرخ لنضال الشعب الكردي وكفاحه من أجل التحرر، وأيضًا أول إذاعة كردية انطلقت من القاهرة عقب ثورة 23 يوليو/تموز 1952. ويذكر للرئيس جمال عبد الناصر أنه التقى زعماء الكُرد مصطفي البرازاني وجلال الطالباني وغيرهم وكان أول مؤتمر للحوار الكردي العربي تم في القاهرة في مايو/آيار 1998 . أعتقد أن كل هذه التأثيرات المتبادلة تشير إلى عمق العلاقة بين الشعبين الكردي والعربي.

 

  • يرى بعض الباحثين أن العرب المعاصرين لم ينتبهوا إلى أهمية العلاقات مع الكرد... فهل هناك تقصير من الجانب العربي في هذا المجال؟

 

- لا شك أن هناك تقصيرًا، لأن القضية الكردية قضية مصيرية ولا يجب إهمالها، والقومية الكردية قومية لها تأثيرها ونفوذها في تاريخ المنطقة، وبالتالي إهمال العلاقات مع الكُرد أمر سلبي وغير مطلوب، وهذا ليس مقصودًا من الشعوب العربية، هناك لدى الشعوب إهمال من هذه العلاقة، والحقيقة المتسبب في هذا الوضع النظم العربية الحاكمة وكثير منها ولد في حضن الاستعمار ولتنفيذ مآربه ومصالحه في منطقتنا العربية.

من جهة ثانية، فإن أحد أسباب الوضع الباهت في القضية الكردية في الوعي الجمعي العربي، هو ضعف التغطية الإعلامية للقضية الكردية، يعني اللغة الكردية غير معروفة بشكل كبير بالنسبة للقطاعات العربية وبالتالي اللغة المشتركة واللغة العربية يمكن أن تكون جسرًا للتوعية بأوضاع الكُرد وقضيتهم وعدالة القضية ولكن قادرة على هذه الرؤية الجمعية العربية، وهذا مهم جدًا، خصوصًا أن من الممكن الآن توفر أدوات التواصل الاجتماعي، التي يمكن أن تكون مصدرًا للتوعية، على نفس النمط الذي استطاعت به القضية الفلسطينية خصوصًا في الفترة الأخيرة أن تصل إلي كل بيت وكل شخص في المعمورة.

 

ملحمة كردية- فلسطينية

 

  • قاتلت قوات "كربلا" الكردية جيش الاحتلال الإسرائيلي جنبًا إلى جنب مع المقاتلين الفلسطينيين أثناء اجتياح لبنان عام 1982... فما هي ملابسات ذلك؟

 

- كان ليَّ الشرف أن أكون في لبنان في هذه الفترة، واقتربت بدرجة موثوقية من الأوضاع في تلك السنوات، التي كانت فيها حرب القوى الوطنية ضد القوى الصهيونية من المتعاونين معهم في لبنان والحرب الأهلية بين الطرف العروبي المتعاطف مع القضية الفلسطينية، ومن بين عوامل الاحتلال الصهيوني والأمريكي في لبنان نحن نذكر طبعًا حزب "العمال الكردستاني" كان متواجدًا في لبنان، وشارك في النضال جنبًا إلى جنب مع قوة المقاومة الفلسطينية واللبنانية في صد الغزوات الصهيونية التي حاولت اختراق المناعة اللبنانية واحتلال لبنان، وقد حدث، ثم انتهي الاحتلال بعد ذلك. والمشاركة الكردية في ملحمة قلعة "الشقيف" التي جرت في 6 يونيو/حزيران 1982 كانت مشهودة وهي مذكورة حتى الآن. وقد استشهد فيها عدد من المناضلين الكرد وحزب العمال الكردستاني، وكانت ملحمة بطولية اعترف بها حتى العدو الصهيوني. وكان قبلها تأسس حزب العمال 1978 واستضافت فصائل النضال الفلسطيني الكتائب الأولى من حزب العمال لتدريبهم عسكريًا. أنا أمامي الآن على الكمبيوتر صور "بوسترات" عشرة من شهداء المناضلين في صفوف حزب العمال الكردستاني سقطوا في معارك نضال العدو الصهيوني، واعتقل عدد من المناضلين الكرد من الحزب ومن غيره في سجون الاحتلال ثم أفرج عنهم في تبادل لأسرى الطرفين، وكان من المناضلين الذين ذكرت أسماءهم سيف الدين أوزين، ونظيف اكتاش وسيف الدين زهو، أنا كنت قريب من منظمات اليسار الفلسطيني والديمقراطية والنضال الشعبي والشعبية وغيرها، وكنت أعرف علاقتهم بالمناضلين من حزب العمال الكردستاني.

وفي تلك الفترة، تم إنشاء أول معسكرات تدريب من أوائل معسكرات تدريب الحركة الكردية المسلحة في لبنان، واستشهد في ملحمة الدفاع عن جنوب لبنان عدد من الأبطال الكرد، وقدموا نموذجًا ملهمًا مازال في ذاكرة الثورة الفلسطينية حتى الآن، وطبعًا أشير في هذا السياق أيضًا المخابرات الإسرائيلية ودورها الوضيع في العملية الخسيسة في اعتقال القائد عبدالله أوجلان كما هو معروف، وهذا يبين أن (إسرائيل) تعتبر الكرد أعداء وتعتبر الفلسطينيين أعداء على نفس المستوى لأنه في النهاية العدو الصهيوني يعادي كل صاحب قضية مهما كانت قريبة أو بعيدة بالنسبة له في هذا السياق. أريد أن أقول إن المسلكيات التي كانت لها تأثير سلبي عليَّ أنا شخصيًا وعلى كثير من المناضلين المصريين والعرب أن في الفترة التي كان فيها الاستفتاء على انفصال كردستان العراق منظر سلبي ترك آثارًا سيئة على أصدقاء الشعب الكردي عندما رفعت رايات (إسرائيل) وسط التجمعات الجماهيرية أو بعض التجمعات الجماهيرية للجماهير الكردستانية في العراق. الحقيقة هذا الأمر سئ جدًا، ويجب أن يكون واضحًا أن أي علاقة مع (إسرائيل) تخصم من رصيد القضية الكردية، ومن أنصارها والمتعاطفين معها، وهذا موضوع لابد أن يبقى واضحًا وموجودًا في الاعتبار، أن هذه قضية حياة أو موت بالنسبة لكثير جدًا من أصدقاء الشعب الكردي، لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال غض الطرف عنها، وكما وصف مناضل مصري في معركة قلعة الشقيف أنه اختلط الدم الكردي بالدم العربي بقلعة الشقيف، وكان أفضل تعبير عن العلاقة التاريخية بين هذين الشعبين الشقيقين.

 

  • ما هو موقف القوى الكردية عمومًا من القضية الفلسطينية... وهل هناك علاقات بين الشعبين الكردي والفلسطيني؟

 

- بشكل عام العلاقات بين القوى التقدمية الكردية والفلسطينية علاقات نضالية طيبة، لكن أعتقد أن مستواها الآن أقل مما هو مطلوب ومنتظر ومأمول، ربما يرجع هذا الأمر إلي أوضاع القضيتين والارتباكات والتحديات الصعبة التي تواجهها القضية الفلسطينية والكردية، وهو أمر يحتاج إلى تطوير نظرًا لمخاطره الصعبة التي تتعرض لها القضيتين، ونموذجها ما يحدث في غزة والضراوة التي تواجه بها الصهيونية الشعب الفلسطيني، وكذلك سلوك الفاشية التركية وتعاملها مع الشعب الكردي في العراق وتركيا.

 

  • ما هو سر ارتباط معظم القوى السياسية الكردية سواء في إيران أو تركيا بتيارات اليسار الماركسي والاشتراكي بشكل عام؟

 

- باختصار، أولًا الموقف المبدئي للماركسية مع حق تقرير المصير للشعوب وانحيازها لنضالات جماهير الشعبية من أجل الاستقلال والخلاص من الاستعمار والهيمنة الأجنبية، وهذا موقف واضح لا لبس فيه على الإطلاق، وأيضًا في فترة بروز الدول الاشتراكية عم الفكر الماركسي العالم كان لوجود الاتحاد السوفيتي مصدر مساعدة هو والدول الاشتراكية الأخرى خصوصًا كوبا، للثورات وحركات التحرر وهذا كان واضحًا في مساندة الشعب الفيتنامي في حربه ضد الاستعمار الفرنسي والأمريكي ومساندة مصر ضد الاستعمار البريطاني والعدوان الصهيوني وغيرها.

من هنا، كان من الطبيعي الارتباط بين المعسكر الاشتراكي، وبين الشعوب المناضلة من أجل الحرية والتحرر والتقدم ولأن القضية الكردية مثلها مثل القضايا الأخرى كانت ولا زالت بدعم لوجيستي وسياسي من معسكر التقدم والاشتراكية في العالم وطبعًا رأينا في الفترة الأخيرة بروز جديد لدور حركة التضامن العالمي مع الشعوب، وهذه فرصة مهمة جدًا للشعب الكردي والشعب الفلسطيني في أن يحوز رضا وقبول وتعاطف الأغلبية أو عشرات الملايين من العالم، وذلك الأمر مؤثر جدًا على مستقبل قضايانا مشروعة طبعًا.

 

  • لماذا لم ينظر الرأي العام العربي إلى "القضية الكردية" نفس نظرته إلى القضية الفلسطينية رغم أن الشعبين الكردي والفلسطيني واقعان تحت الاحتلال بشكل ما؟

 

- هذا سؤال مهم أيضًا، لكن إجابته واضحة أولًا القضية الفلسطينية "خنجر" في خاصرة الوطن العربي، ويشكل عائقًا موضوعيًا خطيرًا يهدد وجود العرب الفلسطينيين مشكلة قائمة يوميًا لا يمكن بأي حال تجاهلها، بينما القضية الكردية موزعة ما بين دول إيران وتركيا والعراق وسوريا وغيرها، بعضها غامض مثل أوضاع الكُرد في إيران، وبعضها الآخر هناك معلومات محدودة عنها مثل تركيا، وفي الفترة الأخيرة بدأت المعرفة بها. وأحد الأسباب قرب قضية فلسطين للبعد الديني، سواء المسلمين العرب أو المسيحيين العرب ينظرون لفلسطين بنظرة خاصة باعتبارها منطقة ميلاد المسيح عليه السلام وأول قبلة وهو المسجد الأقصى فلها البعد الديني أيضًا ويقربها أكثر من القضية الكردية.

النقطة الثالثة عملية اختصار فلسطين بالعنف قهر والإرهاب وجود العدو الصهيوني في خاصرة المنطقة العربية مهدد لكل وجود العرب يجعلها تأخذ اهتمام أكبر، فالعدوان الصهيوني مستمر على دول كبرى مثل مصر وسوريا ولبنان والعراق وغيرها، وهو ما ساعد على فضح العدو الصهيوني والتنديد الواسع بعدوانيته، عكس القضية الكردية التي لم تجد صدى إلا في السنوات القليلة الماضية.

 

  • يعتبر محللون أن هناك تلاقٍ للمصالح بين العرب والكرد حيث إن كلاهما في حالة استهداف من قبل نزعتين توسعيتين فارسية وتركية... فما هو رأيكم؟  وكيفية تطوير العلاقات الكردية العربية ؟

 

- هذا صحيح، وأضيف أن التحدي الصهيوني أمام الجميع ليس فقط بالنسبة للعرب وفلسطين، بل أيضًا للقضية الكردية، مهما ادعى الإسرائيليون أنهم أصدقاء للشعب الكردي، وهذا لتلاقي المصالح بين العرب والكرد في أنهما مستهدفان من النزعتين التوسعيتين الفارسية والتركية تضاعف في المراحل الأخيرة في العقود الأخيرة، بسبب غياب الدور المصري في المنطقة وحدوث تحولات استراتيجية وجيوسياسية ترتبت على هزيمة أو نكسة 5 يونيو/حزيران 1967، وتراجع الدور المصري في المنطقة العربية عمومًا.

 

  • ما هو السبب وراء عدم توحّد القوى السياسية وشبه العسكرية الكردية... وهل هذا التشرذم هو السر في عدم قيام دولة كردية حتى الآن؟

 

- طبعا عدم توحد القوى السياسية وشبه العسكرية الكردية واضح للجميع، بينما يتعرض الجانب الأكثر للعنف المنظم من تركيا على سبيل المثال هناك أطراف أخرى علاقتها بتركيا جيدة تتفاعل معها اقتصاديًا وسياسيًا ولا توجد مشكلة في التواصل بينهما، رغم ما يسيل من دماء الكُرد، هذا الأمر يرجع السبب إلى جانب مهم منه إلى الطبيعة الطبقية والقبلية الكردستانية، وإفرازات السياسة المؤثرة سلبًا على قضية توحيد القوى السياسية وشبه العسكرية الكردية جانب أساسي من القوى الكردية السياسية العسكرية تخضع لقيادات قبلية توارثت السلطة جيلًا بعد جيل، وهي لم تتنازل عن ثروتها ومصالحها الهائلة الموروثة مهما كانت الدوافع والشعارات.

كما أن جانبًا من القوى النافذة في الجانب الكردي ذات علاقة وطيدة بالدول والطبقات المهيمنة على القضية الكردية، وبالتالي فهي لم تكن متحمسة لمد اليد بالتعاون مع قوى أخرى راديكالية مناضلة ترفع رايات الثورة وتدعو للتحرر ودحر الدول المعادية.

وطبعًا هذا التشرذم ينعكس سلبًا على قوى واتحاد الإرادات السياسية وشبه العسكرية، الأمر الذي يمكنها من انتزاع حقها في دولتها المشهودة، لكن هذا الأمر ليس وحده يشكل عقبة أمام تكوين الدولة الكردية من وجهة نظري لأن هذا الموضوع بالغ التعقيد، بسبب انتشار الشعب الكردي في محيط أكثر من دولة في سوريا والعراق وإيران وتركيا، وغيرهم من الدول أيضًا أنها الأرض التي ينظر إليها الكُرد باعتبارها أرض دولتهم المتوقعة تحتل موقع مهم جدًا يتم من خلاله التحكم في جانب كبير من احتياطيات البترول العالمي، مما يدفع قوى كثيرة مستفيدة من الوضع الراهن لمعاداة فكرة الدولة الكردية المستقلة ورغم ذلك هامش كبير من التقاء المصالح بين العرب والكرد، ويجب عليهم أن يبذلا قصارى جهدهم لتجاوز الفجوة القائمة لمصلحة الطرفين.

 

فكر الزعيم أوجلان

 

  • كيف ترون أفكار الزعيم الكردي السجين عبد الله أوجلان... وهل يمكن أن نرى أوجلان يومًا ما حرًا طليقًا؟

 

- الحقيقة أنني سأجيب عن هذا السؤال، ابتدأ من جزئه الثاني من كلمة واحدة، نعم يمكن أن نرى "أوجلان" ذات يوم حرًا طليقًا وأتمنى أن يكون هذا اليوم قريبًا، والذين يستبعدون هذا الأمر أن يعودوا إلى ملحمة انتزاع المناضل الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا عدو عنصرية البيض بعد سنوات طويلة من الحبس المنفرد، على نحو ما جرى لـ عبدالله أوجلان كان كثيرون لا يتصورون إمكانية سقوط نظام الفصل العنصري، ولكنه سقط وخرج نيلسون مانديلا من معزله ومحبسه زعيمًا عظيمًا احترمه العالم وصموده ومقاومته بطش نظام "الأبرتايد" الساقط في جنوب أفريقيا.

أما بالنسبة لأفكار الزعيم عبد الله أوجلان التي أنضجتها سنوات الاعتقال الطويلة فهي بالفعل تمثل جهدًا عقليًا كبيرًا، أعاد النظر في الكثير من الأفكار والمعتقدات، وقدم تحليلًا ضافيًا وعميقًا وذو أبعاد فلسفية ورؤية فكرية فيها اجتهادات محمودة وتصلح اقتراحات بحلول كثير من مشاكل منطقتنا، ومنها على سبيل المثال فكرة "الأمة الديمقراطية"، وكذلك دور المرأة في نضال المجتمع وغيرها التي تضمن اجتهادات مشكورة لحل مشكلات المنطقة تستحق المتابعة والمناقشة والاستفادة مما قدمه من تصورات لتجاوز أزمات منطقتنا تجاه بناء مجتمعاتها المتحررة الناهضة، كبديل عن التناحر الاجتماعي والسياسي الذي استنزف مقدرات هذه المنطقة طويلًا.

 

  • كيف ترون مستقبل الكرد في المنطقة خصوصًا بعد الحراك الإقليمي والدولي في اتجاه البحث عن حل لقضايا مزمنة مثل القضية الفلسطينية؟

 

- أعتقد أن المنطقة، بل العالم كله، مقبل على تغيرات هامة في الفترة القادمة، في مقدمتها التحرر من وقع الهيمنة الأمريكية والسيطرة المنفردة على شؤون العالم للولايات المتحدة الأمريكية.

إن عهد القطبية الأحادية سينتهى قريبًا، وهناك تقدم باتجاه التعددية القطبية بدأت ملامحه تبدو في الأفق، وهذا الوضع يساعد على الشعوب الضعيفة والقوميات الساعية للتحرر على تحقيق أهدافها المشروعة.

ولقد رأينا ظاهرة مهمة ومزدوجة التأثير نتيجة حرب الإبادة الجماعية التي شنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة والأراضي المحتلة ولازال وتواطؤ الإمبريالية الولايات المتحدة والدول الاستعمارية التاريخية لحماية (إسرائيل) وتحريك الأساطيل ومنع الأمم المتحدة من اتخاذ قرار أي قرار يوقف المجازر ومن جهة ثانية رأينا أيضًا هبت شعوب العالم حتى في الولايات المتحدة لنصرة شعب فلسطين فالعالم يتغير وستنتهي عهود الهيمنة والاحتلال والاستعمار ونهب ثروات الشعوب وهو أمر ليس مستبعد بالنسبة للقضية الكردية أو الفلسطينية شرط أن توحد القوى التحررية إرادتها وصفوفها وأن تتجاوز خلافاتها وأن ترتبط بشعوبها وأن تضع تحليلًا موضوعيًا لظروفها الراهنة وكيفية تجاوز أزماتها وانطلاقها من أجل تحقيق شعوبها في الحرية والاستقلال.

أنا لازلت أتصور أن هناك حاجة لتأسيس جبهة عربية كردستانية تقدمية، تنظم العلاقة بين القوى الشعبية التقدمية فيما بين الكرد والعرب، وتضع خطة مشتركة للعمل من أجل تطوير الأوضاع بين الطرفين، وتقليل الخسائر وتحويل العلاقة إلى علاقة إيجابية، تخدم مشاريع التحرر في منطقتنا عامة.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.