مريم رجوي... رئيسة المقاومة المنتخبة

- 23 أغسطس 2023 - 443 قراءة

 

"سيدة المقاومة" تمثّل تحديًا استثنائيًا سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وعقائديًا للملالي الحاكمين

 

تنبأت عام 1996 بـ "انتفاضة المرأة" التي اندلعت عقب وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر/أيلول 2022

 

قادت حملة عالمية واسعة النطاق لإزالة اسم "مجاهدي خلق" من قوائم الإرهاب في أوروبا وأمريكا

 

وصفت التوافق بين إيران والدول الكبرى بـ "السم النووي" الذي تجرع كأسه المرشد علي خامنئي

 

رجوي للملالي: مشروع الظلم والقهر الذي فرضتم علی الشعب سیتم القضاء علیه بأيدي النساء الحرائر

 

 

تمثّل السيدة مريم رجوي، المعروفة باسم "سيدة المقاومة"، تحديًا استثنائيًا سياسيًا واجتماعيًا وعقائديًا لنظام الملالي، عبر نضالها المستمر من أجل الوصول إلى إيران حرة وديمقراطية، فقد تنبأت رجوي عام 1996 بـ "انتفاضة المرأة" التي اندلعت عقب وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر/أيلول 2022، وكان لمواقفها الصلبة تأثير سياسي كبير، فقد قادت حملة عالمية واسعة النطاق لإزالة اسم "مجاهدي خلق" من قوائم الإرهاب في أوروبا وأمريكا، وعرفها العالم على أنها رئيسة المقاومة المنتخبة.

ولدت مريم رجوي في عائلة من الطبقة المتوسّطة بالعاصمة الإيرانية طهران. وکان أحد أشقائها "محمود" من الأعضاء القدامى في منظمة مجاهدي خلق، وسجينًا سياسيًا في عهد الشاه. وكانت في العاشرة من عمرها، عندما شاهدت من نافذة البيت القمع الوحشي الذي مارسه حرس الشاه على الجماهير المحتجة في الشارع يوم 5 يونيو/حزيران 1963. وصار هذا المشهد يشكل الدافع الرئيسي لها للاهتمام بالقضايا السياسية والنضالية.

قُتلت شقيقتها الكبرى «نرجس» في عام 1975 بيد عناصر شرطة "السافاك" في عهد الشاه. واعتُلقت شقيقتها الثانية «معصومة» التي كانت طالبة بكلية الهندسة عام 1982 من قبل نظام الملالي، وتم إعدامها وهي حامل، بعد ممارسة التعذيب الهمجي عليها. كما أعدم زوج شقيقتها «مسعود ایزدخواه» أیضًا.

تخرجت مریم بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف من جامعة شريف للتكنولوجيا في هندسة المعادن. والتحقت بـ "مجاهدي خلق"، وشاركت في النضال الشعبي ضد دكتاتورية الشاه.

ومنذ سبعينيات القرن الماضي، شارکت رجوي خلال أيام دراستها الجامعية في تنظیم الحركات الطلابية ضد الشاه. وخاضت الانتخابات البرلمانية عام 1980، ولكن بسبب عملیات التزوير الواسعة، لم یستطع أي من أعضاء المعارضة دخول البرلمان، رغم أنها حصلت على أكثر من 250 ألف صوت في طهران وحدها.

كانت من أبرز منظمي الاحتجاجات والحركات الطلابية بعد إسقاط نظام الشاه، ولعبت دورًا مهمًا في جذب طلاب المدارس والجامعات إلى حركة مجاهدي خلق. كما لعبت السيدة رجوي دورًا رئيسيًا في تنظيم مظاهرتين سلميتين كبيرتين في طهران في مايو/آيار ويونيو/حزيران 1981 ضد نظام الملالي.

وفي عام 1984، أصبحت مریم رجوي أول امرأة في تاريخ إيران الحديث تقود منظمة سياسية بارزة. تم انتخابها مرادفة للأمين العام في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وبعد أربع سنوات تم انتخابها أمينة عامة للمنظمة.

الضربة القاتلة

خلال هذه الفترة، وتحت قيادتها، تولّت النساء المجاهدات مواقع قيادية في الحرکة. هذه التجربة‌ الجدیدة کانت منعطفًا تاريخيًا في المنظمة، حیث خاضت الكوادر النسائية معرکة سیاسیة معقدّة یمکن اعتبارها من أکثر المعارك السياسية في التاريخ المعاصر تعقیدًا ضد دكتاتورية دينية متوحشّة. وخلال العقود الثلاثة الماضية، تم انتخاب نساء كفوءات أمينات عامات للمنظمة، وفی الوقت الحالي أیضًا تتولى إمرأة شؤون المنظمة باعتبارها الأمين العام للمنظمة.

تنبأت رجوي مبكرًا بـ "انتفاضة المرأة" التي اندلعت عقب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في سبتمبر/أيلول 2022، ففي خطاب لها ألقته في العاصمة البريطانية لندن عام 1996 قالت رجوي: "إن الملالي المناهضون لحقوق النساء ملتزمون بتدمير حقوق المرأة وحرياتها والدوس على كرامتها الإنسانية. یریدون بهذه الطريقة تعزیز أسس حكومتهم الاستبدادية. لكن يجب أن أقول للمناهضين لحقوق النساء: أنتم مخطئون جدًا، لن تحصلوا أبدًا على ما تريدون، استخدمتم كل ما كان في جعبتكم من إذلال وقمع وقهر وتعذيب وقتل ضد النساء الإيرانيات، لكن كونوا علی ثقة أن الضربة القاتلة ستأتيكم من الموقع الذي لا تحسبون له أي حساب. لا شك في أن طبيعتكم المتخلّفة لا تسمح لكم بفتح حساب للنساء، لكن کونوا علی ثقة بأن مشروع الظلم والقهر الذي فرضتم علی الشعب سیتم القضاء علیه بأيدي النساء الحرائر".

وفي كتابها «الإسلام والمرأة والمساواة»: تقول السيدة رجوي «لقد سألت هؤلاء الملالي مرات عديدة: هل الجرائم التي تقترفونها يقبلها الإسلام الذي تدّعوه؟ وهل يسمح الإسلام والقرآن الكريم بقتل وذبح السجناء السياسيين، وخاصة آلاف النساء من الفتيات في سن الثالثة عشرة إلى الأمهات في سن السبعين والحوامل؟ أين يقال في الإسلام إنه يجوز لكم توجيه التهم إلى النساء؟ أو شتم النساء وإذلالهن في الأحياء والشوارع، رجمهن وتعذيبهن واغتصابهن في مراكز التعذيب من قبل قوات حرس الملالي البرابرة؟".

وخلال مائدة مستديرة بمناسبة يوم المرأة العالمي (13 مارس/آذار2017) بعنوان "النساء في القيادة تجربة المقاومة الإيرانية" قالت مريم رجوي: "إن نضال النساء الإيرانيات للحصول على الحرية والمساواة کان متواصلًا منذ قرن ونصف. المؤرخون الإيرانيون والغربيون الذين درسوا التطورات الإيرانية منذ 150 عامًا، أكدوا هذه الحقيقة".

وقالت رجوي: "إضافة إلى ذلك، نرى نساءً رائدات نهضن خلال هذه السنوات وأثبتن جدارتهن في مساحات شتى رغم سلطة السياسات والثقافة الاستبدادية والقمعية ضد النساء. وأهم مؤشر لهذه الريادة حضورهنّ الشجاع في ساحات النضال ضد النظام الاستبدادي الحاكم في إيران خلال هذه الفترة. ويشكل هذا الحضور أسمى وأشمل علامة للتطور في المجتمع."

وتساءلت: "ما هو معیار تحرك هذا المجتمع أو ذاك في تحقيق التنمية والتقدم الحقيقيين؟ بمستوی سعيه من أجل الحصول على المساواة. بدون المساواة، فأي تطور في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لن یكون ذا أثر، ولن یبقی مستداما، بل إنه قابل للعودة إلی الوراء.

"ومن هذا المنطلق فان الانتفاضات التي أدت إلى إسقاط ديكتاتورية الشاه عام 1979 شهدت قفزة في هذ المجال. فالظاهرة الحديثة كان خروج النساء في تظاهرات الشوارع وبأبعاد واسعة. وهذا كان دليلًا على رغبة المجتمع الإيراني في التطور.

"إن المشاركة النشطة للنساء في مواجهة نظام ولاية الفقيه، كانت نقطة تحول كبيرة أرست الحجر الأساس للمقاومة في وجه هذا النظام. مشاركة النساء في هذا النضال كانت في أبعاد واسعة منذ اليوم الأول من حيث الكم كما كانت في غاية التحدي والتأثير والتضحية نوعًا. وفي النضال مع النظام المتطرف الحاكم تعرضت عشرات الآلاف من النساء للتعذيب أو الاستشهاد. وحدثت هذه الأحداث بشكل خاص في ثمانینات القرن الماضي.

"لو لم تكن لدى النساء دوافع قوية، ولو لم تكن متطلعات الى افق واضح ورائع لكان الرعب يسيطر عليهن جراء أعمال التعذيب والاعدامات التي قلّما شهد التاريخ المعاصر نظيرها. غير أن القمع زاد من عزمهنّ. وفي التطورات اللاحقة ما بعد الثورة الإيرانية، ارتقى دور النساء بوتيرة متسارعة وأصبحن محور الحركة والنضال. واليوم تتولى النساء معظم المواقع القيادية والمفصلية في حركة المقاومة.

"وفي برلمان المقاومة تشكل النساء أكثر من 50 بالمئة من أعضائه. وتجربتنا (داخل حركة المقاومة) تقول أن كسر ظاهرة الاضطهاد غير ممكن بدون قفزة، فيجب تسليم المناصب القيادية إلى أكفأ النساء دون أي قلق.

"إن هيمنة النساء‌ فی مقاومتنا تعدّ تطوّرًا نوعیًا مهّدت الطريق لقبول المرأة في جميع المجالات. ونتيجة هذه الحملة، نجحت النساء في اكتساب قيم جديدة والتغلب على السنن الرجعیة المتخلفة.

"وفي الخطوة الأولى، آمنت النساء بأنفسهنّ وبقدراتهنّ. وعندما أدركن مدى أهمية دورهنّ في الكفاح ضد الاستبداد الديني ودفع هذا الكفاح إلی الأمام، تخطین عقبة کبیرة‌ في سبيل تجاوز مرحلة اللامسئولية والانفعال، والتخلص من عالم المرأة التي لا تری أی اعتبار لنفسها إلا من خلال الاعتماد على الرجل، وصولًا إلى عالم النساء المسؤولات اللواتي یتولیّن قیادة النضال والكفاح بكل التزاماته".

أخطبوط الاستبداد الديني

تأسس المجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة، وهو برلمان إيران في المنفى، عام 1981 في طهران، بهدف إسقاط نظام الملالي وإقامة جمهورية قائمة على التصویت الشعبي العام، جمهوریة علمانية وغير نووية. باعتباره أدوم تحالف سياسي في تاريخ إيران، ویعتبر هذا المجلس تحدیًا للديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران.

في عام 1993، اختار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المكوّن من منظمات وشخصيات في المعارضة، وفي اجتماعه السنوي، مريم رجوي رئيسة لفترة نقل السلطة إلى الشعب الإيراني. في منصبها کرئیسة منتخبة للمقاومة، تمثّل مريم رجوي تحديًا استثنائيًا سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وعقائديًا للملالي الحاكمين. تحت قيادتها تبوّأت المرأة في المقاومة مناصب رئيسية في المقاومة. وتشكّل النساء أكثر من نصف أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وتحوّلت النساء إلی رقم صعب في معارضة النظام المناهض للمرأة. وهذا تطور تاريخي من شأنه تغییر مسار التطرف الدیني في الشرق الأوسط.

وخلال السنوات الماضیة تحدثت السيدة رجوي في مئات المؤتمرات الدولية. وكانت ضيف الشرف في العديد من الاجتماعات وتحدثت في جلسات الاستماع في الكونجرس الأمريكي والمؤتمرات الرئيسية في برلمانات الدول الأوروبية. وقد التقت بالعديد من الشخصيات السياسية، بما في ذلك نواب ودبلوماسيون ورؤساء دول ومدافعين عن حقوق الإنسان من الولايات المتحدة وأوروبا وبلدان الشرق الأوسط.

وکان لمريم رجوي العديد من الخطب حول الرسالة الحقيقية للإسلام، أي الإسلام المتسامح الديمقراطي في وجه التفسير الرجعي المتزمّت للإسلام. إنها تری أن أحد الفوارق الهامّة بين هاتین الرؤیتین النقیضتین هو موضوع المرأة. ومن بين أعمال مريم رجوي "الإسلام والمرأة والمساواة" و"النساء قوة التغيير" و"المرأة ضد التطرف" و "لا حجاب إجباري ولا دين إجباري ولا حكم إجباري".

وفي عام 1994 حذّرت مريم رجوي في كلمة ألقتها في مبنی بلدية أسلو عاصمة النرویج من أخطبوط الاستبداد الديني والتطرف الإسلامي والذي ينبض قلبه في طهران وقالت: « لقد تحول التطرف الديني إلى أكبر تهديد للسلام في المنطقة والعالم» و«إن الملالي الحاكمين في إيران یوسّعون من دائرة هيمنتهم بتصدير الأزمة والزعزعة ویستغلّون في ذلك المشاعر الدينية لأكثر من مليار مسلم في العالم".

وفي كلمة ألقتها في يونيو/حزيران عام 1996 في المؤتمر العالمي «النساء صوت المقهورين» في لندن أكدت: أن "مسألة النساء وحركة المساواة تلتقي مع النضال ضد الرجعية والتطرف الدینيِ، لأن النساء لسن الرائدات في حركة المساواة فقط، وإنما هن القوة الرئيسية للتنمية والسلام والعدالة الاجتماعية".

"وبرأيي، فإن المجتمع الإنساني لا یمكن أن یتخلّص من ظاهرة الرجعية والتطرف المشؤومة، إلا حين تلعب النساء الرائدات دورهنّ الريادي في هذه المعرکة‌ العالمیة، وأن يستخدمن كافة أشكال النضال الديموقراطي لسد الطريق على جمیع أشكال المساومة والمهادنة والمسايرة مع الملالي أعداء النساء وأعداء الإنسانية".

وفي كلمة ألقتها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في مارس/آذار 2013 في باريس، وجّهت مريم رجوي دعوة إلى تشكيل جبهة موحّدة ضد التطرف الدیني وقالت: "حان الوقت للنساء على المستوى الدولي لتوسيع جبهة عريضة مناهضة للتطرّف الدیني، جبهة واسعة مضادّة للديكتاتورية الدینیة بهدف تخليص شعوب المنطقة من شرور المتطرفين، وقبل أن يتمكن النظام الإیراني من توسيع نفسه، يجب أن نوسّع جبهتنا ضد التطرف".

وعن التطرف الدیني، قالت مريم رجوي في جلسة استماع الكونجرس الأمريكي في 29 أبريل/نيسان 2015: "اليوم، باسم داعش أو الميليشيات الشيعية، هاجمت الأصولية الإسلامية والتطرف دول المنطقة؛ کما هاجمت الولايات المتحدة وأوروبا. وظهر التطرف الإسلامي كتهديد للسلام بعد أن سرق خميني قيادة الثورة الشعبية الإيرانية عام 1979 وأسس دكتاتورية دينية. منذ ذلك الحين، عمل هذا النظام کمصدر رئيس للتطرف الإسلامي في المنطقة والعالم، وتقول تجربة العقود الثلاثة الماضية ما دام لم تتخذ سياسة حاسمة ضد المصدر الرئيسي للتطرف، ستجلب هذه الظاهرة نتائج هدّامة."

وقالت مريم رجوي في كلمة أخرى بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 2016 فی صالة موتوآلیته بباریس: "كل ما يقوم على الإكراه والفرض، وكل ما ينفي الإرادة الحرة واختيار الناس، ليس من الإسلام بل هو نقیض للإسلام. ومن ينكر الحقوق المتساوية للمرأة لا مكان له في الإسلام.

"لن نتسامح مع نفي حقوق المرأة سواء كان ذلك تحت ستار الدين أو بأي شكل آخر. نحن ندافع عن الإسلام الديمقراطي ضد التطرّف والتخلّف والمتاجرة بالدين. نحن ملتزمون بتحويل هذا القرن باسم النساء إلى عصر تحریر النساء وعصر الإنسانية في العالم، وذلك من خلال تحويل هذا العصر آلی عصر المساواة والتحرر، والمشاركة الفعالة والمتساوية للمرأة في القيادة السیاسیة.

"يجب أن تكون المرأة الإيرانية حرة، وأن تختار لنفسها ما تعتقده وما ترتديه وكيف تعيش. ونكرر أنه: لا للحجاب الإجباري، ولا للدين الإجباري، ولا للحكم الإجباري".

الخیار الثالث

في ديسمبر/كانون الأول 2004 وفي كلمة لها أمام البرلمان الأوروبي، قدّمت السیدة رجوي «الخیار الثالث»، وصنعت أفقًا واضحًا بشأن الأزمة الإيرانية، عندما کان العالم في قلق مما ستؤول إلیه هذه الأزمة.

وقالت: «في البحث عن حلّ للأزمة الإیرانیة عادة يتم الحديث عن خيارين: المهادنة مع نظام الملالي بهدف الاحتواء أو التغيير التدريجي وهذا ما انتهجته الدول الغربية على مدى العقدين الماضيين؛ والخيار الثاني هو اسقاط نظام الملالي من خلال شنّ حرب خارجية مثلما حصل في العراق ولا أحد يريد تكرارها في إيران. ولكنني اليوم جئت لأقول إن هناك حلًا ثالثًا: "تحقیق التغيير بيد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية".

"وإذا أزيلت العقبات الخارجية، فإن الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية قادران ومستعدان للتغيير، وهذا هو الطريق الوحيد للحيلولة دون وقوع حرب خارجية. کما أنّ منح تنازلات للملالي ليس بديلًا للحرب الخارجية ولا يجعلهم یکفّون أیدیهم عن أهدافهم الخبيثة".

واليوم، تقف مريم رجوي في طليعة الإيرانيين، في النضال من أجل التغيير الديمقراطي في البلاد. لقد قادت حركة عالمية تضمّ کبار الشخصيات السياسية والاجتماعية، من المسؤولين السياسيين والعسكريين إلى البرلمانيين والشخصيات السياسية في بلدان الشرق الأوسط والولايات المتحدة وكندا إلى أوروبا وأستراليا. من أجل دعم المقاومة الإيرانية وجسمها المنظم في أشرف 3، اكتسبت هذه الحركة العالمية مكانة وشرعية عالمية في الدفاع عن ضرورة تغيير النظام الإيراني وإرساء أسس الحرية والديمقراطية في إيران. كما حقّقت نجاحًا كبيرًا في فضح جرائم النظام بحق الشعب الإيراني، وکشف النقاب عن مشاریعه النووية والصاروخية، فضلًا عن أنشطته الهدّامة في تصدير الإرهاب والتطرف.

معركة "مجاهدي خلق"

بين عامي 1997 و2012، وبهدف استرضاء نظام الملالي، رضخت بعض الحكومات الغربیة، لمطلب النظام بإدراج مجاهدي خلق في قوائم الإرهاب وتقييد أنشطة المنظمة.

لم تكن هذه العملیة ضد منظمة سياسية فقط، ولكن ضد مقاومة الشعب الإيراني من أجل الحریة وتقدیم خدمة لنظام الملالي. وقادت رجوي حملة عالمية واسعة النطاق لإزالة اسم "مجاهدي خلق" من قوائم الإرهاب في أوروبا والولايات المتحدة، وفضح العلاقات السرية مع النظام الإيراني مشهد آخر من نضالات مريم رجوي.

وکانت حصيلة هذا النضال شطب اسم المنظمة من قائمة المنظمات المحظورة في بريطانيا في عام 2008 والخروج من قائمة الاتحاد الأوروبي عام 2009 وإلغاء تهمة الإرهاب في الملف القضائي الفرنسي من قبل قاضي التحقيق الفرنسي وإلغاء تهمة الإرهاب في أمريكا في أكتوبر/تشرين الأول عام 2012.

وفي عام 2009، نقلت الحكومة الأمريكية حماية وأمن أكثر من ثلاثة آلاف من أعضاء المقاومة الإيرانية في أشرف بالعراق إلى الحكومة العراقية. وبناءً على طلب من خامنئي، هاجمت قوات نوري المالكي أشرف في 28 و 29 يوليو/تموز 2009 وبعد ذلك في أبريل/نيسان 2011 وسبتمبر/أيلول 2013، مما أسفر عن مقتل أكثر من مائة شخص وإصابة أكثر من ألف. بعد ذلك، تم نقل مجاهدي أشرف إلى مخيم ليبرتي تحت رعاية الأمم المتحدة، حيث تعرّضوا هناک أیضًا لهجمات متكررة بالصواريخ، واستشهد عشرات آخرون وجرح عدد أكبر منهم. ولا شکّ‌ أن هدف نظام الملالي وعملائه في العراق کان القضاء على أعضاء المقاومة.

قادت مريم رجوي حملة دولية للدفاع عن أعضاء مجاهدي خلق في أشرف وليبرتي، مما أدى إلى إصدار مئات البيانات من قبل منظمات حقوق الإنسان، والعديد من التقارير والبيانات من قبل وكالات الأمم المتحدة، وبيانات من آلاف البرلمانيين في مختلف دول العالم، کما صدرت قرارات من البرلمانات والهیئات الدولية. وفي عام 2015 أدت هذه الجهود في الولايات المتحدة إلى إصدار قانون للدفاع عن أمن مجاهدي خلق في مخيم ليبرتي.

نتيجة لهذه الجهود والحملات السياسية والدولية المتواصلة، نجحت عملیة‌ النقل الجماعي والتنظيمي الآمن لمجاهدي أشرف من العراق إلى ألبانيا ودول أوروبية أخرى في 7 سبتمبر/أيلول 2015، وفشلت مؤامرات ومخططات نظام الملالي للقضاء على مجاهدي خلق وتفكيكهم في العراق.

من جهة ثانية، وجّهت مريم رجوي نداءً إلى الشعب الإيراني وأعضاء وأنصار المقاومة في أغسطس/آب عام 2016، أعلنت فيه إطلاق حملة المقاضاة بحق مرتكبي مجزرة عام 1988. وكانت من ضمن مطالب هذه الحركة: محاكمة جميع الآمرين والمنفذّين لهذه المجزرة، ونشر أسماء وهويات ومدافن من أعدمهم النظام في تلک المجزرة، والكشف عن أسماء المتورطین فیها. وسرعان ما انتشرت حملة المقاضاة داخل إيران وخارجها، وتحوّل موضوع مجزرة السجناء السياسيين بعد 28 عامًا إلى قضیة الساعة في داخل المجتمع الإيراني أیضًا. وأرغمت هذه الحملة قادة النظام على كسر صمتهم بعد ثلاثة عقود، واتخاذ مواقف بشأن هذه الجريمة البشعة. كما أثار استقبال عوائل الشهداء وجهودهم في نشر أسماء الشهداء والوثائق والأدلة المتعلقة بالجريمة، موجة واسعة داخل إيران. وعلى المستوى الدولي، أدّت هذه الحملة‌ إلی إقامة مؤتمرات عديدة من قبل المقاومة الإيرانية والحقوقيين، وإلى إدانات دولية لهذه الجريمة الكبرى والدعوة إلى محاكمة المسؤولين عنها.

ومنذ بداية تفشي فيروس كورونا في إيران، كشفت المقاومة الإيرانية النقاب عن سياسة النظام في التكتّم على الحقائق والأرقام حول تفشي كورونا في إيران. وكشفت مريم رجوي في عدة مؤتمرات عن أداء نظام ولاية الفقيه في هذا المجال. على سبيل المثال، في مارس/آذار 2021، وفي اجتماع للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، قالت: "لولا سياسات النظام اللاإنسانية، لكان عدد الوفیات أقل بكثير. كما كانت حالة ملايين الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم وملايين الأشخاص الذین یعیشون في حالة فقر، قابلة للتفادي.

"لكن النظام هو الذي مهّد الطريق لانتشار المرض في المدن الإيرانية، وتملّص من اتخاذ الإجراءات الأساسية للسيطرة على هذا المرض، ورفض إنفاق قسم من حوالي تريليون دولار من ثروات المؤسسات التي یستولي علیها خامنئي في مكافحة هذا الوباء. کما حظر خامنئي استيراد اللقاحات".

ووصفت رجوي التوافق بين إيران والدول الكبرى بـ "السم النووي" الذي تجرع كأسه المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي، في اقتباس لما جاء على لسان مؤسس نظام الملالي، موسوي خميني في السابق، حين وصف قبول قرار وقف إطلاق النار خلال الحرب العراقية - الإيرانية بمنزلة "تجرع كأس السم". وتابعت رجوي قائلة: "غير أن السم النووي وتراجع خامنئي عن خطوطه الحمراء، يقضيان على هيمنته ويحدثان زلزالًا في نظامه برمته".

مؤامرات إرهابية خسيسة

على مدى العقود الثلاثة الماضية، كانت السيدة رجوي هدفًا لمؤامرات إرهابية خسيسة لنظام الملالي، بالتزامن مع الاجتماع الكبير للإیرانیین في مدینة دورتموند الألمانیة في يونيو/حزيران 1995، دبّرت سفارة النظام فی بون ووزارة مخابرات الملالي مؤامرة إرهابية ضد مريم رجوي.

وفي عام 1996 كان نظام الملالي يعتزم استهداف منزل السيدة رجوي في أوفيرسورواز بفرنسا بقذيفة هاون 320 ملم مصممة لهذا الغرض. تم ضبط الهاون في ميناء أنتويرب البلجيكي.

وفي أبريل/نيسان 2018 خطط نظام الملالي لتفجیر تجمع مجاهدي خلق بمناسبة النوروز في العاصمة‌ الألبانیة تیرانا، حيث كان من المقرر أن تلقي السيدة رجوي کلمة فیه. وتم اكتشاف المخطط وإحباطه في اللحظة الأخيرة. وأدت هذه المؤامرة إلی إبعاد سفير النظام وثلاثة من دبلوماسييه من ألبانيا.

ودبر الملالي مخططًا لتفجير المؤتمر السنوي العام للمقاومة ‌الإیرانیة في 30 يونيو/حزيران 2018 في فيلبينت باريس. وكانت السيدة مريم رجوي المتكلمة الرئيسية فیه. قبل العملية بساعات تم اعتقال المخططین وتفكيك القنبلة.

وفي وقت لاحق في الأول من يوليو/تموز 2018 تم اعتقال الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي الذي سلّم المتفجرات لمرتزقة وزارة المخابرات. وحكم على الدبلوماسي الإرهابي بالسجن 20 عامًا، وعلى ثلاثة من شركائه المرتزقة بالسجن من 15 إلى 18 عامًا، كدليل ساطع على إرهاب نظام الملالي.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.