لماذا صمت عملاء إيران عن تطبيع «حزب الله» وإسرائيل؟!

- 31 أكتوبر 2022 - 690 قراءة

بينما توّج «حزب الله» اللبناني اتفاقية تطبيع الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي، بالتخلي عن مساحة شاسعة من المياه الإقليمية اللبنانية لصالح الكيان الصهيوني، وفرّط في غاز فلسطين، التزم طابور إيران الخامس في مصر بزعامة مجدي أحمد حسين الصمت، ولم نسمع كلمة واحدة من عملاء إيران ضد «حزب الله»، لسبب بسيط، أن الدولار الممزوج بدماء العرب والمسلمين هو الأولى!

لقد وصف نصر الله موقفه الميكافيلي الواقعي، المضاد لدينه الشيعي، بقوله «نريد أن نأكل عنبًا»، وهي عبارة عامية لبنانية تعني أننا «نبحث عن مصالحنا»!

ومع ذلك، آثر مجدي أحمد حسين وغيره من عملاء طهران تجاهل تلك التصريحات الغريبة، كأنها لم تكن. ولو أطلق زعيم عربي مثل هذه التصريحات لأقام هؤلاء العملاء الدنيا ولم يقعدوها، وذرفوا الدموع حسرةً على فلسطين والقضية الفلسطينية!

والعلاقة المريبة بين مجدي حسين وإيران معلومة للكافة، وهي علاقة التابع بالمتبوع، وقد رصدنا بعض تفاصيلها في كتابنا «طابور إيران الخامس في الوطن العربي»، فبعد أحداث 25 يناير/كانون الثاني 2011، أعلن حزب «العمل» بقيادة حسين تأييده لطهران على طول الخط، من خلال موقع صحيفة «الشعب» على شبكة الإنترنت، فضلًا عن المؤتمرات الجماهيرية التي كان يعقدها الحزب في الجامع الأزهر كل يوم جمعة، والتي كانت تتضمن خطبًا وكلمات لقيادات الحزب تدعم وتؤيد السياسات الإيرانية.

وأسس مجدي حسين حزبًا جديدًا تحت اسم حزب «العمل الجديد» تغيّر فيما بعد إلى «الاستقلال» متخذًا له مقرًا فخمًا في حي «جارن سيتي» أحد أرقى أحياء القاهرة. وهو أمر غريب إذا علمنا أنه كان يدير الحزب في السابق من شقة متواضعة بحي «المنيل»، كما استبدل الرجل سيارته القديمة ماركة «شاهين» محلية الصنع بأخرى مستوردة من موديل حديث، بعد أن زار طهران أكثر من مرة!

وعكست اللقاءات التي عقدها مجدي حسين في طهران حجم التقدير الإيراني له، وأن إيران لا تتعامل معه باعتباره زائرًا عاديًا، إذ التقى حسين وفق مقال كتبه ونشره في صحيفة «الشعب»، كلًا من وزير الخارجية علي أكبر صالحي الذي استقبله استقبالًا حافلًا وجلس معه قرابة الساعة. وفي تصرف «غير بروتوكولي»، بتعبير حسين نفسه، أصر الوزير على مصاحبته إلى الممر الخارجي المفضي إلى المصعد.

وعندما زار الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، مصر عام 2013، التقاه حسين، وأثنى خلال اللقاء على ما سماه «الدور الإيراني» في المنطقة العربية، واصفًا طهران بأنها «راعية المقاومة الفلسطينية».

كما صرح حسين خلال لقائه مع سعيد جليلي، أمين المجلس الأعلى لمجلس الأمن القومي الإيراني في العاصمة الإيرانية طهران، وقتها، بأن «الشعب المصري استلهم ثورته من الثورة الإيرانية»، حيث كان يزور إيران لتقديم نفسه كمرشح لرئاسة الجمهورية.

وكان هناك حديث متكرر يتردد وقتها في أروقة حزب «العمل» عن تشيّع مجدي أحمد حسين، استنادًا لبعض الأفكار التي طرحها في الندوات واللقاءات التثقيفية الخاصة بأعضاء الحزب وكوادره، وهناك من يُصر على أنه تشيّع بالفعل، ومن بين هؤلاء الصحفي أسامة عبد الرحيم الذي كان ناشطًا في الحزب، كما عمل أيضًا في صحيفة «الشعب» الإلكترونية، إذ يقول عبد الرحيم: «بعد وفاة عادل حسين أحضر المستشار الدمرداش العقالي مرجعًا شيعيًا إيرانيًا اجتمع مع مجدي حسين، وهو من قام بدعوة مجدي للتشيّع».

وفي مقال له بعنوان «العلاقة بين مصر وإيران»، نُشر في أبريل/نيسان 2013، كتب مجدي حسين «فى لقاء مع مجموعة من الصحفيين كنت منهم، وحضرت بهذه الصفة فى رمضان الماضى، وبعد الخلاف المعلن بين «حماس» وإيران حول الملف السورى؛ أعلن المجاهد موسى أبو مرزوق أن إيران هى الأكثر دعمًا والأكثر تسليحًا والأكثر تدريبًا للمقاومة الفلسطينية.

«وأضيف من عندى أننى فى الواقع لا أجد على الشاشة سوى إيران؛ فمن يا ترى تلك الدولة التى ترسل أسلحة إلى فلسطين أو تدرب أو تمول تسليحًا أو تقدم تعويضات للشهداء والجرحى؟! ومن كان يدفع الميزانية الشهرية لغزة فى بداية استلام «حماس» الحكم (120 مليون دولار)؟! فى تلك الفترة أبلغنى ممثل «حماس» فى طهران أن إيران عرضت توفير كل الاحتياجات العينية لقطاع غزة للإدارة: حافلات - سيارات – مستشفيات... إلخ بدون مقابل».

ولم يتوقف مجدي حسين عن الكتابة منذ الإفراج عنه في أبريل/نيسان من العام الماضي 2021، بل هو يكتب بانتظام وغزارة في عدة مواقع إلكترونية خارج مصر، ومعظم هذه المواقع له ارتباطات بإيران، أو مع جهات شيعية. كما أن له مدونة باسمه على الإنترنت ينشر فيها كتاباته وتعليقاته على كل شاردة وواردة، بما في ذلك أخبار منقولة عن وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية، تخص كل كبيرة وصغيرة في الشؤون العربية والدولية، كان من بينها خبر عن الهجوم الإرهابي الذي شنه تنظيم «داعش» على مزار شيعي في مدينة شيراز الإيرانية، نشره مجدي حسين تحت عنوان: فيديو: «داعش» يتبنّى هجوم مزار «شاهجراغ» في إيران – ويثبت أنه أداة أمريكية ضد محور المقاومة!

وكتب حسين في مقال آخر، بعنوان «نفاق وتدليس وصلف الغرب في موضوع النووي الإيراني»، نُشر في ديسمبر/كانون الأول 2021، قائلًا إن «ما تتعرض له إيران شيء يشرفها ويشرف المسلمين، فكل القوى العظمى لا شغل لها إلا النووى الإيراني لأنه يجرى فى بلد مسلم ويهدد (إسرائيل). الدول الخمسة الدائمة العضوية بمجلس الأمن + ألمانيا يجتمعون الآن فى فيينا من أجل هذا الموضوع، ولم يتوقفوا عن متابعته قبل وبعد الاتفاق الذى انسحبت منه أمريكا وتعود اليوم إليه ولكن بشروط جديدة. ومن مظاهر الفخر والعزة أن إيران ترفض الجلوس مباشرة مع أمريكا، وتجبرها إيران على الجلوس فى غرفة لوحدها. تقول إيران كيف تجلس مع من يفرض عقوبات عليها. وستنتصر إيران فى هذه المواجهة إن شاء الله، سواء نجحت هذه المفاوضات أم فشلت. وستواصل برنامجها النووى كما تريد وستتجنب الحرب، على الأغلب إن شاء الله، لأنها مكلفة للطرف الآخر خاصة (إسرائيل)، والتى يمكن أن تفقد نفسها تمامًا فى أى مواجهة عسكرية إقليمية»!

ها هو حسين يروج مجددًا لخرافة «المواجهة العسكرية» بين إيران و(إسرائيل)، على الرغم من إيران التي تهدد بمحو (إسرائيل) من الوجود منذ عام 1979، لم تطلق طلقة واحدة تجاه (تل أبيب)، وأن «فيلق القدس» المزعوم التابع لـ «الحرس الثوري» الإيراني، لم يخض مواجهة واحدة يتيمة لتحرير القدس، بل كانت حروبه الصغيرة وعملياته الإرهابية كلها موجهة ضد الدول العربية المجاورة!

وعلى الرغم مما فعلته إيران بجيرانها العرب، وما ارتكبته قواتها وحلفاؤها من مذابح دامية في سوريا، فضلًا عما ارتكبه «الحوثيون» من جنايات كبرى في حق اليمن، فإن حسين يكرر مقولاته الغريبة في مقال له نُشر مطلع فبراير/شباط 2022، مؤكدًا: «قلت دومًا إن كل بلد عربى يسعى إلى الاستقلال والتنمية المستقلة، لابد أن يتحالف ويتعاون مع إيران التى كانت سباقة فى المشروع الحضارى المستقل»! 

لكن حسين لم يُشر في مدونته الإلكترونية، ولا في مقالاته، من قريب أو بعيد، إلى الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في إيران منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، وتجاهل تمامًا ذكر أي شيء عن هذه الاحتجاجات العارمة، كما تجاهل أيضًا موقف «حزب الله» من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية اللبنانية- الإسرائيلية!

لقد التزم الرجل البالغ من العمر 71 عامًا الصمت، ليس لأن أخبار هذه الاتفاقية بين لبنان الذي يتحكم «حزب الله» في مقدراته والعدو الصهيوني، لم تصل إلى مسامعه، بل لأن الحديث عن ذلك يعني المساس بما يُسمى «محور المقاومة» المزعوم، والذي تُعد الميليشيات اللبنانية المدعومة من إيران أحد أهم أضلاعه!

وفي أدبيات «محور المقاومة» ونظام الملالي و«حزب الله»، التي يروج لها عملاء إيران في العالم العربي ومن بينهم مجدي حسين، فإن الأموال التي سوف تتسلمها (إسرائيل) من حقل غاز «كاريش» في البحر المتوسط، هي - في الأصل- أموال الفلسطينيين. وهو ما يعني أن أنصار هذا المحور الوهمي وافقوا على استيلاء (إسرائيل) على ما هو فلسطيني، بمنطق أن «المصالح تُبيح المحظورات»!

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.