«حزب الله الحجاز».. الإرهاب في بلاد الحرمين

- 19 مايو 2022 - 397 قراءة

المتطرفون الشيعة كانوا وراء "تفجير الخُبر" الذي أسفر عن مقتل 19 جنديًا أمريكيًا وإصابة 372 آخرين

 

التنظيم نفذ تفجيرًا إرهابيًا كبيرًا في إحدى منشآت شركة "صدف" البتروكيماوية في مدينة الجبيل

 

عملاء إيران تورطوا بمعاونة "الحرس الثوري" في اغتيال السكرتير الثاني بالسفارة السعودية في تركيا عام 1988

 

الدبلوماسيين السعوديين تعرضوا لاعتداءات إرهابية ضمن أكثر من 20 عملية في بلدان مختلفة

 

 

بعد اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، وجّه موسوي الخميني دعوات تحريضية إلى شيعة دول الخليج، والسعودية بوجه خاص، داعيًا إياهم لـ "تصدير الثورة" إلى هذه الدول. ولقيت هذه الدعوات استجابة سريعة من بعض المجموعات الشيعية المتطرفة، فتم تأسيس ما يُسمى "منظمة الثورة الإسلامية لتحرير الجزيرة العربية" برئاسة حسن الصفار، قبل أن تتحول في وقت لاحق إلى "منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية".

وفي عام 1987، تم إنشاء الجناح العسكري لـ "منظمة الثورة الإسلامية"، تحت اسم "حزب الله الحجاز"، لكي يصبح هذا التنظيم هو المسؤول عن العمليات الإرهابية في السعودية، من خلال التنسيق مع "الحرس الثوري"، وبإشراف من ضابط الاستخبارات الإيرانية أحمد شريفي، الذي تولى تجنيد بعض الشيعة السعوديين الذين كانوا يدرسون في حوزة "قم" وقتها.

وتشكّل "الحزب" من عدة خلايا منفصلة، بما لم يتجاوز الأربعة أشخاص في كل خلية، إلا أنه يستفيد من خطاب تيار "خط الإمام" للتعبئة والتجنيد، ومن عناصره التي يستقطبها، وهو منذ تأسيسه يعد "الولي الفقيه" قائدًا شرعيًا لعموم المسلمين، مفترضًا الطاعة في جميع شؤونهم وأمورهم، وأن "كل إهانة توجه للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكل خطر تتعرض له، وكل حرب تشن عليها تعتبر تعديًا على العالم الإسلامي بأسره"!

وبدأت مرحلة التدريب على السلاح، والتي جرت في سوريا وإيران وجنوب لبنان على يد "حزب الله" اللبناني، حيث تعلم أعضاء "حزب الله الحجاز" استخدام مختلف أنواع الأسلحة، وباتوا خبراء في التعامل مع المتفجرات، ليصبح كل شيء جاهزًا للبدء في الخطوة التالية والمتمثلة في تنفيذ عمليات عسكرية في الداخل السعودي، تنوعت بين تفجير منشآت نفطية، وهجمات ضد الأجانب واغتيال دبلوماسيين في الخارج.

 

تفجيرات "الجبيل"

 

توالت عمليات الحزب مستغلة وجود عملاء لها ضمن منشآت النفط السعودية، ففي مارس/آذار 1988، نفّذ الحزب تفجيرًا في إحدى منشآت شركة "صدف" البتروكيماوية في مدينة الجبيل، من خلال أربعة من عملائه، هم: علي عبد الله الخاتم، وأزهر الحجاجي، وخالد العلق، ومحمد القاروص.

وكان "الخاتم"، أحد المنفذين؛ يعمل في شركة "صدف" السعودية، وسبق له القتال مع "حزب الله" اللبناني في لبنان، وتدرّب هناك على عمليات التفجير، وبعد تفجير صدف اكتشف حراس شركات البترول والبتروكيماويات شرق السعودية العديد من المتفجرات وفي أماكن متعددة، في معمل التكرير في رأس تنورة، ورأس الجعيمة.

وشرع "حزب الله الحجاز" أيضًا في تنفيذ عمليات خارجية ضدّ دبلوماسيين سعوديين، ومنها قتل دبلوماسيين في سفارات سعودية عديدة من بانكوك إلى أنقرة. لم يعلن الحزب مسؤوليته عن هذه العمليات، بل استخدم أسماء لمنظمات غير موجودة بالفعل، مثل: "جند الحق"، و"منظمة الحرب المقدسة".

ونفذ التنظيم الكثير من العمليات في الخارج ضد دبلوماسيين سعوديين، تعرضوا لاعتداءات في أكثر من 20 عملية في بلدان مختلفة بدأت باغتيال السكرتير الثاني في السفارة السعودية في تركيا عام 1988، وفي العاصمة التايلاندية بانكوك حيث قتل السكرتير الثالث بالسفارة السعودية عبد الله المالكي في الرابع من يناير/كانون الثاني 1989. وفي الأول من فبراير/شباط 1990 قتل الدبلوماسيون السعوديون الثلاثة، عبد الله البصري، وفهد الباهلي، وأحمد السيف، بفارق نحو 5 دقائق بين كل واحد منهم. ولم يُلق القبض على أي مشتبه به. وبعد أحد عشر يومًا اختفى رجل الأعمال السعودي محمد الرويلي، صديق الدبلوماسيين القتلى.

 

خلايا "حزب الله الحجاز"

 

في 25 يونيو/حزيران 1996؛ انفجرت شاحنة مملوءة بعدة أطنان من مادة الـ "تي إن تي"، بالقرب من مجمّع أبراج الخُبر، وهو مجمع سكني كان مقرًا للقوات الجوية الأمريكية في قاعدة الظهران وقتها، ما أسفر عن مقتل 19 جنديًا أمريكيًا، وجرح 372 آخرين، وأصيب المئات من جنسيات متعددة. وبعد ذلك بوقت قصير؛ بدأت الحكومة السعودية بإلقاء اللوم على "حزب الله الحجاز".

ولم يطل الوقت حتى تمكنت الحكومة السعودية من تفتيت خلايا متعددة لـ "حزب الله الحجاز"، واعتقلت كثيرين من أفراده، كما تمّ تنفيذ حكم الإعدام بالسيف بحق الأربعة المسؤولين عن تفجير شركة "صدف".

وفي السابع من مارس/آذار 2014 أعلنت وزارة الداخلية السعودية في بيان لها "حزب الله الحجاز" تنظيمًا إرهابيًا، مع عدة تنظيمات شيعية أخرى، وجرّم البيان من يؤيدها أو يمولها أو يُبدي التعاطف معها أو يستخدم شعاراتها ورموزها ومن يتبنى أفكارها المتطرفة.

وبعد أعوام طويلة من اختفائه، سعت إيران إلى إعادة إحياء "حزب الله الحجاز". في 8 يونيو/حزيران 2018، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، حكمًا ابتدائيًا بإعدام أربعة سعوديين، أدينوا بالتخابر مع إيران ضد المصالح السعودية، واشتركوا في تأسيس خلية إرهابية داخل السعودية، تحت إمرة أحمد المغسل، مهندس تفجير أبراج الخبر 1996، وتلقي تدريباتهم في طهران ومشهد وقم، والعمل على إعادة إحياء «حزب الله الحجاز».

وأقر المدان الخامس في القضية، بإنشاء مكتب للسياحة والسفر، يهدف إلى إرسال الشباب والشابات لتلقي دورات تخدم المظاهرات في محافظة القطيف، التي تسمى "الحرب الناعمة" والتي تهدف إلى تنظيم التجمعات المثيرة للشغب وكيفية إدارتها، وكيفية إقناع الشباب بأهمية دور تلك التجمعات لتأجيج الرأي العام ضد الدولة عبر غطاء المطالبة بالحقوق، حيث قاموا بتوفير مقر إقامة للشباب والشابات في فندق أطلس وفندق إيران.

وكان المغسل يريد تكرار سيناريو تفجيرات "الخُبر"، حيث كلّف أتباعه بالبحث عن مواد تتضمن، بودرة الألمنيوم الموجودة في محلات الأصباغ بالدمام، وبرمنجات البوتاسيوم الموجودة في محلات غسيل الخزانات بالدمام، ومادة الكبريت الأصفر الموجودة في محلات بيع الأعشاب بالدمام، ولم يتم العثور عليها، ثم سلم المغسل للمدان الثاني، هاتفًا محمولًا من نوع (بلاك بيري)، من أجل التواصل معه لوضع صور توضح طريقة التعامل مع المواد المتفجرة، كما سلم له مبلغ 3750 دولارًا، لتوفير مكان آمن لتجهيز المواد بعد الحصول عليها.

وأقر المدان الثاني في القضية، أن مهندس تفجيرات أبراج الخُبر 1996، أخذه إلى بيت الخميني في إيران، ومقبرة فيها مجموعة من القبور لأناس من القطيف والأحساء شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية تشجيعًا له ليحذو حذوهم.

وبعد أكثر من 19 عامًا، من الهروب والتخفي في دول عدة من بينها إيران والعراق، نجحت قوات الأمن السعودية في إلقاء القبض على "المغسل". وباعتقاله، أغلقت السعودية ملف "حزب الله الحجاز"، ولم يتبق هاربًا سوى عبد الكريم الناصر، الذي تم رصد مكافأة 5 ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، ويعتقد أنه لا يزال مختبئًا في إيران.

وإثر القبض على كثير من رموز هذا الحزب، ورجوع بعض رموز المعارضة الشيعية من "منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية"، قرّر الحزب مواصلة العمل السياسي والإعلامي في الخارج، ولا يزال الحزب إلى الآن يقوم بإصدار النشرات التحريضية والدعوات الداعية للعنف، كما أنّ له موقعًا على الإنترنت يقوم فيه بجمع ونشر إصداراته، التي لا يهتم بها أحد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

 

  1. أذرع حزب الله في السعودية والخليج.. المذهبية في خدمة المطامع الإيرانية، حفريات، 11 يوليو/تموز 2019.
  2. الإعدام لـ 4 سعوديين خططوا لإعادة إحياء «حزب الله الحجاز»، الشرق الأوسط، 8 يونيو/حزيران 2018.
  3. حزب الله الحجاز.. هل تستيقظ الخلايا النائمة؟ الراصد، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2014.
  4. «حزب الله الحجاز».. 40 عامًا من التصدير الأممي لولاية الفقيه والتثوير بالسلاح، موقع الشرق الأوسط، 11 مارس/آذار 2014.

 

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.