قبل أيام نشرت مواقع أمريكية خبرا بأن إدارة الرئيس الأمريكي بايدن تبحث جديا رفع الحرس الثوري الايراني من قائمة الإرهاب.
ومن المؤكد ان هذا خبر صحيح تماما، والاحتمال الأرجح ان إدارة بايدن سوف تقوم فعلا برفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب.
هذا مؤكد لسبيين:
الأول: بحكم السوابق، فكما نعلم سبق ان رفعت إدارة بايدن الحوثيين من قائمة الارهاب من دون أي مبرر او سبب مقبول.
والثاني: ان هذه الخطوة تتسق تماما مع اجندة إدارة بايدن والاستراتيجية التي تتبناها في المنطقة.
مفهوم ان رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب أحد الشروط الأساسية التي وضعتها ايران للمضي قدما في الاتفاق النووي الجديد الذي تسعى أمريكا للتوصل اليه.
ومن الواضح ان إدارة بايدن في تهافتها على توقيع الاتفاق بأي شكل سوف ترضخ لإيران وتلبي لها هذا الشروط بالإضافة الى شروط كثيرة أخرى.
المسئولون الأمريكيون الذين تحدثوا عن الموضوع أشاروا الى هذا صراحة وحاولوا تقديم التبريرات. مثلا، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس عندما سئل عن إمكانية شطب الحرس الإيراني من قائمة الإرهاب الأمريكية، قال: إن رفع العقوبات في صميم مفاوضات إحياء الاتفاق النووي. أي ان هذه الخطوة في رأيه ليست مستبعدة اذ تندرج في صلب شروط الاتفاق الجديد.
في نفس السياق ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، أن مسؤولين أميركيين، أكدوا ان "عدم رفع الحرس الثوري الإيراني من قوائم الإرهاب قد ينسف المحادثات النووية مع طهران".
المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي، حين سئلت عن الموضوع كانت اكثر وضوحا وصراحة اذ اكدت ان أن موضوع شطب الحرس الإيراني موضوع بحث في الوقت الحالي. وقدمت المتحدثة تبريرا عجيبا لرفع الحرس الثوري من القائمة اذ قالت ان الوضع الحالي، أي تصنيف الحرس ارهابيا، "لم يجعل العالم في وضع أكثر أمانا على الإطلاق".
هذا منطق في منتهى الغرابة. ما تقوله المتحدثة باسم البيت الأبيض يعني انه طالما ان الارهاب موجود ويصول ويجول ولم يتم ردعه او تحجيم خطره وما زال الوضع غير آمن، فليس هناك أي بأس من الرضوخ للإرهاب والاعتراف به واعطائه شرعية جديدة.
حقيقة الأمر ان كل هذا ليس غريبا، فهذا هو جوهر استراتيجية أمريكا تجاه المنطقة وجوهر موقفها من الدول العربية وهي الاستراتيجية التي ارسى دعائمها الرئيس الأسبق أوباما وجددها بقوة بايدن.
بغض النظر عن التصريحات والمواقف الانشائية العلنية، جوهر هذه الاستراتيجية هو تشجيع المشروع الايراني الطائفي التوسعي في المنطقة العربية والتواطؤ مع ايران، وتمكين الإرهاب الإيراني ممثلا في الحرس الثوري والمليشيات الإرهابية العميلة واطلاق يدها في المنطقة. ليس هناك معنى آخر لكل ما تفعله الإدارة الأمريكية.
المعنى الأكبر لما تفعله إدارة بايدن على هذا النحو هو انها ليست معنية على الاطلاق بأمن واسقرار الدول العربية، ولا يضيرها في شيء ان يتقوض هذا الأمن على يد الإرهاب الإيراني. بعبارة أخرى، أمريكا ليست معنية بمصالح وامن حتى اقرب حلفائها من دول الخليج العربية.
التفكير في رفع الحرس الثوري عن قائمة الإرهاب خطوة جديدة تؤكد كل هذا. لكن الكارثة الأكبر سوف تتضح معالمها حين يتم التوصل الى اتفاق جديد مع ايران. ساعتها علينا ان نتوقع موجة جديدة من الإرهاب الإيراني في الدول العربية أكثر عنفا وشراسة.
(أخبار الخليج)
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية