تنفيذ حكم الإعدام لأول متظاهر بتهمة «الحرابة»

- 30 ديسمبر 2022 - 248 قراءة

• الفاصل الزمني بين صدور الحكم وموافقة "المحكمة العليا" عليه وتنفيذه 18 يومًا فقط

 

• إبراهيم رئيسي: الإعدام "رد شرعي" على أعمال الشغب الأخيرة في مختلف أنحاء البلاد

 

• 24 متظاهرًا إيرانيًا يواجهون أحكام إعدام بسبب المشاركة في الاحتجاجات المنددة بممارسات النظام

 

• وزير الخارجية البريطاني: نظام الملالي يرتكب "عنفًا مثيرًا للاشمئزاز" ضد الشعب الإيراني

 

 

في تحدٍ جديد للمجتمع الدولي، وللاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ 16 سبتمبر/أيلول الماضي، نفذت سلطات نظام الملالي مؤخرًا حكم الإعدام بحق أحد المحتجين، بتهمة "الحرابة"، لإدانته أمام القضاء بإصابة أحد أفراد قوات التعبئة "الباسيج" والإخلال بالأمن العام. وذلك بعد أن رفضت المحكمة العليا الاستئناف الذي قدمه المتهم محسن شكاري، البالغ من العمر 23 عامًا.

وقالت السلطة القضائية الإيرانية، إن من وصفته بـ "أحد مثيري الشغب"، أُعدم شنقًا لإدانته بإصابة أحد قوات "الباسيج" بجروح، وإغلاق شارع غربي العاصمة، والإخلال بالأمن العام، خلال تجمع احتجاجي يوم 25 سبتمبر/أيلول في طهران.

محاكمات صورية

كانت محكمة إيرانية قضت بإعدام 5 أشخاص من المتظاهرين شنقًا، بعدما أدينوا بالتورط في مقتل عنصر من "الباسيج" خلال الاحتجاجات، وهو الحكم الذي ندد به ناشطون حقوقيون باعتباره وسيلة "لإشاعة الخوف" بهدف إخماد الاحتجاجات. وترفع الأحكام الأخيرة عدد المحكوم عليهم بالإعدام في إيران على خلفية الاحتجاجات، إلى 11 شخصًا، في إطار ما وصفتها "منظمة العفو الدولية" في بيان لها بـ "المحاكمات الصورية".

وصدر حكم الإعدام ضد "شكاري"، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتم تنفيذه في 8 ديسمبر/كانون الأول، وقوبل تنفيذ هذا الحكم برد فعل واسع من المواطنين على الشبكات الاجتماعية.

وعُقدت المحاكمة الأولى لـ "شكاري" في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، وحُكم بإعدامه في 20 نوفمبر/تشرين الثاني بتهمة "إغلاق شارع ستار خان في طهران". وتم تنفيذ الحكم على الرغم من التحذيرات الدولية، في حين كان الفاصل الزمني بين صدور الحكم والموافقة عليه في المحكمة العليا وتنفيذه 18 يومًا فقط.

وانقسمت الصحف الإيرانية حول الحكم، واللافت أن الصحف الموالية للنظام مثل صحيفة "كيهان" لم تكتف بتأييد قرار الإعدام، وإنما هاجمت كذلك المنتقدين لهذا الحكم، وقالت الصحيفة "إن المنتقدين لحكم الإعدام وعبر تركيزهم على الموضوع ينسجمون مع مواقف الأعداء". وأضافت "كيهان" أنهم يريدون تحريض "مثيري الشغب" من جديد، ووصفت الراحل شكاري بـ "المجرم" و"الجاني" دون تحديد ماهية الجريمة التي ارتكبها ليستحق هذا الإعدام البشع.

في المقابل، انتقدت الصحف الإصلاحية مثل "اعتماد" و"ستاره صبح" الحكم، مؤكدة خطأ هذا القرار، وكونه لا يتفق مع مصلحة البلاد في الوقت الراهن.

وحذرت "اعتماد" من تنفيذ أحكام إعدام جديدة بتهم "الحرابة" التي يطلقها النظام على المتظاهرين، وكان عنوان المانشيت الرئيسي للصحيفة: "أي حرابة؟ أي محارب؟"، مؤكدة أن خبر إعدام شكاري صدم الإيرانيين.

ويواجه 24 متظاهرًا إيرانيًا على الأقل حكم الإعدام، بسبب المشاركة في الاحتجاجات المنددة بممارسات نظام الملالي، حيث اتهمت السلطات القضائية 25 متظاهرًا منهم محسن شكاري الذي تم إعدامه بالفعل، بـ «محاربة الله»، وهو اتهام تصل عقوبته إلى الإعدام.

وبينما أعلنت السلطات القضائية أنه سيتم تنفيذ المزيد من الإعدامات ضد متظاهرين خلال الفترة المقبلة، وصف سياسيون موالون للنظام، على رأسهم الرئيس إبراهيم رئيسي، الإعدام بأنه "رد شرعي على أعمال الشغب في مختلف أنحاء البلاد".

غضب دولي واسع

فجّر إعدام المتظاهر الشاب غضبًا دوليًا واسعًا ضد النظام الإيراني، حيث أعلنت منظمة العفو الدولية، في تغريدة على "تويتر"، أنها شعرت بالرعب من إعدام شكاري بعد أقل من ثلاثة أسابيع من إدانته في محاكمة زائفة، وغير عادلة بشكل صارخ.

وأكدت المنظمة أن إعدام شكاري "يكشف عن وحشية ما يسمى بالنظام القضائي في إيران لأن العشرات من الأشخاص الآخرين يواجهون نفس المصير".

وأعلنت "العفو الدولية"، أن المجتمع الدولي يجب أن يدعو السلطات الإيرانية والمرشد علي خامنئي، على الفور، إلى وقف جميع عمليات الإعدام المخطط لها، والتوقف عن استخدام عقوبة الإعدام كأداة للقمع السياسي ضد المتظاهرين، في محاولتهم اليائسة لإنهاء الانتفاضة الشعبية.

فيما وصف وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا واستراليا ونائب رئيس البرلمان الأوروبي وعدد من السياسيين الغربيين، هذا الإعدام بأنه "مثير للاشمئزاز وجنوني".

وفي هذا الصدد، كتبت بينيا بيسيرنو، نائبة رئيس البرلمان الأوروبي، في تغريدة على "تويتر" أن "هذا هو أول حكم إعدام جنوني لمتظاهر في إيران".

وقال جيمس كليفرلي، وزير الخارجية البريطاني، إنه "غاضب" من أنباء إعدام النظام الإيراني محسن شكاري خلال الاحتجاجات الأخيرة. وكتب على حسابه على "تويتر": "لا يمكن للعالم أن يغض الطرف عن العنف المثير للاشمئزاز الذي يرتكبه النظام الإيراني ضد شعبه".

وكتبت كاثرين جورينج إيكهارت، مساعدة رئيس البرلمان الاتحادي الألماني، أن محسن شكاري كان يبلغ من العمر 23 عامًا فقط، وأن "النظام الإيراني أعدمه لأنه خرج إلى الشوارع من أجل إيران حرة".

وأكدت "إيكهارت" أن "النظام الإيراني يرد على الاحتجاجات بكل وحشية لا يمكن تصورها. عقوبة الإعدام، أينما كانت، فهي تتعارض مع حقوق الإنسان".

وفي بيان مشترك، حثت مجموعة من خبراء "الأمم المتحدة" السلطات الإيرانية على الكف عن توجيه تهم يُعاقب عليها بالإعدام بسبب المشاركة، أو المشاركة المزعومة، في مظاهرات سلمية.

وقال الخبراء في بيانهم: "مع استمرار قمع الاحتجاجات، قد يتم إصدار العديد من لوائح الاتهام قريبا لتهم تحمل عقوبة الإعدام ولأحكام بالإعدام، ونخشى أن تكون النساء والفتيات، اللواتي كن في طليعة الاحتجاجات، وخاصة المدافعات عن حقوق الإنسان، اللواتي اعتقلن وسجنن لمطالبتهن بإنهاء القوانين والسياسات والممارسات التمييزية المنهجية والممنهجة، قد يكن مستهدفات بشكل خاص".

وحثّ الخبراء الأمميون، السلطات الإيرانية على التوقف عن استخدام عقوبة الإعدام "كأداة لسحق الاحتجاجات" وكرروا دعوتهم للإفراج الفوري عن جميع المتظاهرين الذين "حُرموا تعسفيًا من حريتهم" لممارسة حقوقهم المشروعة في حرية الرأي والتعبير وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية من خلال الوسائل السلمية.

أحكام سياسية

لم يقتصر انتقاد إعدام محسن شكاري على الدول الأجنبية والمنظمات الحقوقية، بل إن عددًا من رجال الدين داخل المؤسسة الحاكمة، أكدوا رفضهم لهذا الحكم ووصفوه بـ "الباطل".

وقال المرجع الشيعي آية الله رحمة، أحد تلاميذ مؤسس النظام الإيراني موسوي الخميني، إن الحكم الصادر بإعدام محسن شكاري من قبل السلطات القضائية "باطل"، داعيًا المرجعيات الدينية الشيعية لبيان رأيها تجاه هذه القضايا.

وقال رحمة، في مقابلة صحفية: "في رأيي أن جرائم مثل تخويف الناس وإغلاق الشارع، وإصابة شخص ما لا يُعاقب عليها بالإعدام، ولا أعتقد أن أي مجتهد سيصدر عقوبة الإعدام لمثل هذا المتهم، ويكون الحكم الصادر بحق هؤلاء المجرمين أو المتهمين هو إبعاده عن مدينته أو البتر".

وأضاف: "ليس كل محارب حكمه الإعدام، وهناك الكثير من الخلاف بين الفقهاء في حكم "المحارب" وهو جدل طويل، لكن ما طرحه الخميني عبارات مشهورة مثل "محارب" وإذا ارتكب جريمة "القتل"، عقوبته "الإعدام"، وإذا كانت الجريمة التخويف تكون العقوبة "طرده من مدينته" أو "قطع يدي وأقدام الخصم".

واعتبر المرجع الشيعي، أن أحكام الإعدام التي صدرت مؤخرًا ضد بعض المعتقلين في الاحتجاجات "سياسية وليس دينية"، مؤكدا أن "القضايا الدينية منفصلة عن المناقشات السياسية"، مبينًا "يجب على السلطات الدينية أن تعلن رأيها في أحكام المحاربة".

ـــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- إيران تنفذ أول إعدام بحق معتقلي الاحتجاجات ومظاهرات ليلية لطلاب الجامعات، موقع الجزيرة، 8 ديسمبر/كانون الأول 2022.

2- إعدام المتظاهر الإيراني محسن شكاري يفجر غضبًا دوليًا واسعًا ضد النظام الإيراني، موقع إيران إنترناشيونال، 8 ديسمبر/كانون الأول 2022.

2-  24 متظاهرًا يواجهون الإعدام بسبب الاحتجاجات في إيران، موقع الشرق الأوسط، 10 ديسمبر/كانون الأول 2022.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.