«القاتل الصامت»... التلوث يعصف بالأحوازيين

- 18 فبراير 2024 - 197 قراءة

«منظمة الصحة العالمية» وضعت مدينة الأحواز على رأس قائمة «المدن الأكثر تلوثًا» في العالم

 

الخبراء: تغيير مسارات أنهار الإقليم إلى العمق الإيراني تسببّ في انحدار أوضاع البيئة بشكل خطير

 

وزارة البيئة التابعة للاحتلال: الأحواز ستتحوّل من واد خصب إلى صحراء قاحلة خلال الـ 50 عامًا المقبلة

 

 

 

كشف "مؤشر جودة الهواء" في مدن إقليم الأحواز المحتل، عن أن الوضع في الإقليم غير صحي بالمرة، حيث تجاوزت مستويات الجسيمات الدقيقة  PM2.5، وذلك وفق مسح بيئي تم إجراؤه في مطلع يناير/كانون الثاني الحالي، وهي نسبة خطيرة بكل المقاييس، وتتجاوز الحدود المُوصى بها من قبل "منظمة الصحة العالمية".

ووفق نتائج "مؤشر الهواء"، التي نشرتها وسائل إعلام إيرانية مؤخرًا، فقد بلغ مؤشر جودة الهواء بناءً على قياس الجزيئات العالقة بحجم 2.5 ميكرون، في المحطة الكهربائية الفرعية رقم 3 في الأحواز 58، ومحطة نيو سايد الأحواز 79، والمحطة العامة لمديرية حماية البيئة في المحافظة في الأحواز 85، وكان درجة الهواء في هذه المدن "حمراء".

من جانبها، ذكرت وزارة البيئة التابعة لدولة الاحتلال الإيراني في الثامن من يناير/كانون الثاني، على لسان محمد سبزه ‌زاری مسؤول الوزارة في الإقليم، أن الأحواز ستتحول من واد خصب إلى صحراء قاحلة خلال الخمسين عامًا المقبلة، وذلك حسبما ذكرت "وكالة أنباء فارس" المقربة من "الحرس الثوري"، في تقرير لها نشرته مؤخرًا.

 

الأحواز "الأكثر تلوثًا"

 

يُعد تلوث الهواء في الأحواز مشكلة بيئية خطيرة، حيث تعتبر المدينة من أكثر المدن تلوثًا في العالم. وتتسبب هذه المشكلة في العديد من المشكلات الصحية للسكان، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية.

وتشمل الملوثات الرئيسية للهواء في الأحواز، حسب الخبراء، الجسيمات الدقيقة، وأكسيد النيتروجين، وأكسيد الكبريت، وتُنتج هذه الملوثات من مصادر متنوعة، بما في ذلك حركة المرور، والصناعة، والعمليات الزراعية.

ويقول الخبراء، إن تغيير مسارات الأنهار في الأحواز إلى العمق الإيراني، تسبب في انحدار أوضاع البيئة بشكل غير مسبوق وخطير للغاية، وزادت درجة الأتربة والغبار الناتجة عن تصحر التربة، وبالتالي تدهورت الأحوال الجوية بالإقليم، ما أدى إلى تعرض المواطنين لمتاعب صحية بالغة الخطورة.

ويعمد النظام الإيراني إلى تحويل المياه من المسار الرئيسي لأنهار الأحواز، مثل كارون وكرخة والجراحي وضخها إلى المدن الفارسية الوسطى، مثل أصفهان ويزد وقم.

يحدث ذلك في الوقت الذي يُحرم فيه المزارعون العرب من استخدام المياه ويواجهون سياسة التفقير والعزلة والتهجير. كما تسببت هذه السياسة في جعل المنطقة واحدة من أكثر المناطق تلوثًا في العالم.

وتوجد حاليًا سبعة سدود وأنفاق تحوّل مياه كارون إلى 19 سدًا تحت الإنشاء، إضافة إلى سدود على حوض نهر الكرخه وخمسة سدود على حوض نهر الجراحي. ولعبت هذه السدود دورًا رئيسيًا في زيادة تلوث الأحواز.

وتعتبر إيران واحدة من أكبر عشرة منتجين للغازات الدفيئة الملوثة للبيئة على وجه الأرض، حيث أظهرت الإحصاءات الأخيرة أن إيران ضمن الـ7 دول الأكثر تلوثًا في العالم. ومع ذلك، فإن معظم التلوث ينتشر في الأحواز. ووصلت كمية الجسيمات المحمولة جوًا في إيران إلى مستويات مرتفعة جدًا، لتبلغ ثالث أعلى نسبة في العالم.

وتقول "منظمة الصحة العالمية"، إن الأحواز لها النصيب الأعلى مستوى من الجسيمات المحمولة جوًا، بما يكفي ليسبب مشكلات صحية خطيرة للبشر.

وبلغت كمية الجسيمات المحمولة في مدينة الأحواز العاصمة، حسب نتائج المسح الأخير، 10000 ميكروجرام لكل متر مكعب وهي أعلى كمية في إيران، وجاءت مدينة الحميدية ثانيًا بـ669 كثاني أكبر مدينة ملوثة في الأحواز، ومعشور 498، والمحمّرة 471، والفلاحية 413، وقنيطرة 96 ومدينة سوس 89 ميكروجرام لكل متر مكعب.

وتعجز مستشفيات الدولة عن مواجهة هذه الأمراض، لأنها غير مجهزة، ولا تحوي عددًا كافيًا من الأطباء والإمكانيات الصحية، ما يرفع معدل الوفيات في الأحواز بشكلٍ غير مقبول.

وكان ناشطون في مجال البيئة في الأحواز شكلوا سلسلة بشرية على طول نهر كارون للاحتجاج على مشروع تحويل هذا النهر الى المدن الفارسية لإرسال رسالة للنظام الإيراني بأن استمرار هذه السياسة سيؤدي إلى كارثة بيئية في المنطقة.

ووفقًا لما ذكرته حركة 15 نيسان الأحوازية، فإن "تلوث الهواء في الأحواز في الآونة الأخيرة بات يهدد الإنسان الأحوازي يوميًا"، متهمة إيران بتعمد القضاء على الإنسان الأحوازي.

وقال مسؤول البيئة في الأحواز محمد رضا لاهيجان زاده إن "شدة تلوث الهواء الناجم عن حرق المواد النفطية في الأحواز وصلت لمستويات غير مسبوقة". فيما أكد ناشطون في مجال البيئة أن لا مصلحة اقتصادية لإيران من سياسة تجفيف الأنهار الأحوازية، معتبرين أنها "خطة سياسية لتدمير البيئة الأحوازية بهدف طرد العرب من أرضهم التاريخية".

 

دفن "النفايات النووية"

 

من الأسباب الأخرى التي أدت إلى تفشي الأمراض الخطيرة بشكل غير مسبوق بين المواطنين، تعمد سلطات الاحتلال توطين "الصناعات القذرة" في الإقليم، مثل مصانع البتروكيماويات والتنقيب العشوائي عن النفط وانتشار المواد السامة في الهواء الناجمة عن هذه الصناعة المنتشرة في معظم أنحاء الأحواز. وكذلك دفن النفايات النووية في الأحواز وخاصة في منطقة السوس.

ومن أهم هذه الأمراض يمكن الإشارة إلى التشوهات الولادية والخلقية، والاختناقات التنفسية وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض الرئة وكذلك أنواع مختلفة من الأمراض الجلدية.

وبسبب هذا الوضع البيئي المتردي، فقد بات مرض العقم من أكثر الأمراض انتشارًا بين المواطنين وخاصة فئة الشباب. واستنادًا إلى التقارير الطبية، فإن أكثر من نصف الشباب في الأحواز يعانون من العقم.

ونتيجة التلوث والعواصف الترابية أصيب الكثير من الأحوازيين بالأمراض السرطانية والجلدية، ووضعت منظمة الصحة العالمية مدينة الأحواز على رأس قائمة المدن الأكثر تلوثًا في العالم أجمع منذ عام 2011 إلى 2023.

وكشفت إحصائيات وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي التابعة للنظام المحتل، ارتفعت معدلات الإصابة بالسرطان في إقليم الأحواز بنسبة أكثر من 500%، أي أكثر من 5 أضعاف.

ومن ضمن الآثار الناجمة عن التلوث، ازدياد عدد المصابين بأمراض القلب والكلى وارتفاع نسبة المواليد المشوهة، بالإضافة إلى ارتفاع حاد في معدلات الإجهاض بين الأمهات، وانخفاض معدل الخصوبة في الرجال والنساء.

وبحسب دراسة كشفتها جامعة الأحواز الطبية الحكومية، فقد أثّر التلوث البيئي في الإقليم، لارتفاع معدل الوفيات بنسبة 30٪ خلال السنوات الـ10 الماضية، وجاءت أكثر من 20٪ من الوفيات نتيجة لاستنشاق الجسيمات الملوثة للهواء.

من جانبهم، يؤكد الخبراء أن التلوث البيئي في الأحواز موت بطيء يهدد حياة من يسكنها، فالممارسات الممنهجة للسلطات المتعاقبة على سدة الحكم في إيران، جعلت الأحواز من أخطر المناطق من حيث التلوث في العالم، وذلك استنادًا لتقارير المنظمات الدولية والحقوقية والمحلية.

وبعدما كانت الأحواز من المناطق الخضراء، وتتمتع بأراضٍ ذي تربة خصبة ومياه وفيرة، باتت تعاني اليوم من أنواع التلوث البيئي التي تنذر بالمزيد من الكوارث البيئية في المستقبل القريب جرّاء الممارسات العنصرية الهادفة إلى التهجير القسري وتغيير التركيبة السكانية للمنطقة برمتها.

هذه الشواهد، تعد برهانًا قويًا على "القتل المنهجي" الذي تقوم به السلطات الإيرانية في الأحواز، والهدف منه إجبار الشعب العربي الأحوازي على ترك موطنه الأصلي، هربًا من خطر الإبادة الجماعية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- مؤشر الهواء في الأحواز مستوى "أصفر"، موقع شبكة دولة الأحواز العربية، 27 يناير 2024.

2- وزارة البيئة التابعة لدولة الاحتلال تحذر: خلال خمسين عام الأحواز ستتحول من واد خصب إلى صحراء قاحلة، موقع حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز، 9 يناير 2024.

3- تجفيف إيران أنهار الأحواز يفجّر أزمة بيئية في الإقليم، موقع الوطن 27 يناير 2018.

4- تقرير خاص: حرب الخدمات.. الاحتلال الإيراني يواصل استهداف الأحواز بشتى الطرق، موقع حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز 11 يوليو 2021.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.