حسن نصر الله... من ينبح لا يعُضّ!

- 11 يناير 2024 - 497 قراءة

خُطب نصر الله العنترية عن نصرة المستضعفين دفعت صحيفة إيطالية لوصفه بأنه "ينبح ولا يعُضّ"

 

هجمات جماعة "الحوثي" هدفها التغطية على تخاذل "حزب الله" عن نصرة المستضعفين في غزة

 

إيران حرّضت "الحوثي" أبعد ذيولها جغرافيًا لأداء تمثيلية... بدل "حزب الله" الذي يتمترس على حدود إسرائيل!

 

 

أسمع جعجعة... ولا أرى طحنًا!

هذه العبارة الساخرة، المنسوبة إلى الكاتب البريطاني الشهير وليم شكسبير، لا تنطبق على أحد في أيامنا هذه، مثلما تنطبق على "السيد" حسن نصر الله، زعيم ميليشيات "حزب الله" اللبنانية، الذي لم يتوقف منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، عن "نصرة" المستضعفين في فلسطين بشن معارك صغيرة، ضد "مبان ومنشآت" على الحدود مع الكيان الصهيوني، وفق قواعد الاشتباك المعمول بها مع العدو الصهيوني، والتي رافقتها تصريحات عنترية وخُطب رنانة أدلى بها نصر الله علنًا، وهو ما دفع صحيفة "الليبرو" الإيطالية مؤخرًا، لوصفه بأنه "ينبح ولا يعُضّ"!

ترقب الكثيرون من العرب وغيرهم، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، موقف "حزب الله" من العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة، خصوصًا أن نصر الله لا يتوانى - ليل نهار- عن ترديد مقولة "وحدة الساحات"، ويتغنى بـ "محور المقاومة"، الذي يعني ضرورة نصرة أهلنا المستضعفين في غزة.

وفي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، كان لبنان كما (إسرائيل) والكثير من القوى العالمية، في انتظار خطاب الأمين العام لـ "حزب الله"، وسط ترقب لما سيقوله نصر الله، وتساؤلات عما إذا كان هذا الخطاب سيغير مسار الحرب بين (إسرائيل) والمقاومة الفلسطينية الباسلة، نحو تصعيد أكبر دعمًا لحركة "حماس"، باعتبارها ضلعًا من أضلاع ما يُسمى "محور المقاومة".

غير أن الخطاب الذي سبقته دعاية لا مثيل لها، إلى حد أن "البيت الأبيض" الأمريكي كان يترقبه، أثار سخرية نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبار أنه لم يخرج عن سياق "رفع العتب"، بعد تعرض الجماعة لانتقادات كثيرة واتهامات بأنها "خذلت" المقاومة الفلسطينية.

 

شعار لـ "الاستهلاك الإعلامي"

 

قبل الظهور الإعلامي الأول لـ "نصر الله"، كان جميع اللبنانيين يعرفون جيدًا أنه لن يتمكن من إعلان الحرب على العدو الإسرائيلي، أو حتى إعلان حالة "اللاحرب"، ونصحه كثيرون من أنصاره بأن يلتزم الصمت، حتى لا يورط جماعته واللبنانيين جميعًا معه، في حرب لا طاقة لهم بها، خصوصًا في ظل الظروف السياسية والاقتصادية المتردية في البلاد.

غير أن الرسالة الإيرانية التي حملها نصر الله شكّلت حافزًا مهمًا للظهور بغية إيصالها علنًا إلى الأمريكيين. فلا شك أن إعلان الحرب لم يكن واردًا، لأن فيه مخاطرة بطولية لكنه سيدمّر لبنان ولن ينقذ "حماس"، كما أنه لا يخفف استهداف أهل غزّة.

أما إعلان "اللاحرب" ففيه خذلان عام وذاتي كان ينبغي تغطيته، أقلّه أمام جمهور "حزب الله" من العرب، الذين طالما انخدعوا في الرجل باعتباره بطلًا قوميًا، خصوصًا أن موقف الجماعة من العدوان الإسرائيلي انطوى على انكشاف كلّي لقصور مفهوم "وحدة الساحات"، التي كان معروفًا مسبقًا أنها مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي!

وفي ظل استمرار العدوان الدموي على المدنيين العزل في غزة، وتصاعد أعداد الشهداء يومًا بعد يوم، تمارس إيران لعبتها المكشوفة بتحريك أبعد ذيولها عن الأراضي المحتلة لأداء هذه التمثيلية المفضوحة، وهم جماعة "الحوثي"، الذين ترى طهران أنهم أبعد الذيول، وأدناها مرتبة في السلّم الشيعي، ما جعل إيران تجرّهم للعب هذا الدور الاستعراضي الهشّ، بدلًا من "حزب الله" اللبناني، الذي يتمترس على بُعد أمتار من (إسرائيل)، والذي لم يقُم بأدوار تُذكر؛ مُفضّلًا ممارسة التصريحات الإعلامية على "نصرة" إخوانه الفلسطينيين، الذين يدفعون الثمن من دمائهم الزكية.

وتحوّل الكثير من خطب نصر الله إلى جعجعة بلا طحن، وإلى أكاذيب عارية عن الصحة في الحدود الدنيا، وإلى خداع ومخادعة، عليهما تنطبق القاعدة الأخلاقية في الحديث النبوي الشهير: (مَنْ غشّنا فليس منّا).

اعتبرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية أن حسن نصر الله خيّب آمال الفلسطينيين وأنصارهم في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، حيث أدلى بتصريحاته العلنية الأولى التي طال انتظارها منذ هجوم حركة "حماس" على (إسرائيل) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقالت المجلة، في تقرير كتبه محررها جاسون ليمون، إن "نصر الله ظل طوال التوترات المتصاعدة غائبًا بشكل واضح عن أعين الجمهور، حيث خاطب مسؤولون من المستوى الأدنى في حزبه الصحافة وتجمعات المؤيدين والأنصار في لبنان".

وأضافت المجلة، أنه عندما أُعلن عن أن نصر الله سيخاطب الجمهور أخيرًا، توقع كثيرون أن يعلن عن إجراءات إضافية أو تصعيدًا كبيرًا، لكن وبدلًا من ذلك، اكتفى بوصف "مشاركة" حزب الله الحالية في الصراع، قائلًا إن جماعته انضمت إلى الحرب في 8 أكتوبر/تشرين الأول، وكرر التحذيرات التي وجهها أعضاء في حزبه من المستوى الثاني للولايات المتحدة و(إسرائيل)، كما دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة، وكرر دعم حزب الله لـ "حماس" والشعب الفلسطيني.

وقال "ليمون"، إن جميع اللبنانيين والفلسطينيين وكثيرين غيرهم في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كانوا ينتظرون بفارغ الصبر هذا الخطاب، حيث تكهن البعض بأن نصر الله سوف يعلن فورًا أن "حزب الله" والجماعات الشيعية المسلحة الأخرى المدعومة من إيران، ستعلن حربًا شاملة على (إسرائيل).

ولكن، بدلًا من ذلك، فوجئ الرأي العام العربي بموقف متخاذل وضعيف لا يرقى إلى مستوى المأساة الإنسانية الحاصلة في غزة، حيث أشار زعيم الحزب إلى أن "المستوى الحالي" من المشاركة سيستمر، ما لم تتخذ (إسرائيل) خطوات للتصعيد!

ونقل الكاتب عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية قوله لـ "نيوزويك" إن إدارة الرئيس جو بايدن كانت على علم بفحوى خطاب نصر الله قبل إذاعته، وأن واشنطن كانت تعلم أن زعيم الجماعة الشيعية يأتمر بأوامر إيران، وأنه لن يسعى إلى التصعيد، أو إلى توسيع الصراع الدائر في غزة.

وأضاف المتحدث الأمريكي قائلًا للمجلة: "كنا نحن وشركاؤنا (أي الإسرائيليين) على علم بما سيقوله نصر الله، وكنا واضحين: يجب ألا يحاول "حزب الله" والجهات الفاعلة الأخرى - الحكومية وغير الحكومية- الاستفادة من الصراع في غزة".

ونقل الكاتب عن آفي ميلاميد، وهو مسؤول سابق في المخابرات الإسرائيلية عمل أيضًا كمستشار للشؤون العربية لرؤساء بلديات القدس، قوله إن موقف "حزب الله" واستراتيجيته أكدا أن الجماعة ستستمر كما فعلت منذ بداية الحرب على غزة، وأنها لن توسع الصراع، ولن تعمد إلى "تنشيط الجبهة الثانية" بالكامل.

ومهما يكن من أمر، فإن الخسارة التي تتكبدها القضية الفلسطينية، قضية العرب جميعًا، من هذه المواقف الكلامية، تكمن في اقتصار آليات "النصرة" في الأدبيات السياسية الشيعية التي تتبناها إيران وحلفاؤها في المنطقة، على استراتيجيات لفظية أو استعراضية، بغرض التلاعب بالأفكار، أو بناء شبكة مصالح مؤقتة على حساب قضايا الأمة العربية، وبالتالي تشويه الواقع وبثّ مشاعر القلق والترويج للإخفاقات غير المُبرَّرة وغير المقبولة في نفوس الرأي العام العربي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- بعد دعاية وطول انتظار.. خطاب نصرالله أقرب إلى رفع العتب، موقع العرب، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

2- نيوزويك: حسن نصر الله خيّب آمال الفلسطينيين وأنصارهم، موقع الجزيرة نت، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

3- كلمة نصر الله بعد غياب.. حشد معنوي أم إعلان حرب؟ موقع سكاي نيوز عربية، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.