رفض فيصل فولاذ المنسق العام للراصد الحقوقى للجرائم الاسرائلية فى غزة ، وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب مشيرا إن المقاومة الفلسطينية هى مقاومة مشروعة للدفاع عن الأرض المغتصبة من قبل الكيان الإسرائيلى المحتل.
وأكد فيصل فولاذ خلال كلمته أمام المؤتمر الدولي لنصرة غزة ودعم المقاومة تحت شعار “الحرية لفلسطين” والذى عقد فى مدينة اسطنبول بتركيا على مدار يومين ١٤، ١٥ يناير الجاري ، أن هناك خلط قانوني متعمد بين المقاومة والإرهاب اتبعه الغرب حيث أن مفهوم الإرهاب ، هو استخدام غير مشروع للعنف أو تهديد باستخدامه ببواعث غير مشروعة، يهدف أساساً إلى بث الرعب بين الناس، ويعرض حياة الأبرياء للخطر، سواء قامت به دولة أم مجموعة أم فرد، وذلك لتحقيق مصالح غير مشروعة.
أما مفهوم المقاومة فإن الغرب الذى رفع شعارات الحرية والعدالة والمساواة التي نادى بها روسو وفولتير وغيرهم من الفلاسفة في أوروبا قبل قرون عدة، كما أن المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة والمادة (2) من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، ووفقاً لما قرره القانون الدولي وفقهاؤه، فإن من حق الشعوب التي تتعرض للاحتلال والاستعمار والعدوان والطغيان المسنود بالقوة، اللجوء إلى المقاومة المسلحة بوصفها مقاومة مشروعة.
وأضاف فولاذ خلال كلمته إنه إذا ما دققنا النظر بين مصطلح “الإرهاب” و”المقاومة المسلحة” سنجد أن بينهما اختلاف جوهري. ولكن بعض الدّول سعت لإحداث فجوة قانونية لتُحدث خلطًا بين المفهومين. وجعلت منها أداة سياسية وإعلامية لتشويه شرعية “مقاومة” الشعوب والمس بسمعة الحركات التحررية التي تلجأ إلى خيار “المقاومة” في سبيل تحقيق تطلعاتها إلى الحرية والاستقلال.
وأشار فولاذ أن التعريف الأكثر جدية هو ما قدّمه المفكر والأكاديمي الأمريكي “نعوم تشومسكي”، الذي عرّف الإرهاب بأنه “محاولة الإخضاع القسري للسكان المدنيين وإجبار حكومة ما عن طريق الاغتيال أو الخطف أو أعمال العنف لتحقيق أهداف سياسية”.
وأضاف فيصل فولاذ إنه رغم نقاط التقاطع فالاختلاف من حيث المبادئ والمفاهيم بين ظاهرتي “الإرهاب” و”المقاومة” بيّن.. فـ”المقاومة” تتحرك وفق دوافع وطنية وتستند إلى مبادئ الحق والعدل وحق تقرير مصيرها الذي يكفله ميثاق الأمم المتّحدة. أما “الإرهاب”، فيرمي إلى تحقيق مكاسب غير مشروعة، وتجري وقائعه خارج القانون.
ما إن انطلقت عمليّة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الماضي بقيادة حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، حتى علت أصوات مسؤولين كثيرين في الغرب، في مقدّمتهم الرئيس الأمريكي جون بايدن في خطاب ألقاه، في العاشر من أكتوبر، وضع “حركة المقاومة” على قدم المساواة مع تنظيمَي “القاعدة” و”داعش”، ووصفها بـ “الشر المطلق”.
وقال بايدن إن حماس لم تجلب “الإرهاب فحسب بل الشر المطلق” للعالم. وأضاف: “كانت الأيام القليلة الماضية تذكيرًا قويًا بأن الكراهية لا تختفي أبدًا”.
ونوه المنسق العام للراصد الحقوقى للجرائم الاسرائلية فى غزة أن جهود المجتمع الدولي بشأن تحديد مفهوم “الإرهاب” منذ أن طُرح أمام عصبة الأمم عام 1937، أسفرت إلى استنتاج أن “الاستعمار” هو أحد أهم دوافع أعمال “المقاومة” التي يسميها المستعمرون والمحتلون بـ”الإرهاب”، حيث تشير مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة طوال عقد السبعينات إلى أن من أهم الأسباب الجوهرية لاستخدام “العنف” هو استمرار الاستعمار في السيطرة والهيمنة على الأقاليم التي كانت خاضعة له يوماً ما، وإنكار حق الشعوب في تقرير مصيرها، وبهذا تكون الأمم المتحدة قد قدمت فهماً معيارياً وموضوعياً برد الظاهرة إلى دوافعها وأسبابها، وميزت بين “الإرهاب” بوصفه جريمة دولية، وبين “الكفاح المسلح” بوصفه نشاطاً من أنشطة حركات التحرر الوطني المشروعة.
مضيفا أنه ورغم الجهود المبذولة من الأمم المتحدة لحصر مفهوم “الإرهاب” وعدم خلطه بحق “المقاومة” المشروعة، نجد أن الولايات المتحدة لم تكن متعاونة لإنجاح هذه الجهود، بسعيها إلى تغييب المعايير وإحلال الانتقائية محلها، لكي توصف أعمال العنف وفق أهوائها، ووسعت مفهوم الإرهاب لديها ليشمل أعمال “المقاومة” المشروعة، ولا سيما بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وإثر انعقاد مؤتمر شرم الشيخ عام 1996 وضغط أمريكا بهدف إدانة أعمال “المقاومة الفلسطينية” تحت اسم “الإرهاب”.
وقد استغل اللوبي الصهيوني أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 لتشجيع التطرف اليميني في الإدارة الأمريكية، وتحريض العالم الغربي ضد كل ما هو عربي وإسلامي ووصفه بالإرهاب.
في هذا المفهوم عقدت الجمعية العامة 13 اتفاقية دولية، واستندت في موقفها هذا إلى العديد من القرارات والتوصيات الصادرة عنها، ولعل أولها توصيتها رقم (1514) لسنة 1960 الخاصة بمنح البلدان والشعوب المُستعمَرة استقلالها، والتي اشتَهرت فيما بعد بقرار “تصفية الاستعمار”. وكذلك توصيتها رقم (3103) لسنة 1973 بشأن المبادئ المتعلقة بالمركز القانوني لـ “المقاتلين” الذين يكافحون ضد السيطرة الاستعمارية و”الاحتلال” الأجنبي والنظم العنصرية، لا بإضفاء المشروعية على عملهم فحسب، وإنما بشمول هؤلاء المقاتلين بقواعد القانون الدولي المعمول به في النزاعات المسلحة مثل (اتفاقيات جنيف لعام 1949) الخاصة بجرحى الحرب وأسراهم، وحماية المدنيين.
واعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة مراراً بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف مثل قرارها رقم (3236) لعام 1974 بند (1و2)، وقرارها رقم (39/17) لعام 1984 بند(3)، وقرارها رقم 49/149 لعام 1995 في البند (1و3)، وبحقه في استرجاع حقوقه بالوسائل المتاحة كافة بما في ذلك “الكفاح المسلح” حسب قرار الجمعية العامة رقم (3236) لعام 1974 بند (5)، ورقم (39/17) لعام 1984 بند(2). ومنذ قيام الأمم المتحدة، قد حظر القانون الدولي، اللجوء إلى القوة المسلحة أو التهديد بها في إطار العلاقات الدولية، غير أنه أجاز اللجوء إلى القوة بأشكالها المختلفة في حالات الدفاع الشرعي ضد “الاحتلال”، بوصفها وسيلة لممارسة “حق تقرير المصير”، والوصول إلى “الاستقلال”.
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروعية نضال الشعوب في سبيل التحرر من الهيمنة الاستعمارية والسيطرة الأجنبية، بالوسائل كافة، بما في ذلك القوة المسلحة، كما أقرت تقديم دول العالم المساعدات للشعوب التي تناضل في سبيل تقرير المصير، وأن تساعد جهود الأمم المتحدة في هذا المضمار، حيث يمكن لهذه الشعوب أن تتمتع بدعم خارجي في الكفاح المسلح الذي تخوضه ضد دولة استعمارية أو عنصرية أو ضد الاحتلال الأجنبي، دون أن تحتج الأخيرة بأن هذا الدعم يُعد من قبيل التدخل في شؤونها الداخلية وذلك وفق قرار الجمعية العامة رقم (3070) لعام 1973 في البند الثاني والثالث.
وبناءً على ما تقدم فإن “المقاومة” هي:
استخدام مشروع لكل الوسائل بما فيها القوة المسلحة لدرء العدوان، وإزالة الاحتلال والاستعمار، وتحقيق الاستقلال، ورفع الظلم المسنود بالقوة المسلحة، بوصفها أهدافاً سياسية مشروعة، وهو ما يتفق مع القانون الدولي والواثيق الأممية.
وتستند “مشروعية المقاومة” إلى مجموعة من المبادئ القانونية الثابتة، كحق المقاومة استناداً لعدم الولاء والطاعة لسلطة الاحتلال، واستناداً إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها، والاستناد إلى قرارات الأمم المتحدة، والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المدنيين أثناء الحروب، فيما يمثل “الإرهاب” اعتداءً على حق الشعوب في الحياة والحرية وتقرير المصير.
توصيات:
للحد من ظاهرة “الإرهاب” ودعم “المقاومة” المشروعة يتطلب:
1- السعي لوضع مفهوم متفق عليه عالميًا لـ”الإرهاب”، وتمييزه عن “المقاومة المشروعة”.
2- التفريق بين الممارسات الإرهابية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي، و”المقاومة المشروعة” التي تقوم بها حركات التحرير الوطني لتحقيق أهدافها في تقرير المصير والاستقلال.
3- تمكين الشعوب الواقعة تحت الاحتلال من تحقيق استقلالها ونيل حقها في تقرير المصير.
4- تفعيل القانون الدولي فيما يتعلق بحماية حق الشعوب في نيل استقلالها وتقرير مصيرها.
5- السعي لتوفير الحماية الكافية للمدنيين في الحروب بما في ذلك تأمين إيصال المساعدات الطبية والإنسانية للمحتاجين منهم.
6- مواجهة إرهاب الدولة والحد من تفاقمه بالعمل على بلورة موقف دولي موحد ضد الدول التي تمارسه وبخاصة الاحتلال الإسرائيلي.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية