شعار"أيها الاصلاحي أيها المتشدد، اللعبة صارت مکشوفة"، الذي کان من أبرز الشعارات التي تمخضت عن إنتفاضتي أواخر عامي 2017 و2019، هي الرسالة التي بعث بها الشعب الايراني المنتفض بوجه جلاديه مٶکدا من خلاله بأن لعب وأحابيل وحيل النظام لم تعد تنطلي عليه، وهذه الرسالة التي کما يبدو إن خامنئي قد فهمها کاملا وخصوصا وإن منظمة مجاهدي خلق وبعد فضحها لمسرحية"الاعتدال والاصلاح"الفجة داخليا فإنها قامت بنفس المهمة على الصعيد الدولي أيضا ولاسيما من خلال التجمعات السنوية العامة للتضامن مع نضال الشعب الايراني والمقاومة الايرانية من أجل الحرية، فإن خامنئي أدرك بأن النظام قد وصل الى منعطف بالغ الخطورة وإن عليه أن يتحرك قبل أن تخرج الامور من يده وينهار النظام کما إنهار من قبله نظام الشاه.
حسن روحاني، الذي دفعه النظام الايراني الى الواجهة في مسرحية إنتخابات الرئاسة التي يقوم بتحديد فصولها مسبقا، على أمل أن يمتص ضغط الغضب والسخط والکراهية الشعبية ضد النظام، وأطلق روحاني وعودا بتحسين أوضاع حقوق الانسان والاوضاع المعيشية من خلال القيام بإصلاحات حقيقية، ولکن الذي جرى هو أنه ليس أي من تلك الوعود لم يتم تحقيقها فقط بل وحتى حدث العکس والنقيض منها تماما، وهذا ماجعل الشعب الايراني أن يصل الى قناعة کاملة بأن تيار الاعتدال والاصلاح المزعوم لايختلف قيد أنملة عن التيار المتشدد بل وحتى إنهما وجهان لعملة واحدة وهذا هو تحديدا ماقد قصد به الشعب الايراني من خلال شعار"أيها الاصلاحي أيها المتشدد، اللعبة صارت مکشوفة"!
تضييق خامنئي على تيار الاعتدال والاصلاح المزعوم ولاسيما في الانتخابات التشريعية والرئاسية ولاسيما من حيث ترشيحه لإبراهيم رئيسي وقيامه بهندسة الانتخابات لضمان فوزه فيها وقبل ذلك قام بالتمهيد له من خلال الإشادة به والتعويل عليه في حل ومعالجة مختلف المشاکل التي تحيط بالنظام، والحقيقة إن المجئ برئيسي الذي له ماض ليس أسود وإنما قاتم السواد وبشکل خاص کونه أحد أعضاء اللجنة الرباعية التي قامت بتصفية 30 ألف سجين سياسي عام 1988، ومعروف بقسوته المفرطة في التعامل مع الشعب الايراني، کان بمثابة تکشير للنظام عن أنيابه للشعب وإعلانه بأنه سيقف بوجه کل المحاولات والمساعي المستهدفة لإسقاطه.
الملاحظة المهمة جدا التي يجب أخذها بنظر الاعتبار والاهمية هي إن خامنئي کان ينتظر من وراء تنصيبه لرئيسي المعروف بلقب السفاح، أن يعمل ذلك على جعل الشعب الايراني يتخوف من القيام بإحتجاجات وإنتفاضات ضد النظام، لکن ومنذ الايام الاولى لتنصيبه فإن الاحتجاجات ليست إنتهت أو حتى خفت بل إنها تزايدت أکثر من أي وقت مضى، وإذا ماراجعنا السنة الاولى لولايته، فإننا نجدها حافلة بالتحرکات الاحتجاجية والانتفاضات الغاضبة ضده، وکأن الشعب يريد أن يقول لخامنئي بأن لارئيسي ولاغيره بإمکانه أن يقف بوجه النضال الذي يخوضه من أجل الحرية والتغيير.
من هنا، فإن ماقد نجم عن الحادثة الاجرامية التي قتلت فيها مايسمى بشرطة الاخلاق الشابة الکردية مهسا أميني، وتوسع دائرة الانتفاضة الشعبية التي إندلعت على أثر تلك الحادثة لتشمل معظم المحافظات ال31 لإيران، فإن ذلك يدل على إنه وکما صمم النظام أن يسفر عن وجهه القبيح ويواصل نهجه القمعي التعسفي ضد الشعب فإن الاخير من جانب قد صمم أيضا على خوض نضاله من أجل الحرية والتغيير حتى نهاية المطاف.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية