منذ تأسيس نظام الجمهورية (الإسلامية) الايرانية على إثر الثورة الشعبية الکبرى التي أطاحت بالنظام الملکي، فإن هذا النظام قد أصبح أحد أکبر عوامل التأثير السلبي على الامن والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط الحيوية بالنسبة للعالم کله.
هذا النظام الذي بني على أساس نظرية ولاية الفقيه الشمولية التي تفتقد الى المصداقية ولاتتمتع بالقبول من جانب الشيعة أنفسهم، سعى ولازال يسعى الى قيام امبراطورية دينية على أساس هذه النظرية لکي يتمکن من خلالها فرض نفوذه وهيمنته على بلدان العالمين العربي والاسلامي، خصوصا بعد تبنيه لمبدأ"تصدير الثورة"المشبوه وسعيه من أجل إزاحة السعودية عن دورها في العالمين العربي والاسلامي ومحاولتها من أجل تزعم العالم الاسلامي.
هذا المسعى المشبوه، تم جرى ويجري تنفيذه من خلال المخطط الکبير الذي وضعه النظام الايراني والذي يرتکز على ثلاثة قوائم أساسية هي قمع وإضطهاد الشعب الايراني في الداخل، وتصدير التطرف والارهاب الى الدول الاخرى بطرق واساليب أهمها تأسيس أذرع تابعة له تقوم بتنفيذ مايريده ويبتغيه بالوکالة، أما المرتکز الثالث فهو السعي من أجل الحصول على أسلحة الدمار الشامل في سبيل فرض خياراته ونهجه وجعل دوره وتدخلاته في المنطقة بشکل خاص أمرا واقعا.
من دون شك إن تنفيذ هکذا مخطط غير عادي يتطلب جهودا وإمکانيات إستثنائية وأموالا طائلة لاحدود لها، خصوصا إذا ماعلمنا بأنه وبحسب أحد التقارير فإن ماقد صرفه النظام الايراني على برنامجه النووي يعادل ثمانية أضعاف ماقد تکبده من خسائر من جراء حرب الثمانية أعوام ضد العراق، کما من المفيد أيضا التذکير بأنه بعد الحرب المفتعلة التي قام بها حزب حسن نصر الله ضد إسرائيل في صيف عام 2006، والتي کلفت لبنان والشعب اللبناني الکثير، فإن النظام الايراني قد قام بإرسال 13 مليار دولار لکي يتمکن هذا الحزب من إعادة بناء قواعده ومٶسساته"وليس من أجل إعادة بناء لبنان ومساعدة الشعب اللبناني"، ناهيك عن المليارات الاخرى التي صرفها في العراق وسوريا واليمن، فإن کل ذلك الى جانب المليارات الاخرى التي صرفها على التسليح وعلى تعزيز بنيته الامنية وتقويتها، قد کان کل ذلك على حساب الشعب الايراني.
عندما تغدو أغلبية الشعب الايراني تعيش تحت خط الفقر، وعندما يصل الحال بهذا الشعب لأن يقوم ببيع فلذات أکباده ويبيع أعضاء جسده ويقوم بالعيش في المقابر والعشوائيات والحدائق العامة وينبش في القمامة بحثا عن الطعام، فإن نزول الشعب الايراني الى الشوارع منذ أکثر من 10 أيام بعد أن تسبب خفض دعم الغذاء في ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 300% لبعض المواد الغذائية الأساسية التي تعتمد على الدقيق، يصبح قابلا للفهم الدقيق ويتم إستيعابه کاملا ولاسيما إذا ماعلمنا بأن الشعب الايراني قد وصل به الحال الى أسوأ مايکون ولم يعد بإمکانه تحمل المزيد من الضغط، ولذلك فإن إصطباغ هذه الاحتجاجات بصبغة سياسية أکثر من واضحة من خلال هتافات مناهضة لأصل النظام وللمرشد الاعلى وللرئيس الايراني، يدل على إن هذا النظام الذي فقد الشرعية أساسا وبصورة واضحة للعيان بعد إنتفاضتي أواخر عامي 2017 و2019، يعود الشعب الايراني من خلال هذه الاحتجاجات المشروعة ليٶکد بأن هذا النظام قد فقد الشرعية ويجب أن يجري تغييره، وإن الاسابيع القادمة ستکون حبلى بالکثير المفاجئات التي حتما ستکون صادمة للنظام أکثر من غيره!
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية