زلزال سياسي في لبنان.. كيف سقط «حزب الله» وحلفاؤه؟

- 17 مايو 2022 - 370 قراءة

"نصر الله" تعهد لحلفائه علنًا بضمان فوزهم في الانتخابات.. فخسر الحزب وأنصاره الأغلبية البرلمانية

 

انتكاسة الحلف الموالي لإيران ستؤدي إلى استعادة السعودية لحضورها السياسي والاقتصادي في لبنان

 

المراقبون: النتائج تُنهي تحالفًا مشبوهًا دام سنوات بين الحزب وأتباع الرئيس "عون" ضد الطائفة السُنية

 

صحف عالمية: لبنان سوف يشهد عهدًا سياسيًا جديدًا لا يُحكم فيه "وكلاء طهران" قبضتهم على السلطة

 

"رويترز": النتيجة تشكّل صدمة لـ "حزب الله" وتعكس الغضب الشعبي ضد الطبقة الحاكمة في لبنان

 

 

بعد سيطرته المطلقة على مقدرات البرلمان اللبناني لزمن طويل، خسر "حزب الله" وحلفاؤه أخيرًا الأغلبية البرلمانية، وفشلوا في إيصال معظم مرشحيهم إلى مقاعد مجلس النواب، وذلك رغم تعهد زعيم الميليشيا حسن نصر الله لهم بالفوز، فعكست الهزيمة المريرة تهافت تعهده، وبرزت قوى سياسية جديدة في البلاد.

وسجلت الانتخابات النيابية نسبة إقبال بلغت 41 بالمئة، بتراجع نحو 8 بالمئة مقارنة بانتخابات عام 2018، ما عكس حالة "التململ" التي تتملك الشارع اللبناني تجاه أداء الطبقة السياسية الحاكمة منذ انتهاء الحرب الأهلية مطلع تسعينيات القرن الماضي.

وكان "حزب الله"، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد والمدعوم من إيران، يحتفظ مع حلفائه من الشيعة والدروز وبعض أبناء الطائفة المارونية المسيحية بقرابة 70 مقعدًا من إجمالي 128 في البرلمان المنتهية ولايته، لكنه فقد الأكثرية بحصوله على 62 مقعدًا هذه المرة، في تطور شبهّه المراقبون بـ "زلزال سياسي" يعكس الغضب الشعبي بسبب الانهيار الاقتصادي، وسيطرة القوى الموالية لإيران على مقدرات البلاد، وغياب المساءلة الجنائية عن تفجير مرفأ بيروت في عام 2020، الذي أدوي بحياة نحو 200 شخص ودمر أحياء بأكملها من العاصمة.

"الزلزال اللبناني" يتمثل داخليًا في إفلاس "حزب الله"، وفشله في تسويق نفسه كـ "قاطرة" للطوائف الأخرى، إثر هزيمة ساحقة له ولحلفائه. أمّا خارجيًا، فيتمثل هذا الزلزال في تعرض مشروع إيران للتهديد، بعد اعتزام قوى المعارضة الفائزة في الانتخابات على فصل "ملف لبنان" عن الملفات الإقليمية والدولية، وإنهاء النفوذ الإيراني في البلاد.

 

فزّاعة "الحرب الأهلية"

 

أدى الزلزال السياسي إلى سقوط مرّوع لشخصيات محسوبة على إيران، على رأسها رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" بزعامة طلال أرسلان المدعوم من "حزب الله"، ونائب رئيس البرلمان إيلي فرزلي، في حين تمكّن رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع من انتزاع الأغلبية النيابية من غريمه رئيس "التيار الوطني الحر".

كما فشل أيضًا نواب سابقون مقربون من "حزب الله" وداعمته دمشق، في الاحتفاظ بمقاعدهم داخل البرلمان الجديد، على غرار نائب "الحزب القومي السوري الاجتماعي" أسعد حردان، عن المقعد الأرثوذكسي في إحدى دوائر الجنوب، والذي كان يشغله منذ 1992.

جاء ذلك، فيما فازت لوائح المعارضة المنبثقة عن التظاهرات الاحتجاجية ضد السلطة السياسية، التي شهدتها البلاد قبل أكثر من عامين، بـ 14 مقعدًا على الأقل في البرلمان الجديد، ومن شأن هؤلاء أن يشكلوا مع نواب آخرين مستقلين عن الأحزاب التقليدية كتلة موحدة في البرلمان، ما يعني أن لبنان سوف يشهد عهدًا سياسيًا مختلفًا، لا يُحكم فيه "وكلاء طهران" قبضتهم على السلطة، وغالبية هؤلاء يتبنون خطابًا يطالب بتطوير النظام السياسي وإصلاح القضاء وبناء مؤسسات الدولة بعيدًا عن "المحاصصة الطائفية".

ويرى المحللون أنه يمكن للفائزين المعارضين والمستقلين من النواب الجدد، أن يشكلوا كتلة برلمانية موحدة، تكرّس نهجًا مختلفًا في العمل البرلماني، في بلد يقوم نظامه السياسي على "تغليب منطق الصفقات السياسية" على المصلحة الوطنية.

وضمن حزب "القوات اللبنانية"، الذي تربطه علاقات جيدة بالمملكة العربية السعودية، الفوز بـ 20 مقعدًا في البرلمان، بعد أن حصل على 15 مقعد في انتخابات 2018. وشكر سمير جعجع، زعيم الحزب، ثقة الشعب اللبناني في التصويت لصالح حزبه، قائلًا: "اليوم هو بداية عملية الإنقاذ".

وقال مسؤول الإعلام الخارجي في حزب "القوات اللبنانية"، مارك سعد، لوكالة الصحافة الفرنسية: "إن النتائج تُظهر أن اللبنانيين اختاروا كسر الحلقة التي أرساها حزب الله والتيار الوطني الحر، وتغيير الطريقة التي تُدار بها الأمور. ويمكننا القول إن اللبنانيين عاقبوا الأحزاب الحاكمة وانحازوا لنا، للتعبير عن رغبتهم في بداية جديدة في الحكم".

من جهة أخرى، شكلّت الانتخابات، وفق المراقبين، هزيمة ساحقة لعملاء النظام السوري، بسقوط نواب موالين لدمشق أمثال وئام وهاب، من الطائفة الدرزية، ونواب مسيحيين آخرين منهم إيلي فرزلي، ما أشاع أجواء فرح وسرور لدى جمهور الثورة السورية، وبالأخص داخل أوساط اللاجئين السوريين في لبنان، الذين استُهدفوا لسنوات من حلف "حزب الله" وميشال عون.

وعلى إثر ذلك، هدّد "حزب الله" خصومه السياسيين في البرلمان الجديد بعد نشر النتائج مباشرة، بفزّاعة "الحرب الأهلية". وقال محمد رعد، رئيس ما يسمى "كتلة الوفاء للمقاومة" التابعة للحزب: "نتقبلكم خصومًا في المجلس النيابي، ولكن لن نتقبلكم دروعا للإسرائيلي، ومن وراء الإسرائيلي"، في إشارة ضمنية إلى غريمه "حزب القوات". وأضاف: "انتبهوا لخطابكم وسلوككم ومستقبل بلدكم، ولا تكونوا وقودًا لحرب أهلية"!

 

إنهاء النفوذ الإيراني

 

عكست خسارة "حزب الله" وحلفائه للأغلبية المطلقة داخل مجلس النواب، حالة الغضب والاحتقان الشعبي الكبير من السياسات الاقتصادية التي تسببت في أزمات كبيرة للبلاد خلال الفترة الماضية، وبالتحديد منذ تظاهرات 2019، وما صاحبها من تردٍ في الأوضاع الاقتصادية والسياسية.

ويعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة وغير مسبوقة منذ أكثر من عامين، أدت إلى انهيار قياسي في قيمة الليرة مقابل الدولار، فضلا عن شح الوقود والأدوية، وارتفاع أسعار الأغذية بشكل عام.

واعتبر المراقبون أن نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية تشير إلى أن إيران قد خسرت أخيرًا نفوذها السياسي في لبنان، فضلًا عن أنها تؤكد ضعف تواجد "حزب الله" على الأرض، ومواجهته رفضًا غير مسبوق من جموع الشعب اللبناني، وبالذات من طائفة الموارنة الذين لم يصوتوا لنواب الحزب في الانتخابات، مؤكدين أن الطائفة المارونية توحدت ضد "حزب الله" لتنهي تحالفًا مشبوهًا بين الحزب وأتباع الرئيس اللبناني ميشال عون ضد الطائفة السنية دام سنوات، وهو ما يشي بأن لبنان عاد إلى نقطة صراع جديدة.

ونالت الانتخابات اللبنانية اهتمامًا عالميًا كبيرًا، وركزت الصحف ووكالات الأنباء على وضع "حزب الله" بعد نتائج الانتخابات. وتحت عنوان "حزب الله وحلفاؤه يخسرون الغالبية في البرلمان اللبناني"، قالت وكالة "رويترز"، إن النتيجة ستشكل صدمة للحزب المسلح وتعكس الغضب الشعبي ضد الطبقة الحاكمة في لبنان.

وفيما ركزت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على المخالفات التي وثقتها منظمات دولية في المناطق المسيطَر عليها من "حزب الله" وحليفته "حركة أمل" الشيعية، علقت "نيويورك تايمز" على تقدّم حزب "القوات اللبنانية" على حساب "التيار الوطني الحر" حليف "حزب الله"، مشيرة إلى أن الهيكل السياسي الجامد في تقاسم السلطة، يعني أن فرص إحداث فارق حقيقي ما زالت "منخفضة جدًا".

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه "ليس من المستبعد أن تؤدي انتكاسة الحلف الموالي لإيران، إلى استعادة السعودية لحضورها السياسي والاقتصادي في لبنان، الذي يعدّ ميدان تدافع بين الرياض وطهران منذ أمدٍ بعيد".

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

 

1- انتخابات لبنان.. حزب الله يتجرع "خسارة مدوية"، موقع سكاي نيوز عربية، 17 مايو/أيار 2022.

2- لبنان: النتائج الأولية للانتخابات التشريعية تظهر خسارة حلفاء حزب الله عددا من المقاعد ، موقع فرانس 24، 16 مايو/أيار 2022.

3- صناديق لبنان تعاقب حلفاء لـ"حزب الله"، موقع إندبندنت عربية ، 16 مايو/أيار 2022. 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.