بعد الاحتلال الأمريكي للعراق سارع مراجع وساسة الشيعة حسب ما خططوه سابقاً قبل الاحتلال الى إقرار قانون 19 في الدستور العراقي، فما هو هذا القانون وماهي خطورته؟؟
قبل أن نبدأ ببيان هذا القانون الخطير فهذه نبذة عن تسلسل القوانين العراقية بالنسبة للمزارات والعتبات منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة والى حين إقرار هذا القانون المخالف للدستور الذي وضعوه بأنفسهم تحت حراب المحتل
أول نظام يخص العتبات في العراق الحديث صدر عام 1928 م
وبعده صدر نظام العتبات المقدسة رقم 25 عام 1948م
وبعده صدر قانون 25 لسنة 1966 يسمى قانون ادارة العتبات المقدسة والمزارات الإسلامية
وبعده صدر قانون تعديل قانون 25 وهو قانون 108 لسنة 1984 م
وأخيراً في زمن الاحتلال الامريكي صدر قانون رقم 19 لسنة 2005م باسم (قانون ادارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة رقم (19) لسنة 2005م) والذي نشر في جريدة الوقائع العراقية الرسمية
الدخول على القانون:
http://wiki.dorar-aliraq.net/iraqilaws/law/19517.html
وهذا القانون ينص على بنود خطيرة جداً:
التأسيس والأهداف:
مادة 1:
يؤسس في ديوان الوقف الشيعي بموجب هذا القانون (دائرة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة).
مادة 2:
العتبات المقدسة هي العمارات التي تضم مراقد أئمة أهل البيت عليهم السلام والبنايات التابعة لها في النجف الأشرف وكربلاء والكاظمية وسامراء ويلحق بها مرقد العباس عليه السلام في كربلاء.
والمزارات الشيعية الشريفة هي : العمارات التي تضم مراقد مسلم بن عقيل وميثم ألتمار وكميل بن زياد والسيد محمد ابن الإمام الهادي (عليه السلام) والحمزة الشرقي والحمزة الغربي والقاسم الحر وأولاد مسلم وغيرهم من أولاد الأئمة وأصحابهم والأولياء الكرام من المنتسبين إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام في مختلف أنحاء العراق
مادة 21
يلغى نظام العتبات المقدّسة رقم 25 لسنة 1948 وقانون إدارة العتبات المقدسة رقم 25 لسنة 1966 وقانون تعديله رقم 108 لسنة 1983
مما تقدم نرى ما يلي:
1- كل النظم والقوانين التي صدرت منذ تأسيس الدولة العراقية لم يذكر فيها مصطلح السنة أو الشيعة ولم يلغى ما قبلها من نصوص النظام أو القانون وإنما جرت عليها تعديلات فقط. بينما قانون 19 لسنة 2005 ألغى كل النظم والقوانين التي سبقته كما جاء في المادة 21 من ه1ا القانون.
2- سن قانون يحمل مصطلحاً طائفياً (المزارات الشيعية). بينما القانون السابق وتعديلاته تذكر المزارات الإسلامية فقط. وبالمقابل لم يسن أي قانون للمزارات والاضرحة السنية في البلد حتى تبقى عرضة للقضم والتغيير تحت طائلة هذا القانون الجائر
3- هنا الخطورة الكبيرة في هذه النقطة وهي أن قانون 25 وتعديلاته حدد عدد المزارات الاسلامية ب 16 مزار وبالأسماء. بينما قانون 19 لم يحدد أي عدد وإنما جعل الامر مفتوحاً وهذا الامر متعمداً وليس سهواً أو خطأً غير مقصود... يعني أي مرقد أو مقبرة أو بستان أو جامع يقولون أن فيه شخص مدفون من أهل البيت فيستطيعون أخذه بنص هذا القانون... وهكذا استحوذوا على الكثير من المساجد والمراقد والمقابر ووقفياتها مما سنذكر أمثلة له لاحقا.
4- هذا القانون صدر يوم 26 / 12 / 2005 بينما البرلمان انتهى دوره يوم 15/ 12 / 2005 ونشر في الوقائع العراقية يوم 28/ 12 /2005.. مما يعني أن هذا القانون مخالفاً للدستور العراقي الصادر عام 2005. ومخالفاً لقانون أدارة الدولة الذي صدر عام 2004 لان هذه الحكومة مجرد حكومة انتقالية اختيرت من قبل الأحزاب واجبها تهيئة العراق لانتخابات عام 2006 ولم تختر من قبل الشعب.. ولم يكن لها حق تشريع القوانين... لكن هكذا فرض قانون من أخطر القوانين الطائفية الذي سنرى لاحقاً خطورة تبعاته على المناطق السنية وأملاكهم وأوقافهم.
ثم لاحظوا كم من الأموال ستصرف من خزينة الدولة على هذه الدائرة المستحدثة وفروعها الكثيرة :
مادة 4:
يعين رئيس ديوان الوقف الشيعي سبعة أشخاص من ذوي الكفاية والنزاهة والسمعة الحسنة ممن يوافق عليهم المرجع الديني الأعلى – وهو الفقيه الذي يرجع إليه في التقليد أكثر الشيعة في العراق من فقهاء النجف الأشرف – للمهام الآتية :
1 . مدير دائرة العتبات والمزارات .
2 . الأمين العام للعتبة المقدّسة العلوية في النجف الأشرف .
3 . الأمين العام للعتبة المقدّسة الحسينية في كربلاء .
4 . الأمين العام للعتبة المقدّسة الكاظمية في الكاظمية .
5 . الأمين العام للعتبة المقدّسة العسكرية في سامرّاء .
6 . الأمين العام للعتبة المقدّسة العباسية في كربلاء .
7 . الأمين العام للمزارات الشيعية الشريفة في مختلف أنحاء العراق
مادة 14
يتبع كل من العتبقات المقدسة الخمس ومجموع المزارات الشريفة الأقسام التالية :
1 . قسم الشؤون القانونية .
2 . قسم الشؤون الإدارية .
3 . قسم الشؤون المالية .
4 . قسم الشؤون الهندسية والفنية .
5 . قسم الشؤون الدينية .
6 . قسم الشؤون الخدمية .
7 . قسم الشؤون الفكرية والثقافية .
8 . قسم العلاقات العامة .
9 . قسم التدقيق والرقابة الداخلية .
10 . قسم السياحة الدينية .
ومن المعلوم أن كل مديرية وكل قسم يحتاج الى بناية وموظفين يديرون أعمالها .. وكل ذلك يصرف من ميزانية الدولة
وهكذا يستحلون موارد البلد لصرفها على مشاريع التغيير الديموغرافي والسيطرة عل المناطق السنية
نماذج من تطبيقات الوقف الشيعي لقانون 19 لسنة 2005 واعتراض الوقف السني على ذلك:
1- مرقد العسكريين في سامراء: بعد أن كان مسجلاً للوقف السني تم تحويله الى الوقف الشيعي بهذا القانون.
2- تحويل جامع الآصفية في بغداد من الوقف السني الى الوقف الشيعي بدعوى أن فيه قبر الكليني. وهي دعوى فارغة حيث حتى الكتب الشيعية تقول إن مدفنه في الكوفة
3- تحويل مساجد ومقابر ومراقد ومزارع وأبنية وممتلكات كثيرة في بغداد والمحافظات من الوقف السني الى الوقف الشيعي خاصة بعد عام 2012
4- لاحقاً تمت مصادرة كثير من المساجد والوقفيات في الموصل بهذا القانون سيء الصيت ومنها جامع النبي يونس وجامع النبي شيت ومراقد منسوبة لآل البيت والتي كانت مدارس أو قبور لشخصيات سنية وغيرها حولها بدر الدين لؤلؤ زمن حكمه على الموصل في عهد الاتابكيين
5- قام الدكتور عبد الكريم السامرائي عندما كان وزيراً للعلوم والتكنولوجيا بمخاطبة المالكي عندما كان رئيساً للوزراء بتاريخ 22/5/2012 بمنع التجاوز على الجامع الكبير والروضة العسكرية في سامراء وعدم تحويلهما الى الوقف، وجاء تهميش المالكي على الطلب بتوقيف كافة الإجراءات... لكن التحويل تم على أرض الواقع ورسمياً لاحقا.
7- قام الوقف السني بتاريخ 15/1/2013 بتقديم شكوى الى المحكمة الاتحادية والطعن بقانون 19 سيء الصيت.
وننقل مقتطفات من الشكوى (وأن هذا القانون مخالف للدستور وأنه يجيز للوقف الشيعي ووفقاً لما يفسره ويرتأيه وبإدارة منفردة ضم جميع الأملاك والاوقاف المسجلة باسم (وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الملغاة) اليه وبكل يسر وهو ما حصل فعلً مما يشكل خرقاً صارخاً وخطيراً للدستور النافذ.... وقد نتج عن تشريع وتطبيق المادة رقم 2 من القانون أعلاه بالأوصاف والالفاظ المشار اليها أعلاه وبالاستناد اليها ممارسات قام بها الوقف الشيعي والدوائر التابعة له ودوائر أخرى بالحاق أضرار معنوية ومادية جسيمة بمصالح الوقف السني وقد يؤدي الى سوء التفسير والتطبيق للمادة المذكورة الى الاستيلاء والتجاوز مستقبلاً على أوقاف تمثل رموزاً دينية ومذهبية معنوية سامية لأهل السنة والجماعة في العراق وفي العالم الإسلامي والتي أديرت وتدار من قبلهم منذ مئات السنين)... وبعد تقديم كل هذه الأدلة الواضحة قامت المحكمة الاتحادية برد الدعوة والقول أن المواد 1و2 لا تخالفان شيئاً من الدستور.. رغم إقرار المحكمة الاتحادية بأن المشرع لم يكن دقيقاً في صياغة هذه المادة التابعة لقانون 19 سيئ الصيت والسبب كما قالت المحكمة هي أن المشرع اعتمد على الفاظ ومصطلحات عامة وغير محددة)
وقالت المحكمة كلاماً خطيراً وهو صلب موضوع الشكوى (ومن ملاحظة المادة 1 من القانون رقم 19 لسنة 2005 نجد أنها مادة تنظيمية لأمور الوقف الشيعي وأن تسمية القانون بهذا الوصف لا يعني تقرير أولوية بعض المواطنين على غيرهم بل تم تسميته بهذا الوصف لأجل التعريف بهذا القانون بأنه صدر ليتولى تنظيم عملية إدارة وتسيير أمور العتبات المقدسة والمزارات التي تخص أبناء طائفة دينية بما يناسب وقدسيتها وتطويرها لذا فإن هذه المادة لا تخالف المواد.......)
وهنا عندنا على هذه الفقرة عدة ملاحظات:
حيث أن بداية الكلام يقول (أن هذه المادة لم تقر لأجل تقرير أولوية بعض المواطنين على غيرهم) لكنه ينقضها بما بعدها عندما يقول (بأن هذا القانون صدر ليتولى تنظيم عملية إدارة وتسيير أمور العتبات المقدسة والمزارات التي تخص أبناء طائفة دينية بما يناسب وقدسيتها وتطويرها) وهنا اعتراف واضح جداً من المحكمة الاتحادية بالتمييز الطائفي بين الطوائف وجعل الشعب طبقات وليس طبقة واحدة في الحقوق والواجبات.. حيث أنهم أقروا قانون لإدارة ممتلكات الوقف الشيعي والتعريف به ولم يقروا مثل ذلك القانون للوقف السني الذي يمتلك نفس العتبات والمزارات أكثر من الشيعة.. وهذا الامر من الخطورة بمكان وهو أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت المكون السني يعترض على هذا القانون.
وفي معرض كلامها على المادة 2 من القانون قالت المحكمة في قرارها هذا (أن المادة رقم2 المطعون بعدم دستوريتها من القانون رقم 19 لسنة 2005 لا تخالف ولا تتعارض مع أحكام المواد الدستورية المشار اليها أعلاه وأنها لم تنص على تمليك ديوان الوقف الشيعي الأملاك العائدة الى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الملغاة وأن الهدف من صدوره واضح في المادة الثانية من القانون.......)
لكن الحقيقة غير ذلك: فقد تم الاعتداء على مئات الأملاك العائدة للوقف السني من قبل الوقف الشيعي معتمدين على هاتين المادتين ولم تأخذ المحكمة الاتحادية ولا غيرها الإجراءات الكافية لمنع استحواذ الوقف الشيعي على ممتلكات الوقف السني.... وتسييس القضاء واضح للعيان في هذه الدعوى وفي غيرها.
لذلك تم التطاول لاحقاً على وقفيات الوقف السني باتفاقيات مشبوهة بين رئاسة الوقف السني (الذي دعلوه عرضة للمزاد السياسي لتنصيب من يميل لهم برئاسة الوقف السني) والشيعي ووصل الامر الى توقيع رئيس الوزراء الكاظمي على قرار باطل يؤكد على تقاسم الأوقاف السنية بينهم وبين الوقف الشيعي في سابقة لم تحدث لا في العراق ولا في أي دولة من قبل... وعندما انفجر الشارع السني وطالب رئيس الوزراء بإلغاء هذا القرار كان رد رئيس الوزراء بطريقة خادعة لتهدئة الشارع السني بتجميد القرار فقط مما يعني أنه مازال موجوداً وممكن أن ينفذ في أي لحظة كما حصل مع قانون 19 في بداية اقراره بالضبط.
واليوم جاءتنا العتبة الحسينية بمشروع طائفي خبيث والذي أطلقوا عليه إحياء طريق السبايا لقضم مساحات شاسعة من المناطق السنية عن طريق زرع مقامات ومشاهد موهومة في تلك المناطق ليأتي الحديث بعد ذلك على تطبيق قانون رقم 19 عليها
وهذا تغيير ديموغرافي فاضح إضافة الى التحرش الطائفي الصارخ
فهذا المشروع في الحقيقة هو توضيح سياسي طائفي لمشروع كبير قائم على الأرض وهو سيطرة المشروع الشيعي على كل العراق وهذا هو الخطر الحقيقي من هذا المشروع... وهذا الذي دعانا أن نتجشم العناء لأكثر من شهر نغوص في بطون كتب القوم لنبين زيف دعواتهم ومن كتبهم المعتمدة عندهم والله المستعان.
لماذا أغضب هذا المشروع كلا من السنة (العرب والكورد) والأقليات؟
استنكرت كل الواجهات السنية بعربها وكردها من علماء وساسة وأكاديميين وكتاب واعلاميين ومهتمين هذا المخطط واعتبروه مشروعاً طائفياً لنشر التشيع
فقد أصدر المجمع الفقهي وهيئة علماء المسلمين في العراق وباقي الهيئات العلمائية والدعوية وجمع من الساسة بيانات تستنكر هذا المشروع الطائفي وطلبوا من رئاسة الوزراء إيقافه لكن دون جدوى.
يرون أن محاولات تحديد طريق السبايا هذه هي للاستحواذ على أراضيهم وفرض "نفوذ الشيعة والحشد الشعبي على تلك المناطق"، لأن بناء مزارات شيعية في الموصل وسنجار سيكون، حسب رأيهم، "حجة لتثبيت الحشد الشعبي فيها بحجة حماية المزارات".
الكاتب عارف قورباني، قال في مقال كتبه لرووداو: "رغم أن هذه القصة قديمة، وقد خمن الشيعة منذ زمن بعيد ثلاثة طرق تربط بين المكان الذي قتل فيه الإمام الحسين وبين دمشق، حيث كان يقيم يزيد بن معاوية، ولديهم الكثير من البحوث والتفسيرات للعثور على الطريق مع الأخذ بوسائل النقل في تلك الأيام، إلا أن هذه المسألة ظلت مبهمة حتى الآن، ولكن الذي ليس خافياً هو أن الشيعة نجحوا بتفوق في استثمار الدين والمذهب وهذه القصص التي حدثت في التاريخ الإسلامي".
ويضيف هذا الكاتب: "ليس خافياً الآن أن الشيعة طامعون في الكورد وكوردستان، ولا يخفون رؤيتهم للكورد كخطر يقف عائقاً في طريقهم. لهذا يستطيعون وبسهولة لفت أنظار الشيعة إلى أي جغرافية تلزمهم. فبعد سقوط نظام صدام حسين، اختلقوا في مناطق طوزخورماتو قصة تزعم أن حصان الإمام علي وقف على الجبل المطل على طوزخورماتو ومناطق (بناري كل) واتخذوا عنوة من المكان مزاراً وشكلوا قوة لحمايته، وقد رأينا النتائج وما حدث في تلك المنطقة".
واستضافت روجان أبو بكر في نشرة العاشرة على قناة رووداو، ندوة حول تاريخ هذا الطريق الذي يسميه الشيعة "طريق السبايا" وينفي السنة وجوده، وشارك فيها علماء سنة وأساتذة ومتخصصون في التاريخ.
مجيد العقابي، رئيس مركز الحوار والإصلاح والأستاذ في النجف، كان واحداً من المشاركين في الندوة، وأوضح أن "التاريخ يتحدث عن ثلاثة طرق تم من خلالها حمل رأس الإمام الحسين وبقية ضحايا معركة الطف إلى دمشق. هذه الطرق هي الطريق السلطاني وطريق الفرات وطريق الصحراء".
العقابي أضاف أنه: "لا نستطيع الجزم بأن أحد الطرق هو الطريق المقصود، بل علينا أن نجري البحوث ويجب أن تكون هناك أدلة للوصول إلى الحقائق، وما يجري الآن هو مجرد بحث وليس هناك شيء مؤكد".
شارك في الندوة أيضاً محمد عبد الوهاب، الرئيس السابق للوقف السني في نينوى، وقال عن البحث الجديد للعتبة الحسينية والذي يظهر أن الطريق مر بأسكي موصل وسنجار فنصيبين، فكوردستان سوريا، وصولاً إلى دمشق: "هذا البحث ليس بأمر يدخل في إطار الدين، وهو ليس بعمل جيد في هذا التوقيت الحساس، إن ما يجري لا يصب في مصلحة الدين ولا الأمة".
ورأى الرئيس السابق للوقف السني في نينوى أن من ينظر إلى مسار هذا الطريق، يعرف أن الطريق من كربلاء إلى دمشق أقرب من هذا الطريق الطويل الذي يشار إليه "والهدف من هذا البحث هو مشروع سياسي يهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي".
وأضاف عبد الوهاب أن "الشيعة يستخدمون مصطلح سبايا خطأ، فهؤلاء لم يكونوا سبايا بل كانوا أسرى، وثم اختلاف بين السبايا والأسرى، ولم يُتخذ هاشمي ولا قريشي سبية، فالأولى بالشيعة أن يصرحوا بالقول إنهم يريدون الاستحواذ على تلك المناطق لا أن يتحججوا بحجج غير منطقية".
شارك في الندوة أيضاً قادر بشدري، عميد كلية الآداب والمتخصص في التاريخ الإسلامي، وقال: "أعتقد أن هذا الموضوع تاريخي صرف ولا يصح خلطه بالصراع السياسي، ولا تضم المصادر التاريخية أي إشارة إلى ذاك الطريق. يجب فقط اعتماد كتب البلدانيين، وهذه الكتب تشير إلى الطريق الحقيقي وهو طريق قصير، أما الطريق الذي يجري الحديث عنه الآن فلا منطق فيه"، ووصف الطريق مدار البحث على أنه يشبه مرور أحدهم بتركيا وهو يريد السفر من العراق إلى إيران.
وأشار بشدري إلى أنه إلى جانب غياب الأدلة التاريخية، فإن البحث سيواجه مشاكل مع علم الآثار: "ما الذي عثر عليه ليثبت أن هذا هو الطريق؟ حتى إن عثر على شيء، ما الذي يثبت أنه يخص تلك القافلة؟ هذا ليس منطقياً أبداً ويبطل كل تلك المحاولات، فقد مرت بهذا الطريق آلاف القوافل ولا يُعرف ماذا بقي من آثارها ولا لمن تعود تلك الآثار، لهذا فإن هذه المحاولة تفتقر إلى كل الأسس العلمية".
وشارك العالم الديني فرست مرعي، في الحوار وقال: "يريد الشيعة عن طريق هذا البحث بناء مزارات ومقامات وهمية، مثل مزار زين العابدين في داقوق الذي لا يمت إلى الحقيقة بصلة، بل هدفهم الوحيد هو التمسك بتلك الأرض... الروايات الشيعية كلها تعتمد على مصادر من عهد الصفويين تم فيها تحريف الكثير من الحقائق التاريخية".
وأشار مرعي إلى أن الشيعة يريدون السيطرة على الموصل التي هي مركز السنة في العراق، وقال: "ما يريده الشيعة هو تشييع الموصل التي هي مركز السنة في العراق، وبناء مزارات فيها وتمهيد الأرضية لإقامة الهلال الشيعي وتسهيل حركة التنقل الإيرانية وتنفيذ الخطة الإستراتيجية الإيرانية، فيريدون أن يفعلوا بالموصل ما فعلوه بالدجيل وينتفعوا من ستراتيجيتها الجغرافية".) ([1])
تأثير هذا المشروع على الأقليات الدينية والعرقية في العراق
بل هذا المشروع أغضب حتى الأقليات الدينية والعرقية في العراق حيث نقل موقع ارفع صوتك الالكتروني هذه المعاناة بهذا التقرير (وضمن متابعته للمشروع، حصل موقع "ارفع صوتك" على معلومات من مصادر عدة وشهود عيان داخل محافظة نينوى، كشفت عن بدء لجنة مشتركة من رجال دين تابعين للعتبة الحسينية وديوان الوقف الشيعي، بحماية مليشيات "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" و"حشد الشبك" و"كتائب الإمام علي" و"سرايا السلام"، بمسح وتقص ميداني منذ نوفمبر الماضي، انطلق غرب محافظة نينوى على طول أكثر من 90 كيلومترا.
ويبدأ من منطقة "آسكي موصل" مرورا بـ"حاوي الكنيسة" ثم قضاءي تلعفر وسنجار وناحيتي سنونة وربيعة، ليشمل عدة بلدات وقرى، وصولا إلى الحدود العراقية السورية، وتخضع مساحة كبيرة منها لسيطرة مليشيات الحشد الشعبي.
"استيلاء وتهميش وإقصاء"
ويعتبر كامل زوزو، الناشط المسيحي في مجال حقوق الإنسان والأقليات، المشروع "مخططا إيرانيا لاستقطاع جزء من التاريخ وأراضي المسيحيين والأقليات الأخرى، بحجة أن عائلة الإمام حسين سلكت هذا الطريق قبل ما يزيد من ألف عام متوجهة الى سوريا".
ويتابع زوزو لموقع "ارفع صوتك": "إذا سلمنا لهذا الأمر يجب أن نسلم أيضا إلى أنه من قبل سنة 612 قبل الميلاد كانت هذه المنطقة برمتها آشورية، فإذا هم أخرجوا آثار مرور السبايا، قد تفتح هناك أيضاً آثار آشورية".
ويصف المشروع بأنه "مغالطة تاريخية" مضيفاً "يهدف (طريق السبايا) إلى ضرب نسيج التآخي الموجود بين الناس في هذه المناطق، فهذه الأجندة الإيرانية همها الوصول إلى البحر المتوسط، عبر الهلال الشيعي المرسوم من قبل النظام في طهران، الذي يرى أن امتداده يكون بإنهاء وجود المسيحيين والأيزيديين والتركمان من هذه المناطق".
وطالما أشار قادة الحرس الثوري والنظام الإيراني والمليشيات الموالية له في العراق، إلى هدفهم بالوصول للبحر المتوسط من خلال السيطرة على الطريق البري الرابط بين إيران والعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان".
ولا يخفي زوزو مخاوف المسيحيين من المشروع الجديد، وعمليات التغيير الديمغرافي الذي تواصل إيران ومليشياتها تنفيذها في منطقة سهل نينوى شرق الموصل.
ويقول "المال السياسي الإيراني وعبر السفارة الإيرانية في العراق كان حاضرا دائما وما زال؛ لدعم عمليات التغيير الديمغرافي في سهل نينوى".
ويتابع أن "عمليات التغيير الديمغرافي لا تتوقف عن الاستيلاء على هذه المناطق، بل تتعداها إلى إهمال وتهميشها وتهميش سكانها المسيحيين، وعدم إتاحة الفرصة لهم للمشاركة السياسية وللتمتع بحقوقهم كمواطنين، الأمر الذي يتسبب باستمرار نزيف الهجرة".
"تغيير طبيعة أرضنا"
في نفس السياق، يؤكد حسام عبدالله، وهو المدير التنفيذي للمنظمة الأيزيدية للتوثيق، على مخاوف الأيزيديين أيضاً من "طريق السبايا"، حيث يشمل مساحات واسعة من أراضيهم.
ويوضح "هذا المشروع سيغير من طبيعة الأرض وهي أرضنا وأرض أجدادنا وأراضي المكونات الأخرى التي تعيش فيها، لذا نحن خائفون، فهذه رغبة واضحة للتغيير الديمغرافي".
ويشير عبد الله إلى أن منظمته رصدت خلال السنوات الماضية العديد من حالات بيع وشراء العقارات والأراضي في سنجار وغيرها من المناطق، التي تشهد تغييرا ديمغرافيا واضحا لطبيعة هذه الأراضي، والأمر مستمر لغاية الآن.
ويحذر من "فقدان الأقليات التي تعيش في هذه المناطق، لأراضيها، بعد نحو 10 سنوات، إذا ما استمرت عمليات التغيير الديمغرافي" مؤكداً "هناك من يجلب المال والسلاح ولديه القوة والسلطة ويفرض أجندته".
ويتفق رجب عاصي كاكيي رئيس منظمة ميثرا للتنمية والثقافة اليارسانية، مع المسيحيين والأيزيديين حول خطورة مشروع "طريق السبايا" على وجود الأقليات.
ويوضح كاكيي لموقع "ارفع صوتك": "سيحول هذا المشروع المنطقة إلى ساحة اعتراك وصراعات طائفية لا تحمد عقباها، وتتسبب بانصهار الشعوب الأصيلة داخل الشعوب المستعمِرة بعناوين دينية وطائفية".
يجدر الذكر، أن موقع "ارفع صوتك" اتصل بإعلام العتبة الحسينية عدة مرات؛ للحصول على تصريح توضيحي، والإجابة على تساؤلات الأقليات، إلا أنه لم يتلق أي جواب) ([2])
([1]) مقال أسو فيشكي في موقع قناة رووداو الكردية https://www.rudaw.net/arabic/middleeast/iraq/050120219
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية