إن أي تغيير في إيران يجب أن يأتي من الداخل، ومن قبل الشعب الإيراني نفسه.
ولقد كان استمرار الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر/أيلول 2022، بعد ما یقارب من سنة على اندلاعها، أمرًا مهمًا على مستوى الداخل الإيراني المضطرب.
ساهم في استمرار هذه الاحتجاجات موضوع ذو شقين: أولًا، أن الانقسام بين الشعب والنظام أصبح أعمق بكثير من أي وقت مضى، حيث انخرط أولئك الذين عاشو على الهامش. الحدة والغضب بين الناس ضد النظام لم يسبق له مثيل.
ثانيًا، كان دور المقاومة المنظمة ولا سيما وحدات المقاومة التابعة لـ "مجاهدي خلق" حاسمًا، فقد كانت هذه المقاومة - وماتزال- هي قاطرة التغيير في إيران.
وعلى مدى السنوات الماضية، لعبت وحدات المقاومة، المكونة في الغالب من الشباب بمشاركة نسائية كبيرة، دورًا مهمًا في محاولة كسر جدار القمع من خلال إحراق ملصقات وتماثيل مسؤولي النظام مثل خامنئي وقاسم سليماني، واستهداف مراكز تابعة لحرس الملالي والباسيج، وتصعيد العمليات الإلكترونية للسيطرة على إذاعة وتلفزيون النظام، والكشف عن معلومات حول تنظيم السجون وأعمال التحدي الأخرى، وتوضيح نقاط ضعف النظام وتأكيد سلطة الشعب.
في الصيف الماضي، خلال المؤتمر السنوي للمقاومة 2022، أرسل أكثر من 5000 عضو من وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق رسائل مسجلة على شريط فيديو لدعم المقاومة وتغيير النظام، بزيادة قدرها 500 في المائة مقارنة بالعام السابق.
تاریخ وحدات المقاومة
بعد عقود من النضال الشاق والدامي ضد نظام استبدادي، غادر أعضاء المعارضة الرئيسية لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية العراق، واستقروا بأمان في ألبانيا.
لقد سعى نظام الملالي إما إلى إبادتهم في العراق أو إجبارهم على الاستسلام، لكنه فشل في النهاية. نفذّ الإرهابيون بالوكالة عن النظام هجمات متعددة على قاعدة منظمة مجاهدي خلق في معسكر أشرف 1 بالعراق، مما تسبب في سقوط مئات القتلى والجرحى.
وفي عام 2013، صاغ زعيم المقاومة الإيرانية، مسعود رجوي، استراتيجية جديدة دعت إلى "إنشاء ألف معسكر أشرف ووحدات المقاومة للإطاحة بنظام الملالي".
وبحسب النظام، فإن وحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق، وبالرغم من عدم وجود مرافق واسعة تحت تصرف قوى النظام القمعية، تتمتع بالعديد من نقاط القوة، مثل: التفوق الكمي والنوعي في ظروف دولية مواتية، الإرشاد والتوجيه، التواجد على الأرض.
وعمليًا، أدّت الاستراتيجية الجديدة إلى إنشاء فرق من النشطاء في جميع أنحاء البلاد، والتي يشار إليها الآن باسم "وحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق".
وتقوم وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية هذه بالعديد من الأنشطة المناهضة للنظام يوميًا، بما في ذلك إسقاط رموز النظام، من خلال إزالة ملصقات الولي الفقيه للنظام علي خامنئي، وكتابة شعارات، وتحفيز السكان على الانتفاضة ضد حكم الملالي، وتنظيم عدد من الاحتجاجات.
وكما وصفها مسعود رجوي، فإن وحدات المقاومة هي الشرارة الأولى لانتفاضات واسعة النطاق. إنهم الروح الموجهة والقوة الدافعة للانتفاضات. إنهم لا ينظمون الاحتجاجات والانتفاضات فحسب، بل يعملون بجد لضمان استمرار أعمال المقاومة هذه في مواجهة القمع الوحشي من قبل النظام. وبالتالي، فإن الاستمرار في أعمال التحدي والمقاومة هو أمر أساسي لوحدات المقاومة.
ترتكز هذه الاستراتيجية داخل إيران، بهدف إنشاء وحدات ناشطة داخل المجتمع وتشكيل صلة ثابتة بين المعارضة المنظمة ومختلف القطاعات الاجتماعية التي تطالب بتغيير النظام. هذه الفكرة متجذرة في الاعتقاد الراسخ للمقاومة الإيرانية بأن أي تغيير في إيران يجب أن يأتي من الداخل ومن قبل الشعب الإيراني نفسه. فقد تمت صياغة هذه الإستراتيجية منذ سنوات عديدة.
وفي الوقت الذي يشهد فيه النظام المزيد من الانقسامات داخل أجهزته إلى جانب الانتفاضات المستمرة المتصاعدة منذ يناير/كانون الثاني 2018 حتى اليوم، حدثت انتفاضات متعددة على مستوى البلاد منذ ذلك الحين زعزعت أسس النظام، بما في ذلك انتفاضات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 الضخمة، التي قتل خلالها الملالي أكثر من 1500 متظاهر في الشوارع بشكل وحشي. حذر الولي الفقيه للنظام، علي خامنئي، ومسؤولون آخرون مرارًا وتكرارًا وعلنًا من الطبيعة المنظمة للاحتجاجات وتحديدًا دور منظمة مجاهدي خلق.
المقاومة في الخطوط الأمامية
يتم تشكيل وحدة المقاومة كفريق، أو مجموعة صغيرة في حي أو جامعة أو مصنع أو مدرسة. فهم يشكلّون شبكة من الخلايا الصغيرة من النشطاء الذين ثاروا ضد النظام الحالي. يدعمون منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بشكل أساسي ويحصلون على دعم سياسي ولوجستي قوي من المنظمة.
من خلال أنشطتهم المتكررة، لم تتطور وحدات المقاومة وتتوسع من الناحية الكمية فحسب، بل من الناحية النوعية أيضًا، وأصبحت كابوسًا للنظام. في العامين الماضيين، وخاصة في المدن الكبرى، من خلال دورهم في التنظيم والإبلاغ، وحشد احتجاجات صغيرة يومية، وإضرابات، وكتابة شعارات مناهضة للنظام على الجدران، وتركيب لافتات وملصقات، وتدمير ملصقات لشخصيات بارزة من نظام الملالي، وبخاصة الولي الفقيه للنظام خامنئي ومؤسسه خميني في الأماكن العامة، وإشعال النار في قواعد قوات الباسيج شبه العسكرية، التي تعتبر جزء من قوات حرس نظام الملالي والمكلفة بقمع المعارضة في إيران.
العمل على إسقاط النظام
تعمل وحدات المقاومة على إسقاط النظام وإقامة إيران ديمقراطية وحرة. وتتبع العلاقات الداخلية لوحدات المقاومة المبادئ العامة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وتولي أهمية قصوى للتضحية والصدق. ولدى وحدات المقاومة إيمان راسخ بدورها في إسقاط النظام. وبحسب النظام نفسه، فإن وحدات المقاومة، رغم عدم وجود مرافق واسعة تحت تصرف القوى القمعية، تتمتع بالعديد من نقاط القوة، مثل:
التفوق الكمي والنوعي: من الناحية العملية، تتمتع الوحدات بدعم جماهيري كبير من المواطنين الإيرانيين.
الظروف الدولية المواتية: النظام معزول دوليًا وهناك أصوات أكثر تعاطفًا مع حرية الشعب الايراني مما شجع وحدات المقاومة على مواصلة عملها.
الإرشاد والتوجيه: بسبب انتمائهم إلى منظمة مجاهدي خلق، التي تتمتع بخبرة واسعة في مجموعة متنوعة من المعارك والتكتيكات، كما تتمتع وحدات المقاومة بدعم تنظيمي قوي لمساعدتها على تحقيق أهدافها.
كما أن وحدات المقاومة لها تواجد كبير على أرض الواقع وتعمل داخل إيران. يمكن لعناصر وحدات المقاومة استخدام الشوارع والأزقة والأحياء والمنشآت ضد النظام. يسمح هذا العامل المهم للوحدات باستخدام تكتيك مواجهة العدو بمهارة والفرار من مكان الحادث. وبالتالي يمكن أن يكونوا في حالة تنقل مستمر، وينتقلون بسرعة من موقع أو منطقة احتجاج إلى أخرى دون أن يتم القبض عليهم من قبل القوات القمعية للنظام. ستساعدهم هذه المرونة على قيادة وتنظيم الاحتجاجات مع الحفاظ عليها على المدى الطويل.
وبدعم من السيدة مريم رجوي، وتفعيل العناصر الصامتة لمنظمة مجاهدي خلق، تم تشكيل فرق من وحدات المقاومة داخل البلاد وبدأت في عمليات "تخريبية" من وجهة نظر النظام.
وأي شخص يقول أن منظمة مجاهدي خلق قد ماتت، فإما أن لديه دافع سيئ أو جاهل. فقد قامت المنظمة بنشر شبكتها في جميع أنحاء البلاد وتجنيد جيل الشباب على نطاق واسع. لقد دخلوا طبقات اجتماعية مختلفة مثل سائقي الشاحنات وتجار البازار وكذلك طلاب الجامعات.
وتمهد منظمة مجاهدي خلق المسرح للاحتجاجات، من خلال نشر المشاكل القائمة في المجتمع عبر وسائل الإعلام التابعة لها، ومن ثم اختراق الاحتجاجات من خلال وحدات المقاومة لقيادة وتوجيه أعمال الشغب.
وخلال انتفاضة العام الماضي، لعبت وحدات المقاومة دورًا أساسيًا في قيادة وتوجيه الانتفاضة وراديكاليتها، وهو ما يمكن رؤيته بوضوح من خلال التعبير عن الخوف والرعب على لسان قادة النظام وكذلك في وسائل الإعلام.
إن إلقاء نظرة على بعض الإحصائيات الخاصة بأنشطة وحدات المقاومة في العام الماضي تشير أيضًا إلى هذا الدور.
في شهر بهمن الناري عام 1401 (2022- 2023)، في ذکری سقوط ديكتاتورية الشاه عام 1979 .
في الأشهر الخمسة الأولى من الانتفاضة على مستوى البلاد، نفذت وحدات المقاومة 750 نشاط ثوري و320 عملية مناهضة للاختناق والقمع بأكثر من 1000 شعلة ومشعل والترحيب بالخطر بصدور عارية لتمهيد الطريق للانتفاضة.
أيضًا، في حالة واحدة فقط، واستجابة لدعوة الهيئة الاجتماعية لمجاهدي خلق، تم تنفيذ 2468 ممارسة ونشاط ثوري في 73 مدينة و 38 منطقة في طهران.
وخلال هذه الأنشطة، كان هناك الآلاف من الاعتقالات وأكبر قدر من الاضطهاد والضغط ضدهم، وكان هذا في وضع تم فيه فرض أعلى قدر من الرقابة والتشديد على أنشطتهم داخل وخارج إيران.
وفي الاجتماع السنوي للمقاومة الإيرانية هذا العام، تم عرض شريط فيديو يحتوي على 10 آلاف نشاط ترويجي لوحدات المقاومة، والذي تم تنفيذه قبل أيام قليلة من عقد الاجتماع.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية