لماذا انهار التحالف «الماروني الشيعي» في لبنان؟

- 16 مارس 2022 - 622 قراءة

<< التحالف الماروني – الشيعي أدى إلى دعم عون لحزب الله في حرب 2006 وتبنّي "حزب الله" ترشيح عون في الانتخابات الرئاسية 2014- 2016 مقابل صمته على عبور ميليشيات الحزب الإرهابية لإبادة الشعب السوري

 

<< الشعب اللبناني دفع بكافة طوائفه ثمن التحالف "المارون الشيعي" الذي مكن الميليشيات اللبنانية الموالية لإيران من الهيمنة على كافة مفاصل الدولة اللبنانية

 

 

 

تمر الدولة اللبنانية بمرحلة حرجة تنذر بانهيار الدولة التي تشكلت بعد الحرب العالمية الأولى، إثر الاحتلال الفرنسي لبلاد الشام، تلك الدولة التي تأسست على يد الفرنسيين.

الفرنسيون حينها قاموا بضم عدد من المدن (بيروت وصيدا وطرابلس) في الساحل الشامي وجبل عامل، وسهل البقاع والسهول الشمالية إلى متصرفية جبل لبنان، ليطلق عليها الجنرال الفرنسي غورو حينها اسم دولة لبنان الكبير، لكن كيف وصل الحال بتلك الدولة اليوم بعد الهيمنة الإيرانية وتحالف بعض الأقليات مع بعضها البعض، في تراجع خطير عن الميثاق الوطني اللبناني (نظم أسس الحكم في لبنان عام 1943)؟.

 

ما الذي يجري بين طوائف لبنان ؟

مرت الدولة اللبنانية بمشكلات كبيرة منذ تأسيسها، حيث كانت بعض الطوائف تستقوى بقوى دولية ضد الطوائف الأخرى، كذلك فإن التطورات الكبيرة في المشرق العربي مع تصاعد المد القومي العربي في خمسينيات القرن الماضي خصوصًا مع الوحدة بين مصر وسوريا، جعل الدولة اللبنانية على المحك.

إذ كانت مطالبات أكثر اللبنانيين الانضمام إلى هذه الجمهورية العربية المتحدة (اتحاد مصر وسوريا) الذي تأسس عام 1958م، إلا أن هذا الأمر خلق صراعات خطيرة بين الطوائف في لبنان، حيث استقوت بعض الطوائف بدول غربية رافضة للوحدة (فرنسا وأمريكا).

وفي مرحلة تالية، انهار التوافق بين الطوائف بعدما وصلت قوات منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن إلى سوريا بعد "أيلول الأسود" طبقًا لاتفاق القاهرة.

كما أن تعامل الدولة اللبنانية قديمًا مع اللاجئين الفلسطينيين وحديثًا مع النازحين السوريين، أحدث شرخًا في الوفاق الحديث الذي أوجده اتفاق الطائف مجددًا (اتفاق أنهى الحرب الأهلية اللبنانية 1975 - 1989م).

 

لماذا انهار تفاهم مار مخايل؟

لكن الأخطر من كل ما سبق على كيان الدولة، كان التحالف الماروني – الشيعي (حزب الله وحركة أمل الموالين لإيران)، الذي أوجدته "العونية السياسية"، حيث تحالف زعيم "التيار الوطني الحر" الجنرال ميشال عون في 6 فبراير/شباط 2006 بعد عودته من المنفى في فرنسا مع ميليشيات إيران في لبنان.

فيما عرف حينها باسم تفاهم "مار مخايل" نسبة لكنيسة مار مخايل، التي تقع في حارة حريك في بيروت، وترمز إلى التعايش بين المسيحيين والمسلمين في لبنان، والجدير بالذكر أن حركة أمل لم تكن طرفًا مباشرًا في الاتفاق إلا أنه أفادها فهي حليف ميليشيات "حزب الله" السياسي والعسكري والعقائدي.

وإثر هذا التفاهم، تأسس تحالف بينهما، وأدى إلى دعم عون لحزب الله في حرب 2006، وتبنّي "حزب الله" ترشيح عون في الانتخابات الرئاسية 2014- 2016، وصمته على عبور ميليشيات "حزب الله" الإرهابية الحدود أمام العالم لإبادة الشعب السوري تنفيذًا لأوامر مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي.

لكن الشعب اللبناني دفع بكافة طوائفه ثمن هذا التحالف، الذي مكن الميليشيات اللبنانية الموالية لإيران (حزب الله وحركة أمل) من الهيمنة على كافة مفاصل الدولة اللبنانية والسيطرة على القرارات الحكومية عبر امتلاك الثلث المعطل.

ولذلك عطل تحالف "عون - نصرالله" تشكيل الحكومة لشهور ولم يهتم لحجم الانهيار السياسي والاقتصادي في لبنان، ولم يأبه لانتشار الفقر وانهيار الليرة، بل وصل إلى ما لم يصل إليه رؤساء الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان رستم غزالي وغازي كنعان عندما حكموا لبنان من خلف الستار باسم الوصاية السورية.

 

اعترافات وتلاسن بين حلفاء الأمس

وأمام ما تعانيه الدولة اللبنانية من حصار دولي ومن أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية، جاءت جائحة "كورونا" وانفجار مرفأ العاصمة بيروت، لتدخل الدولة اللبنانية في نفق مظلم، جعل رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل صهر ميشال عون، يقول إن "اتفاق "مار مخايل" فشل في "بناء الدولة وعجز عن قيادة الدولة والمجتمع".

كما هاجم مليشيات "حزب الله" مرات محملًا إياها مسؤولية ما يجري من عزلة دولية وعقوبات اقتصادية دولية، كما أن إعلام الحلفاء (الحزب والتيار) بات يهاجم بعضه البعض، في دلالة واضحة على انهيار التحالف.

بالإضافة إلى ذلك اتهمت حركة أمل عون بأنه يريد بث الفتنة بين الثنائي الشيعي، وإنه يحاول بذلك تغطية "واقعه وما ارتكبه من جرائم سياسية ومعيشية بحق اللبنانيين".

 

الخلاصة

صحيح أن "تفاهم مخايل" صمد أكثر من الدستور اللبناني نفسه، وكذلك أكثر من اتفاقيات الطائف والدوحة، وتيارات قوى 8 و14 آذار وإعلان بعبدا في 2012 (الذي سياسة النأي بلبنان عن الصراعات الخارجية) وتفاهم معراب (ترشيح حزب القوات لعون في الرئاسة) والتسوية الرئاسية في 2016م (توافق بين عون والحريري على المناصب الرئاسية) وحتى تحالف الثنائي الشيعي تصدع بشكل كبير.

لكن تفاهم مخايل انهار أخيرًا، ظهر ذلك في أحداث جليًا في أحداث الطيونة (مواجهات في شارع الطيونة الواقع بين منطقتي الشياح ذات الغالبية الشيعية وعين الرمانة ـ بدارو ذات الأغلبية المسيحية في بيروت)، وفي التلاسن المستمر بين قيادات ذلك التحالف.

شيخ قراء طرابلس بلال بارودي الذي هدد قبل أيام من حزب الله بالتصفية، رأى إن ما جرى في بيروت بين أصحاب الحلف الواحد (تحالف مار مخايل)، كان طبيعيًا، وأضاف أن القاعدة هي كل  التحالفات التي قامت، إن كان السنة هم المستهدفون منها، فسيقع المتحالفون يوما في الصراع، وهذا ما حدث، لأن هؤلاء لم يجتمعوا إلا للقضاء على النفوذ السني السياسي والنفوذ العربي في لبنان.

 

 

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.