ربع قرن على اعتقال «مانديلا الشرق»

- 10 نوفمبر 2024 - 102 قراءة

500  شخصية ومنظمة عالمية تطالب تركيا بالإفراج فورًا عن الزعيم الأممي الأسير عبد الله أوجلان

 

القائد الكردي البالغ من العمر 76 عامًا أمضى 25 سنة في السجن أي أنه قضى "ثُلث عُمره" معتقلًا

 

ناشطون دوليون في 74 مدينة حول العالم أعلنوا عن انطلاق حملة "الحرية لعبد الله أوجلان"

 

 

على الرغم من مرور 25 عامًا على اعتقاله وسجنه في جزيرة "إمرالي" التركية، هو ورفاقه تحت حراسة مشددة، سيظل القائد والمفكر الكردي الأممي عبد الله أوجلان، زعيم "حزب العمال الكردستاني"، أيقونة عالمية، وسيبقى رمزًا إنسانيًا للكفاح الوطني من أجل التحرر والعدالة، ليس بالنسبة للكُرد فحسب، بل أيضًا لشعوب الشرق الأوسط والعالم أجمع.

صدر مؤخرًا عن "مركز الخليج للدراسات الإيرانية" كتاب جديد بعنوان "ربع قرن على اعتقال مانديلا الشرق: 500 شخصية ومنظمة دولية تطالب بالإفراج عن القائد عبد الله أوجلان"، للكاتب والباحث شريف عبد الحميد، المختص في الشؤون الإيرانية والكردية، رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية.

يلقي الكتاب الضوء على سيرة الزعيم الكردي المعتقل في تركيا منذ 25 سنة، والذي يتعرض لعزلة تامة منذ عدة سنوات في سجنه. ورغم ذلك، مازال يكتب ويبدع أفكارًا سياسة غير مسبوقة، كما يمتلك مفاتيح حل القضية الكردية العادلة.

والكتاب، هو تسجيل لمطالبات عدد كبير من الرموز والشخصيات السياسية ومنظمات وحركات، عالمية وعربية وكردية، بإطلاق سراح "طائر الحرية الأسير" من محبسه، من أجل التوصل إلى حل جذري للقضية الكردية العادلة، والتي لن يتم حلها مادام أوجلان أسيرًا.

 

العمل في حقول القطن

 

يبدأ المؤلف بسرد لسيرة ومسيرة أوجلان منذ مولده يوم 4 أبريل/ نيسان عام 1948 في قرية "عمرلي" بمنطقة أورفه، جنوب شرق تركيا، بالقرب من الحدود السورية. وكان أحد سبعة أطفال لعائلة كردية فقيرة، وقد اضطُر وهو صغير إلى العمل في حقول القطن في أضنة لسنوات، ثم عمل لدى دائرة تسجيل العقارات في مدينة ديار بكر لمدة عشر سنوات، خلال الفترة 1960-1970، وفي العام التالي واصل عمله بالوظيفة نفسها في مدينة إسطنبول.

مارس أوجلان، أو "آبو" كما كان يُعرف وقتها، حقه في الانتقال من فرع إلى آخر بعد حصوله لمعدل الدرجات المطلوبة في الدراسة، والتحق بكلية العلوم السياسية في أنقرة خريف عام 1971 وازداد تعاطفه مع الرفيق ماهر جايان ووصِف هروبه من سجن "مال تبه" التركي بأنه عمل بطولي. وقد انتهى هذا الهروب بمذبحة قزل درة في 30 مارس 1972. وقاد أوجلان فعاليات توزيع المنشورات ومظاهرات التنديد بهذه المجزرة، ونتيجة لنشاطه تم اعتقاله في 7 أبريل/ نيسان عام 1972. وبعد 21 يومًا من التعذيب، بقي معتقلًا في سجن "ماماك" لمدة 7 أشهر، ليطلق سراحه في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1972.

بدأ "آبو" الذي يحلم بدولة كردستان الاشتراكية، في ذلك الوقت المبكر، حشد المؤيدين لمشروعه عام 1973، وكان يعقد اجتماعاته في منزلٍ استأجره مع أصدقائه في أنقرة.

وبعد مرور نحو عام، تحولت تلك الاجتماعات إلى منظمة سُميّت بـ "جمعية أنقرة الديمقراطية للتعليم العالي". وفي وقت قصير، بدأت هذه الجمعية ممارسة أنشطة دعائية موجهة للشباب الكردي، وذلك من خلال نقل مقرّها إلى منطقة جنوب شرق تركيا، حيث يعيش الأكراد بكثافة.

ويشير "عبد الحميد" إلى أن أوجلان ورفاقه المناضلين أسسوا "حزب العمال الكردستاني" عام 1978، ثم غادر أوجلان تركيا عام 1980 ليواصل نضاله السياسي ومشروعه الفكري من المنفى، وخاصة من دمشق، وسهل البقاع اللبناني الذي كان يخضع للسيطرة السورية آنذاك.

ولم يكن "حزب العمال الكردستاني" يمثل حركة نضالية من أجل الاستقلال فقط، بل كان حركة إنسانية فريدة من نوعها في التاريخ البشري الحديث، لاستعادة حياة شعب حُرم الحرية لقرون طويلة، تلك الميزة التي سرقها العثمانيون ومن بعدهم، من الأتراك الجدد الذين حوّلوا شعبًا أصيلاً من أهم مكونات الإقليم إلى مُكَوِّن بشري مجرد، يقع تحت رحمة مزاج رجال السياسة، الذين حرموا الكُرد من لغتهم الأصلية وأناشيدهم القومية ولباسهم، وأرضهم التي ولدوا وعاشوا عليها منذ آلاف السنين.

 

عالم خالٍ من "القمع"

 

عبد الله أوجلان، وفق المؤلف، أكثر من مجرد قائد سياسي بارز؛ إنه مفكر وفيلسوف استطاع عبر فكره وفلسفته أن يقدم حلولًا جديدة للتعايش بسلام وحل الأزمات المتراكمة في منطقة الشرق الأوسط.

ومن خلال مفهوم "الأمة الديمقراطية"، قدم أوجلان رؤية جديدة لعالم أكثر عدلًا وتسامحًا، ودعا إلى نظام يكرم التنوع والحرية والعدالة. إرثه الفكري يظل حيًا وملهمًا للملايين الذين يطمحون إلى عالم خالٍ من القمع والظلم.

ورغم وجوده في السجن بحكم جائر منذ عام 1999، إلا أن أفكاره وفلسفته تستمر في التأثير على حركات التحرر في جميع أنحاء العالم. كتبه ورسائله تُقرأ وتدرس على نطاق واسع، وتعتبر مصدر إلهام للكثيرين الذين يسعون لإيجاد حلول بديلة للمشكلات المعقدة التي تواجهها المجتمعات الشرق- أوسطية المعاصرة.

نجح أوجلان، إلى حد بعيد، في إعادة صياغة الأفكار السياسية والاجتماعية في المنطقة. تأثر بفلسفات مختلفة، بما في ذلك الفكر الماركسي، والتحرر الوطني، ونقد الرأسمالية. قام بتحليل عميق لتاريخ الشعوب، وقام بنقد الجوانب القمعية للأنظمة القومية والذكورية، ورأى أن الأزمات العالمية لا يمكن حلها أبدا من خلال الأدوات والأفكار التقليدية المتعارف عليها في عالمنا اليوم.

ركز "آبو"، على أهمية التحرر الفردي والجماعي كوسيلة لتحقيق التعايش والسلام. كان يعتقد أن المشكلات الاجتماعية والسياسية ليست مجرد نتائج لصراعات القوة، بل هي ناتجة عن هياكل اجتماعية قائمة على القمع والهيمنة. لذا، فإن حل هذه المشكلات يتطلب إعادة التفكير في هذه الهياكل وبناء نماذج جديدة تحقق العدالة والحرية.

وتتيح فلسفة "الأمة الديمقراطية" نموذجًا مبتكرًا لبناء مجتمعات أكثر عدلاً وتسامحًا.  ومن خلال أفكاره، يواصل أوجلان التأثير على مسارات التغيير الاجتماعي والسياسي، ويظل صوته صدىً يدعو إلى بناء عالم أفضل يتسع للجميع.

 

حراك دولي كبير

 

يسجل الكاتب عددًا كبيرًا من الأنشطة والفعاليات الدولية المطالبة بإطلاق سراح أوجلان من سجنه التركي، خصوصًا أن الرجل البالغ من العمر الآن 76 عامًا، أمضى 25 سنة في السجن، ما يعني أنه قضى "ثلث عُمره" معتقلًا.

في هذا الإطار، وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي 2023، أدلى ناشطون دوليون في 74 مدينة حول العالم ببيانات للرأي العام العالمي، وأعلنوا عن انطلاق حملة "الحرية لعبد الله أوجلان، الحل السياسي للقضية الكردية". انطلقت الحملة بقراءة بيان في مدينة ستراسبورج الفرنسية حيث مراكز كل من؛ المجلس الأوروبي، ولجنة مناهضة التعذيب، ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبية. ثم تلاها قراءة بيانات في 74 مدينة حول العالم ما يُمثل السن التي وصل إليها القائد عبد الله أوجلان في ذلك الوقت.

إضافة الى الدول الأوروبية، تمت قراءة البيانات في دول مثل بنجلادش، وباكستان، وطوكيو ـ اليابان، والهند، وكينيا، وافريقيا الجنوبية، وأمريكا اللاتينية وعشرات المراكز الأخرى من حول العالم. وانتشرت حملة "الحرية لعبد الله أوجلان، الحل السياسي للقضية الكردية" خلال شهرها الأول، في 6 قارات و31 بلدًا و105 مراكز حول العالم، وانضم إليها آلاف الشخصيات المعروفة عالميًا.

انطلقت الحملة في البداية في 74 مركزًا حول العالم، لكنها تخطت خلال فترة قصيرة 105 مراكز تتوزع في قارات آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، وأمريكا الجنوبية، وأمريكا الشمالية، وأوقيانوسيا، إذ انضم إليها عشرات المؤسسات وامتدت إلى 31 بلدًا حول العالم منها؛ نيجيريا، وبنغلاديش، واليابان، والفلبين، وميانمار، وكينيا، وأفريقيا الجنوبية/ سوازيلاند، وألمانيا، وبريطانيا، واسكتلندا، وويلز، وأيرلندا، وفرنسا، وبلجيكا، وسويسرا، وإيطاليا، والسويد، والدنمارك، والنرويج، وأستراليا، والنمسا، والأرجنتين، وإسبانيا/ الباسك/ كتالونيا، وسلوفينيا، وقبرص، واليونان، وكولومبيا، والإكوادور، وتيمور الشرقية، إضافة إلى آلاف المؤسسات والشخصيات من جميع أنحاء كردستان.

وفي إطار حملة "الحرية لعبد الله أوجلان، الحل السياسي للقضية الكردية"، نظم ناشطون دوليون مطلع العام الماضي 2023، حملة فرعية تحت عنوان "أيام قراءة كتب عبد الله أوجلان"، في العديد من المراكز الدولية، أبرزها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. وفي هذه الحملة، جرى قراءة كتب القائد أوجلان بـ 16 لغة، كما تم قراءة أجزاء من مرافعاته، ومناقشة أفكاره، والمطالبة بحريته الجسدية فورًا.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.