ينشط في العراق، خلال الآونة الأخيرة، فصيل إرهابي شيعي موالي لإيران يُسمي نفسه "ألوية الوعد الحق"، سبق وأعلن في بيانات إعلامية مسؤوليته عن هجمات بطائرات مُسيّرة على منشآت مدنية في الرياض العام الماضي، وعلى مدينة أبوظبي مطلع هذا العام، كما نظمّ حملات علنية لجمع التبرعات لصالح جماعة "الحوثي" الإرهابية اليمنية، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات عن الجهات التي تقف وراء هذا الفصيل، الذي لا يُعرف عنه إلا القليل، ويُعتقد أنه يرتبط بالميليشيات العراقية المقربة من "فيلق القدس" التابع لـ "الحرس الثوري".
وتشير بعض القنوات الإعلامية التابعة لإيران في العراق ولبنان، إلى «ألوية الوعد الحق» بعبارة «ألوية الوعد الصادق»، بما يحمل المعنى نفسه. وربما يشير ذلك، حسب المراقبين، إلى أن تسمية الجماعة ربما لم تكن في الأصل باللغة العربية، وأنها كانت بالفارسية أولًا.
وذكرت دراسة لـ "معهد واشنطن" أن هناك الكثير الأدلة التي تُظهر أن "ألوية الوعد الحق" لديها روابط فريدة مع "كتائب حزب الله العراق"، بناءً على تحليل الروابط الإعلامية بين القنوات التي تديرها "الألوية" و"الكتائب" كلٌ على حدة، مشيرة إلى أن السيطرة المباشرة لـ «فيلق القدس» التابع لـ "الحرس الثوري" على هذه الميليشيا، ربما تكون البديل الواقعي لذلك.
تبنّى التنظيم في بيانه الأول في 24 يناير/كانون الثاني 2021 هجومًا بطائرات مسيرة على قصر اليمامة في الرياض، حيث ادّعى مسؤول في الميليشيا خلال حديث له مع وكالة "أسوشيتدبرس"، أنه تمّ إطلاق 3 طائرات بدون طيار من المناطق الحدودية العراقية - السعودية من قبل فصيل غير معروف نسبياً مدعوم من إيران في العراق، في إشارة إلى "ألوية الوعد الحق"، حيث تحطمت هذه الطائرات في المجمع الملكي بالرياض.
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، في حينه، عن مسؤول في "الألوية" قوله: إن "قطع الطائرات المسيرة جاءت من إيران وتمّ تجميعها وإطلاقها من العراق"، وذلك في أعقاب الهجوم على قصر اليمامة في الرياض، ما يؤكد اعتراف هذا الفصيل بتلقيه الدعم من إيران وتنفيذه سياسات طهران في منع العراق من العودة الى محيطه العربي والإقليمي.
وفي بيانه الثاني، بارك التنظيم هجوم جماعة الحوثي الإرهابية على أبوظبي في السابع عشر من يناير/كانون الثاني 2021 بطائرات مسيرة أصابت صهاريج لنقل المواد النفطية في منطقة مصفح الصناعية، وأدت إلى حريق قرب مطار أبوظبي. بينما أعلنت في بيانها الثالث مسؤوليتها عن الهجوم بأربع طائرات مسيرة على منشآت حيوية في أبوظبي، وهو ما لم تؤكده الجهات الرسمية الإماراتية.
وأعلنت الجماعة مسؤوليتها عن هجوم آخر استهدف الإمارات في فبراير/شباط الماضي 2022، حيث تبنت الهجوم على العاصمة الإماراتية أبو ظبي بـ 4 طائرات مسيرة، وذلك قبل إعلان وزارة الدفاع الإماراتية عن إسقاط 3 مسيّرات منها. وقالت الجماعة في بيان نشرته على قناتها عبر تطبيق "تلجرام" إن "أبناء الجزيرة العربية وجهوا ضربة إلى الإمارات، بواسطة أربع طائرات مسيّرة استهدفت منشآت حيوية في أبو ظبي".
وقال المحلل السياسي مايكل نايتس من "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" معلقًا على الهجوم الأخير الذي استهدف الإمارات في تغريدة على "تويتر": "إذا كانت ألوية الوعد الحق قد خرجت من مكامنها ونفذت بالفعل هجمات بطائرات مسيرة على الإمارات، فإن هذه العملية إما تكون بتوجيه من إيران أو على الأقل سمحت بها إيران".
وقوبلت الهجمات التي نفذتها "جماعة الحوثي وألوية الوعد الحق" على أهداف في أبوظبي بمباركة وترحيب من معظم قيادات الميليشيات المسلحة الحليفة لإيران. في حين، وصف رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر ألوية الوعد الحق بأنها مجموعة من الإرهابيين الخارجين عن القانون، وطالب حكومة مصطفى الكاظمي باتخاذ إجراءات حازمة مع هؤلاء لئلا يحدث ما لا يحمد عقباه.
وأكد "الصدر"، في تغريدة على حسابه الشخصي في "تويتر" على أن "العراق بحاجة للسلام والهيبة وعدم التبعية لأوامر الخارج، ومن المهم ألّا يكون منطلقًا للاعتداء على دول الجوار والدول الإقليمية".
من جهة ثانية، يقول محللون سياسيون إن "الألوية" اسم وهمي لا يتعدى كونه غطاء لإحدى الميليشيات المسلحة المتحالفة مع إيران، والتي تنفذ العمليات بأوامرها ووفق أجندتها. يُعتقد أن ألوية الوعد الحق هي واجهة إعلامية لتبني عمليات كتائب حزب الله العراقية تجنبها ردود فعل متوقعة
وكانت الإمارات والسعودية قد شاركتا إلى جانب دول عربية أخرى بحضور جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ودول إقليمية في قمة بغداد للتعاون والشراكة في الثامن والعشرين من أغسطس/آب 2021 لدعم جهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وفقًا للآليات الدستورية، وتأكيد اعتماد العراق سياسة التوازن والتعاون الإيجابي في علاقاته الخارجية.
ويرى المراقبون أن "ألوية الوعد الحق" التي أعلنت مسؤوليتها عن هجمات على الرياض وأبوظبي، ونظمت حملات علنية لجمع التبرعات لجماعة "الحوثي" الإرهابية، هي واجهة لفصائل شيعية مسلحة تتمتع بنفوذ واسع في مؤسسات الدولة العراقية الأمنية والعسكرية. وأن هذا النفوذ يجعلها بعيدة عن ملاحقة الأجهزة الأمنية العراقية، التي يبدو أنها "غير مؤهلة" لاتخاذ إجراءات رادعة ضد تلك الفصائل والجماعات المسلحة الموالية لإيران.
ومنذ عام 2019، ظهرت في العراق مجموعات مسلحة، وزادت من نشاطاتها بعد اغتيال قاسم سليماني قائد "فيلق القدس" وأبومهدي المهندس نائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي"، بقرار من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني 2020.
و"ألوية الوعد الحق" هي من بين المجموعات الشيعية المسلحة التي ظهرت خريف عام 2019 كمجموعات تتبنى هجمات بالصواريخ أو بالطائرات المسيرة على قواعد عراقية تستضيف قوات أمريكية، أو على أرتال الدعم اللوجستي لقوات التحالف الدولي.
ومن أهم تلك الميليشيات المسلحة، "أصحاب الكهف وعصبة الثائرين وقبضة المهدي وسرايا ثورة العشرين الثانية وقوات ذوالفقار وسرايا المنتقم وأولياء الدم وثأر المهندس وقاصم الجبارين، والغاشية"، ومجموعات أخرى بعضها تبنى عملية واحدة أو عمليتين فقط.
ويؤكد المحللون أن هناك مؤشرات على ارتباط "ألوية الوعد الحق" بكتائب حزب الله العراق، إحدى أقوى وأكبر المجموعات الشيعية العراقية المسلحة الحليفة لإيران، حيث يُعيد حساب أبوعلي العسكري المسؤول الأمني للكتائب نشر بيانات "الألوية" على الإنترنت.
من جانبها، نظمت كتائب "حزب الله العراق" حملات علنية في الشوارع وفي مقراتها للتبرع بالمال لصالح جماعة "الحوثي" لدعم الهجمات على الإمارات والسعودية، وهو نهج مطابق تمامًا لـ "ألوية الوعد الحق" التي تستهدف الدولتين معا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية