سر «العلاقة الغامضة» بين إيران والغرب

- 10 فبراير 2022 - 454 قراءة

• "نيوزويك": هزيمة صدام حسين مكنّت الشيعة أن يصبحوا القوة الجديدة الأكثر ثورية في الشرق الأوسط

• الولايات المتحدة ودول الغرب تسعى بشكل مستمر إلى "عملقة" الكيان الشيعي في المنطقة العربية

• "المعهد الملكي للشؤون الدولية": السياسات الأمريكية والبريطانية عززت وضع إيران.. وجعلتها "أقوى لاعب" إقليمي

• الخميني استطاع توظيف خلافه الظاهري مع أمريكا ليرفع شعارات خدع بها الشعوب الإسلامية المقهورة

• باحث: ما نشاهده ونسمعه من خلافات بين الدول الغربية وإيران ما هي إلا أزمات مفتعلة لـ "حبك اللعبة"

• ما تفعله أمريكا حاليًا مع إيران ليس تفضلًا لكنه المقابل الطبيعي لسلسة "الخيانات" التي قدمتها طهران لواشنطن

 

 

منذ عدة عقود، تسعى الولايات المتحدة ودول الغرب، بشكل مستمر، إلى "عملقة" الكيان الشيعي في المنطقة العربية، وجعل إيران أقوى لاعب إقليمي في الشرق الأوسط، وذلك بدعوى مغلوطة وكاذبة، مفادها أن التطرف والإرهاب دائمًا ما ارتبط بجماعات سُنية مثل "القاعدة" و"داعش"!

وفي مارس/آذار 2004، كتبت مجلة "نيوزويك" الأمريكية تقريرًا عن التحالف "الأمريكي- الشيعي"، أكدت فيه أن هزيمة صدام حسين أطلقت العنان لقوة دينية وسياسية جديدة قد تصبح "حليفًا معتدلًا" للولايات المتحدة الأمريكية في العراق، ومكنّت الشيعة من أن يصبحوا القوة الجديدة الأكثر ثورية في منطقة الشرق الأوسط.

 

اقرأ أيضًا...

ثورة الخميني الأمريكية

 

وقالت المجلة إن على العالم الغربي أن يتوقف عن الحديث عن الخليج الفارسي أو الخليج العربي، كما يُسميه العرب، بل هو "الخليج الشيعي"، فأكثر من 90 % ممن يعيشون حوله يتبعون المذهب الشيعي، وعلى الولايات المتحدة أن تأخذ بعين الاعتبار أن الشيعة يربضون على كل ذلك النفط"، معتبرة أن مستقبل العراق السياسي، ومنزلة أمريكا في الشرق الأوسط، تتعلق إلى حد كبير بالعلاقات بين واشنطن وطهران.

 

إيران "أقوى لاعب" إقليمي

 

ذكر تقرير صدر عن "المعهد الملكي للشؤون الدولية" في بريطانيا، منتصف عام 2014، أن السياسات الأمريكية والبريطانية في الشرق الأوسط عززت من وضع إيران، وجعلتها "أقوى لاعب" في المنطقة، وأن غزو أفغانستان والعراق أطاح بخصمي إيران، وأشار التقرير إلى شيء أخطر من ذلك، وهو أن إيران كانت المستفيد الرئيسي من الحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط، وأنه بالإطاحة بنظام حركة "طالبان" في أفغانستان، ونظام صدام حسين في العراق؛ أزالت الولايات المتحدة وحلفاؤها خصوم طهران الإقليميين، مما مكَّن إيران من التحرُّك فيما بعد لملء الفراغ الذي أحدثته الحرب.

من جانبه، وفي مارس/آذار 2015، قال المقدم المتقاعد في القوات الخاصة الأمريكية، جميس ريسي، مستشار الشؤون الدولية لدى محطة CNN، إنه لا ينبغي على أمريكا البقاء على الحياد في المواجهة الدائرة حاليًا باليمن بين التحالف العربي و"الحوثيين"، مضيفًا أن الخلافات بين السنة والشيعة بالمنطقة كبيرة، ولكنها غير مرتبطة بالكامل بمشكلة "الحوثيين" التي قال إنها تتعلق بانقلاب فئة على رئيس شرعي.

 

اقرأ أيضًا...

عندما أصبح «الشيطان الأكبر» صديقًا!

 

 

وقال ريسي، ردًا على سؤال لـCNN  حول سبب التحالف مع قوى شيعية وإيران ضد "داعش" التي تضم عناصر سنية بالعراق: "المهمة معقدة في الشرق الأوسط ولا يمكن تلخيصها بالتحالف مع الشيعة هنا والسنة هناك، بل علينا تقسيم هذه المهمة المعقدة إلى مهام أصغر وأبسط".

وأضاف ريسي: "في العراق، يقاتل الجميع ضد عدو مشترك واحد، وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية كان من الرائد رؤية (فيلق القدس) وهو يقاتل في تكريت بالعراق، ولكن في اليمن، علينا تجاوز مسألة الانقسام بين السنة والشيعة، والتحدث عن الحوثيين فحسب، فهم الذين هاجموا الرئيس وحكومته رغم انتخابهما بشكل شرعي وحر. وبالتالي فعلينا تذكر أن الحوثيين – رغم أنهم شيعة – إلا أن المشكلة معهم هي مهاجمتهم للرئيس المنتخب".

ولدى سؤاله حول ضرورة تدخل واشنطن في القتال الدائر باليمن رد ريسي بالقول: "هناك من يريد أن يوقف دور أمريكا كإطفائي في الشرق الأوسط، وهذا يحصل بالفعل، فالسعودية ومصر ودول صاحبة قوة إقليمية قررت دخول الميدان وتوجيه الضربات بنفسها، وقد فعلوا ذلك في العراق أيضًا حيث لدينا تحالف دولي لا نلعب نحن الدور الأبرز فيه".

 

"عملقة" الكيان الشيعي

 

يرى المراقبون أن هناك معادلة شديدة التعقيد والصعوبة، تسعى إلى إحداثها أمريكا وعدد من دول الغرب؛ وتتمثل تلك المعادلة في العمل الدائم والمستمر على "عملقة" الكيان الشيعي في المنطقة العربية والمتمثل في الدولة الإيرانية. وصعوبة تلك المعادلة تكمن في رعاية هذه الدول لحالة العملقة والتضخيم للشأن الإيراني، مع الحرص الشديد - في الوقت ذاته- على تأطير هذه "العملقة"، وتحجيم دورها.

 

اقرأ أيضًا...

كيف أعطت واشنطن «الضوء الأخضر» للثورة؟

 

 

فمن جانب، يسعى الغرب إلى تضخيم الشأن الإيراني بكافة السبل، ومن جانب آخر يعمل على الحد منه راسمًا له فضاء بعيدًا عن المصالح والأطماع الغربية في المنطقة، وإيران بدورها تقنع بهذا الدور، وتحاول -جاهدة- استثماره، والقيام به على أكمل وجه، بحيث أتقنته، وأجادت فيه بشكل يفوق كل التوقعات والأهداف التي يريدها الغرب من منطقتنا العربية.

ويؤكد الباحث د. رمضان الغنّام، أن ما نشاهده ونسمعه من خلافات بين أمريكا وغيرهما من الدول الغربية من جانب، وبين إيران من جانب آخر؛ ما هي إلا أزمات مفتعلة لـ "حبك اللعبة" التي تدار من الباطن؛ أو هي أزمات حقيقية ناتجة عن تضارب في الحسابات، أو اختلافات حول "المحاصصة" وحجم المكاسب، والتي سريعًا ما يصل الطرفان فيها إلى حل وتسويات مرضية، وبهذا نفهم أن ما تفعله أمريكا مع إيران ليس تفضلًا أو مَنًّا، لكنه المقابل الطبيعي لسلسة المساعدات - الخيانات- التي قدمتها إيران لواشنطن، على حساب الأمة العربية.

وكانت التصريحات الأمريكية من أقوى الآليات والخدع، التي صُوِّرت بها إيران على أنها القوى العظمى في الشرق الأوسط، وأنه لا منافس لها، وأن برنامجها النووي فيه "خطر" على (إسرائيل) والحلم الأمريكي، ما دفع قطاعًا كبيرًا من الناس للانبهار بهذه القوة، والتعاطف معها لحملها لواء العداوة - كذبًا- لقوى الغرب!

 

اقرأ أيضًا...

إيران والأمريكان.. أعداء العلن أصدقاء السر

 

 

من جهة ثانية، تُعد الرعاية المباشرة للمنظمات الشيعية في العالم الإسلامي واحدة من أهم الآليات المنتهجة من قبل الإدارة الأمريكية لدعم الدولة الإيرانية، فوِفقًا لوكالة أنباء "أمريكا إن أرابيك" أظهر التقرير المالي السنوي للوقف القومي للديمقراطية إحدى منظمات التمويل الأمريكي؛ أنه موَّل منظمة شيعية كانت تعمل في مصر اسمها "الكونجرس الإسلامي الأمريكي" (AIC)، وهذه المنظمة القريبة من الحزب الجمهوري، أسستها أمريكية عراقية كانت تُروِّج لغزو العراق وتُدعى "زينب السويج"، وهي ناشطة شيعية سابقة، كانت معارضة لحكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ما يؤكد أن دعم كل منظمة تعارض الإسلام الصحيح غاية يسعى إليها الغرب لتقليص الوجود السني.

وأخيرا، يقول الكاتب عبد الكريم الحطاب إن "الخلاف الأمريكي الإيراني لم يكن يومًا خلافًا عقديًا، لكن الخميني استطاع بذكائه أن يُوظف خلافه الظاهري مع الولايات المتحدة بشكل ديني، ويرفع شعارات تلقى رواجًا عند الشعوب الإسلامية المقهورة. ولعل الكثيرين انخدعوا بالثورة الإيرانية عند قيامها، ليس العامة فقط بل من علية القوم الذين يجهلون المعتقد الشيعي ومخططاته. وعندما بدأت تسقط الأقنعة وتكشر الذئاب عن أنيابها أفاقوا في نهاية المطاف".

ـــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- ضابط أمريكي يشرح لـCNN لماذا تدعم أمريكا الشيعة وإيران ضد داعش بالعراق.. وتؤيد قتال الحوثيين الشيعة أنصار طهران باليمن، موقع "سي إن إن"، 25 مارس/آذار 2015.

2- عملقة إيران مصلحة غربية، موقع "طريق الإسلام"، 1 فبراير/شباط 2014.

3- دلائل التحالف الأمريكي الإيراني السري ضد العرب، موقع "بوابتي"، 30 يناير/كانون الثاني 2016.

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.