«الاحتلال التركي» يغتصب سيادة العراق وينهب ثرواته

- 18 فبراير 2024 - 324 قراءة

  • النظرة التركية للعراق تنطلق من اعتبار مدن كـ «الموصل وكركوك» أراضٍ تركية يجب استعادتها واتخاذ الإجراءات التي تحقق ذلك فضلًا عن اعتبار «التركمان» العراقيين مواطنيين أتراك

 

  • تقارير موثقة: تركيا تمتلك 11 قاعدة عسكرية رئيسية في إقليم كردستان العراق إلى جانب 19 معسكرًا أساسيًا تابعًا لها

 

  • ينشط جهاز الاستخبارات التركي (MIT) على نطاق واسع في إقليم كردستان وله 4 مقرات رئيسية في: العمادية وماتيفا وزاخو وكاراباسي في مركز مدينة دهوك

 

  • يُقدّر عدد العسكريين الأتراك الموجودين في القواعد والمعسكرات بأكثر من 7 آلاف عنصر يتحركون بمساحات جغرافية واسعة تصل إلى حوالى 100 كلم في عمق الأراضي العراقية

 

 

في ظل إنشغال العالم بما ترتكبه قوات العدو الصهيوني من جرائم في غزة، تمارس الدولة التركية في سوريا والعراق انتهاكات وجرائم، تتشابه إلى حدٍّ كبير مع ما يمارسه الاحتلال رغم أن أنقرة لا تكف عن إصدار البيانات التي تندد بجرائم العدو الإسرائيلي تجاه شعب غزة.

وبالنظر إلي البيانات الأخيرة لوزارة الدفاع التركية، نجد أن الوزارة أعلنت في بيان رسمي بتاريخ 14 يناير/كانون الثاني، أن مقاتلاتها قصفت 24 هدفًا في مناطق متينا وهاكورك وكاره وآسوس وقنديل شمالي العراق، دون أدني احترام لسيادة الدولة العراقية.

وتحدث البيان التركي، عن قتل عدد كبير ممن وصفتهم بـ"الإرهابيين" في إشارة إلي عناصر المقاومة الكُردية، وهو بيان يتشابه مع بيانات المتحدث بإسم جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي دومًا ما يصف عناصر المقاومة الفلسطينية بأنهم إرهابيين !

وكانت وزارة الدفاع التركية قد أعلنت بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني، إن الموجة الأولى من الغارات الجوية على العراق استهدفت 54 هدفًا للمسلحين الكُرد وأسفرت عن مقتل 57 مسلحًا.

وتأت الهجمات التركية على مناطق واسعة من العراق، ردًا على هجوم تعرضت له قاعدة عسكرية تركية داخل الأراضي التركية ما أسفر عن مقتل 9 جنود أتراك وإصابة 4 آخرين في اشتباكات مع عناصر "حزب العمال الكردستاني".

 

أهداف تركيا في العراق

 

تتحرك تركيا في العراق تحت زعم محاربة الإرهاب الذي يمثله "حزب العمال الكردستاني" وفق الرؤية التركية، ورغم أن الأخير يعتبر حزبًا تركيًا ويجب أن يتم حل قضيته داخل حدود الدولة التركية دون تحميل الدول الأخرى مسؤولية فشل أنقرة في حل أزماتها الداخلية، إلا أن تركيا استغلت تواجد "حزب العمال" الذي تتمركز معظم تشكيلاته العسكرية منذ أكثر من 3 عقود في جبال قنديل، عند المثلث الحدودي العراقي - التركي – الإيراني ذريعة للتدخل العسكري في العراق واحتلال مناطق كثيرة من أراضيه بعيدة كل البعد عن تمركزات "العمال الكردستاني".

بعيدًا عن "العمال الكردستاني"، فإن النظرة التركية للعراق تنطلق من اعتبار مدن كالموصل وكركوك أراضٍ تركية يجب استعادتها واتخاذ الإجراءات التي تحقق ذلك بغض النظر عن أي شىء، فضلًا عن اعتبار التركمان العراقيين مواطنيين أتراك يجب التدخل لحمايتهم من أي تهديد أو خطر دون احترام لسيادة الدولة التي يقطنون بها، وهو ما أكده تصريح منسوب للسفير التركي في العراق علي رضا غوناي في منتصف شهر يوليو/تموز 2021، حيث أعلن خلال زيارة له إلى كركوك، "إنَّ مدينة كركوك العراقية تركمانية"، وإنَّ بلاده مهتمة بالمدينة وعازمة على مواصلة دعم التركمان المقيمين فيها، واصفًا إياهم بـ"الأتراك العراقيين وأبناء جلدتنا".

 

الوجود العسكري التركي

 

لا يوجد بيان رسمي عراقي دقيق حول القواعد العسكرية التركية المنتشرة في البلاد وسط تقارير صحفية تحددها بقرابة 80 نقطة عسكرية واستخباراتية تسيطر عليها أنقرة داخل أرض الرافدين.

ووفقًا لتصريحات المسؤولين الأتراك، تمتلك تركيا 11 قاعدة عسكرية إقليمية في شمال العراق؛ لكن تقارير أخرى تشير إلى أن في العراق حاليًّا حوالي 19 قاعدة تركية، 15 منها قواعد عسكرية، والأربع الأخرى قواعد استخباراتية، تضم جميعها حوالي 3 آلاف جندي تركي.

فيما تتحدث تقارير موثقة من مصادر استخباراتية عن أن تركيا تمتلك 11 قاعدة عسكرية رئيسية في إقليم كردستان العراق، إلى جانب 19 معسكرًا أساسيًا تابعًا لها.

وتتوزع تلك القواعد والمعسكرات على مناطق بامرني وشيلادزي وباتوفان وكاني ماسي وكيريبز وسنكي وسيري وكوبكي وكومري وكوخي سبي وسري زير ووادي زاخو والعمادية.

وبعد حوالى عام على اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي بعض مدن العراق وبالتحديد في 2015، استحدثت تركيا، بحسب التقارير، معسكرات إضافية جديدة في مدن بعشيقة وصوران وقلعة جولان وزمار، وحوّلت معسكرها في منطقة حرير جنوب أربيل إلى قاعدة عسكرية، وقامت ببناء قاعدة سيدكان، وفتحت بضعة مقرات في مدينتي ديانا وجومان القريبتين من جبال قنديل، من أجل إحكام السيطرة على مناطق خنير وخاوكورك وكيلاشين، وبالتالي الاقتراب من مواقع تمركز تشكيلات "حزب العمال الكردستاني".

وبحسب التقارير يُقدّر عدد العسكريين الأتراك الموجودين في تلك القواعد والمعسكرات، بأكثر من 7 آلاف عنصر يتحركون بمساحات جغرافية واسعة تصل إلى حوالى 100 كلم في عمق الأراضي العراقية.

إضافةً إلى القواعد والمقرات العسكرية، ينشط جهاز الاستخبارات التركي (MIT) على نطاق واسع في إقليم كردستان. وبحسب التقارير، هناك 4 مقرات رئيسية له في كلٍّ من العمادية وماتيفا وزاخو وكاراباسي في مركز مدينة دهوك.

وفي تصريحات صحفية اعتبر القيادي بحزب "الاتحاد الكردستاني" غياث السورجي أن أنقرة تحتل نصف المناطق بالشمال العراقي مؤكدًا أن "تركيا تحاول السيطرة على شمال العراق من خلال ذريعة وجود حزب العمال الكردستاني"، مبينًا أن عدد المعسكرات التابعة لتركيا داخل إقليم كردستان وخارجه تبلغ 40 معسكرًا".

وأضاف، أن "تركيا تقصف يوميًا المناطق العراقية منها سنجار ومخمور ونواحي أخرى"، لافتًا إلى أن "محاولات تركيا بالسيطرة على شمال العراق ليست جديدة بل هنالك تصريحات رسمية يطلقها الرئيس التركي علانية بضرورة استرجاع الموصل وضمها إلى تركيا بحسب زعمه".

في نفس السياق، كشف النائب الكردي السابق غالب محمد، في تصريحات صحفية مايو/أيار الماضي عن وجود 41 قاعدة عسكرية تركية منتشرة في محافظتي دهوك وأربيل".

وأضاف، أن "هناك الآلاف من الجنود والضباط ومختلف الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة وهناك قواعد جوية للجيش التركي، وأجهزة مخابراتية تمارس دورًا خبيثًا في كردستان والعراق" على حد قوله.

أما القيادي بحزب الاتحاد الكردستاني برهان شيخ رؤوف، فأكد في تصريحات صحفية بحسب موقع المعلومة العراقي إن "قوات الاحتلال التركي استولت على مطارين عسكريين أحدها في بعشيقة من أجل استخدامها في تنفيذ العمليات العسكرية"، مشيرًا إلى أن القوات التركية تملتك 60 قاعدة عسكرية في المناطق الشمالية للعراق".

 

مقاومة الاحتلال

 

اعتبار الوجود العسكري التركي في العراق احتلال هو جزء من المنظور الشعبي لقطاع عريض من العراقيين وهو ما دفع فصيل عراقي مسلح يدعى "أحرار العراق" ليعلن في بيان رسمي في 1 فبراير/شباط 2023 عن استهداف إحدى القواعد العسكرية التركية بـ 20 صاروخًا من نوع طراد.

وتعهد "لواء أحرار العراق" باستمرار عملياته ضد "المحتل" - وفق تعبيره - في حال لم ينسحب من الأراضي العراقية "بشكل فوري وكامل"، وبتوسيعها بحيث تطال "مواقع عسكرية داخل الأراضي التركية في حال بقي الاحتلال" وفق البيان.

 

الموقف العراقي

 

على مدار سنوات ورغم تغيير الحكومات العراقية لم يكن موقف بغداد من الاحتلال التركي والانتهاكات المستمرة لسيادة العراق على قدر المسؤولية ولم يتعد الموقف الرسمي مجرد التصريحات الإعلامية دون إجراءات أو خطوات تنفيذية ملموسة.

في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 2016، أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن وجود القوات التركية على الأراضي العراقية اعتداء على سيادة الدولة، معربًا عن خشيته من أن تتحول "المغامرة التركية" إلى حرب إقليمية.

وقال العبادي عبر مؤتمر صحفي في بغداد 4 أكتوبر/تشرين الأول: "نرفض أي وجود لقوات أجنبية على الأراضي العراقية"... "إننا طلبنا أكثر من مرة من الجانب التركي عدم التدخل في الشأن العراقي".

وبعد تولي مصطفي الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية في 2020 وبعدها بأشهر قليلة وبالتحديد في 20 يوليو/حزيران استهدفت تركيا منتجعًا سياحيًا في إقليم كردستان بشمال البلاد، وأودى بحياة تسعة مدنيين وجرح 23 آخرين. وقررت الحكومة العراقية يومها استدعاء السفير التركي لدى بغداد للاحتجاج على الهجوم، كما تم استدعاء القائم بأعمالها من أنقرة "لغرض المشاورة".

وأعلن الكاظمي في تغريدة أن "العراق يحتفظ بحقه الكامل بالرد على هذه الاعتداءات وسيقوم بكل الإجراءات اللازمة لحماية شعبه وتحميل الطرف المعتدي كل تبعات التصعيد المستمر"، ورغم استمرار الهجمات مازال العراق يحتفظ بحق الرد دون تنفيذ على أرض الواقع.

وكما استمرت الهجمات التركية على العراق في عهد الحكومة الحالية التي يترأسها شياع السوداني، واصلت الحكومة الحالية انتهاج سياسة سابقيها في التغاضي عن انتهاك السيادة العراقية ومازالت الرئاسات الأربع بالبلاد تكتفي ببيانات الشجب والإدانة مع كل هجوم تركي ينتهك ما تبقى من سيادة العراق.

 

النفوذ الاقتصادي

 

لا يقتصر الوجود التركي في العراق على أهدافًا عسكرية فقط، بل ربما يمثل الاقتصاد أحد الأهداف الرئيسية لتحركات أنقرة في عموم المنطقة وليس العراق وحده.

وبحسب تقارير فإن أنقرة التي تمتلك وجودًا عسكريًا واستخباراتيًا في العراق وترسخه، إنَّما راحت تعززه أيضًا بحضور اقتصادي في مجال الاستثمارات النفطية، إذ يعمل عدد من شركات النفط التركية في 8 حقول في إقليم كردستان.

ووفقًا لمصادر إعلام كُردية، تملك شركة "كنل إنيرجي" حصصًا، وبنسب مختلفة، في البلوكات النفطية في الإقليم، فهي تملك 25% في بلوك طاوكي، و40% في بلوك بيربهر، و40% في بلوك دهوك، و44% بلوك بناوي، و44% في بلوك طقطق، و75% في بلوك ميران، و60% في بلوك جيا سورخ.

وتملك شركة "بيت أويل" أيضًا حصصًا في حقول جيا سورخ وبلكانة بنسبة 20%، فضلًا عن أنَّ الجزء الأكبر من أنبوب نفط الإقليم الذي يمتدّ إلى ميناء جيهان التركي يقع داخل الأراضي التركية، إذ يبلغ طوله 896 كلم، ويبدأ من حقل خورملة جنوب أربيل، ويمتدّ داخل أراضي إقليم كردستان إلى مسافة 221 كلم، حتى منطقة فيشخابور قرب الحدود مع تركيا، ويقع 675 كلم منه داخل الأراضي التركية، ويخضع لإشراف شركة "بوتاش" التركية التي تجني عوائد مالية كبيرة منه.

لا تعمل شركات النفط التركية وحدها في إقليم كردستان، فهناك عشرات الشركات المتخصصة في قطاعات البناء والإعمار والصناعات الغذائية والدوائية والكهربائية والألبسة والتقنيات الإلكترونية، والتي تشغل حيزًا في مجمل النشاط التجاري والاقتصادي في الإقليم وعموم العراق، فضلًا عن المصارف التركية وشركات تحويل الأموال.

ــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- القواعد العسكرية التركية في شمالي العراق… ضرورة دولتية أم اعتبارات توسعية؟، مركز الروابط للبحوث والدراسات، 26 يوليو/تموز 2022.

2-  الوجود التركي في العراق.. أرقام وحقائق صادمة، موقع الميادين، 5 أبريل/نيسان 2022.

3-  نائب سابق يكشف عدد القواعد التركية شمالي العراق، وكالة بغداد اليوم، 18 مايو/أيار 2023.

4- العراق يتهم تركيا بـ"انتهاك صريح لسيادة" أراضيه، فرانس 24، 20 يوليو/ تموز 2020.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.