<< منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 حاول الطائفيون ومن ورائهم المشروع الإيراني تنفيذ أحقادهم ضد السُّنة
<< سيطر الطائفيون على ديار أهل السنة بقوة السلاح بعد مسرحية محاربتهم «داعش» تحت مظلة التحالف الدولي الذي قادته أمريكا بمشاركة إيران
<< آخر مشاريع التمدد الطائفي في العراق هي إثارة ما يعرف بـ«طريق السبايا» من قبل العتبة الحسينية وادعاء وجود قبور ومراقد ومقامات في المناطق السنية لآل البيت
<< مشروع العتبة الحسينية هو مشروع سياسي طائفي مدفوع من إيران لتمزيق المجتمع العراقي ونشر الطائفية فيه واحتلال المناطق السنية
مقدمة
منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وإلى اليوم وبعد تدمير كل مؤسسات الدولة وتمكين الطائفيين من الحكم في العراق الذين جاءوا تحت الدبابة الأمريكية، تعرض النسيج الاجتماعي للبلاد إلى التدمير الكامل من قبل الحكام الجدد الذين نشروا الطائفية والأحقاد بين المجتمع العراقي الذي لم يكن يعرف الطائفية سابقًا.
حاول هؤلاء الطائفيون ومن ورائهم المشروع الإيراني، بشتى الطرق تنفيذ أحقادهم ضد مخالفيهم من أهل السنة خاصة وحتى من الشيعة الذين لا يرتضون بالتبعية للمحتل. فتارة بالتضييق المناطقي واتهامهم بالإرهاب، وتارة بافتعال المشاكل لاغتصاب المساجد والأضرحة والمقامات والمقابر بحجة أنها تابعة لأهل البيت رضي الله عنهم، وأنهم الوريث الشرعي لهم من دون المسلمين كما يدعون. وتارة أخرى بمحاولة اغتصاب الوقفيات السنية التي أوقفها أهلها عبر مئات السنين من خلال التزوير تارة والقوة تارة أخرى.
واليوم قد سيطروا على ديار أهل السنة بقوة السلاح بعد مسرحية محاربتهم «داعش» تحت مظلة ما يسمى بالتحالف الدولي الذي قادته أمريكا بمشاركة إيران وأذنابها. فدخلوا المناطق السنية التي كانوا يحلمون بدخولها واستولوا عليها عن طريق ميليشياتهم الولائية المسلحة التابعة لإيران بعد تهجير معظم أهل السنة من ديارهم والإيغال بتدمير هذه المناطق وسرقة كل ما موجود فيها، وهذا ما حدث في سوريا أيضًا بالضبط بعد ثورة الشعب السوري على نظام الأسد النصيري، حيث دَمر البلد واستباحها عن طريق الميليشيات التابعة لإيران، إضافة إلى روسيا، وهجر الملايين من أهلها ودمرت مناطقهم وسرق ما بقي فيها مثلما حصل في العراق بالضبط. فأصبحت ديار الأمويين وعاصمتهم دمشق مستباحة من قبل المشروع الإيراني.
وآخر مشاريع التمدد الطائفي التي أحدثت ضجة كبيرة في العراق هي إثارة ما يعرف بـ«طريق السبايا» من قبل العتبة الحسينية وادعاء وجود قبور ومراقد ومقامات في المناطق السنية والتفكير في بناء هذه المقامات المزعومة لغاية واضحة للعيان. ويحاول هؤلاء الطائفيون الاعتماد على بعض الروايات المكذوبة لتثبيت ما يريدون كما سنرى ذلك خلال طيات الدراسة.
والذي جعلنا نخوض غمار البحث في هذه المسألة التاريخية أصلًا هو، محاولة استخدامها سياسيًا وطائفيًا من قبل الفاعل السياسي والحوزوي الشيعي في العراق في المشروع الذي أطلقته العتبة الحسينية للسيطرة على المناطق السنية بحجة وجود مقامات وأضرحة لآل البيت رضي الله عنهم وغيرها.
وقد أثار هذا الموضوع حساسية كبيرة عند أهل السنة في العراق عربًا وكردًا خاصة في هذا التوقيت، بل أثار غضب الأقليات في العراق التي اعتبرته استهدافًا مباشرًا لها. ولا ندري هل تنبه أهلنا في الشام إلى خطورة هذا المشروع حين عرضته العتبة الحسينية في الإعلام كون نصف هذا الطريق ونهايته في ديارهم مما سيجدونه من معلومات تخصهم في هذه الدراسة.
ما هو مشروع السبايا؟
مشروع العتبة الحسينية في العراق.
مشروع العتبة الحسينية هو مشروع سياسي طائفي مدفوع من إيران لتمزيق المجتمع العراقي ونشر الطائفية فيه واحتلال المناطق السنية.
ذكر موقع العتبة الحسينية في 26/12/2020 ما نصه: «كشفت الأمانة للعتبة الحسينية المقدسة، عن وصول اللجنة الأكاديمية والعلمية المشكلة من قبل العتبة الحسينية وجامعة الموصل والمختصة بالطرقات والجغرافية إلى نتائج مهمة بخصوص تتبع سير السبايا من أهل البيت (عليهم السلام) بعد واقعة الطف الأليمة، وكذلك توثيق مرقد السيد عبد الرحمن بن علي بن الحسين (عليهم السلام)».
وقال معاون رئيس قسم النشاطات العامة في العتبة الحسينية المقدسة، الشيخ علي القرعاوي في حديث للموقع الرسمي، أنه «تم تشكيل لجنة لتوثيق الطرقات التي سار عبرها أهل بيت الإمام الحسين (عليه السلام) من مدينة الكوفة إلى الشام».
وأوضح أنه «خلال البحث العلمي والأكاديمي وجدنا العديد من الدلالات والآثار بخصوص مسير السبايا بقيادة الإمام زين العابدين والسيدة زينب (عليهما السلام)، مبينًا أن الطريق يصب في اتجاه منطقة تسمى (بلط) هي محاذية بين مدينة تلعفر وجبل سنجار ومضيق يسمى (باب شلو)، حيث تم استخدام هذا الطريق المخفي بين الجبلين عبر الحدود السورية التركية حاليًا، وصولًا إلى بلاد الشام».
وأضاف أن «هذا الطريق ومن خلال تتبعنا وجدنا فيه علامات ومؤشرات تدلنا بأن سبايا أهل البيت (عليهم السلام) ساروا عليه، فيما تم توثيق مرقد السيد عبد الرحمن بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، في منطقة (بلط)، إضافة إلى الصخرة التي وضع عليها رأس الإمام الحسين (عليه السلام)، وكل هذه الأمور قيد الدراسة لإعادة إعمار المرقد، والصخرة والمكان الذي استقرت به قافلة السبايا في منطقة (بلط) حيث أنها من المناطق الآشورية القديمة والتي تقع على أطراف نهر دجلة».(1)
وللرد على هذا المشروع الجديد وكشف بواطنه من الناحية التاريخية والجغرافية وكشف خطورته الطائفية كانت هذه الدراسة.
الهدف من الدراسة:
أسئلة بين يدي الدراسة:
لابد من طرح مجموعة من الأسئلة ونجيب عليها خلال طيات هذا البحث لتتضح لنا الصورة:
مصادر الدراسة:
لماذا اهتم الشيعة بكتاب الإشارات للهروي؟
الرحالة الهروي:
«قال الزركلي في وفيات الأعيان:
هو أبو الحسن علي بن أبي بكر بن علي الهروي الأصل الموصلي المولد، السائح المشهور نزيل حلب؛ طاف البلاد وأكثر من الزيارات، وكاد يطبق الأرض بالدوران، فإنه لم يترك براً ولا بحراً ولا سهلاً ولا جبلاً من الأماكن التي يمكن قصدها ورؤيتها إلا رآه، ولم يصل إلى موضع إلا كتب خطه في حائطه، ولقد شاهدت ذلك في البلاد التي رأيتها مع كثرتها، ولما سار ذكره بذلك واشتهر به ضرب به المثل فيه. » (2)
لذلك احتاجوا إلى مصادر أخرى تثبت لهم ما يريدونه وتحل لهم المعضلة.
إنّ أهمّيّةَ كتاب الإشارات هي أساساً في أنّه نتيجة خُبْرٍ ومُعاينةٍ شخصيّةٍ. وهذه أعلى درجاتِ الإخبار. أمّا أهميّة موضوعه فهي في أمرين، لا دليلَ على أنّ مؤلفه قد قصدهما. بل لا نظنُّ أنّه التفتَ إليهما:
ـ الأمر الأوّل: أنّه سجّل ضمنًا معلوماتٍ عن ضمائر ووُجدان وولاء الناس. أكثرها ممّا ضاع واندثرتْ آثاره في التغيّرات التاريخيّة الجذريّة التي حصلت في تقلّبات الزمان بأهله. ذلك لأنّ الناس حين يبنون المزارات ويحفظونها ويُثابرون على زيارتها، فإنهم يُعبّرون ضمنا عمّا تُكنّه نفوسهم ووُجداناتهم من مشاعر الحبّ والولاء والتقدير لأصحاب هاتيك المزارات. بيـدَ أنّ الزمان قد يذهبُ بمَن بنوا تلك المعالم وحفظوها زمناً، أو ربما تتغيّرُ نفوسُهم لسببٍ أو غيره، وغالبًا تحت وطأة مُتغيّرٍ سياسيٍّ قاهرٍ. ولكنّ تلك المعالمَ/ المزاراتِ تبقى شاهدًا أمينًا على الحقبة الضائعة. يقرأها المؤرّخُ فيما بعدُ، ويستفيد منها في تركيب صورةٍ ما لتاريخٍ ضائع. وفي بعض ما سنأتي على ذكره منها مثالاتٌ أكيدةٌ على ما نقول.
ـ الأمر الثاني: أنّه سجـّل أيضًا، دون أن يقصد، ما يُعطينـا اليومَ أن نرسـمَ أوثقَ خريطةٍ لحركة موكب السبايا. وذلك بأن ذَكَرَ المشـاهدَ التي بناها الناس، بمُبادرةٍ منهم، حيث نزلَ الموكبُ، في المحطّات الرئيسة على طريقهم الطويل. من الواضح أنّ الفضل الأساسيّ في هذا هو لأولئك الناس المجهولين، الذين بادروا، منذ اللحظة التي انفتحت فيها عيونُهم على الحقيقة الرّهيبة، فبنوا تلك المشاهد. لتبقى على مَـرِّ الزمان تعبيراً عن حبّهم وحزنهم وألمهم، وفوق هـذا عن لحظة انفتاح عيونهم وقلوبهم على الحقيقة التي خُودعوا عنها. فانطلقوا فيما يُشـبه النفيرَ العامّ يُقدّسون الأرضَ التي تشرّفتْ بمُلامسةِ تلك الأجساد الطاهرة. وخلّدوا اللحظةَ العابرةَ لمكثهم عليها بتلك السلسلة الفريدة من المشاهد، المُمتدّة من نطاق «الكوفة» إلى «دمشق»، وذلك أمرٌ لا نعرف سابقةً ولا لاحقةً له من مثله. وطبعاً له مغزاه الكبير، ممّا سنقفُ عليه إن شاء الله.
لكنّ تخصيصَ أولئك الناس بفضل السابقة، لا ينتقصُ أبداً من فضل الهرويّ، الذي جاء، بعد ما يزيدُ قليلاً على الخمسة قرون، ليُسجّلَ لنا ما عاينه ممّا بقي من تلك المشاهد. فلولاه ولولا غرامه بالتجوال في البلاد، وأيضاً لولا أنّه تفحّص معالمها واعتنى بتسجيلها بحيث وصلتْ إلينا، لَما كان لنا أن نكتبَ اليومَ هذا البحث، على نحوٍ مُرضٍ من حيث الدقّة والوثاقة.» (5)
ثم هل بقي كتاب الهروي على ما كان عليه أم حصل عليه تغيير؟
ثم إن السبب الذي جعل دهاقنة التشيع وحدهم من توسع في الكلام عن هذا الطريق وهذه الواقعة والمشاهد وتعظيمها رغم أن غالب الكلام ليس له أساس من الصحة إنما كان لتثبيت شيء ينقصهم وللشحن الطائفي في الامة ولإبعاد عامة الشيعة عن الامة وقد نجحوا في ذلك بشكل كبير مع الأسف. أما في كتب باقي المسلمين ذكرت هذه الواقعة المحزنة باختصار موف لحقها ومما لا يخرجها عن اتزانها.
وأخيرًا:
- ماهي الأسس العلمية التي استند عليها الهروي في كتابه كما يدعي المهاجر غير نقل ما شاهده بدون تحقيق تاريخي مما يسقط أهمية الكتاب كذلك؟
- ثم ماهي الدلائل على وثاقة الهروي أصلًا فيما ينقله خاصة إذا عرفنا أنه قد يكون شيعي النحلة كما ذكر المهاجر فلا عجب أن ينسب كثيرً من المقامات والاضرحة الى أهل البيت؟
- ثم أكثر الشواهد التي نقلها الهروي لم تثبت صحتها تاريخيًا كما سيتبين خلال الدراسة.
- ثم أن الهروي متأخر عن الحوادث التي ينقل عنها بخمسة قرون، ولو كانت أغلب المشاهد والمراقد التي ذكرها موجودة في عهد قريب من الحادثة، لاشتهرت شهرة لا ينفرد الهروي بنقلها، فعدم اشتهار هذه المشاهد وعدم ذكرها في كتب المؤرخين والرحّالة، يعتبر قرينة سلبية تقدح علمياً في صلاحية الاعتماد على ما ذكره الهروي كإثبات.
- كل ذلك يسقط أهم مصدر اعتمد عليه الشيعة كما يقول المهاجر عن سبب اعتمادهم على كتاب الهروي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية