منذ إنطلاق محادثات فيينا الخاصة بالبرنامج النووي الايراني في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (2021)، وذلك من أجل إحياء الاتفاق النووى الإيرانى الموقع عام 2015 بين كل من إيران والقوى الدولية الكبرى (مجموعة 4+1) بمشاركة أمريكية غير مباشرة فى العاصمة النمساوية، فقد کان هناك البعض الذين تصوروا بأنها ليس ستسفر عن إحياء ذلك الاتفاق فحسب وإنما سيحصل نظام الملالي على المزيد من المکاسب.
التصريحات والمواقف المتناقضة التي صدرت عن الاطراف المشارکة في المحادثات وبشکل خاص التصلب الايراني غير العادي الذي کان لايختلف قيد أنملة عن ذلك الذي کان سائدا خلال المحادثات التي سبقت إبرام إتفاق 2015، حيث کان واضحا بأن النظام الايراني کان يتعامل مع إدارة بايدن بنفس الصيغة والاسلوب الذي کان يتعامل به مع إدارة الرئيس الاسبق أوباما، بل وحتى إنهم کانوا يشدون الحبل أحيانا أکثر مما کانوا يشدونه مع أوباما، ولکن ومع کل تلك التصريحات المبهرجة للرئيس السابق روحاني ووزير خارجيته ظريف، لکن يبدو إنهم أخطأوا في حساباتهم هذه المرة وذهبوا أبعد مما ينبغي.
الصدمة التي تلقاها الثنائي روحاني ـ ظريف واللذين کان لهما دورا في التوصل لإتفاق عم 2015، شملت أيضا ابراهيم رئيسي وأمير عبداللهيان أيضا، إذ لم يکن بايدن بذلك الجدار المنخفض الذي يمکن القفز عليه بل وحتى إنه کان أعلى بکثير مما قد صورته مخيلتهم، والحقيقة المهمة هنا، هي إن نظام الملالي لمجرد إن بايدن کان نائبا لأوباما فقد بنوا على ذلك وتعاملوا مع اليوم کما کانوا قد تعاملوا مع الامس، من دون أن يدرکوا بأن اليوم غير البارحة کما إن غدا غير اليوم!
نظام الملالي الملالي الذي أثبتت الاحداث والتطورات وکذلك المعلومات الاستخبارية ومن مصادر مختلفة، بأنه قد واصل نشاطاته ومساعيه النووية السرية حتى بعد إبرامه لإتفاق 2015، نسى بأن الذين جلسوا معه في محادثات فيينا وبشکل خاص الوفود الغربية، عقدوا العزم على عدم تکرار هفوة 2015، ولذلك فإنهم کانوا يطرحون مطالب جوهرية تعقد وتصعب من مساعيهم السرية، بخلاف إيران التي کانت تطورح مطالب وأمور لاعلاقة لها بالبرنامج النووي، نظير شطب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الارهابية.
محادثات فيينا وفي ظل تعنت نظام الملالي وعدم إذعانه للمطالب الدولية، فقد وصلت الى طريق مسدود مما باتت التوقعات تزداد بقرب إعلان فشلها، وحتى إن تسريب إدارة بايدن لثمة معلومات أولية شحيحة عن الخطة(ب) ضد إيران، يبدو إن هناك ثمة رسالة أرادت الإيحاء بها لطهران ومفادها، بأن واشنطن جادة للذهاب حتى النهاية وإنها لن تترك طهران وشأنها لمجرد فشل محادثات فيينا.
البرنامج النووي الايراني الذي بدأن في عهد الرئيس الاسبق محمد خاتمي، والذي کشفت منظمة مجاهدي خلق في عام 2002، معومات عن جوانبها السرية للعالم، ولئن قد دلت الاحداث والتطورات بأن نظام الملالي کان ولايزال هدفه الاساسي من ورائه هو حيازة الاسلحة الذرية لکي يکون ذلك عونا له في تنفيذ مشروع خميني في بلدان المنطقة، فإن هذه الاحداث والتطورات قد دلت أيضا بأن نظام الملالي مع توصل المجتمع الدولي لإتفاق نووي معه أوعدم توصله، فإنه سوف يواصل مساعيه حتى يحصل على مبتغاه، ويخال لي أن البلدان الغربية هذه المرة قد فهمت هذه الحقيقة وإنها تريد التصرف على ضوئها.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية