8 أعوام على تأسيس «مسد»... موعد مع التاريخ

- 14 يناير 2024 - 333 قراءة

المجلس تأسس بعد فشل نظام بشار الأسد والمعارضة التابعة للخارج في إيجاد أي حل للأزمة السورية

 

"قوات سوريا الديمقراطية" لجّمت تمدّد "داعش" أعتى تنظيم إرهابي بعد سيطرته على أكثر من نصف البلاد

 

"مسد": سوريا تحوّلت لساحة تصفية حسابات وحروب بالوكالة ومشاريع عابرة للجغرافية ودخيلة على الهوية الوطنية

 

 

قبل ثمانية أعوام، وبالتحديد في التاسع من ديسمبر/كانون الأول عام 2015، كان السوريون على موعد مع حدث تاريخي، حيث اجتمعت في مدينة "ديريك" أقصى شمال شرق البلاد؛ القوى المؤيدة للحوار والديمقراطية والحلول الوطنية، والغيورة على وحدة الوطن وسلامته، والتي آلمها استمرار مأساة الشعب السوري، وتشتّته بين فرقاء شتى من قوى المعارضة الوطنية السلمية، وأرّقتها الأخطار التي تهدد مستقبل أبناء هذا البلد المنكوب.

تأسس مجلس «مسد» أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول 2015، وضم 16 حزبًا وتيارًا سياسيًا من مكونات المنطقة من العرب والكرد والسريان الآشوريين، إلى جانب شخصيات تكنوقراط.

ويعد المجلس الإطار السياسي لتحالف "قوات سوريا الديمقراطية" الكُردية- العربية، التي تبسط سيطرتها على مناطق شاسعة في شمال وشمال شرقي سوريا، تدعمها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، في إطار مهامها محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي.

وخرج اجتماع القوى السورية المؤيدة للحوار والديمقراطية والحلول الوطنية، وقتها، برؤية واستراتيجية تجمعها عمل مشترك، تُوّجت بتأسيس "مجلس سوريا الديمقراطية" الذي عُرف اختصارًا بـ "مسد".

في ذلك الوقت، شهد الجميع فشل نظام بشار الأسد والمعارضة السورية التابعة للخارج معًا، في إيجاد أي حل للأزمة السورية، وتركها الساحة للفصائل الإرهابية والراديكالية، حيث سيطر تنظيم "داعش" الإرهابي على أكثر من نصف الأراضي السورية، كما كانت التنظيمات المسلحة الراديكالية التابعة لتنظيم "القاعدة" موجودة أيضًا على الأرض، ما أدى إلى خلق الإحباط لدى كل السوريين، ولذلك كان لابد من ظهور البديل والمعارضة الحقيقية، وهو ما تمثل في تأسيس "مجلس سوريا الديمقراطية".

خلال ثماني سنوات مضت منذ تأسيس "مسد"، أطلق المجلس العديد من المبادرات السياسية لحل الأزمة خلال السنوات الماضية، غير أنها قوبلت بالرفض من قبل النظام وبعض قوى المعارضة مثل "الائتلاف الوطني".

ولـ "مسد" توافقات سياسية مع العديد من القوى الوطنية منها "هيئة التنسيق الوطنية" يونيو/حزيران 2023، و"حزب الإرادة الشعبية" أغسطس/آب 2020، من أجل توحيد الصف السوري، وإنهاء حالة الانقسام التي تعاني منها قوى المعارضة الوطنية.

 

وقف نزيف الدم السوري

 

أكد البيان التأسيسي للمجلس، أن "الأزمة السورية أزمة بنيوية ارتكزت على الدولة القومية الأحادية الصبغة، وعلى الاستبداد وإنكار الآخر، لذلك لابد للحل في سوريا أن يتجه نحو اللامركزية والتشاركية والديمقراطية الحقيقية لتمكين جميع المكونات على اختلاف الخصوصيات والرؤى من تحقيق ذاتها في الوطن المشترك الذي يجب أن يحضن الجميع دون إقصاء أو إبعاد أو تحكم أو احتكار أو تسلط، أي لا بد أن يكون وطنًا تسوده القوانين العادلة وتديره المؤسسات الديمقراطية التي ستكون الضمانة الدستورية الحقوقية لسوريا المنسجمة مع هذا العصر. وعلى العكس من ذلك فإن الإصرار على الدولة القومية أو فرض المركزية أو هوية خاصة على الدولة سيخدم تقسيم سوريا وتمزيقها".

ووفق البيان التأسيسي، فإنه "من أجل وقف نزيف الدم السوري وإنهاء حالة التشرذم والتبعثر التي تعاني منها سوريا وقواها السياسية والتي تسببت في هدر طاقات المجتمع السوري، ومن أجل مواجهة الإرهاب ودحره واجتثاث جذوره، لا بد من حوار سوري – سوري لإعادة بناء سوريا حرة ديمقراطية على أسس احترام التنوع المجتمعي للنسيج السوري والعدالة والمساواة بين الجنسين واعتبار حرية المرأة هي أساس كافة الحريات. علمًا أن سوريا لها دور مهم في دمقرطة الأنظمة في الشرق الأوسط بأكمله، وهي التي ستحدد معالم أنظمة المئة عام المقبلة، لهذا نعول على سوريا أن تكون ديمقراطية لا مركزية تعددية".

 

خريطة طريق لحل الأزمة

 

في إطار مهمته التاريخية، أنهى "مسد" أعمال مؤتمره الرابع، مؤخرًا، في مدينة الرقة شمالي سوريا تحت شعار «وحدة السوريين أساس الحل السياسي، وضمان تحقيق التعددية اللامركزية»، بانتخاب قيادة جديدة للمجلس.

وتشكلت الرئاسة المشاركة الجديدة من المعارض المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية محمود المسلط، والمسؤولة الكردية ليلى قهرمان، وألغى المؤتمر منصب «الرئيس التنفيذي» الذي كانت تشغله القيادية الكردية إلهام أحمد منذ تأسيسه نهاية 2015.

شارك في المؤتمر نحو 300 شخصية من أعضاء المجلس، بينهم رؤساء وقادة القوى والأحزاب السياسية الأعضاء في المجلس، وممثلون عن الهيئات والإدارات المدنية، ومسؤولون عسكريون من «قوات سوريا الديمقراطية» قسد، وشخصيات وطنية معارضة من الداخل والخارج السوري.

ودعا البيان الختامي إلى توحيد صفوف المعارضة الوطنية، والتمسك بالحوار السوري – السوري عبر الحوار والتفاوض المباشر وفق القرارات الأممية ذات الصلة برعاية وضمانة دولية.

وجاء انعقاد مؤتمر "مسد" الأخير، بعد أيام من مصادقة الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا على عقدها الاجتماعي، الذي أقرّت بموجبه جملة من القوانين الجديدة وغيّرت تسميتها الرسمية لتصبح «الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا»، والتوجه نحو توحيد إداراتها المدنية السبع في إطار "إقليم إداري موحد"، وهذه الخطوات تأتي بمعزل عن حكومة نظام دمشق.

طرح المجلس خلال المؤتمر خريطة طريق لحل الأزمة السورية تقوم على 9 بنود رئيسية، تبدأ بإعلان وقف لإطلاق النار بإشراف ومراقبة دولية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين والمختطفين والكشف عن مصير المفقودين، وإخراج جميع المقاتلين الأجانب من الأراضي السورية وإنهاء جميع الاحتلالات، ورفع الحصار عن جميع المناطق السورية من كل الجهات العسكرية، ورفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد، والعمل على عقد مؤتمر وطني سوري ينبثق عنه مجلس تأسيسي يمثل كافة مكونات الشعب السوري، وتشكيل حكومة انتقالية بكامل الصلاحيات، وإيقاف العمل بالدستور الحالي وتشكيل لجنة لصياغة مشروع دستور ديمقراطي توافقي جديد.

ونصت وثائق المؤتمر على سعي "مسد" إلى أن يتحول بديلًا وطنيًا ديمقراطيًا سوريًا، واعتبار الحل السياسي عبر المفاوضات السبيل الوحيد والأمثل لإنقاذ البلاد، وإجراء تعديلات في هيكلية المجلس الإدارية، تأتي في إطار أن يصبح نواة مشروع سياسي وبديلًا وطنيًا ديمقراطيًا، واعتبار القضية الوطنية أولوية استراتيجية للوصول إلى حل جميع القضايا العالقة بما فيها قضايا حقوق المكونات.

وفي مناسبة الذكرى الثامنة لتأسيسه، أصدر "مسد" بيانًا ضافيًا جاء فيه: "بعد ثماني سنوات على تأسيس "مسد" وثلاثة عشر عامًا من عمر الأزمة، وعلى الرغم من التغيرات الكبيرة التي شهدتها سوريا والمنطقة عمومًا، حيث لجمت "قوات سوريا الديمقراطية" تمدّد أعتى تنظيم إرهابي وحررت مدن وبلدات الشمال والشمال الشرقي، وبنت هياكل مدنية تدير شؤونها بنفسها، ومن جهة أخرى تعرّض أجزاء من الشمال السوري للاحتلال التركي وسيطرة الفصائل التي لا تجمعها سوى الإجرام والتنكيل بالسوريين، في الوقت الذي ترزح بقية المحافظات السورية تحت وطأة حكم مركزي مستبد تخضع رقاب السوريين ولا يملك سوى سردية الانتصار الوهمي".

أضاف البيان: "كما لم نشهد أي توافق لحل الأزمة من قبل القوى الدولية المعنية بالملف السوري، وتناحر السوريين فيما بينهم، وتحوّل سوريا لساحة تصفية حسابات وحروب بالوكالة ومشاريع عابرة للجغرافية ودخيلة على الهوية السورية".

"في خضم هذه الوقائع أصبح مجلس سوريا الديمقراطية بتعاون الشركاء والأصدقاء والغيورين على وحدة سوريا ونسيجها الاجتماعي، المظلّة الوطنية للقوى والتيارات السورية الديمقراطية المؤمنة بالحل السوري عبر الحوار والتفاوض.

"إنّنا إذ نبارك للسوريين هذه المناسبة، ندعو ونجدد دعوتنا للسوريين كافة للعمل من أجل بلورة مشروع وطني ديمقراطي نواته سوريا الموحّدة أرضًا وشعبًا وهويته الوطنية الجامعة وفق دستورٍ عصري وحكم لامركزي بتوافق جميع السوريين".

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.