د. المصطفى بنعلي لـ «شؤون إيرانية»: نظام الملالي لا يتردد في دعم الحركات الانفصالية وإذكاء نار الطائفية

- 23 سبتمبر 2023 - 358 قراءة

النظام الإيراني تعدى حدود الاعتراف بجبهة "البوليساريو" إلى دعمها بالسلاح والعتاد والتدريب العسكري

 

الحركة الانفصالية كانت تلعب على كل الحبال... ولا يهمها إن كان مصدر الدعم "شيعيًا أم شيوعيًا"

 

الحديث عن انتعاش التشيّع خلال الأعوام الأخيرة في المغرب لا يزيد عن كونه مجرد "تخمين"

 

الثورة الإيرانية لم تكن "إسلامية" وإنما كانت ثورة شعبية شارك فيها الإسلاميون والشيوعيون أيضًا

 

المغرب قادت جهودًا كبيرة لمحاصرة المد الإيراني في المنطقة عبر نشر قيم الإسلام الوسطي المعتدل

 

المصالحة السعودية- الإيرانية التي تم الإعلان عنها بوساطة صينية حدث سياسي مهم ولحظة فارقة

 

موجة الاحتجاجات في إيران على خلفية مقتل مهسا أميني دفعت النظام إلى تسوية خلافاته الإقليمية

 

 

أكد الدكتور المصطفى بنعلي، الأمين العام لحزب "جبهة القوى الديمقراطية" المغربي، أن النظام الإيراني الحاكم في طهران لا يتردد منذ قيامه في دعم الحركات الانفصالية والإرهابية وإذكاء نار الطائفية، وأن هذا النظام تعدى حدود الاعتراف بجبهة "البوليساريو" الانفصالية إلى دعمها بالسلاح والعتاد والتدريب العسكري، مشيرًا إلى أن هذه الحركة الانفصالية كانت تلعب على كل الحبال، ولا يهمها إن كان مصدر الدعم "شيعيًا أم شيوعيًا".

وأضاف بنعلي في حوار لـ "شؤون إيرانية"، أن الدعم الإيراني لجبهة "البوليساريو" مهما تعددت أسبابه، فهو يدخل ضمن ما يُعرف بسياسة "تصدير الثورة"، حتى وإن يبقى في تصوري أن هذه السياسة مجرد شعار للاستهلاك الداخلي.

وأوضح الأمين العام لحزب "جبهة القوى الديمقراطية" المغربي، أن المغرب قادت جهودًا كبيرة لمحاصرة المد الإيراني في المنطقة، عبر نشر قيم الإسلام الوسطي المعتدل، معتبرًا أن الحديث عن انتعاش "التشيّع" في المغرب خلال الأعوام الأخيرة لا يزيد عن كونه مجرد "تخمين"... وإلى نص الحوار:

 

  • لماذا سعت إيران إلى دعم جبهة البوليساريو الانفصالية... وهل يأتي ذلك في إطار ما يُسمى في الأدبيات الإيرانية "تصدير الثورة" أم أن هناك أسبابًا أخرى؟

 

- إيران لم تسع إلى مساندة البوليساريو منذ البداية، النظام الإيراني الحالي هو الذي فعل ذلك، مع مجيء الخميني للحكم سنة 1979. ولعل أسباب هذا السلوك العدواني ضد المملكة كثيرة ومتعددة، أولها نفسي أكثر منه إيديولوجي أو سياسي. فالخميني حينما انتصرت ثورته أخذته الحماسة وسعى إلى "توحيد العالم الإسلامي" تحت لوائه الشخصي، لكن أحلامه التوسعية اصطدمت بداية بكون ملك المغرب يحمل صفة "أمير المؤمنين" وهو المسؤول على حماية المقومات الدينية الجوهرية للمملكة المغربية، والهوية الراسخة للشعب المغربي ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكي.

إلى جانب ذلك، منحت المملكة المغربية شاه إيران محمد رضا بهلوي حق اللجوء السياسي، كما أنها ساندت بعد ذلك العراق في إطار التزاماتها العربية في حربها ضد إيران... كل هذا جعل نظام الملالي يكرس تأييده لـ "البوليساريو" بحوافز ومبررات دينية مذهبية في البداية، خصوصًا وأن هذه الحركة الانفصالية كانت تلعب على كل الحبال، ولا يهمها إن كان مصدر الدعم شيعيًا أم شيوعيًا.

والواقع أن هذا الدعم مهما تعددت أسبابه، فهو يدخل ضمن ما يُعرف بسياسة "تصدير الثورة"، حتى وإن يبقى في تصوري أن هذه السياسة مجرد شعار للاستهلاك الداخلي، لتدبير كل مأزق يدخله نظام الملالي قبل أن يخرج من الذي قبله، حيث عملت قيادات هذا النظام على توسيع رقعة الثورة بداية بدول الجوار، وبالاعتماد على الوسائل الناعمة، ثم بعد ذلك وباستعمال مختلف الوسائل بمناطق بعيدة منها شمال وغرب إفريقيا.

والخلاصة أن النظام الإيراني الحالي منذ قيامه لا يتردد في دعم الحركات الانفصالية والإرهابية وإذكاء نار الطائفية، واختلاق القلاقل والسعي المباشر للتدخل في شؤون الدول الداخلية، فتلك هي مداخله لتوسيع نفوذه.

 

  • ما هي أوجه الدعم الذي تقدمه طهران لـ البوليساريو... وهل صحيح أنها زوّدت الجبهة بطائرات مسيرة؟

 

- الثابت لديّ أن النظام الإيراني تعدى حدود الاعتراف بجبهة البوليساريو إلى دعمها بالسلاح والعتاد والتدريب العسكري. فهذا النظام يدعي مساندة حلم إقامة جمهورية صحراوية في غرب إفريقيا، ولكن غايته هي اختراق المنطقة عبر هذا المنفذ لتوسيع هيمنته على القارة الإفريقية برمتها.

وإذا كنا قد سمعنا بأن النظام الإيراني زود البوليساريو بطائرات مسيرة، فإن تسليح النظام الإيراني لجبهة البوليساريو وتوفير التدريب العسكري لعناصرها بمساعدة "حزب الله" اللبناني الشيعي ثابت وبالدليل القاطع، وكان موضوع مراسلات ديبلوماسية مغربية رسمية، تحدثت على أن التسليح شمل قاذفات صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ من طراز SAM، كما تحدثت على أن إرسال أول شحنة من هذه الأسلحة إلى الجبهة عبر عناصر في السفارة الإيرانية بالجزائر.

واليوم في تطور مصاحب لموازين القوى العسكرية التي ضمنت فيها المملكة التفوق في المنطقة، يكون النظام الإيراني قد عمل فعلًا على تسليم تنظيم البوليساريو طائرات مسيرة، لأن هذا التنظيم يعاني من خسائر فادحة جراء تطور وسائل حماية المملكة لأراضيها.

 

  • ما دور ميليشيات "حزب الله" في إطار الدعم الإيراني المُقدم لـ البوليساريو؟

 

- "حزب الله" اللبناني ينفذ الأجندة الجيوسياسية الإيرانية بالحرف الواحد، ولذلك لا يستحق أن يذكر حتى.

 

  • قلتم في خطاب لكم في يونيو/حزبران الماضي إن "النظام الجزائري حاول دائمًا تشبيه قضية الصحراء المغربية بالقضية الفلسطينية للإقتيات برمزيتها"... كيف؟

 

- بالفعل قلت ذلك، لأن النظام الجزائري يعاني من عقدة غياب أسس الشرعية والمشروعية في تسلطه على الجزائريين، منذ أقام مرسوم الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديجول دولة الجزائر لأول مرة في تاريخها سنة 1962. ولذلك فإنه يحاول دائمًا التشبث بشعارات وقضايا التحرر وتقمص دور سليل حركة التحرر الوطنية والعالمية.

إن هذا الإحساس جعل النظام الجزائري الذي انقض على فرصة افتعال النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية منذ بدايته، يسعى إلى ربطه بالقضية الفلسطينية غير منتبه إلى أن الأمر يبدو كقبر الميت تعطيه أعز ما لديك ولا يعطيك شيئًا كتعويض.

والكل يعلم أن النظام الجزائري لا يتعامل مع القضية الفلسطينية لكونها قضية عادلة، بل باعتبارها ورقة يوظف رمزيتها في صراعه مع المملكة المغربية، وفي حساباته الداخلية لتصدير أزماته المتوالية.

النظام الجزائري كنظام الملالي ليست له مواقف مبدئية بل حسابات جيو سياسية، وكلاهما يوظفان القضية الفلسطينية في حساباته السياسية.

 

  • تؤكد مصادر غربية أن الجزائر تسعى إلى إقامة قواعد عسكرية روسية في منطقة الساحل الإفريقي بمساعدة إيران... فهل يؤثر ذلك على الأمن القومي المغربي؟

 

- طبعًا يؤثر ذلك على الأمن القومي للمغرب، وتغذية النزاع المسلح حول الصحراء المغربية خطر كبير في ظل تواجد ميليشيات "فاجنر" الروسية و"حزب الله" بالمنطقة.

وأعتقد أيضًا أن الصراع مع المغرب أعمى بصيرة النظام الجزائري، فحين يطلب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الحماية من روسيا، فهل يعلم كلفة ذلك على مستقبل وحدة الجزائر واستقلالها؟

 

  • الدعم الإيراني والجزائري لجبهة البوليساريو... هل يأتي ضمن سياق صراع القوى الدولية في منطقة المغرب العربي؟

 

- أعتقد ذلك، بل أعتقد أن قضية الصحراء المغربية هي القضية الوحيدة المتبقية من الحرب الباردة، وهي الآن تخضع لموازين الصراع الدولي في القارة الإفريقية، فالتطورات الأخيرة في كل من النيجر ومالي وبوركينافاسو جعلت هذا الصراع يطفو على السطح.

 

  • يؤكد المراقبون تزايد وتيرة التشيّع خلال الأعوام الأخيرة في المغرب فما مدى صحة ذلك... وما هي الأعداد الحقيقية للشيعة المغاربة؟

 

- في الحقيقة، يصعب إنكار وجود تشيع في المجتمع المغربي لكن في المقابل يصعب الحديث عن أرقام لهذا الوجود. فالحديث عن انتعاش التشيع خلال الأعوام الأخيرة في المغرب لا يزيد عن كونه مجرد "تخمين" فقط، على عكس الوجود السلفي مثلًا الذي تتوفر بشأنه أرقام دقيقة. فالناشط الشيعي عادة ما يمارس التقية، كما أن التشيع يقوم على أساس الولاء العقدي والسياسي الشخصي لولاية الفقيه، وهنا مكمن الخطورة.

كما أن الشيعة المغاربة بدورهم منقسمون إلى تيارات متعددة، منهم من يعطي الولاء المطلق لوطنه وأمته، وهناك جزء آخر تشيعوا لأسباب سياسية واجتماعية فقط، مثل اللذين توهموا صراخات "حزب الله" الذي يدعي أنه سيزيل (إسرائيل) من الخريطة، أو أولئك اللذين تشيعوا لأجل زواج المتعة فقط، وهذا الموضوع يحتاج إلى تفاصيل أكثر، كما أن قلة من الشيعة المغاربة برأيي هي التي تعطي ولاءها لإيران و"حزب الله".

 

  • هل يمثل النفوذ التاريخي المغربي في بلدان إفريقيا المسلمة التي تدين بالمذهب السني "حائط صد" أمام المخططات الإيرانية؟

 

- العلاقات الدينية التي تربط تاريخيًا المغرب مع دول إفريقيا تلعب دورًا هامًا في تعزيز التواصل والتبادل الثقافي والاقتصادي، وتسهم في تعميق الفهم المشترك وتعزيز التعاون والتضامن في مواجهة التحديات المشتركة.

يملك المغرب بالفعل نفوذًا تاريخيًا في بلدان إفريقية مسلمة كثيرة، وهو النفوذ الذي تعزز بفعل السياسية الدينية التي أرساها جلالة الملك أمير المؤمنين لمواجهة التطرف والإرهاب، بما أصبح يشكل "حائط صد" قوي لنشاطات التشيع التي يستهدف بها نظام الملالي المنطقة والقارة الإفريقية.

 

  • إلى أي مدى نجحت المملكة المغربية في محاصرة المد الإيراني المتصاعد في منطقة المغرب العربي ودول الساحل والصحراء؟

 

- المملكة المغربية تعتمد سياسة حسن الجوار مع الدول البعيدة والقريبة على حد سواء، ولم يسبق لها أن اعتدت على دولة قريبة كانت أو بعيدة عنها، لكنها في المقابل برهنت على استعدادها الدائم والحازم لإيقاف كل نشاطات السلطات الإيرانية، المباشرة عبر بعثاتها الدبلوماسية ومسؤوليها المدنيين والعسكريين أو غير المباشرة، المنافية لقيم المجتمع المغربي وإجماعه على وحدته الوطنية والترابية.

المملكة المغربية قادت جهودًا كبيرة لمحاصرة المد الإيراني في المنطقة، أولًا بالارتكاز على النموذج الديني المغربي الذي يقوم على نشر قيم الإسلام الوسطي المعتدل، ويعزز قيم الأمل والتعايش والتسامح والسلم لما فيه خير الإنسانية، انطلاقًا مما يميز المجتمع المغربي المعروف بتنوعه العرقي والثقافي. ثانيًا عبر كل قنوات الحوار ووسائل الديبلوماسية التي تجتمع فيها لملك المغرب ما تفرق في غيره من مؤهلات وصفات ذات سبق ومصداقية.

 

  • تواجه المملكة المغربية تهديدات خطيرة لأمنها القومي على خلفية توغل إيران و"حزب الله" في الإقليم المغاربي عمومًا... كيف ترون ذلك؟

 

- الحقيقة أن المملكة المغربية لا تنظر إلى المناورات العدائية لإيران ضدها، من خلال تدريب وتسليح ميليشيات "البوليساريو"، ومن خلال الأنشطة المتعددة التي تمارسها في المنطقة، باعتبارها تهديدًا لأمنها القومي فقط، بل باعتبارها خطرًا على كل دول وشعوب المنطقة.

إن من يشاهد ما فعلته وتفعله إيران لزعزعة الاستقرار في اليمن وسوريا والعراق وفي كل المناطق المتواجدة بها لأسباب وطموحات جيو استراتيجية، يدرك مدى خطورة التهديدات التي يحملها تغلغل إيران بالمنطقة المغاربية وبمنطقة الساحل جنوب الصحراء، لأن سياسة إيران قائمة بالأساس على تغذية بؤر التوتر واستدامة النزاعات المسلحة من أجل إحكام قبضتها، بالاعتماد على وسائل دينية تبني ولاءات شخصية للأفراد قبل التنظيمات.

 

  • قلتم في تصريحات إن البوليساريو "وصفة سياسية منتهية الصلاحية" وإن المأزق الذي توجد فيه يُعيق تقدم الحل السياسي... كيف؟

 

- نعم البوليساريو وصفة سياسية منتهية الصلاحية، فمن راهن عليها لوضع حجر في حذاء المغرب، أصبح اليوم هو من يعاني بفعل تسلل هذا الحجر إلى حذائه. لقد أضاع النظام الجزائري الكثير من الجهود والكثير من أموال الجزائريين على هذه الوصفة الخاسرة.

العالم كله أصبح يعلم جوهر هذا النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، ولذلك تتوالى الاعترافات بمغربية الصحراء، في وقت تنكشف فيه حقيقة هذا الكيان المصطنع الذي أصبح ينظر إليه بالعين المجردة كمنظمة إرهابية، وأداة طيعة في يد نظام الملالي والجزائر معًا.

 

  • أبدى نظام الملالي على لسان وزير خارجيته أمير عبد اللهيان مؤخرًا رغبته في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية... فهل سيغيّر ذلك موقف إيران من البوليساريو؟

 

- نظام الولي الفقيه دائمًا هو من يسارع لخطب ود المملكة المغربية، فتقابله المملكة بالترحاب، ودائمًا النظام الإيراني هو من يسيء للمملكة المغربية فتجافيه.. لكن من وجهة نظري أعتقد أن المملكة إذا ما قررت إعادة العلاقات الديبلوماسية مع النظام الإيراني يجب على هذه الأخيرة أن تقدم ضمانات قوية بعدم تكرار الأساليب الماضية والبالية، أما البوليساريو بالنسبة لنا في المغرب فقد انتهت صلاحيتها، ونحسب أن هذه المنظمة الإرهابية تحتضر وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، ومن مصلحة إيران أن تكف عن معاكسة المغرب في وحدته الترابية، وأرى كذلك أنه يجب على إيران ليس الكف عن دعم البوليساريو، بل يجب أن تعلن رسميًا اعترافها بمغربية الصحراء أولًا.

 

  • ما هي ضمانات تخلي طهران عن دعم البوليساريو التي تعتبرها بمثابة قنطرة للسيطرة على دول الساحل والصحراء الإفريقية؟

 

- القانون الدولي يتحدث عن ضمانات في تنظيم المجتمع الإنساني في أوقات السلم والحرب، ولكنها في الواقع تبقى مجرد توجيهات وليس فيها عنصر الإلزام، وكذلك في الشريعة الإسلامية توجد أحكام لتنظيم العلاقات الدولية في كل الأحوال، ومع ذلك يبقى أمر توفير ضمانات تخلي طهران عن دعم البوليساريو متوقف على الحسابات التي سيضطر النظام الإيراني إلى القيام بها.

 

  • التقارب الإيراني- السعودي الذي تم برعاية صينية... هل سيؤثر على العلاقات بين طهران ودول المغرب العربي بشكل عام؟

 

- المصالحة السعودية الإيرانية التي تم الإعلان عنها بوساطة صينية حدث سياسي مهم، بل هي لحظة فارقة ليس فقط بالنسبة للأوضاع في الشرق الأوسط، ولكن بالنسبة للعلاقات الدولية في أبعادها الاقتصادية والأمنية والسياسية.

من الأكيد أن حسابات الأطراف الظاهرة والخفية تحكمت في مضمون هذه المصالحة، ويهمني كثيرًا أن أشير إلى كون هذه المصالحة تأتي في ظل موجة احتجاجات داخلية غير مسبوقة في إيران، على خلفية مقتل الشابة مهسا أميني، والتي تطورت بشكل متسارع للتحول إلى مطالب قوية بتغيير النظام، وهو ما يدفع النظام الإيراني إلى تسوية خلافاته الإقليمية، في وقت تطبع فيه الدول العربية علاقاتها مع (إسرائيل)، وهو ما تنظر إليه طهران كخطر داهم.

إن توجهات الأحداث بهذا الشكل لابد أن يكون لها تأثير على مواقف المملكة المغربية، لكن يجب أن نستحضر أن المملكة برهنت في أكثر من محطة على تنويع شركائها وتحالفاتها جعلها أكثر استقلالية في اتخاذ قرارتها الاستراتيجية، وخصوصًا في الملفات التي لها ارتباط بقضية الصحراء، فالمملكة صارمة في النظر إلى علاقتها من منظار قضية الصحراء.

 

  • كيف ترون الأوضاع السياسية والاقتصادية الداخلية في إيران بعد 44 عامًا من حكم نظام الولي الفقيه... وهل سيستمر هذا النظام في الحكم أم أنه سيسقط عاجلًا أو آجلًا؟

 

- عانت إيران منذ مجيء عهد "الولي الفقيه"، وهي فكرة اخترعها الخميني ولا أصل لها فقهيًا حتى في المذهب الشيعي الجعفري، بدليل أن أغلب المراجع الشيعية سواء في قم أو النجف لا يقرون للخميني وخلفه بهذه الصفة.

وكما هو معروف فإن الثورة الإيرانية لم تكن "إسلامية" كما تم الترويج لها بداية، وإنما كانت ثورة شعبية شارك فيها الإسلاميون والشيوعيون أيضًا، لكن الخميني حين تمكن من زمام الأمور أفنى كل التيارات الوطنية التي ساندته، وفي مقدمتهم حزب "تودة" الإيراني الذي انمحى ذكره من الوجود نهائيًا.

الخميني خان شعبه أولًا، حيث قتل الملايين من أبناء الشعب الإيراني وعلى نهجه يسير من خلفه، بدليل أنهم اعتقلوا وشردوا حتى العلماء الشيعة ضمنهم العلامة الفقيه حسين منتظري الذي كان الخميني نفسه أعلنه خليفة له... لكن أين هو الآن؟

أما بخصوص سؤالكم هل يستمر هذا النظام أم لا؟ فيمكن الإجابة بأنه ما بُني على باطل فهو باطل، ولابد للشعب الإيراني الذي وقف يومًا بوجه الشاه بعظمته وجبروته سيقف يومًا ضد إرهاب الملالي الذين يكذبون على الله وعلى الشعب وعلى العالم بأنهم يمهدون لدولة المهدي المنتظر.. ولقد بدأت الإرهاصات الأولى لثورة جديدة منذ سنة وأكثر.

 

  • بصفتكم من المهتمين بدعم حقوق المرأة عمومًا... ما هي رؤيتكم لأوضاع المرأة الإيرانية في ظل تجدد معركة "الحجاب الإجباري" مؤخرًا؟

 

- دعنا لا نخوض عميقا في الجدل الفقهي حول الحجاب في الشريعة الإسلامية، فما يجري اليوم في إيران بخصوص هذا الموضوع أن غطاء الرأس الذي فرض على المرأة قسرًا باسم الدين، يستعمل من لدن عناصر القوات القمعية في "دوريات الإرشاد" من أجل استهداف المرأة الإيرانية وإحكام القبضة عليها.

اليوم ونحن على عتبة الذكرى الأولى لمقتل مهسا أميني الذي أعطى الشرارة الأولى للانتفاضة الشعبية المتواصلة، تكون المرأة الإيرانية قد أبانت على شجاعة كبيرة في مقاومة تسلط نظام الملالي وقمعه الوحشي، وقدمت من أجل ذلك تضحيات جسام من قتيلات ومعتقلات.

إن العالم اليوم ينظر إلى نضالات الشعب الإيراني من أجل مطالبه بإنهاء الديكتاتورية الدينية وإقرار جمهورية ديمقراطية قائمة على أساس فصل الدين عن الدولة والمساواة الكاملة والفعلية بين النساء والرجال.

وعلى العموم فإن المرأة الإيرانية راكمت تقاليد نضالية مهمة في مقاومتها للتمييز، وذلك على امتداد قرن من الزمن، أي حتى قبل مجيء نظام الملالي بزمن طويل.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.