لعبة «القط والفأر» بين إيران وإسرائيل

- 25 يناير 2022 - 271 قراءة

  • «معهد طهران للأبحاث الدولية»: %32 فقط من الإيرانيين يتابعون أخبار التهديدات الإسرائيلية بجدية
  • البرلمان الإيراني: إسرائيل ليست بالمستوى الذي تريد إيران الدخول معها في معركة.. وإذا ارتكبت خطأ فإنها تكتب نهايتها!
  • الإيرانيون يعتبرون أن كل ما يردده الساسة عن «الشيطان الأصغر» إنما هو كلام للاستهلاك الإعلامي فقط
  • منذ نوفمبر 2011 يتم تداول أبناء عن حول «هجوم إسرائيلي وشيك» على المنشآت النووية الإيرانية!
  • الملالي: إذا سول الكيان الصهيوني لنفسه التطاول على إيران فلن نجد أثرًا لإسرائيل بعد «نصف ساعة» من تطاولها

 

أجرى "معهد طهران للأبحاث الدولية"، مؤخرًا، استطلاع رأي على مستوى إيران، لقراءة مستوى تأييد الإيرانيين للرد على أي هجوم عسكري إسرائيلي محتمل ضد بلادهم، في ظل تصاعد التهديدات التي تطلقها تل أبيب منذ فترة بتوجيه ضربة إلى البرنامج النووي الإيراني، سواء تم التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران والقوى الدولية حول هذا البرنامج في "مفاوضات فيينا"، من عدمه.

شملت عينة الاستطلاع الذي أُجرى لأول مرة، 1106 أشخاص، 61% من الرجال و39% من النساء، في الفئة العمرية من 18 إلى 75 عامًا. 47٪ شباب، و42٪ في منتصف العمر و11% من كبار السن.

وأظهرت النتائج أن 83% من المستطلعة آراؤهم يتابعون الأخبار المتعلقة بالتهديدات الإسرائيلية لإيران، منهم 32% فقط يتابعون الأخبار بجدية، و56٪ يتابعونها حسب الأهمية، و12% يتابعونها على أساس كل حالة على حدة.

وقال 74% في هذا الاستطلاع إنهم لا يعتبرون رد الفعل الإيراني على الاستهدافات الإسرائيلية، مثل اغتيال القادة العسكريين والعلماء وتخريب البنية التحتية النووية والعامة للبلاد "ردًا مناسبًا"، فيما قال 79٪ من المشاركين إنهم يوافقون على مواجهة التهديدات الإسرائيلية عسكريا، واعتبر 73% أن إيران لديها القدرة العسكرية الكفيلة بالرد على تهديدات إسرائيل ضدها.

ورأى 67% من المستجيبين أن الكيان الصهيوني يمثل تهديدا لإيران، فيما اعتقد 56٪ منهم أن التهديدات الإسرائيلية ضد إيران تمس بالهوية والمثل والقيم السياسية والثقافية والدينية للشعب الإيراني، وقال 73% إنهم يعتبرون تشجيع إسرائيل الولايات المتحدة على فرض المزيد من العقوبات على إيران، يؤثر على معيشتهم اليومية.

ولا بد من التوقف أمام بعض الأرقام الواردة في الاستطلاع، وأهم هذه الأرقام هو أن %32 فقط يتابعون أخبار التهديدات الإسرائيلية بجدية، بمعنى أنهم لا يأخذون الأمور على محمل الجد، إما لأن الأمر لا يعنيهم، أو لأن الشعور العام في إيران هو أن العداء بين بلادهم وبين إسرائيل إنما هو "عداء ظاهري" فحسب، وكل ما يردده الساسة الإيرانيون عن "الشيطان الأصغر" إنما هو كلام للاستهلاك الإعلامي فقط!

"جعجعة بلا طحن"

التهديدات الإيرانية لإسرائيل، والعكس، أي التهديدات الإسرائيلية لإيران، ليست بجديدة، ففي نوفمبر 2011 تم تداول أبناء عن حول "هجوم إسرائيلي وشيك" على المنشآت النووية الإيرانية.

وفي ذلك الوقت، نقلت "وكالة أنباء فارس" عن أمير علي حاج زادة، رئيس قسم الفضاء الجوي في "الحرس الثوري" وقتها، قوله "إن أعظم أملنا أن ترتكب تل أبيب هذا الخطأ، ولدينا طاقة خفية لإرسال أعداء الإسلام إلى مزبلة التاريخ إلى الأبد"!

ومنذ عام 2016، لم يخف رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو تعمده ضرب أهداف إيرانية في كل سوريا، فقد أعلنت إسرائيل صراحة أنها شنت خلال عام واحد ما لا يقل عن 200 غارة إسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سوريا، ولم ترد عليها طهران بغارة واحدة!

وكان السؤال المصيري الذي شغل بال المحللين والمراقبين خلال الأعوام الماضية، هو: لماذا لم تستغل إيران هذا التصعيد العسكري الاسرائيلي الموجه ضدها، وتقوم بشن غارات مضادة على أهداف إسرائيلية؟ وتعلن فعليا بدء "الجهاد الأكبر" الذي تحرض عليه ضد اليهود، كما في أدبيات نظام الملالي وسياساته؟ وإذا كان كبار المسؤولين الإيرانيين، وعلى رأسهم المرشد علي خامنئي، صادقين فيما يدّعونه عن القدرات العسكرية الإيرانية، فلماذا لا يردون على إسرائيل، ولماذا يقفون أمام الوحش الإسرائيلي كنعامة تدفن رأسها في الرمال؟!

عجز طهران على الرد على إسرائيل طوال السنوات الماضية، بعد قيامها بقصف أهداف ومخازن للسلاح واصطياد جنرالات إيرانيين، فضلا تخريب المنشآت النووية، واغتيال العلماء النوويين.. كل ذلك كشف عن عورات تشوب نظام الحكم في طهران. وفي مقدمتها عدم القدرة العسكرية الحقيقية على مواجهة إسرائيل، والاستناد إلى شعارات كاذبة ومتاجرة رخيصة، عبر تصريحات نارية يطلقها ساسة إيران وجنرالات "الحرس الثوري"، وهي - بكل تأكيد- "جعجعة بلا طحن"!

وفي إطار هذه التهديدات الفارغة، قالت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، في مارس/آذار 2021، إن "إسرائيل ليست بالمستوى الذي تريد إيران الدخول معها في معركة، أما إذا ارتكبت إسرائيل خطأ فإنها ستكون قد كتبت نهاية حياتها بنفسها".

وأشار مجتبى ذو النوري، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية السابق في البرلمان، إلى "التهديدات الإسرائيلية ضد إيران"، وقال إن "الكيان الصهيوني معروف في العالم بالكذب، ونحن نعتبر هذا الكيان خطراً على البشرية جمعاء، ونتمنى أن يطهر العالم من قذارة هذا الكيان غير الشرعي".

وأضاف ذو النوري، أن "قدرة النظام الإيراني هي من القوة، بحيث إذا سول الكيان الصهيوني لنفسه التطاول على إيران، فإننا قد لا نجد أثرا لإسرائيل بعد نصف ساعة من تطاولها"!

ويؤكد المحلل السياسي إبراهيم شعبان أن "عجز إيران في الرد على ما تقوم به إسرائيل، يكشف عن أن طهران تمارس عمليات متاجرة وكذب بالمواجهة مع اليهود، والادعاء بأن أمريكا هي الشيطان الأكبر، وأن إسرائيل الشيطان الأصغر، فهي تتباكى بهذه الشعارات أمام الشعوب العربية، وترتدي ثوب المجاهدين لكنه في الحقيقة صراخ يداري الكذب".

حرب كلامية

ويؤكد المراقبون أن الحرب إسرائيل وإيران، هي مجرد "حرب كلامية" حتى الآن، فبينما يخرج أمير علي حاجى زادة، قائد القوى الجوية والصاروخية فى "الحرس الثوري"، ليهدد بإزالة إسرائيل من الوجود، يرد عليه أفيف كوخافى، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بأن الاستعدادات العسكرية والتحضيرات، اقتربت من "لحظة الصفر" للتخلص من المشروع النووي والصاروخي الإيراني.

سياسيا، تقول إيران إن كل التهديدات الإسرائيلية ضدها لـ "الاستهلاك الداخلي"، وترد إسرائيل بأن التهديدات الإيرانية، لرفع سقف المطالب الإيرانية على طاولة المفاوضات.

وعسكريا، يدرك الطرفان نقاط قوة وضعف الآخر، إسرائيل تدرك أن أي اتفاق نووي يتوصل إليه الغرب مع إيران، لن يحقق لها مطالبها، ما لم يتم تفتيت البنية النووية الإيرانية، التي تسمح لها بامتلاك سلاح نووي، وأن ما تقوم به إيران من خلال المفاوضات، ليس سوى عملية "شراء الوقت"، ومن بعده مفاجأة العالم بالسلاح النووي في أي لحظة.

وفي إطار هذه الحرب الكلامية، تقول إسرائيل إنها أبلغت كل حلفائها أنها أمام أحد خيارين: إما ضرب المنشآت النووية الإيرانية وتدمير كامل البرنامج النووي الإيراني، أو التعايش مع إيران النووية، وهي لن تقبل بذلك مطلقا.

وتقوم إسرائيل بتحضير البلاد والقوات والحلفاء ومسرح الأعمال القتالية، ورغم أنها تمتلك قرار إعلان "ساعة الصفر"، وبدء الحرب على إيران، لكنها لا تملك قرار وقفها، ولذا كان تركيزها في الحرب ضد إيران خلال الفترة الماضية على تنفيذ عمليات عالية التقنية داخل أخطر مواقع طهران وهى منشآت برنامجها النووي، وعلى رأسها مفاعل "نطنز"، واغتيال شخصيات نووية إيرانية.

ــــــــــــــــــــ

المصادر:

  1. لماذا لا ترد إيران على إسرائيل؟ موقع صدى البلد، 25 أغسطس/آب 2019.
  2. إيران ترد على إسرائيل وتهدد بـ "محوها في نصف ساعة"، موقع سبوتنيك عربي، 2 مارس/آذار 2021.
  3. «تمثيلية» القط والفأر بين إسرائيل وإيران.. الجميع على حافة الهاوية، موقع أخبار اليوم، 1 يناير/كانون الثاني 2022.
  4. إيران تتوعد إسرائيل برد مدمر وإلقائها في مزبلة التاريخ، موقع المدينة، 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.

 

 

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.