رفع «الحرس» من قائمة الإرهاب.. الرسالة الخاطئة

- 26 إبريل 2022 - 320 قراءة

يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن اعتراضات متنامية من الحزبين "الجمهوري والديمقراطي"، على قراره المحتمل القاضي بإزالة "الحرس الثوري" الإيراني من قائمة الإرهاب. وأكدت غالبية أعضاء الكونجرس الأمريكي عدم موافقتها على رفع العقوبات المفروضة على إيران بشكل عام، إثر انضمام عدد من الديمقراطيين إلى الجمهوريين، محذرين من أن رفعها سيعطي طهران موارد مالية كبيرة، قد تساعدها على المضي قُدما في سياساتها المزعزعة للاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.

وأدرجت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب "الحرس" على قائمة الإرهاب عام 2019، بعد نحو عام من قرار "ترامب" الانسحاب الأحادي من الاتفاق المبرم بين إيران والقوى الغربية الكبرى في 2015.

ويرى المراقبون أن رفع "الحرس" من قائمة الإرهاب الأمريكية، سيؤدي إلى ضخ أموال كثيرة في خزائن هذه القوات، ما يمكن أن يكون حافزًا لتوسيع أنشطتها العدوانية في الشرق الأوسط والعالم. كما سيعزز ذلك مواردها المالية، ويوسع قدرتها التشغيلية، ويزيد من قوتها السياسية ونفوذها الإقليمي.

 

تغيير قواعد اللعبة

 

القرار الأمريكي المحتمل، يعني أيضًا رفع القيود عن تحركات أعضاء "الحرس"، وسهولة تدفق المعاملات المالية، والدعم المادي المقدم من هذه المؤسسة الإرهابية راعية المشروع التوسعي لإيران، لتغذية حالة العسكرة وانتهاك السيادة، لكن الأهم بالنسبة لطهران، رغم قدرتها سابقًا على الالتفاف بمرونة كبيرة على قرار حظر "الحرس"، هو أن تستفيد من إعادة تسويق سياساتها للمستثمرين الجدد والأفواه المفتوحة لتدفق النفط من الدول إلى الشركات، وبالتالي تصبح مسألة العقوبات ضد السلوك المهدد للدول والممارسات الإرهابية ورعاية الميليشيات، جزءًا من خسارات الولايات المتحدة في ظل ارتباك إدارتها، كما هو الحال بالنسبة للدول الأوروبية التي تشعر بالعجز أمام توقف إمدادات الطاقة من روسيا.

وحسب المراقبين، ستستفيد الميليشيات الشيعية التابعة أو الحليفة لـ "الحرس" في العراق وسوريا ولبنان واليمن من هذا الوضع، الأمر الذي قد يجعل رفع "الحرس" من قائمة الإرهاب الأمريكية تنازلًا استراتيجيًا قد يغيّر قواعد اللعبة في الشرق الأوسط برمته، وسيكون بمثابة "رسالة خاطئة" لأعداء أمريكا وحلفائها على السواء.

وفي محاولة لحث إدارة "بايدن" على عدم رفع "الحرس" من قائمة الإرهاب، يؤكد أنصار الحزب "الجمهوري" أن ذلك سيكون له تأثير على تقويض مصداقية العقوبات الأمريكية بصفة عامة. فمن الآن فصاعدًا، ستبدو هذه العقوبات "قابلة للتفاوض حسب الظروف"، معتبرين أن ذلك سوف يبعث برسالة خاطئة إلى روسيا التي أصبحت آخر الخاضعين لعقوبات واشنطن.

وعلى مستوى الداخل الإيراني، أدت العقوبات على طهران بصفة عامة إلى تقوية سيطرة "الحرس" على مقدرات إيران، لدرجة أن هناك وجهة نظر مفادها أن "الحرس" غير متحمس لرفع العقوبات عنه مقابل إحياء الاتفاق النووي، لأنه يفضل ما يسميه "اقتصاد المقاومة" القائم على العزلة عن الغرب والاعتماد الذاتي، مع محاولات التهريب، وهو الوضع الذي يعزز قبضته الأمنية والاقتصادية على البلاد.

 

أنشطة إيران الخبيثة

 

تجد الإدارة الأمريكية صعوبة في تمرير هذا القرار المحتمل، ولكنها استفادت من الضجة المحيطة به، فبدلًا من مواجهتها للاعتراض الأساسي من قبل (إسرائيل) ودول الخليج و"الجمهوريين" الذي يركز على رفض إحياء الاتفاق النووي مع إيران، أصبحت الجهود الأساسية لهؤلاء موجهة للاحتجاج على فكرة رفع "الحرس" من قائمة الإرهاب، الأمر الذي قد يجعلهم أقل اعتراضًا إذا تم إحياء الاتفاق، مع إبقاء "الحرس" الثوري في قائمة الإرهاب.

ويقول الباحث الأمريكي ماثيو ليفيت، إن "إيران تمسكت خلال المفاوضات النووية بأن يبقى التركيز منصبًا على أنشطتها النووية وحدها، وليس على مشاركتها في الإرهاب وانتشار الصواريخ وانتهاكات حقوق الإنسان، والتمويل غير المشروع والأنشطة الخبيثة الأخرى في المنطقة. وطالما بقيت الأمور على هذا المنوال، يجب على الولايات المتحدة ألا توافق على تخفيف أي عقوبات تتعلق بالإرهاب. وإذا كانت إيران تريد فتح ملف تصنيفاتها على قوائم الإرهاب، فيجب توسيع المفاوضات لتشمل أنشطتها الإقليمية الداعمة للإرهابيين، وإلا فإن شطب التصنيف على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية قبل أوانه قد يقوّض فعالية العقوبات الأخرى غير النووية".

ويضيف أنه، "لحماية مصداقية سلطات العقوبات الأمريكية في جميع أنحاء العالم، على واشنطن تخفيف العقوبات المتعلقة بالإرهاب فقط، ردًا على التغييرات في دعم إيران للإرهاب، وليس كمنفعة جانبية لاتفاق نووي. ويعني ذلك أنه لا ينبغي إزالة "الحرس" من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، حتى يتوفر دليل على أنه قد أوقف أنشطته الإرهابية، وهي عتبة لم تستوفها الوعود الغامضة بـ "وقف التصعيد" بشكل شبه كامل. إن شطب التنظيم من القائمة، بينما يستمر بالانخراط في أعمال إرهابية واسعة النطاق، يمكن أن يخلق تصورًا بأن العقوبات الأمريكية ليست أدوات فعالة لتغيير السلوك العدائي، بل أدوات سياسية يتم استخدامها كيفما ترتأي إدارة معينة."

والأهم من ذلك، وفق الباحث، أن إلغاء التصنيف على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" قد يمثل مشكلة خطيرة من ناحية توجيه الرسائل السياسية. فشركاء وحلفاء أمريكا في المنطقة، وخاصة دول الخليج، القلقون بشدة من أن يؤدي الاتفاق النووي إلى تقوية إيران، في الوقت الذي يُنظر إلى دور الولايات المتحدة بأنه آخذ في التراجع من المنطقة. وهم يخشون على وجه الخصوص من أن تزيد طهران من دعمها لوكلائها الإرهابيين في جميع أنحاء المنطقة إذا تدفقت الأموال على طهران من تخفيف العقوبات، مما يتسبب في مزيد من زعزعة الاستقرار.

وفي الوقت الذي يعمل فيه كبار ضباط "الحرس" في السفارات الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفي أعقاب تولّي الحكومة المتشددة للرئيس إبراهيم رئيسي زمام السلطة في إيران العام الماضي، من المرجح أن تزداد قوة "الحرس". لذلك، يَعتبر حلفاء الولايات المتحدة أن الوقت ليس مناسبًا على الإطلاق لتخفيف الضغط عن التنظيم من خلال شطبه من القائمة.

وعلى الرغم من كل ما يقال من تبريرات في واشنطن، ومنها أن رفع "الحرس" من قوائم الإرهاب هو جزء من القبول بالشروط الإيرانية، لكنها مشروطة بتعديل السلوك في المنطقة والالتزام بوقف التصعيد، إلا أنها لا تعبر إلا عن حالة من الهشاشة والضعف في هذا التوقيت، مقارنة بالمحاولات المستميتة لتركيز الاهتمام على العملية العسكرية في أوكرانيا، والخوف من تبعاتها على الصعود الصيني ونتائجه الجيوسياسية المحتملة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

  1. تستهدف حتى الطعام.. كيف سيتغير الشرق الأوسط إذا رفعت أمريكا الحرس الثوري من قائمة الإرهاب؟، موقع عربي بوست، 29 مارس/آذار 2022.
  2. لا تشطبوا «الحرس الثوري» الإيراني من قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، موقع معهد واشنطن، 21 مارس/آذار 2022.
  3. من الحوثي لـ«الحرس الثوري»: مأزق المجتمع الدولي، موقع الشرق الأوسط، 29 مارس/آذار 2022.
  4. بايدن متردد في رفع «الحرس» الإيراني من قائمة الإرهاب، موقع سواح برس، 3 أبريل/نيسان 2022.

 

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.