اتهم وليام بيرنز مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" (CIA) إيران بعدم الجدية في الجولة الماضية من المحادثات النووية في فيينا، موضحا أنه ما زال أمامها الكثير من العمل قبل امتلاك سلاح نووي، كما جدد البيت الأبيض التزامه بالدبلوماسية في هذا الملف.
وفي حوار مع صحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) قال بيرنز "لا يأخذ الإيرانيون المفاوضات على محمل الجد في هذه المرحلة، وكانت نتيجة هذه الجولة محبطة للغاية".
واعتبر بيرنز أن الإيرانيين بطيؤون بشكل أساسي في المفاوضات النووية لكنهم يحرزون تقدما مستمرا في برنامجهم النووي وخاصة مع تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، مؤكدا أنه سيتم اكتشاف مدى جديتهم في المفاوضات عما قريب.
وأضاف مدير سي آي إيه "أعتقد أن شركاءنا يشاطروننا خيبة الأمل في جولة الأسبوع الماضي".
ولدى سؤاله عما إذا كانت وكالة الاستخبارات المركزية قد رصدت ما يؤكد على تحرك إيران نحو إنتاج سلاح نووي، قال بيرنز إن الوكالة لم تر أي دليل في الوقت الحالي على أن المرشد الأعلى الإيراني (علي خامنئي) قد اتخذ قرارا بتحويل البرنامج النووي إلى سلاح.
وأوضح بيرنز أن النقطة التي يمكنهم فيها التحويل إلى سلاح تتطلب أولا التخصيب بنسبة 90%، أي ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في تصنيع الأسلحة لإنتاج جهاز واحد أو أكثر من الأجهزة القابلة للاختبار، وثانيا التسليح، معتبرا أنه ما زال أمام الإيرانيين الكثير من العمل للقيام بذلك.
وتابع قائلا "ثالثا، يتطلب الأمر نظام توصيل قادر على ربطه بصاروخ. وهنا أيضا أمامهم عدد من التحديات".
البيت الأبيض
من جهة أخرى، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي -خلال مؤتمر صحفي- إن طهران لم تأت إلى طاولة المفاوضات لتحقيق تقدم، لكنها اعتبرت أن نهج واشنطن تجاه هذا الملف ما زال قائما على الدبلوماسية.
واعتبرت ساكي أن الجولة الأخيرة من الاجتماعات كانت مخيبة للآمال، موضحة أن جميع المفاوضين عادوا إلى دولهم لإجراء مشاورات قبل الاستئناف.
وكان الأوروبيون أعربوا يوم الجمعة الماضي عن "خيبة أملهم وقلقهم" إزاء المطالب الإيرانية، وقال دبلوماسيون كبار من فرنسا وألمانيا وبريطانيا إن "طهران تتراجع عن كل التسويات التي تم التوصل إليها بصعوبة" خلال الجولة الأولى من مفاوضات فيينا.
موقف إيران
وفي الجانب الإيراني، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان اليوم إنه لا يمكن لواشنطن أن تعود للاتفاق النووي وأن تكون جزءا منه بدون إلغاء الحظر الاقتصادي ورفع العقوبات.
وأضاف "ننتظر من الأطراف الأخرى العودة إلى فيينا بمقترحات محددة تضمن رفع العقوبات".
وأكد عبد اللهيان أن بلاده جادة في التوصل إلى اتفاق جيد وقوي، لكن نافذة التفاوض لن تبقى مفتوحة للأبد، حسب وصفه.
وتابع وزير الخارجية الإيراني "إذا أبدت الدول الغربية جدية حقيقية في فيينا فإن الاتفاق الجيد سيكون متاحا".
وقال عبد اللهيان أمس الاثنين إنه ليس من صالح بلاده التوصل إلى اتفاق مؤقت مع دول "4+1″، مضيفا أنه في حال كانت واشنطن قلقة من برنامج إيران النووي فإن عليها رفع العقوبات بشكل فاعل، حسب تعبيره.
أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده فشدد على أن بلاده ليست متعجلة، ولن تسمح لأحد بالتلاعب بها.
ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية عن خطيب زاده قوله "لسنا متعجلين، ولا نسمح لأحد بأن يتلاعب بوقتنا وجهدنا، وسيتوجه فريقنا إلى فيينا وهو عازم على التوصل إلى اتفاق جيد، ونأمل أن يأتي الطرف الآخر بالعزم ذاته".
نتنياهو كان يعلم
من جهة أخرى، أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت أن رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، وكلا من شعبة الاستخبارات وهيئة رئاسة الأركان ووزير الدفاع والطاقم الوزاري الأمني المصغر، كانوا جمعيا على علم بتسريع إيران جهودها للوصول إلى سلاح نووي في عام 2019 لكنهم لم يفعلوا شيئا.
وكتب محرر الشؤون العسكرية والأمنية في الصحيفة الأوسع إنتشارا في إسرائيل يوسي يهوشوع أن سلسلة من الأخطاء والخلل المقلق في دائرة صناعة القرار الإسرائيلية آنذاك باتت تستدعي الفحص والتحقيق، متسائلا عما إذا غطت القيادة الإسرائيلية في سبات عميق ولم تصحُ على وقع تلك التطورات الخطيرة، حسب تعبيره.
وأشار الكاتب إلى أن رئيس هيئة الإركان العسكرية الحالي أفيف كوخافي أمر في الأسابيع الأخيرة الجيش بالتأهب والتحضير لخيار عسكري، أو بكلمات أبسط التحضير لهجوم على إيران، حسب تعبيره.
وأضاف يهوشوع أن السؤال المطروح لماذا الآن؟ ولماذا لم يكن ذاك الخيار متوفرا من قبل عندما علموا بأن أيران سرعت مشروعها النووي وأنها تتقدم بخطى سريعة نحو القنبلة النووية؟
وانتهى الكاتب إلى القول إن من يتحمل مسؤولية التقصير ليس الجيش وإنما الحكومة برئاسة نتنياهو التي حكمت في حينه.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية