ألقت السيدة مريم رجوي كلمة، في اليوم الرابع من اجتماع إيران حرة 2023 الذي أقيم بعنوان: "إلى الأمام نحو جمهورية ديمقراطية"، بحضور شخصيات دولية وإيرانية وعدد من المهتمين بالشأن الإيراني.
قالت رجوي، "أيها السادة المحترمون، والمواطنون الأعزاء!
عشية الذكرى الخامسة والثلاثين لمجزرة 30 ألف سجين من المجاهدين والمناضلين، أوجه التحية لجميع شهداء الحرية غارسي بذور الانتفاضات المستمرة وشهداء الثورة الديمقراطية للشعب الإيراني.
إن الدماء الزكية لشهداء عام 1988، تغلي في الانتفاضات المستمرة للشعب الإيراني اليوم، ويستمد منها شباب الانتفاضة دافعهم جيلًا بعد جيل ويستلهمون روح النضال من هذه الدماء الطاهرة.
أولئك المجاهدون الأبطال الذين وقفوا متمسكين بقضيتهم صارخين اسم مسعود رجوي حينما استشهدوا بالآلاف. وها هو هدفهم وقضيتهم أصبح قضية المجتمع الإيراني اليوم.
وأضافت، "إن أولئك الـ30 ألف من الفتيان والفتيات المنتفضين الذين زجوا في الشهور الماضية في سجون خامنئي، وأولئك الأبطال المضحون الذين أقاموا وحدات المقاومة، هم حَمَلة هذه القضية: قضية الحرية والمساواة ورفض الاضطهاد والاستغلال.
كلمة “مجاهدي خلق” التي هي الكلمة الحمراء في إيران، أخذت إحمرارها مثل الشفق من هذه القضية.
إن غضب الملالي اللامحدود لم ينطفئ منذ 44 عامًا من إطلاق الشتائم وبث الأكاذيب ضد هذا الجيل، وهم خائفون ویبرزون حقدهم وقسوة قلوبهم تجاه أي مجموعة من مجاهدي خلق ولو على بعد آلاف الكيلومترات، وهذا نابع من خوفهم من هذه القضية التي لا تعرف الزمان والمكان. إن الملالي يريدون فرض حكم الإجبار والاستبداد والاستغلال، فيما يريد هذا الجيل المنتفض حكم الحرية وجمهور الشعب، وهذه القضية ستنتصر".
شبح الموت
"قبل 35 عامًا وفي أواخر يونيو/حزيران تحرّك شبح الموت في عموم إيران في صمت، لكن على عجل، لتنفيذ فتوى خميني للقضاء على أولئك الذين "المتمسكين بموقفهم لدعم (مجاهدي خلق)".
وحسب السفاح "مرتضى مقتدايي" كان خميني يلتقي باستمرار بالجلادين ويؤكد لهم "استمروا عملکم ولا تخافوا". كان هدف خميني القضاء على مجاهدي خلق وإبادة جيلهم الذين كانوا يشكلون خطرًا على كيان النظام.
"وبالتزامن مع ارتكاب المجزرة في سجني "إيفين" و"كوهردشت" لم تبق في سجون المحافظات سوى أعداد معدودة من السجناء المجاهدين، ومن بعض العنابر لم ينج حتى شخص واحد. إن مجازر في سجون المحافظات الإيرانية. إن المجموعة التي نظمت وترونها هنا، تتضمن بشكل خاص حول مجزرة النظام بحق مجاهدي خلق في سجون المحافظات الإيرانية. في هذه المجموعة تم تأليف وتسجيل شهادات وكتابات شهود المجزرة حول هذا الواقع في عشرات المدن أو مراكز المحافظات.
"في كتاب الجريمة ضد الإنسانية كذلك ترون فقط أسماء أكثر من 5 آلاف من المجاهدين الشهداء. والأمر الغريب نرى أن في 110 مدن تم ارتكاب المجزرة فيها، وعلى سبيل المثال نرى في سجن مدينة قم الذي كان ما لا يقل عن 150 مجاهدًا متمسكين بموقفهم، 8 أسماء فقط، وفي سجون مدن ماهشهر وبندركز وجالوس ورامسر وكرمسار نرى 4 أسماء فقط، وفي 18 مدينة نرى اسمين أو ثلاثة أسماء ومن 34 مدينة تم تسجيل اسم وهوية سجين واحد فقط. بينما يعرف الجميع أن هذه السجون كانت مليئة بالمجاهدين.
"وفي بعض العنابر لم يبق حتى شخص واحد حيًّا. ولدى وحدة البحث والتحقيق في ملفات الشهداء أعداد كبيرة من أسماء مستعارة لا يعرفهم أحد، ويتبين أن هناك أشخاصًا كانوا معهم، هم الآخرون الذين تم إعدامهم أيضًا.
وبعد "مجاهدي خلق"، طالت الموجة التالية للمجزرة في سجني "إيفين وكوهردشت" السجناء من غير المجاهدين، وأكثرهم السجناء الماركسيون.
"وبشأن مجزرة النساء المجاهدات، أوضحت النيابة في محكمة ستوكهولم أن "النساء تم إعدامهن في الموجة الأولى ونحن لم نفلح أن نجد في تحقيقنا نساء نجين من الإعدامات".
وقال رئيس لجنة الموت في طهران السفاح محمد حسن نيري بشأن مجزرة عام 1988: "لو لم تكن قاطعية الإمام (خميني) فربما لما بقي النظام أصلًا". وكان لدى نظام خميني في السنوات الأولى من ثمانينات القرن الماضي أكثر من 300 سجن، فضلًا عن معتقلات تابعة لأجهزة الأمن والنيابة العامة وقوات الحرس ولجان خميني.
مقاضاة المجرمين
"منذ الأسابيع الأولى بعد المجزرة، كشف مسعود رجوي قائد المقاومة في برقيات موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 1988 عن جريمة إعدام المجاهدين المتمسكين بمواقفهم، وبدأت حركة المقاضاة من أجل شهداء المجزرة.
بالإضافة إلى تظاهرات وإضرابات، وحتى حالة واحدة من حرق النفس في أمريكا وإقامة محاكم شعبية ورمزية في دول مختلفة، تم نشر تقاريرها وصورها في إصدارات ومنشورات المقاومة في حينها.
"ومنذ عام 2016، وضعت مقاومتنا مقاضاة المتورطين في مجزرة السجناء في مقدمة جدول أعمالها.
كما أثارت حركة المقاضاة انتباه أصحاب الضمائر الواعية على الصعيد الدولي إلى مجزرة السجناء. حيث أشار غالبية نواب الكونجرس الأمريكي في قرار، و117 من زعماء العالم السابقين في رسالة مفتوحة وبرلمانات 28 بلدًا في بيانات وقعها غالبية النواب، إلى موضوع مجزرة عام 1988.
"وفي ديسمبر/كانون الأول 2020 أكد سبعة من المقررين الخاصين للأمم المتحدة أنه لا ينبغي أن تبقى مجزرة السجناء السياسيين في عام 1988 دون النظر فيها، ومعاقبة المتورطين فيها أكثر من هذا.
وفي اجتماعنا اليوم، يحضر عدد من المقررين للأمم المتحدة ونقدم التحية لهم.
"كما يسعدنا هنا أن نقدم الشكر لجهود "جمعية العدالة من أجل ضحايا مجزرة 1988 في إيران" التي يرأسها السيد طاهر بومدرا المسؤول السابق لحقوق الإنسان للأمم المتحدة في العراق.
واتخذ السيد بومدرا خطوات مهمة من خلال إصدار عدة كتب وتوجيه نداءات ورسائل مفتوحة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بهذا الخصوص. منها مناشدة لـ 462 من المسؤولين الحاليين والسابقين للأمم المتحدة وقضاء المحاكم الدولية وشخصيات سياسية مرموقة.
ومن الإصدارات الأخرى، صدور كتاب "ملف محاسبة إبراهيم رئيسي لارتكابه جريمة ضد الإنسانية" من قبل المكتب التمثيلي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في واشنطن.
"أما الأمم المتحدة فقد تناولت موضوع مجزرة عام 1988 لأول مرة بعد عشرات السنين في تقرير المقرر الخاص المعني بانتهاك حقوق الإنسان في إيران وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة وطالبت بإجراء تحقيق مستقل. ولكن المجتمع الدولي طبعا بعيد كل البعد عما يجب فعله فيما يخص هذه المجزرة. فيما وقعت خلال الخمسين عامًا الماضية عدة جرائم في العالم أكبر من هذه المجزرة، أو بحجم مماثل لها، وكانت الأمم المتحدة قد شكلت لكثير من هذه الجرائم محكمة خاصة أو عيّنت بعثة تحقيق مستقلة، إذن لماذا اعتمدت الأمم المتحدة التقاعس والإهمال فيما يتعلق بمجزرة عام 1988 في إيران؟
أكرّر وأقول أوقفوا منح الحصانة لمرتكبي هذه المجزرة والإفلات من العقاب، لكونه يشكل أحد السمات لسياسة استرضاء الدول الغربية.
محاكمة السفاح حميد نوري
"قضية اعتقال السفاح حميد نوري، وهو من العناصر المباشرة المتورطة في مجزرة عام 1988 في سجن كوهردشت، تحولت إلى فضيحة وأزمة لنظام الملالي.
"وأرادت وزارة مخابرات الملالي في عام 2019 أي بعد ثلاثة أعوام والنصف من تفعيل وتنمية حركة المقاضاة من قبل المقاومة الإيرانية، أن تستخدم قضية "نوري" لتشويه هذه الحركة وضد مجاهدي خلق، لكن بفضل المؤتمرات التنويرية المستمرة التي عقدتها المقاومة، وتظاهرات المواطنين الإيرانيين أمام المحكمة على مدى قرابة عامين والحضور النشط لأعضاء وأنصار المنظمة كشهود، فضلًا عن انتقال المحكمة إلى ألبانيا وتقديم وثائق وأدلة وأخيرًا إدانة هذا الجلاد بالحبس المؤبد، تم دحر هذه المؤامرة.
"وخلافًا للملا روحاني، جلس الملا إبراهيم رئيسي على كرسي رئاسة النظام وهو سفاح مجزرة عام 1988 الذي هو أحد المتهمين الرئيسيين في هذا الملف قضائيًا.
"ولذلك، وبموازاة المؤامرة لإطلاق سراح أسدي، الدبلوماسي الإرهابي ناقل القنبلة في بلجيكا، يسعى النظام من جديد ليجرب حظه من خلال حجز الرهائن وتعبئة شاملة دبلومسيًا واستخباريًا وإعلاميًا واستخدام عملائه ومرتزقته وعناصر مشبوهة لدفع الحكومة السويدية إلى انتهاك القانون وتجنب العدالة.
"ونحن نؤكد أن إطلاق سراح المتورطين في الجريمة ضد الإنسانية والإبادة من آمرين ومنفذين، مهما كانت حجته وذريعته، عمل غير مبرر مطلقًا، ولا نتيجة له سوى إعطاء الضوء الأخضر لنظام الملالي للقتل والاغتيال ومزيد من احتجاز الرهائن.
"لقد كسبت حركة المقاضاة إنجازًا كبيرًا بإبقاء أسماء المجاهدين المتسمكين بمواقفهم في المجازر وذكراهم وقضيتهم حية وأغنت وملأت الوجدان التاريخي للمجتمع الإيراني بها. وهنا ينبوع للدوافع الصادقة في انتفاضات إيران.
"والكثير من الشهداء مجهولو الهوية ومجهولو القبور، ولكن دمائهم وأرواحهم في أرجاء إيران تسببت في نثر بذور الانتفاضة والتمرد.
وإذا كان الشارع الإيراني يرى الملالي بعين ألد أعدائه السفاحين فإنه نتيجة غليان هذه الدماء. حركة المقاضاة تدفع نضالًا جوهره "الثبات على الموقف" الذي هو رمز الصمود في وجه القمع والدمار وكذلك رمز للثورة والتقدم. الثبات على الموقف رمز هزيمة خميني وأيديولوجيته ورمز تواصل مجاهدي خلق من محمد حنيف نجاد وإلى يومنا هذا.
"إن حركة التقاضي جزء لا يتجزأ من المقاومة لإسقاط نظام ولاية الفقيه
وهنا أدعو جميع السجناء الناجين وجميع عوائل الشهداء ومعارفهم وكافة أنصار مجاهدي خلق إلى كسب معلومات عن هذه المجزرة حتى ولو بكتابة سطر واحد أو كلمة واحدة.
"إن إبادة النسل والجريمة ضد الإنسانية والمجزرة التي ارتكبها النظام يجب تسجيلها بالضبط بهذه المصطلحات القانونية في المحاكم الإقليمية والدولية ومجلس الأمن الدولي، وأن يتم تحقيق دولي بشأنها بحضور ممثلين عن المقاومة الإيرانية.
هذا النظام بدأ بارتكاب جرائم ضد الإنسانية منذ السنوات الأولى، وبلغت ذروتها في مجزرة عام 1988 واستمرت حتى اليوم. قادة النظام على مدى السنوات الـ 44 الماضية من المتورطين في الجريمة ضد الإنسانية. على هيئة تقصي الحقائق الدولي التي شكلت للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان خلال احتجاجات الشعب الإيراني، أن تضم في تحقيقها ملف جرائم ضد الإنسانية للنظام، خاصة مجزرة عام 1988. الجريمة ضد الإنسانية في هذا النظام جزء كامل لا يتجزأ.
إنها حركة من أجل مقاضاة المتورطين في التنكيل بأي إيراني مظلوم تعرض خلال هذه الأعوام الـ44 من حكم الملالي لسوط اضطهاد الملالي ونهبهم. وهذا ثأر وتقاضي من أجل كل الدماء التي أريقت ظلمًا.
"هذا التقاضي من أجل المواطنين الكرد الذين قتلوا في "قلاتان" و"قارنا" على يد قوات الحرس، تقاضي من أجل الشهداء البلوش في جمعة زاهدان الدموية، تقاضي من أجل المواطنين العرب الذين تعرضوا للقمع والقتل في خوزستان،
تقاضي من أجل 1500 شهيد سقطوا في انتفاضة نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ومقاضاة من أجل 750 شهيدًا سقطوا في الانتفاضة الحالية.
إنه نضال مستمر حتى تقديم خامنئي ورئيسي وغيرهما من الآمرين في الجريمة ضد الإنسانية للعدالة. وهذه الحركة للتقاضي جزء لايتجزأ عن المقاومة لإسقاط نظام ولاية الفقيه.
"أبنائي وبناتي الأعزاء في أرجاء إيران
إنكم المستعدون كل يوم للنهوض والانتفاض بسبب اختياركم أن تدفعوا ثمن هذا النضال، تتحملون فردًا فردًا مسؤولية دفع هذه الحركة والتقاضي من أجل دماء الشهداء إلى الأمام. إنهم ينادونكم في كل حي وحارة، ويدعونكم من كل مقبرة معلومة ومجهولة المعالم لتكونوا أصواتهم، وتنقلون روح العصيان والتمرد التي تنبع من دمائهم إلى كل مكان، وتواصلون التقاضي والانتفاضة إلى درجة إسقاط هذا النظام الدموي المستبد.
وسيحل بلا جدال في غداة انتصار الشعب الإيراني، يوم إقامة محاكمة الشعب لمقاضاة الملالي الحاكمين لارتكابهم جرائم لا تعد ولا تحصى.
التحية للشعب الإيراني، التحية للشهداء، التحية للحرية".
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية