في إيران.. «الدعارة» مقابل لقمة العيش

- 20 مارس 2022 - 630 قراءة

أشعر بالعار جراء أفعله، ولكن هل لي أي خيار آخر؟"

هذا ما قالته ندى، وهي امرأة مطلقة في طهران. تعمل ندى في النهار في تصفيف الشعر، لكنها في الليل تبيع جسدها، إذ تشعر بأنها مجبرة على هذا من أجل أن تحصل على ما يكفيها للعيش.

وتقول: "أعيش في بلد لا تحظى النساء فيه بأي احترام، فالاقتصاد يسير نحو الهاوية وأسعار السلع ترتفع كل يوم. أنا أم لطفل وليس لي زوج، وعليّ الاعتناء بولدي. توفر الدعارة دخلا محترما، وأنا أفكر الآن بشراء مسكن صغير في وسط المدينة. هذه هي الحقيقة المحزنة لحياتي، فأنا حرفيا أبيع روحي."

أعلنت إيران في عام 2012 إطلاق برنامج وطني لمحاربة الدعارة. ولكن، وحسب ما جاء في تقارير غير رسمية أعدتها منظمات غير حكومية، وباحثون مستقلون، استمر عدد العاملات في مجال الدعارة في الارتفاع.

دأبت المؤسسة الدينية المحافظة في إيران رسميا على نفي وجود أي عمالة جنسية في البلاد على الإطلاق. وتشير السلطات الحاكمة في إيران إلى الدعارة باعتبارها مخططا غربيا يهدف إلى إفساد الشباب أو إلى إلقاء اللوم على النسوة للتعامل مع رجال عديمي الضمائر.

تشير بيانات غير رسمية إلى أن أعمار العاملين في مجال بيع الجنس في إيران في انخفاض مستمر. وتبين البيانات التي نشرها العديد من المنظمات غير الحكومية أنه في عام 2016، كانت طفلات لا تتجاوز أعمارهن الـ 12 عاما متورطات في الدعارة.

وقالت جمعية "أفتاب"، وهي مؤسسة غير حكومية مهتمة بعلاج مدمنات المخدرات في إيران، في عام 2019، إن عدد العاملات في مجال الدعارة في طهران يقارب عشرة آلاف، 35 في المئة منهن نسوة متزوجات.

وحسب ما يقول الدكتور أمير محمود هريشي، أستاذ الشؤون الاجتماعية في جامعة طهران، فإن عدد العاملات في مجال الدعارة في طهران قد يكون ضعف ذلك.

نظرا لقلة فرص العمل المتوفرة للنساء في إيران، وغياب مفهوم التساوي بين الجنسين، أجبرت العديد من النسوة الإيرانيات على ولوج مجال الدعارة من أجل الحصول على ما يعيلهن وأسرهن. ولكن هذا العمل له الكثير من المخاطر.

تقول ماهناز، الطالبة في جامعة طهران والتي تعمل في مجال الدعارة بشكل وقتي، "يعرف الرجال أن الدعارة غير قانونية في إيران، وإن الانخراط في هذا المجال قد يؤدي إلى عقوبات مشددة للنساء المنخرطات فيه، ولذا يستغلون ذلك لمنافعهم الشخصية." وتضيف، "ففي عدة مناسبات مارست الجنس مع أشخاص رفضوا دفع الأجر المتفق عليه، ولكني لم أتمكن من التوجه بالشكوى للسلطات."

وتقول ماهناز إن غلاء المعيشة في طهران مرتفع للغاية، وإن العمل في مجالات أخرى لن يساعدها في تسديد نفقاتها.

 

"زواج المتعة"

أعدمت عاملات جنس كثيرات وأغلقت دور الدعارة في إيران في أعقاب الثورة الإسلامية في 1979. ولكن، وفي محاولة لتقنين استخدام النساء جنسيا، شاع استخدام مفهوم زواج المتعة (وهو "زواج" متفق عليه بين الطرفين لأجل مسمى يمنح الزوجة "المؤقتة" بعض التعويض المادّي).

يعدّ زواج المتعة مشروعا حسب النظام الإسلامي الشيعي السائد في إيران، ولا يعد شكلا من أشكال الدعارة. وهذا "الزواج" منتشر بشكل واسع في مدينتي مشهد وقم "المقدستين" اللتين يزورهما العديد من الشيعة من كل أنحاء العالم. وتظهر أشرطة منشورة في وسائل التواصل الاجتماعي رجالا عراقيين يبحثون عن الجنس في مشهد بينما يقول مسؤولون محليون إنهم إنما يرومون أن يتزوجوا "زواج متعة".

هناك الآن العديد من الخدمات التي تتيح زواج المتعة في إيران من خلال الإنترنت، بما فيها خدمات متاحة عبر إنستغرام وواتساب، وتقول هذه الخدمات إنها تتمتع بتأييد ودعم حكومي.

ومما لا شك فيه أن أحد العوامل التي أسهمت في رفع غلاء المعيشة أدت إلى نمو ظاهرة الدعارة كانت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران, فمنذ العام الماضي، ارتفع معدل التضخم في إيران بمعدل 48,6 في المئة. كما ارتفع معدل البطالة كما لم ترتفع أجور العاملين.

وفي هذه الظروف، ازداد أيضا عدد الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 20 والـ 35 الذين يمارسون الجنس مع النساء لقاء أجر. وما برحت ظاهرة عاملي الجنس الذكور في تصاعد في شتى المدن الإيرانية الكبيرة.

كاميار البالغ من العمر 28 عاما، والذي يعمل محاسبا في أحد المحال التجارية، هو نموذج لهذه الظاهرة. يقيم كاميار مع والديه حتى العام الماضي ولم يكن يتمكن من تحمل مصاريفه دون مساعدة والده. أما الآن، فهو يستطيع دفع إيجار شقة في وسط طهران ويأمل في الهجرة إلى الخارج في يوم من الأيام.

ويقول،:"أعثر على زبوناتي من خلال حسابات التواصل الاجتماعي. فأعمار هؤلاء النسوة تتراوح بين الثلاثينيات والأربعينيات. كانت لدي مرة زبونة تبلغ الـ 54 من عمرها. وهن يعاملنني بشكل جيد ويدفعن أجورا جيدة وينمن في بيوتهن دائما. وما زالت أحصل على العديد من الزبائن عن طريق التوصيات التي أحصل عليها منهن."

يبقى أن نذكر ان كايمار مهندس، ولكنه لا يرى أي مجال للتقدم في المجال الذي يعشقه.

ويقول، "رغبت دائما أن أكون مهندسا، ولكن لا توجد أي فرص عمل. أحببت فتاة، ولكن لم نتمكن من الزواج لأني لم أتمكن من الحصول على عمل. لست فخورا بما أعمله الآن، فممارسة الجنس مع أغراب من أجل المال لم يكن حلمي عندما كنت شابا. أشعر بالخجل بالتأكيد، ولكن هذا العمل يدفع نفقاتي. فأنا أعيش في بلد لا مستقبل فيه إلا للبؤس."

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.