صدر العدد الثاني من مجلة «شؤون إيرانية»، أول شهر أغسطس/آب 2021، التي تُعنى «بالوقوف في وجه أطماع ملالي طهران في المنطقة العربية، من أجل قطع الطريق على المشروع الطائفي التوسعي لـ «ذوي العمائم السوداء» في الشرق الأوسط»، وهي تصدر عن مركز الخليج للدراسات الإيرانية.
وتضمن العدد ملفين كاملين، الملف الأول عن «ثورة الأحواز» حيث يشهد إقليم الأحواز العربي المحتل في إيران، منذ منتصف يوليو الماضي، انتفاضة شعبية واسعة النطاق واحتجاجات عارمة، بسبب سياسية "التعطيش" المتعمدة التي ينتهجها نظام الملالي ضد الإقليم، وتعمدّه إقامة السدود على أنهار المنطقة، وأكبرها نهر "كارون"، وتحويل مياه الإقليم إلى أقاليم أخرى مجاورة ذات الأغلبية الفارسية، وحرمان الأحوازيين من حقهم في الحياة، الأمر الذي كان بمثابة الشرارة التي أشعلت غضب الإيرانيين بشكل عام، وليس سكان الأحواز العرب فحسب.
وكان الملف الثاني عن «الغزو الثقافي الإيراني» فمنذ تأسيس الجمهورية الإيرانية كثورة أيديولوجية، بدأ نظام «الوالي الفقيه» يستخدم أدوات القوة الناعمة بفعالية كبيرة. وحتى يتم «تصدير الثورة» إلى الجوار العربي والإسلامي، يجب أولا الوصول إلى عقول الشعوب المستهدفة، وبذلك بدأت أولى مخططات الغزو الثقافي الإيراني للمحيط الجغرافي، انطلاقا من أهم بلد عربي في هذه المخططات، وهو العراق.
ووفق المراقبين، لا يقل الجانب الثقافي للتوغل الإيراني في العراق، خطورة عن التوغل العسكري والولائي، حيث تستغل دور النشر الإيرانية معارض الكتب والفعاليات الثقافية، لبث الولاء والانتماء لإيران بين العراقيين وغسل أدمغتهم من خلال محو الثقافة والتراث والحضارة العراقية الأصيلة، لكي تصبح بلاد الرافدين لقمة سائغة للنظام الإيراني، وللميليشيات التابعة له.
كما كانت افتتاحية العدد بعنوان «إيران.. دولة ضد الجميع» وجاء فيها، عاشت إيران خلال الآونة الأخيرة مشهدين مختلفين تمامًا، بينهما بون شاسع من التناقض السياسي. فمن جهة، وفي أجواء احتفالية، تم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي. ومن جهة أخرى، كان الوضع دمويًا ومأساويًا في إقليم الأحواز العربي المحتل، وكان أزيز الطلقات النارية التي أطلقتها قوات الاحتلال الفارسي يعصف بحياة ومصائر الشعب الأحوازي، الذي انتفض من جديد ضد النظام الإيراني، وأسمع العالم أجمع كلمته الرافضة للمحتل الفارسي.
تضمنت «شؤون إيرانية»، أيضًا، عددًا من موضوعات الساعة، ومنها تقرير بعنوان «اعتراف «روحاني» الأخير»، والذي يكشف للمرة الأولى على اعتراف روحاني، بأن (إسرائيل) قد سرقت بالفعل "الأرشيف النووي الإيراني"، في عملية استخباراتية ناجحة يوم 31 يناير 2018، تماما كما سبق وأعلن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق، من قبل، ونفته إيران بشدة على لسان عدد من مسؤوليها الكبار!
وأكد روحاني، أن (الإسرائيليين) أخرجوا "الأسرار النووية" من البلاد خلسة، في جنح الظلام، نقلوها إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فانسحب الأخير من "الاتفاق النووي" مع إيران، عندما تكشّف للرأي العام العالمي أن طهران تكذب على الجميع.
وجاء هذا الاعتراف، على الرغم من نفي نظام الملالي ضلوع (إسرائيل) في العملية، حيث وصف بعض كبار مسؤولي النظام المسألة بأنها "ادعاء صبياني". وكان أول اعتراف رسمي بما حدث، في أبريل 2021، عندما اتهم مؤمن رضائي، مستشار المرشد الإيراني، (إسرائيل)، بسرقة الأرشيف النووي، وهو ما وصفته صحيفة "جيروزاليم بوست" في حينه، بأنه أول "اعتراف علني" من جانب طهران بعملية الموساد عام 2018.
ويحتوي العدد على دراسات وتقارير أخرى، منها تحليل بعنوان « إيران.. غضب واسع على رهن «الملالي» مقدرات البلاد للصين»، أمام الانهيار الاقتصادي الإيراني والعقوبات الدولية الخانقة، لجأ نظام الملالي في قم وطهران إلى بيع مقدرات الشعب الإيراني لإنقاذ النظام من عاقبته المحتومة، حيث وقع النظام الإيراني بقيادة المرشد علي خامنئي اتفاقية مثيرة للجدل، سترهن مقدرات وثروات الشعب الإيراني للصين لربع قرن، فالاتفاقية ستمنح الصين، جزر وقواعد عسكرية وجوية مقابل قيام الصين بالاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية والأمنية والعسكرية في إيران، ودفع مبالغ مقدمة لطهران لشراء النفط الخام الإيراني، والاتفاقية تتضمن تدريبات عسكرية مشتركة، وتطوير الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وفي مقال «تعطيش الأحواز» قال الدكتور ربيع الحافظ، حينما تقاضي شركة ضيعت حقوقك ثم غيرت اسمها التجاري فإنك تقاضيها تحت اسمها الأصلي الذي توجد تحته أضابيرها السابقة وليس تحت اسمها الجديد وإلا سيقال لك: ما تدعيه لا وجود له. إيران اسم جديد أطلق على فارس في عام 1934 لا يضم أضابير صراعها التاريخي مع جوارها المسلم والعربي وعليه فإن اسم فارس يضع النقاط فوق حروف تبدو مبهمة للكثير بخصوص سلوك دولة إيران مع المسلمين والعرب.
وفي تقرير بعنوان « تنصيب «رئيسي».. سر الحضور العربي الباهت»، لاحظ المراقبون ضعف الحضور العربي لحفل التنصيب، باستثناء الرئيس العراقي برهم صالح، وإسماعيل هنية، الذي حضر على رأس وفد قيادي من حركة "حماس"، ثم شخصيات أخرى أقل وزنًا من الناحية البروتوكولية، من بينها نعيم قاسم، نائب أمين عام ميليشيات "حزب الله" اللبنانية، فيما غاب حسن نصر الله، زعيم الجماعة عن مشاركة في حفل التنصيب، لأسباب أمنية.
وشاركت وفود من قطر والكويت والإمارات في مراسم تنصيب "رئيسي"، بينما لم تشارك السعودية بعد ظهور شائعات كثيرة بأن المملكة قد تشارك في حفل التنصيب.
في المقابل، كان الحضور الأجنبي في حفل تنصي "رئيسي" باهتا، فلم يضم سجل الضيوف شخصية ذات ثقل سياسي دولي كبير، حيث كان على رأس الحاضرين الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني، وفياتشيسلاف فولودين، رئيس مجلس الدوما الروسي، ورئيسة البرلمان الأذربيجاني، ورئيس البرلمان التركي.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية