المقاومة الإيرانية.. البديل الديمقراطي لنظام الملالي

- 29 يوليو 2023 - 662 قراءة

في عرض تاريخي للتضامن، شاركت أكثر من 500 شخصية عالمية في أعمال مؤتمر "إیران الحرة 2023"، الذي عُقد مؤخرًا في باريس. وشهد العالم أجمع دعمهم الحماسي لخطة عشر النقاط الحكيمة للرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة، السيدة مريم رجوي، والتي تدعو إلى جمهورية حرة وديمقراطية تدعم حقوق النساء والأقليات.

وخلال الأشهر الأخيرة، اكتسب هذا الدعم الدولي للمقاومة الإيرانية كبديل ديمقراطي لنظام الملالي، زخمًا كبيرًا، ففي يونيو/حزيران الماضي، اتحد 120 من قادة العالم في توقيع رسالة تعبر عن تضامنهم مع المجلس الوطني للمقاومة والانتفاضات الإيرانية المستمرة ضد نظام الملالي.

ولا جدال أن قضية النظام الإيراني والمقاومة الإيرانية، المطروحة الآن على طاولة المجتمع الدولي، هي قضية أوسع من برنامج وسياسة، وحتى استراتيجية دولة أو عدة دول معنية بالظروف الراهنة المتعلقة بإيران؛ فهل ستقف حكومات العالم، بكل ما لديها من برامج وسياسات واستراتيجيات إلى جانب شعب ومقاومة إيران، أم إلى جانب الديكتاتورية المتحكمة بهذا البلد؟! المنطق الإنساني والتقدمي يخبرنا بأن تحولًا تاريخيًا لصالح الشعب والمقاومة الإيرانيين يوشك على الحدوث.

ورأت كل شعوب العالم أنه ما لم تكن المقاومة الإيرانية حاضرة وصامدة وفاعلة على مسرح الأحداث، فإلى أين سينتهي مصير كل فرد وجماعة إيرانية، خاصة في الانتفاضة الأخيرة. إنها المقاومة التي هي قبل كل شيء كنز تاريخي ووطني لجميع الإيرانيين المؤمنين بالديمقراطية، والمتعهدين بحرية إيران ومستقبلها الخالي من نظام الملالي.

الشعب الإيراني هو الشرعية

تؤمن المقاومة الإيرانية بأن الشعب الإيراني هو الشرعية والمُحرّك الرئيسي للتغيير، ولا شرعية ولا أساس لوجود أي منظمة أو حركة أو تيار سياسي واجتماعي بدونه، ولابد أن يكون البديل الديمقراطي الوطني للأنظمة الاستبدادية أصيلًا عميق الجذور والترابط مع الشعب، متعايشًا مع آلامه، مؤمنًا بكرامته وتاريخه وتراثه وكافة حقوقه المشروعة.

إن وحدة قوى المعارضة التي تسعى إلى الإطاحة بالنظام الإيراني وتشكيل بديل حقيقي، هي إحدى الركائز الأساسية للمقاومة ضد الدكتاتورية الفاشية للملالي الحاكمة في إيران. والحقيقة أنه لابد من وجود بديل لهذا النظام الفاشي للمضي قدمًا في النضال وضمان تحقيق النصر. ولولا وجود المقاومة كبديل مقتدر ومنظم، لكان من الممكن أن تفشل الثورة، أو تنحرف عن مسارها وتذهب تضحيات الشعب أدراج الرياح.

وقد أثبت هذا البديل الديمقراطي قوته وإمكانياته وعدم إمكان الاستغناء عنه داخل وخارج إيران، وعليه فإن ما ترسخ في أذهان الرأي العام الآن، هو أن ما سعى إليه الاستعمار والقوى الرجعية قد اقترب من خط نهايته، وعلى حد تعبير مايك بنس المرشح الرئاسي الأمريكي الذي قال في خطابه خلال تجمع القمة الأخيرة: "لم يكن النظام الإيراني في مثل هذه الدرجة من الضعف، ولم تكن المقاومة الإيرانية في مثل هذه الدرجة من القوة والشرعية".

وعلى مدار أكثر من 44 عامًا من الصراع والمواجهة بين المقاومة الإيرانية وبين النظام، والتي شهدت صعودًا وهبوطًا، ومرت خلالها بالعديد من المعترکات والمنعطفات، استطاعت السيدة مريم رجوي، زعيمة المقاومة المنتخبة، أن تجعل المقاومة بفضل قيادتها الحكيمة في موقف الهجوم، وتدفع بالنظام إلى موقف الدفاع.

هذا ما يجري تحديدًا خلال هذه المرحلة، حيث يشهد العالم الآن حملة سياسية وإعلامية استثنائية لدعم المقاومة، يشارك فيها الآلاف من أبناء الجالية الإيرانية في سائر أرجاء العالم. وهذه الحملة جعلت النظام محشورًا في زاوية ضيقة، حيث تنهال عليه ضربات الشعب الإيراني والمقاومة من کل صوب وحدب.

وفي خطتها المكونة من 10 بنود، والتي دعمتها أغلبية أعضاء مجلس النواب الأمريكي، ومجموعة واسعة من قيادات المجتمع الدولي، ورحب بها الشعب الإيراني، تؤكد السيدة مريم رجوي على السيادة الوطنية والشعبية، وتأسيس جمهورية حرة وتعددية.

تقوم هذه الخطة، على فصل الدين عن الدولة، والمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ومشاركة المرأة على قدم المساواة في القيادة السياسية وإلغاء أي تمييز بين الجنسين، وإلغاء جميع قوانين شريعة الملالي ومحاكم الثورة، والحكم الذاتي للأقليات، ورفع الظلم والاضطهاد عن الطوائف والقوميات الإيرانية على غرار مشروع المجلس الوطني للمقاومة من أجل الحكم الذاتي لكردستان الإيرانية، وحماية البيئة في إيران وإحيائها. وإيران غير نووية وخالية عن أسلحة الدمار الشامل وضرورة السلام والتعايش والتعاون الدولي والإقليمي.

إن تزايد التركيز على برنامج السيدة رجوي على الصعيد الدولي وتسليط الأضواء عليه من قبل مراكز القرار الدولي، هو في الحقيقة دليل قاطع على ازدياد دور ومكانة المقاومة الإيرانية على الصعيد الدولي، والنظر إليها على أنها بمثابة البديل الحقيقي للنظام، وهذا في حد ذاته سبب مخاوف النظام وسبب شعوره بالقلق العميق.

وتقول رجوي: "عندما نتحدث عن البديل، فهو ليس ادعاء أو عنوانًا عامًّا لا يؤثر علينا في العبور عن المطبّات اليومية في محاربة النظام. إنه يشكل قوة وآلية تشقّ الطريق وتحدّد اتجاه مجموعة الأنشطة النضالية وتشرح الخطوات التي ينبغي اتخاذها؛ في أي اتجاه، وبأي شعار، وتحديد القواسم المشتركة والمفارقات والأولويات".

وليس هذا الأمر مجرد تعبيرات إنشائية، بل هو خطة قابلة للتنفيذ على الأرض، ووفقًا لدستور المجلس الوطني للمقاومة، فإنه بعد الإطاحة بالنظام الحاكم في‌ إيران، ستكون الحكومة المؤقتة في السلطة لمدة 6 أشهر فقط، وتتمثل مهمتها الرئيسية في إجراء انتخابات حرة لتشكيل المجلس التأسيسي والتشريع الوطني ونقل السلطة إلى ممثلي الشعب الإيراني، وتشكل 25 لجنة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أسس الحكومة الائتلافية المؤقتة بعد الإطاحة بالنظام. يرأس كل لجنة أحد أعضاء المجلس من ذوي الخبرة.

الخلاص من أعداء الشعب

ما يميز المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمته المحورية، هو أن الرباط الوثيق بينه وبين الشعب، هو رباط تاريخي عميق الجذور صنعته القيم والآلام ودماء الشهداء التي روت الأرض، وأنين السجناء والأرواح التي أُزهِقت باطلًا على المشانق، وفي ساحات الإعدامات؛ إنها مسيرة طويلة من النضال والتضحية لأجل الشعب والقيم، سار الشعب والمقاومة فيها معًا ككيانٍ واحدٍ شامخ لا يتجزأ، ويعلو ولا يتدنى، ماضين نحو الأمل المنشود أمل الخلاص من أعداء الشعب الإيراني.

وإن احتمالات قيام جمهورية حرة وديمقراطية في إيران، باتت في متناول اليد أكثر من أي وقت مضى. ويجب على الحكومات الغربية اغتنام هذه اللحظة المناسبة والامتناع عن مساعدة الملالي. تهب رياح التغيير أقوى من أي وقت مضى، وقد حان وقت العمل الحازم الآن.

لقد حان الوقت لإعادة شمس الحرية المحتجبة عن إيران، وإزاحة سلطة ولاية الفقيه، والقضاء على نظام أصحاب العمائم السوداء، لكي يستمتع الإيرانيون بحريتهم، وينعموا بنظام ديمقراطي، يزيل عنهم غمامة الديكتاتورية الدينية الثيوقراطية.

ولن يطول الوقت حتى يشهد العالم سقوط نظام الملالي، الذي تسبب في إبعاد إيران عن الفعل الحضاري، ولن يتأخر الشعب الإيراني عن معانقة الحرية. هذا ما تبشر به المقاومة الإيرانية، وما تعمل من أجله على الأرض، سواء في داخل إيران أو خارجها. وإن غدًا لناظره قريب.

 

* رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.