لا تُغلقوا أعينكم عن غزة: المجاعة.. البرد.. الدمار

- 20 يونيو 2025 - 52 قراءة

ما تشهده غزة اليوم هو مأساة إنسانية غير مسبوقة، حيث يتعرض المدنيون لحربٍ متعددة الأبعاد من المجاعة، والبرد القارس، والدمار المستمر. هذه المعاناة اليومية التي يعيشها سكان غزة تُعد نداءً إنسانيًّا عاجلًا يطلب من المجتمع الدولي التحرك الفوري لمساعدة هؤلاء الأبرياء. مع استمرار الحصار والقصف العشوائي. يواجه المدنيون في غزة خطر الموت من الجوع، والبرد، والمرض. إن الوضع في القطاع يتطلب توفير مساعداتٍ إنسانيةٍ عاجلة، بالإضافة إلى إيجاد حلٍّ سياسيٍّ يُنهي حرب الإبادة، ويحقق السلام للشعب الفلسطيني.

يستمر الحصار المفروض على غزة منذ سنواتٍ في تقويض القدرة على توفير الغذاء للسكان، كما أدت الحروب المتواصلة والقصف العشوائي إلى تدمير الأسواق والمحلات التجارية، مما جعل الحصول على المواد الغذائية الأساسية أمرًا شبه مستحيل. على الرغم من محاولات الدعم الدولي، يواجه السكان أزمةً غذائيةً حادة تهدد حياة الآلاف من الأطفال وكبار السن. وكشفت منظمة "أنقذوا الأطفال" أن أكثر من 130 ألف طفل في شمال قطاع غزة مهددون بالموت جوعًا بسبب نقص المواد الغذائية وتدمير البنية التحتية.

مع دخول فصل الشتاء، تزداد معاناة سكان غزة بسبب البرد القارس والأمطار الغزيرة التي غمرت الخيام، التي تحولت إلى المأوى الوحيد لكثيرٍ من العائلات بعد فقدان منازلهم. فالخيام لم توفر الحماية الكافية من العوامل الجوية القاسية، بالإضافة إلى المياه التي تسربت إليها؛ مما جعلها غير صالحةٍ للسكن. هذا الوضع يزيد من خطر الإصابة بالأمراض التنفسية الحادة، خاصةً بين الأطفال، والنساء، وكبار السن. في ظل هذا البرد القارس، تتعرض حياة الآلاف للخطر يوميًّا، والمساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية ليست كافيةً لمواجهة هذه الكارثة.

لم يكن موسم الشتاء فقط هو ما يُزيد الأمور تعقيدًا في غزة، بل أيضًا الأمطار الغزيرة التي تسببت في غرق العديد من الخيام التي كانت تمثل مأوى آلاف النازحين، فتتفاقم الكارثة مع فقدان الأسر لهذا المأوى المؤقت؛ مما يعرض حياتهم لمزيدٍ من الخطر، فقد جرفت الفيضانات كل شيءٍ في طريقها؛ مما يضاعف من مأساة السكان الذين لا يعرفون أين يذهبون أو إلى من يلجؤون. هذه الحوادث تُظهر بوضوحٍ حجم الأضرار التي يعاني منها القطاع، وكيف أن العواقب الإنسانية لا تقتصر فقط على القصف، بل تشمل أيضًا الكوارث الطبيعية التي تفوق قدرة المجتمع على تحملها.

إن هذه الأزمة تتطلب تحركًا دوليًّا عاجلًا. فالتجاهل المستمر للوضع في غزة يعني تقاعسًا عن تقديم المساعدة الإنسانية الضرورية، كما يعكس إصرارًا على عدم فرض الضغوط اللازمة لوقف الإبادة. المجتمع الدولي مطالب اليوم بتقديم مساعداتٍ إنسانيةٍ فوريةٍ تشمل الغذاء، والأدوية، والملابس الدافئة، والمأوى الآمن. وفي الوقت نفسه، يجب أن يتوحد العالم في الضغط على جميع الأطراف لوقف الأعمال العدائية، والتزامهم بالقانون الدولي الإنساني.

إن ما يحدث في غزة ليس مجرد نزاعٍ مسلح، بل يُمكن أن يُوصف بالإبادة الجماعية؛ حيث يُستهدف المدنيون بشكلٍ منهجي، فقد حوَّل القصف الجوي المتواصل والمواجهات العنيفة المنطقة إلى ساحة حربٍ مفتوحة، لا تميز بين طفلٍ، أو امرأةٍ، أو شيخ. هذا التصعيد يُمثل انتهاكًا صارخًا لكل القوانين الدولية التي تُحمّل الأطراف المتنازعة مسؤولية حماية المدنيين.

لكن المساعدات الإنسانية وحدها لا تكفي، فمن الضروري أن تتضافر الجهود الدولية لإيجاد حلولٍ سياسيةٍ دائمة تُنهي الحروب المستمرة، وتحقق السلام للشعب الفلسطيني. لا بد من الضغط على جميع الأطراف لتحقيق وقفٍ كاملٍ لإطلاق النار، وفتح المعابر الإنسانية بشكلٍ دائمٍ لتقديم المساعدات، بالإضافة إلى الضغط لإنهاء الحصار المفروض على غزة.

ما يحدث في غزة اليوم هو اختبار ضمير للبشرية جمعاء. إن تجاهل هذا النداء الإنساني لا يعتبر فقط إخفاقًا أخلاقيًّا، بل هو أيضًا فشل قانوني يصعب تبريره. ما نحتاجه اليوم هو تحركٌ فوري من المجتمع الدولي، بدءًا من تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، وصولًا إلى الضغط السياسي من أجل وقف العدوان وفتح قنواتٍ للتفاوض لإيجاد حلٍّ سياسيٍّ يعيد الأمل للسكان الذين عانوا طويلًا من الحروب والدمار.

في النهاية، غزة لا تحتاج إلى شعارات أو بيانات سياسية، بل إلى دعم فوري.

 

*دكتوراه في العلوم السياسية

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.