إيران تستهدف «حشد العتبات» لصالح الميليشيات «الولائية»

- 14 ديسمبر 2021 - 575 قراءة

تعمل إيران التي تهيمن على مفاصل الدولة في العراق، على استهداف أي حالة يظهر منها أي بوادر للمعارضة حتى لو كانت رمزية، ولاشك أن الاستخبارات الإيرانية عملت بشكل ممنهج طوال الشهور الماضية على وأد تجربة حشد العتبات الموالي لرجل الدين الشيعي (الإيراني الجنسية) علي السيستاني.

 ولا ننسى أن نظام الملالي في طهران وقم هو من ضغط على حكومة بغداد من قبل حتى تم دمج ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية في الجيش العراقي، فالتغول الإيراني في العراق تم شرعنته ولا يستطيع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن يتحدى تلك الميليشيات التي أدخلت الآلاف من الموالين لها داخل الجيش العراقي نفسه، هذه الميليشيات التابعة لإيران تهيمن على كامل المشهد السياسي في العراق حتى لو خسرت الانتخابات، بل إن قادة الجيش العراقي الذي أسسته أمريكا لا يملكون أي سلطة عليه، وهذا هو الواقع على الأرض.

وعلى سبيل المثال لا حصر، غضنفر آبادي رئيس محكمة الثورة في طهران قال من قبل: "إذا الشعب الإيراني لم ينصر الثورة سيأتي الحشد الشعبي العراقي، الحوثي اليمني، الفاطميون من أفغانستان وزينبيون من باكستان لنصرة الثورة"، هذه الكلمات لكي نعلم إلى أي حد تغلغلت إيران في العراق خاصة.

أما الزعيم الشيعي مقتدى الصدر فمن آن إلى آخر يدعو لحل الميليشيات المسلحة وضرورة حصر السلاح بيد القوات الأمنية النظامية، رغم أن ميليشياته المسلحة تنتشر في مناطق كبيرة من العراق خصوصًا سامراء، وكل عدة أشهر يخرج ويعلن حل ميليشياته التي سلحت من إيران من قبل عدة مرات.

فمقتدى الصدر يحاول أن يظهر نفسه أن هناك مسافة بينه وبين الإيرانيين، وهو مستمر في لعب دوره الذي بدأ في 2003 م، وهو أصلًا يسارع دائمًا للذهاب إلى طهران وقم والتنسيق مع الحكومة الإيرانية، وهو من ذهب للتعزية في الإرهابي قاسم سليماني قائد ما يسمى بفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني.

ومع هذا فتحقيق تيار الصدر للمركز الأول في الانتخابات سيمكنه ولاشك من فرض بعض شروطه على الميليشيات الولائية الشيعية، خصوصًا أن إيران تسعى لأن تكون القوى السياسية الشيعية التي تمثل الجناح السياسي للميليشيات الولائية في قلب المشهد السياسي كما كانت من الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003م. 

وينبغي أن نعلم أننا اليوم أمام معسكرين داخل "الحشد": الأول ضعيف يضم الفصائل الشيعية العراقية المرتبطة بالنجف وكربلاء أي بمرجعية علي السيستاني (إيراني الجنسية)، ويضم حشد العتبات فرقتي "الإمام علي القتالية" و"العباس القتالية"، ولواء "علي الأكبر"، ولواء "أنصار المرجعية"، وهي فصائل انشقت عن "الحشد الشعبي".

والثاني الفصائل الشيعية الولائية، وهي المرتبطة عقائديًّا بالمرشد الإيراني علي خامنئي وفي مقدمتها كتائب "حزب الله – العراق"، وكتائب النجباء.

الخلاف ظهر بشكل رئيسي منذ مقتل قائد "فيلق القدس" الإيراني السابق قاسم سليماني ونائب قائد "الحشد" أبو مهدي المهندس بغارة أمريكية في بغداد في يناير/ كانون الثاني الماضي، فميليشيات العتبات دعت إلى عدم الدخول في صراع مع القوات الأمريكية في العراق، في حين ترى الميليشيات الولائية أنها خط الدفاع الأول عن النظام الإيراني، أي أن الصراع ليس جذريًا، بل صراع في الأولويات ليس أكثر، وليس كما تصوره وسائل إعلام عربية.

ومع هذا فالصراع على الحكم في العراق بين تلك الميليشيات الشيعية قد يتطور إلى اقتتال شيعي - شيعي ، اقتتال على الهيمنة والنفوذ والسلطة والثروة، وليس على شكل العلاقة مع إيران.

وقبل أيام أفادت مصادر عراقية، بوجود انشقاقات داخل "حشد العتبات" المقرب من المرجع الشيعي علي السيستاني، وذكرت أن "مجموعة من مقاتلي فرقة العباس القتالية، وهي إحدى ميليشيات حشد العتبات، أعلنت مطالبتها بتغيير قائد الفرقة، ميثم الزيدي، بسبب "تهم فساد"، وظهر ضابط استخبارات الفرقة، ويدعى "أبو علي الأشتر" في مقطع فيديو وطالب بتغيير قائد الفرقة واتهمه بالفساد، لكن الأمر بالتأكيد أكبر مما أعلنته هذه المصادر، ولا شك أن إيران غير راضية بشكل كامل عن تلك الميليشيات أي ميليشيا حشد العتبات، وهي تعمل على تعديل مسارها لتكون كما الميليشيات الولائية بشكل كامل.

أخيرًا، بات واضحًا بشكل لا لبس فيه، أن هناك قطاعًا عريضًا من الميليشيات العراقية الشيعية يخشون من أي تصادم "إيراني – أمريكي" أو تصادم "إيراني – إسرائيلي" على المكتسبات التي حققوها منذ العام 2003م، ويخشون من عاقبة الاصطفاف مع إيران في أي صراع مستقبلي إقليمي، هم لا يختلفون على الولاء لإيران، هم يختلفون فقط إلى أي حد يكون هذا الولاء، وهذه هي الحقيقة  التي لا يدركها البعض حتى اليوم، أما إيران فلا تريد خلفها إلا ميليشيات تأتمر بأمرها ولا تناقشها في أوامرها، حتى لو كانت هذه الأوامر ستقود تلك الميليشيات في النهاية إلى حتفها.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.