لماذا يدعم الملالي جبهة «البوليساريو»؟

- 27 أغسطس 2023 - 355 قراءة

"حزب الله" اللبناني أرسل صواريخ أرض- جو من طرازات "سام 9 وسام 11 وستريلا" إلى البوليساريو

 

المغرب عن قطع علاقاته مع إيران عام 2018 متهمًا طهران و"حزب الله" اللبناني بدعم الجبهة الانفصالية

 

دبلوماسي مغربي: النظام الإيراني زوّد الجبهة بـ "مسيّرات" تصل تكلفة الواحدة منها إلى 22 ألف دولار أمريكي

 

 

تمتد العلاقة بين النظام الإيراني وجبهة البوليساريو إلى عقود طويلة ماضية، فقد اعترفت إيران بالجبهة الانفصالية عام 1980، نكاية في المملكة المغربية، وذلك بسبب الخلاف القديم بين الرباط وطهران، الذي يعود إلى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، فبعدما كانت العلاقات بين البلدين جيدة خلال عهد الشاه، خلفت الثورة الإيرانية في عام 1979 علاقات تشوبها القطيعة. ويعود أصل النزاع إلى استضافة المغرب شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي لأسابيع عدة، إثر إسقاط حكمه بعد الثورة، ومن ثم انتقاله إلى مصر.

وتسبب الاعتراف الإيراني بـ "البوليساريو" في تجميد العلاقة مع المغرب بشكل رسمي في 1981، وبعد انفراج طفيف في علاقة البلدين، شكل دعم المغرب للبحرين إثر إعلان مسؤولين إيرانيين أن البحرين عبارة عن "محافظة إيرانية"، واحدًا من أهم أسباب قطع العلاقات بين البلدين من جديد خلال 2009.

وعرفت علاقات البلدين منذ ذلك الحين انتعاشًا طفيفًا، إلى أن قرر المغرب مرة أخرى قطع علاقته بإيران في 2018، بسبب دعم طهران لجبهة البوليساريو التي يتنازع المغرب معها السيادة على الصحراء المغربية.

طهران تدعم الجبهة علنًا

في مطلع مايو/آيار 2018، أعلن المغرب عن قطع علاقاته مع إيران، متهمًا طهران و"حزب الله" اللبناني بدعم البوليساريو وتدريب وتسليح مقاتليها.

قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة، وقتها، إن المملكة ستقطع علاقاتها مع إيران بسبب دعم طهران لجبهة البوليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية.

وذكر "بوريطة" أن المغرب سيغلق سفارته في طهران وسيطرد السفير الإيراني في الرباط. وقال إن إيران وحليفتها اللبنانية، جماعة "حزب الله" الشيعية، تدعمان البوليساريو بتدريب وتسليح مقاتليها عن طريق السفارة الإيرانية في الجزائر.

وأضاف: "هذا القرار جاء كرد فعل على تورط أكيد لإيران من خلال حزب الله مع جبهة البوليساريو ضد الأمن الوطني ومصالح المغرب العليا".

وتابع قائلًا: "مسؤول في حزب الله في سفارة إيران بالجزائر كان ينسق مع مسؤولي حزب الله وجبهة البوليساريو، وهذا لا يمكن أن يكون دون علم الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

وذكر الوزير المغربي أن "مسؤولين كبارًا من حزب الله زاروا تندوف (مقر جبهة البوليساريو على الأراضي الجزائرية) في 2016 لالتقاء مسؤولين عسكريين في البوليساريو". وأكد أن "حزب الله" أرسل صواريخ أرض جو من طراز سام 9 وسام 11 وستريلا هذا الشهر إلى البوليساريو.

وأضاف بوريطة أن: "نقطة التحول كانت في 12 مارس/آذار 2017 حين اعتقل في مطار الدار البيضاء قاسم محمد تاج الدين بناء على مذكرة اعتقال دولية صادرة عن الولايات المتحدة تتهمه بتبييض الأموال والإرهاب، وهو أحد كبار مسؤولي حزب الله في إفريقيا".

وتابع: "بدأ حزب الله يهدد بالثأر بسبب هذا الاعتقال وأرسل أسلحة وكوادر عسكرية إلى تندوف، لتدريب عناصر من البوليساريو على حرب العصابات وتكوين فرق كوماندوس وتحضير عمليات عدائية ضد المغرب". وأكد "إرسال صواريخ سام 9 وسام 11 أخيرًا إلى بوليساريو".

وفي مارس/آذار 2021، زاد دعم البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة لجبهة البوليساريو من تأزم علاقات الرباط وطهران. واعتبرت المملكة المغربية الأمر، في حينه، تأكيدًا لاتهاماتها لإيران بدعم الجبهة عسكريًا، وهو الأمر الذي نفته السلطات الإيرانية .

غير أن المستشار الأول للبعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة، محمد رضا سهرايي، أكد بشكل علني دعم بلاده جبهة البوليساريو، مصرحًا أن إيران تقف إلى جانب "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير".

ودعا سهرايي، المغرب إلى "وقف انتهاكاته لحقوق الإنسان في الأجزاء المحتلة والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والطعن في سلامتها الإقليمية، وأن يفي بالتزاماته تجاه الشعب الصحراوي، ويوقف انتهاكاته لحقوق الإنسان، وينفذ قرارات الأمم المتحدة".

في المقابل، أكد بوريطة، في حينه، أن "العلاقات المقطوعة مع إيران ستظل على حالها إلى حين إثبات طهران عكس ما هو واضح من دعم الانفصاليين، ومساس بأمن الدولة"، لافتًا إلى أن "السبب وراء قرار بلاده قطع العلاقات مع إيران يعود لدعم طهران جبهة البوليساريو، الراغبة في الاستقلال بالصحراء".

واعتبر الباحث المغربي محمد لكريني، المتخصص في العلاقات الدولية، أن إشارة إيران إلى دعمها البوليساريو يرتبط بعدد من القضايا، أهمها اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، وانزعاج طهران من الدور المغربي المهم في القارة الأفريقية في إطار التعاون بين دول الجنوب، مشيرًا إلى تمكن المغرب من محاصرة المد الإيراني في القارة السمراء.

تهديدات خطيرة

في أكتوبر/تشرين الأول 2022، حذر دبلوماسي مغربي رفيع المستوى من أن دول المغرب العربي تواجه تهديدات خطيرة لأمنها القومي، على خلفية توغل غير مسبوق في الإقليم لإيران وميليشيا "حزب الله" اللبناني التابعة لها.

وأوضح عمر هلال، سفير المغرب لدى الأمم المتحدة خلال مؤتمر صحافي في نيويورك بعد جلسة لمجلس الأمن الدولي حول قضية الصحراء، وقتها، أن "إيران وحزب الله لديهما وجود في منطقة تندوف" الواقعة جنوب الجزائر.

وقال السفير المغربي، إن إيران وحزب الله بصدد الانتقال من تدريب مقاتلي البوليساريو إلى تسليحهم، وهذه المرة عبر شحنة من الطائرات المسيرة. وأشار إلى أن ذلك "تطور خطير للغاية"، راجيًا أن "يدرك العالم كله أن إيران، وبعد أن قوضت استقرار سوريا واليمن والعراق ولبنان بصدد زعزعة استقرار منطقتنا، ليس المغرب وحده المعني بهذا بل كل دول المنطقة".

وشدد هلال، على أن تزويد جبهة البوليساريو الانفصالية بمسيرات إيرانية "تحول جيوسياسي"، ويشكل منعطفًا جديدًا على الصعيد العسكري. وأضاف أن "المغرب سيرد بقوة وسيتعاطى مع تبعاته"، لافتًا إلى أنه يترك تحديد شكل هذا الرد وطبيعته للقيادة العسكرية.

إلى ذلك، قال السفير المغربي إن المسيرات التي وصلت لمخيمات البوليساريو إيرانية الصنع، وتتراوح تكلفة الواحدة منها ما بين عشرين إلى 22 ألف دولار أمريكي.

وتعليقًا على ذلك، يقول الباحث في الشؤون المغاربية، د. إدريس الكنبوري، أن "دعم إيران لجبهة البوليساريو التي تطالب بانفصال الصحراء عن المغرب عبر حزب الله اللبناني وبالتعاون والتنسيق من الجزائر، وكذلك مخطط إيران التوسعي في المنطقة العربية وشمال إفريقيا، يشكلان عاملين إضافيين لخشية المغرب من التقارب الإيراني- الجزائري".

ووفق الباحث، "ترى طهران في علاقتها مع الجزائر منطقة تغلغل في شمال إفريقيا والمغرب العربي، وهو ما يحصل، لأننا نلاحظ تزايد التشيع في الجزائر على سبيل المثال، وفي منطقة القبائل بوجه خاص، كما نراه في شمال المغرب، وفي عدد من البلدان الإفريقية".

ـــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- دعم إيران البوليساريو يجدد تأزم علاقتها بالمغرب، موقع إندبندنت عربية، 20 مارس/آذار 2021.

2- المغرب يقطع علاقاته مع إيران ويتهمها وحزب الله بدعم بوليساريو، موقع دويتشه فيله، 1 مايو/آيار 2018.

3- كيف تحاول إيران التدخل في الصراع على الصحراء الغربية؟ موقع إيران واير، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.