• جهود المؤسسات الإيرانية لبناء النفوذ «الجيوشيعي» تتضافر من خلال المكونات «الثقافية والدعوية والتعليمية والإعلامية»
• الأجندة الثقافية الإيرانية تهدف لتحويل طهران إلى مركز لتغيير الانتماءات الأيديولوجية للمسلمين بوصفهم «مستضعفين»
• الهدف: إعادة ترتيب أولويات «المستضعفين» عبر تقديم تفسير تحريضي لواقعهم الاجتماعي والسياسي والديني
• «رابطة الثقافة الإسلامية والاتصال» تنشط داخل ثلاث دوائر هي: آسيا والمحيط الهندي.. أفريقيا والدول العربية.. أوروبا وأمريكا
• المُكوّن التعليمي يسهم في تنشئة أفراد يربطون انتماءتهم العلمية بإيران.. ويؤمنون بقيم ثورتها ويرفعون شعاراتها
• السعي إلى خلق طائفة من «الشيعة المستبصرة» داخل بنية المجتمعات الأخرى تظل مرتبطة بالمرجعيات الإيرانية سياسيًا ودينيًا
• المُكوّن الإعلامي يهتم ببلورة الأنساق المعرفية والمفاهيم الثقافية الشيعية وتشكيل «صورة ذهنية مثالية» عن إيران
في إطار سعيه لبناء النفوذ «الجيوشيعي» في العالمين العربي والإسلامي، عمد النظام الإيراني منذ قيام ثورة 1979، إلى وضع أجندة «ثقافية وتعليمية ودعوية وإعلامية» متكاملة، من شأنها خدمة «المشروع الإمبراطوري» الإيراني، القائم على التوسع والتمدد إلى أبعد مدى ممكن، من أجل جعل إيران مركزًا لنشر الفكر الشيعي في العالم أجمع.
وبدايةً، تكشف استراتيجية إيران لبناء النفوذ «الجيوشيعي»، عن مدى قدرتها على رسم «أجندة ثقافية» متكاملة، تسهم في تحويل طهران إلى مركز لتغيير الانتماءات الأيديولوجية لدى شعوب العالم الإسلامي، بوصفهم مستضعفين، بما يتعيّن عليها نصرتهم ومساندتهم، بحكم الدستور. وتتجلى هذه النصرة وتلك المساندة عبر عدد من الآليات والوسائل التي تعتمد عليها في «تصدير قيم الثورة» ونشر معتقداتها المذهبية بين هؤلاء المستضعفين، وذلك من خلال:
- العمل المستمر على بناء صورة ذهنية مثالية لإيران لدى المستضعفين.
- إعادة ترتيب أولويات المستضعفين واهتماماتهم، عبر تقديم تفسير تحريضي لواقعهم الاجتماعي والسياسي والديني.
- تكوين انطباعات لدى المستضعفين، يمكن أن يؤسسوا بها أنساق معرفية مشتركة مع إيران
- الترغيب الدائم للمستضعفين كي يغيروا انتمائهم الديني إلى المذهب الشيعي.
وفي هذا الإطار، تتضافر جهود المؤسسات الإيرانية لبناء النفوذ «الجيوشيعي» من خلال أربعة مكونات رئيسية، هي: المكون الثقافي، والمكون الدعوي، والمكون التعليمي، والمكون الإعلامي، التي نوضحها على النحو التالي:
1- المُكوّن الثقافي:
يسهم هذا المكون الاستراتيجي، في إبراز القيم المعرفية المؤدية إلى تكوين صورة ذهنية مثالية لإيران ولتاريخها وحضارتها وثقافتها. بما يسهم في وضعها على خريطة الثقافة العالمية. وتضطلع رابطة الثقافة والاتصال الإسلامية (تأسست عام ١٩٩٥م) بهذا المكون، من خلال القيام بالمهام التالية:
- تخطيط وهندسة ونشر الثقافية الإيرانية والفكر الشيعي، والترويج العلمي المدروس لها خارجيًا عبر المراكز الثقافية.
- تعزيز علاقاتها مع المؤسسات العلمية والتعليمية والمحافل الثقافية المختلفة بالعالم، من خلال:
- إبرام اتفاقيات التبادل العلمي والتعليمي وبرامج التعاون الثقافي والفني والإعلامي.
- تقوية صلتها برموز الفكر والثقافة والفن والإعلام والدين.
- إلقاء الضوء على كل مثقف موالٍ أو مفكر متعاطف أو إعلامي مساند لمكونات التجربة الإيرانية.
- المشاركة الفعالة في الملتقيات الفكرية والثقافية والدينية الإقليمية والدولية؛ للتعريف برموز الفكر والثقافة الإيرانية وبمؤلفاتهم.
- عقد الندوات العلمية والمهرجانات الفنية والفعاليات الثقافية، بحضور رموز الثقافة والفن بالدول الواقعة داخل دوائر الاهتمام.
- إقامة المعارض والأسابيع الثقافية التي تعرض للفنون والصناعات اليدوية، وتُعرِّف بالمعالم والمزارات والأضرحة والآثار التاريخية. وتنشط «رابطة الثقافة الإسلامية والاتصال» داخل ثلاث دوائر اهتمام ثقافي، هي:
ويعمل تحت مظلة «رابطة الثقافة والاتصال» عدد من الهيئات والمؤسسات الأخرى، منها:
وفي هذا السياق، تجري رابطة الثقافة والاتصال الدراسات والبحوث العلمية الرصينة في مجال مقارنة الأديان والمذاهب والفرق، وثقافات الشعوب، والتيارات الثقافية السائدة في المجتمعات المختلفة.
ويمكننا هنا التمييز بوضوح بين نوعين من هذه الدراسات: دراسات استكشافية، تُجرى حول التيارات الثقافية والدينية بمختلف المجتمعات، اقتراح وسبل تعزيز القواسم الثقافية المشتركة معها؛ وتحديد اللغة المناسبة للتعريف بالثقافة الإيرانية، والوسائل الملائمة لنشر وترويج الفكر الشيعي والثقافة المذهبية.
دراسات تخطيط، تُجرى في ضوء التقارير التي ترسلها المراكز الثقافية الإيرانية بالخارج والبحوث التي يجريها الباحثون والمختصون بالشؤون الإسلامية والإيرانية. إلى جانب الدراسات التي تتم حول سبل تنفيذ خطط نشر المذهب الشيعي في الدول المستهدفة.
ج- مجموعة الهدى للنشر والتوزيع الدولي، المعنية بإصدار وتوزيع الكتب والدوريات والمجلات والإصدارات العلمية والفكرية والمطبوعات الإعلامية المناسبة لكل دولة، للترويج للثقافة الفارسية والمذهب الشيعي بين أبناء الدول الواقعة ضمن دائرة نشاط رابطة الثقافة والاتصال، فضلًا عن إقامة شبكة توزيع عالمية والمشاركة بالمعارض الدولية للكتاب.
وقد أصدرت مجموعة الهدى أكثر من 1300 عنوان في الفقه الشيعي والفلسفة الإسلامية وتاريخ إيران وحضارتها وفنونها وآدابها، بأكثر من 25 لغة، وتطبع 165 مجلة ومطبوعة معنية تماما بالدعوة للمذهب الشيعي بأكثر من 20 لغة (16 منها موجهاً للعرب والناطقين بالعربية) و(9 للناطقين بالفارسية بأفغانستان) و(6 للناطقين بالإنجليزية) و(6 موجهة للروس والطاجيك) و(5 بالألبانية موجهة لمسلمي ألبانيا) و(3 للناطقين بالأوردية في باكستان والهند) و(3 موجهة لمسلمي بنجلاديش) وإصداران للناطقين بالتركية والآذرية والقرغيزية والألمانية والإسبانية، وإصدار واحد بالتشيكية والبوسنية والأوزبكية والتاميلية والتايلندية واليونانية والفرنسية.
وإضافة إلى ما سبق، اهتمت رابطة الثقافة والاتصال والهيئات والمؤسسات التابعة لها والمتعاونة معها، بالإعلام والنشر الإلكتروني، اهتمامًا يعد نموذجًا للاستغلال الأمثل لشبكة المعلومات الدولية، في نشر وترويج الثقافة الإيرانية والقيم الشيعية، عبر تجسير العلاقة التبادلية، بينها وبين المراكز الثقافية التابعة لها بالخارج، الأمر الذي جعلها تنجح في إنشاء قاعدة بيانات ومعلومات علمية متكاملة حول أحوال الشيعة بالعالم وأوضاع الإيرانيين المقيمين بالخارج. ومن ثم، فإنها أعدت المحتوى الذي يكرس ارتباط شيعة العالم بإيران عبر المواقع الإلكترونية المتميزة. التي نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر:
وأخيرًا، تهتم رابطة الثقافة والاتصال الإسلامية، بتوجيه خطابها الثقافي إلى المرأة، لمعالجة شئونها وقضاياها بالمجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية، وإبراز دور المرأة الشيعية في بناء المجتمع الشيعي. وإلى الشباب استنادًا إلى أنهم فئة يسهل استقطابها وتغيير انتمائها المذهبي والفكري. كما لم يغفل هذا الخطاب الثقافي العناية بإيرانيّ المهجر؛ والعمل على ربطهم بوطنهم الأم والمحافظة على هويتهم من الذوبان بالمجتمعات التي يقيمون فيها، والحيلولة دون تحولهم إلى معادين للثورة، بل وربطهم بتحقيق أهداف نظامها، وذلك بتحويل قطاع كبير منهم إلى قوة دعائية مجانية، والاستفادة منهم في جمع المعلومات التي تحتاجها الأجهزة المعنية.
2- المكون الدعوي:
يُعنى المكون الدعوي ببث القيم الروحية للمذهب الشيعي ونشر عقائده وأصوله الفقهية، فضلًا عن قيم الثورة المستمدة من ولاية الفقيه؛ بهدف خلق طائفة من الشيعة المستبصرة داخل بنية المجتمعات الأخرى، تظل مرتبطة بالمرجعيات الإيرانية سياسيًا ودينيًا، واستقطاب آلاف الطلبة من جميع أنحاء العالم للدراسة بإيران؛ بوصفها مجتمع رسولي، ومن ثم إعادة إيفادهم مرة أخرى للدعوة للمذهب الشيعي داخل مجتمعاتهم أو بالمجتمعات المجاورة لهم، بوصفها مجتمعات رسالية.
فضلًا عن إيفاد عشرات الدعاة الإيرانيين لمساندتهم، وتنظيم مؤتمر سنوي لتدارس أوضاع الشيعة وسبل تعزيز هويتهم المذهبية بهذه المجتمعات، واقتراح أفضل السبل لدعم هؤلاء الدعاة ماديًا ومعنويًا وعلميًا، واستخلاص نتائج تجاربهم للاستفادة منها في تطوير الأسلوب الدعوي. وتضطلع بهذا المكون خمس مؤسسات رئيسية، يتعاون معها عدد آخر من المراكز المؤسسات الدينية والأمنية ذات الصلة. وهذا ما نوضحه على النحو التالي:
أ ـ مؤسسة الدعوة الإسلامية، وهي بمثابة المركز العالمي للدعوة ونشر المذهب الشيعي، وإحدى المؤسسات المهمة المتعاونة مع رابطة الثقافة في مجال الدعوة الخارجية. وتنهض مؤسسة الدعوة الإسلامية بتخطيط وتنظيم الأساليب الدعوية على المستويين التربوي والتثقيفي؛ لتتناسب مع طبيعة كل مجتمع من المجتمعات الأجنبية. وتضلع هذه المؤسسة بمهمتين أساسيتين:
ب ـ المنظمة العالمية للحوزات والمدارس الإسلامية، وهي منظمة تعليمية تربوية بحثية تنهض بتحقيق هدفين أساسيين:
ج ـ مراكز إيفاد الدعاة، وينهض هذا المركز بثلاث مهام أساسية:
د ـ مجلس تنسيق الدعوة الإسلامية، هو الجهة المعنية بتنسيق جهود قرابة 20 وزارة ومؤسسة وهيئة وإدارة ومركزا، تُسهم جميعًا في ترسيخ القيم المذهبية والوطنية والإنسانية الخاصة بالثورة الإيرانية، والترويج لشعاراتها السياسية والدينية من خلال تنظيم ثلاث عشرة مناسبة وطنية ودينية داخل إيران وخارجها، مثل الاحتفال بذكرى الثورة، ويوم الشهيد، واليوم العالمي للقدس، التي تستهدف إبراز مدى قدرة النظام الإيراني على الحشد الجماهيري المؤيد له، وإظهار مدى التمسك الشعبي بهذه القيم.
هـ ـ المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، الذي يضطلع، بالتعاون مع رابطة الثقافة والاتصال، بإظهار الوجه المتسامح لإيران، ورفع شعار وحدة الأمة الإسلامية التي يتطلع إليها بطبيعة الحال جميع المصلحين في العالم الإسلامي، والتركيز على القواسم المشتركة بين المذهب الشيعي والمذاهب الإسلامية الأخرى. وهو الأمر الذي تُعول عليه طهران كثيرًا في التوغل المجتمعات الإسلامية والتأثير عليها، خاصة تلك التي تنتشر فيها الجماعات الصوفية والجماعات السياسية المتأسلمة. وينشر هذا المجمع رسالته عبر مجلة شهرية يُصدرها بعدة لُغات، وعبر وكالة أنباء خاصة.
3- المُكون التعليمي:
يسهم هذا المكون في بناء قيم ومفاهيم من شأنها تنشئة أفراد يربطون مصالحهم وانتمائهم العلمية بإيران، ويؤمنون بقيم ثورتها، بل ويرفعون شعاراتها. وتنهض بهذا المكون مجموعة من الجامعات والمؤسسات البحثية، أهمها:
أ ـ جامعة المصطفى العالمية، مؤسسة تعليمية تعمل تحت إشراف مكتب المرشد الأعلى للثورة، وهي بمثابة المركز العالمي للدراسات الشيعية، الذي يدمج بين أسلوبي التعليم الحوزوي والجامعي.
أهدافها:
تستهدف هذه الجامعة:
- تقديم المنح الدراسية للطلاب الذين يتم استقطابهم عبر موقع الجامعة الإلكتروني، أو بواسطة بعثات الاستقطاب الإيرانية التي يتم إيفادها سنويًا إلى مختلف دول العالم لهذا الغرض، أو عن طريق الملحقيات الثقافية الإيرانية بالخارج.
- إعداد أجيال متعاقبة من الدعاة والباحثين والمترجمين الأجانب، المؤهلين علميًا لنشر العقائد والتعاليم الشيعية حول العالم.
- إكساب الدارسين القدرة على تفكيك المفاهيم التقليدية لدى أتباع الديانات والمذاهب الأخرى، ومن ثم تقديم المذهب الشيعي بديلًا لهم.
- اختراق مراكز البحوث والدراسات والمؤسسات التعليمية والثقافية في العالم.
- تعزيز الترابط بين الدعاة الإيرانيين ونظرائهم الأجانب.
- الحصول على الاعتراف بشهادات خريجيها في العلوم الدينية والدراسات الإسلامية، والعلوم الإنسانية واللغات وآدابها.
مكوناتها
ويقع مقر جامعة المصطفى الرئيس بمدينة قم، ويتبعه خمسة أفرع أخرى بطهران، ومشهد وأصفهان وجرجان، وقشم. ويضم مقرها بقم عددًا من المعاهد والمراكز التعليمية والبحثية، أهمها: المعهد العالي للدراسات الفقهية، والمعهد العالي للعلوم الإنسانية، ومعهد الإمام الخميني للدراسات والبحوث، والمعهد العالي لعلوم اللغة والثقافة الإسلامية، ومعهد الفقه وعلوم القرآن والحديث، ومعهد بنت الهدى للدراسات العليا (طالبات) ومركز الدورات القصيرة والمنح الدراسية، ومركز المصطفى الدولي للدراسات والبحوث، ومركز الدراسات والبحوث الإقليمية.
أهميتها
وتنهض جامعة المصطفى بنشاط علمي واسع في عدد من دول العالم، بعد أن نجحت في تأسيس وإدارة عشرة مراكز بحثية تابعة لها، في كل من: أفغانستان، واليابان، وسوريا، ولبنان (مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي)، وماليزيا، والهند، وألبانيا، وصربيا، والبوسنة والهرسك، إندونيسيا. فضلًا عن تأسيس مجموعة مدارس السبطين بالعراق واليمن، ومدرسة الشهيد الصدر بالعراق. إلى جانب تأسيس وإدارة أربعة عشر فرعًا وكلية في بعض الدول الواقعة في أوروبا أو آسيا أو أفريقيا.
كما توفر الجامعة خدمة مجانية للتعليم عن بُعد، عبر أكثر من أربعة آلاف منصة إلكترونية موجهًا باللغات الدارجة داخل الدول المستهدفة، وعبر موقعها المخصص لذلك، مثل موقع أهل البيت الموجه لشيعة ألبانيا، وموقع الصين القرآني الموجه لشيعة الصين. كما تتيح لجميع طلابها من مختلف دول العالم المقررات الدراسية إلكترونيًا فضلًا عن الكتب والمراجع والبحوث والدراسات الدينية المتخصصة، وتمنحهم شهادات معتمدة في: اللغة الفارسية وآدابها، والمعارف الإسلامية، والفلسفة والعرفان الإسلامي.
ب ـ جامعة آل البيت العالمية:
أُنشئت عام 2001م، بمدينة قم، تحت إشراف جامعة المصطفى العالمية، بوصفها أول جامعة عربية داخل معقل الحوزات العلمية الفارسية، وتعنى باستقطاب الطلبة الشيعة من الدول العربية خاصة، ومن دول العالم الأخرى عامة؛ بغرض تأهيلهم علميًا وتعزيز قدراتهم الدعوية. وتمنح خريجيها شهادات معادلة للشهادات التي يحصل عليها أقرانهم بالحوزة العلمية، الليسانس، والماجستير، والدكتوراه، ثم درجة الاجتهاد.
ويلتحق بهذه الجامعة أعداد قليلة مُنتقاة من الطلاب الذين ينتمون لخمسة وثلاثين جنسية، منها: السعودية، والعراق، وباكستان، والنيجر، واليمن، وفرنسا، وكينيا، ولبنان، ونيجيريا، والهند، والولايات المتحدة الأمريكية، وأذربيجان، والبحرين وبلجيكا، وبنين، وروسيا، والسنغال، والسويد، والكويت، ومدغشقر، ونيوزيلندا، والجزائر، وتنزانيا، وتايلاند، والسودان، وسوريا، وعمان، كولومبيا، وجامبيا، وماليزيا، وهولندا، وأفغانستان.
ج ـ جامعة الأديان والمذاهب:
جامعة أهلية، تقوم بإعداد وتأهيل خريجي الحوزة العلمية من الإيرانيين الذين يتقنون اللغات الأجنبيّة في مجال الدراسات التطبيقيّة ومقارنة الأديان والمذاهب الإسلاميّة
أهدافها
تستهدف هذه الجامعة:
- التعريف المنطقيّ والعلميّ بالمذهب الشيعي، مع إبداء الاحترام الظاهري لعقائد وتعاليم الديانات والمذاهب الأخرى.
- الدعوة إلى اعتناق المذهب الشيعي بأسلوب منهجي يقوم على الحوار الناقد والتأثير على الآخرين والردّ على الشبهات والدفاع العلميّ والمنطقيّ عن التشيّع.
- تزويد المؤسسات والأجهزة الإيرانية بالبحوث والدراسات العلمية المتخصصة في الأديان والمذاهب المختلفة؛ للإفادة منها في تحقيق الأهداف الاستراتيجية العليا لتصدير الثورة.
- تعزيز التواصل العلميّ والثقافيّ مع المراكز المناظرة داخليًا وخارجيًا.
مكوناتها
وتضمّ جامعة الأديان والمذاهب ثلاث كلّيّات، هي: كلية الأديان، وتضم ثلاثة أقسام: قسم الأديان الإبراهيميّة (اليهوديّة والمسيحيّة)، وقسم الأديان غير الإبراهيميّة (الهندوسيّة، البوذيّة والأديان الإيرانيّة القديمة)، وقسم علم الأديان. وكلية المذاهب الإسلاميّة: وتضم أيضًا ثلاثة أقسام: قسم العرفان والتصوّف، وقسم المذاهب الإسلاميّة والكلاميّة، وقسم المذاهب الفقهيّة. ثم كلية المعارف الشيعيّة وتضم أيضًا: قسم علم الكلام الشيعيّ، وقسم دراسات التاريخ الشيعيّ، وقسم الفرق الشيعية.
وتعتمد جامعة الأديان والمذاهب على قاعدة عريضة من الجامعات والمؤسسات والهيئات الإيرانية الأخرى التي تعينها على تحقيق رسالتها وأهدافها، إلى جانب أنها نجحت أيضًا في إبرام أربع عشرة اتفاقية تعاون علمي مشترك مع جامعات وأكاديميات ومعاهد وأقسام علمية متخصصة، في مجال دراسة الأديان والمذاهب، في أربع عشرة دولة
د ـ جامعة الإمام الخميني الدولية:
يقع مقرها بمدينة قزوين، تحولت من معهد فني، بعد الحرب العراقية الإيرانية، إلى جامعة تخضع لوزارة التعليم العالي، كي تجمع بين أساليب التعليم الفني والدعوة إلى المذهب الشيعي؛ بغرض توظيف العلوم والتكنولوجيا في نشر ثقافة العقيدة الشيعية في العالم. فضلًا عن تخريج أجيال متخصصة تنقل تجربة إيران التقنية إلى جميع الدول الإسلامية، بوصفها نموذجًا للدولة التي تعتمد على العلم لتعظيم قدراتها الذاتية علميًا وثقافيًا.
وقد نجحت جامعة الإمام الخميني الدولية في استقطاب المئات من الطلاب، وتحويلهم إلى المذهب الشيعي، من خلال اتفاقيات التعاون والتبادل العلمي، التي أبرمتها مع الجامعات والمراكز العلمية المناظرة في كل من: روسيا، وكازاخستان، وطاجيكستان، والصين وإسبانيا، وبلغاريا، وتركيا، وماليزيا، وإيطاليا، وباكستان، والعراق، وإثيوبيا، وأذربيجان، وكوريا الجنوبية.
هـ ـ مجمع اللغة والأدب الفارسي:
مؤسسة تابعة لرابطة الثقافة الإسلامية والاتصال، ومعني بنشر اللغة والأدب الفارسي، لتكون جسرًا للتواصل مع المجتمعات الخارجية. وينهض هذا المجمع بدراسة أوضاع اللغة الفارسية في الخارج، بالتعاون مع الهيئات والإدارات المختلفة، وبناء قاعدة معلومات وبيانات عن جميع أقسام تدريس اللغة الفارسية بالجامعات المختلفة في العالم، ومستواها التعليمي، عدد الأساتذة والمدرسين وتخصصاتهم الدقيقة وأعمالهم ومؤلفاتهم العلمية.
كما تقوم بتقديم الدعم اللازم لهذه الأقسام سواء بتزويدها بالمكتبات المتخصصة، أو دعوة الأساتذة والباحثين لحضور الندوات والملتقيات الدولية حول اللغة والأدب الفارسي، مثل المؤتمر الدولي لأساتذة اللغة الفارسية، أو تقديم دورات مجانية لرفع كفاءتهم اللغوية، وتقديم المنح الدراسية. إضافة إلى إيفاد المتخصصين في تعليم اللغة الفارسية إلى مراكز تعليم اللغة الفارسية بالخارج.
المحصلة:
يمكن القول إن محصلة الجهود التي بذلتها الجامعات والمؤسسات التعليمية والبحثية، قد أسفرت عن تحقيق عدد مهم من الأهداف التي رسمها صانع القرار الإيراني لاستراتيجية بناء النفوذ «الجيوشيعي»، نذكر منها ما يلي:
1- الوقوف على الأبعاد الدينية والمذهبية والفكرية للمجتمعات الواقعة في دائرة الاهتمام الإيرانية، ومن ثم تحديد المناطق المستهدف نشر المذهب الشيعي فيها، واقتراح الآليات التي يمكن اعتمادها في تحقيق ذلك.
2- إجراء الدراسات العلمية وعقد المؤتمرات والندوات، التي تتناول أوضاع المناطق التي تتواجد فيها الأقليات الشيعية بالعالم ودراسة احتياجاتها التي يتعين على النظام الإيراني تلبيتها.
3- إجراء الدراسات العلمية التي من شأنها أن تساعد في رفع المستوى المعيشي لهذه الأقليات وتعزيز انتمائها المذهبي وتعظم دورها السياسي، من ناحية.
وتوطد علاقتها بالنظام الإيراني والحوزات الدينية الإيرانية، من ناحية أخرى.
4- توثيق الروابط الثقافية والمذهبية بين المؤسسات التعليمية الشيعية الداخلية وبين نظيرتها الخارجية، بما يسهم في تكريس مكانة إيران الدينية والعلمية في العالم.
5- بناء قاعد معلومات علمية دقيقة حول الأقليات الشيعية، ومستواها العلمي والتعليمي، وتحديد آليات رفع مستواها بما يُسهم في الاعتماد عليها في نشر المذهب الشيعي داخل مجتمعاتها.
6- إعداد كوادر علمية خلاقة تضطلع بالتواصل الفعال مع أصحاب الديانات والعقائد والمذاهب الأخرى بالعالم الإسلامي.
7- المساهمة في إنشاء فروع للمؤسسات التعليمية والبحثية الإيرانية بالخارج، في إطار ترسيخ المكونات العلمية والفنية لدى أبناء الطائفة الشيعية في كل مكان.
4- المكون الإعلامي:
يلعب المكون الإعلامي دورًا مهمًا في استراتيجية بناء النفوذ «الجيوشيعي»، إذ أنه المعني ببلورة الأنساق المعرفية والمفاهيم الثقافيةً الشيعية لدى المتلقي، وتشكيل صورة ذهنية مثالية عن إيران بوصفه نظامًا إسلاميًا مقدسًا. وفي هذا الإطار، يقوم الجهاز الدعائي الإيراني بتوظيف مثالي للإمكانيات المتقدمة في عالم تقنية الاتصالات والبث الفضائي، التي تتجاوز بدورها حدود الجغرافيا وسقف المستوى التعليمي، لتحقيق الأهداف الرامية لغرس قيم المذهب الشيعي وتعاليمه، ومحاجة مخالفيه بالحجج والشواهد التاريخية وإظهار منطق المعتقدات المذهبية، بما يؤدي إلى استثارة المتلقي وخلق اتجاه نفسي موحد وقوي لدى أبناء الطائفة الشيعية.
وتعتمد إيران في ذلك على ثلاث وسائل: القنوات الفضائية المختلفة التي تبثها هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، الإعلام الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي التي تُنشئها جميع الهيئات والمؤسسات والمراكز والمرجعيات المعنية عبر شبكة المعلومات الدولية، والمجلات والمطبوعات المُتخصصة التي تُصدرها المؤسسات المعنية بنشر المذهب الشيعي بالخارج التي سبق ذكرها. وهذا ما سوف نتناوله بإيجاز على النحو التالي:
أ ـ القنوات الفضائية:
التي تبثها هيئة الإذاعة والتلفزيون، وتلعب دورًا خطيرًا في نشر المذهب الشيعي في كل مكان من العالم، وإلقاء الضوء على دور إيران ومدى تأثيرها الخارجي، ورفع مستوى الوعي المذهبي والإيماني لدى أبناء الطائفة الشيعية من الأطفال وشباب وشيوخ، ومناقشة أوضاعهم في المجتمعات التي يعيشون فيها.
ويتولى «فيلق القدس" التابع للحرس الثوري مسئولية إدارة وحدة الإعلام الخارجي، ونجح من خلالها في اختراق إعلام الدول الواقعة داخل المجال الحيوي للمصالح والأهداف الإيرانية في كل من: آسيا وأوروبا والأميركيتين، عبر شبكة واسعة من القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية. كما نجح في اختراق منظومة البث الفضائي العربي من خلال المؤتمر الدولي الأول للاتحاد العالمي للإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، الذي دعا إليه علي لاريجاني رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون حينئذ، أواخر عام 2004م، بدعوى إيجاد القواسم المشتركة بين وسائل الإعلام الإسلامية المختلفة. خاصة الملتزمة بخط المقاومة والوحدة الإسلامية.
كما نجحت إيران، عبر هذا الاتحاد، في تأسيس مجموعة من المؤسسات الإعلامية، مثل مركز التدريب الإعلامي في بيروت، ومؤسسة الهداية التي تملك مكاتب لها في أكثر من سبع دول عربية وإسلامية، وتتركز أنشطتها في المجالات التقنية والهندسية وتقنيات البثّ الفضائي. إضافة إلى مركز آخر للرصد الإعلامي، وهو عبارة عن موقع على شبكة الانترنت للتبادل الإخباري المصوّر. وأنشأت صندوقا لتمويل ودعم إنتاج المؤسسات الإعلامية الموالية لها، والتي تزيد على خمس عشرة محطة ناطقة بالعربية، وتقع مكاتبها داخل منطقة «الجناح -بئر حسن» بضاحية بيروت الجنوبية الخاضعة لإشراف حزب الله ونفوذه؛ والقريبة من المطار.
نماذج للقنوات
تعد قناة القدس التابعة لحركة حماس، التي انطلقت من بيروت، التجربة الناجحة الأولى على صعيد عمل هذا الاتحاد وبلورة الأهداف التي يعمل من أجلها. ثم تبعها انطلاق قناة أخرى تابعة لحماس هي قناة الأقصى، ثم قناة فلسطين اليوم التابعة لحركة الجهاد الإسلامي. ثم توجت إيران هذا النجاح بإطلاق قناة الميادين، ودعم قنوات شيعية، مثل قناة آسيا التابعة لأحمد الجلبي، وقناة بلادي المقربة من إبراهيم الجعفري، وقناة الفرات الناطقة باسم المجلس الشيعي الأعلى العراقي، وغيرها من القنوات التابعة للفصائل المتحالفة مع إيران أو التابعة لها.
وفي هذا الإطار انتهزت أحداث الربيع العربي عام 2011م، وأسست عددًا من القنوات لتأجيج الأوضاع، مثل قناة المسيرة الناطقة باسم جماعة أنصار الله الحوثية، وقناة الساحات التي تُغطي أخبار ساحات الثورة في اليمن. وقناة الاتجاه الخاصة بكتائب حزب الله العراقي، وقناة النبأ التي تهتم بأخبار المنطقة الشرقية السعودية. أما البحرين، فكان نصيبها إطلاق قناة اللؤلؤة.
ومن ناحية أخرى، تقوم هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، ببث عدد من القنوات الموجهة للناطقين بالعربية والفارسية والانجليزية والإسبانية والبوسنية والتركية والآذرية والفرنسية، مثل قناة الكوثر الناطقة بالعربية المعنية بنشر الثقافة الشيعية بالمنطقة العربية، وقناة العالم الإخبارية التي تستهدف المشاهد العربي، على غرار قناتي الجزيرة والعربية، وقناة الأفلام IFILM التي تبث بالفارسية والعربية والانجليزية، وقناة Press TV باللغة الإنجليزية. فضلًا عن قنوات جام جم المعنية بمخاطبة الإيرانيين المقيمين بأوروبا وأمريكا، وقناة HispanTV الإخبارية الموجهة إلى الدول الناطقة بالإسبانية مثل: فنزويلا، والأرجنتين، وكوبا، والإكوادور وكولومبيا والمكسيك.
نماذج للإذاعات:
وتمتلك هيئة الإذاعة والتلفزيون ثلاثين محطة إذاعية موجهة تبث إرسالها بثلاثين لغة مختلفة منها: الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإيطالية، والاسبانية، والبوسنية، والألبانية، والروسية، والجورجية، والطاجيكية، والارمنية، والاوزبكية، والآذرية، والتركمانية، والطاليشية (لغة قومية دارجة في شمال إيران واسيا الوسطى) والفارسية والدرية، والبشتو، والاردية والبنغالية، والاندونيسية، والصينية، واليابانية، والهوساوية، والسواحيلية، والعربية، والعبرية، والتركية، والكردية
ب ـ الإعلام الإلكتروني:
يقوم الجهاز الدعائي الإيراني بتوظيف تقنيات الاتصال والتواصل الحديثة توظيفًا أمثل؛ في تبليغ رسالته الدينية والثقافية والسياسية، خاصة بعد أن امتلكت جميع القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية الشيعية نوافذ للبث المباشر، ومواقع خاصة بها على محركات البحث بشبكة المعلومات الدولية، فضلًا عن الصفحات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي. وإضافة إلى هذا، تمتلك جميع المؤسسات المنخرطة في نشر المذهب الشيعي مواقع ثرية على شبكة المعلومات الدولية، فضلًا عن عشرات الآلاف من المواقع المذهبية الفعالة، التي تستهدف تعزيز التواصل مع جموع الشيعة في العالم على اختلاف لغاتهم وتباعد مناطقهم الجغرافية.
وتتيح هذه المواقع نسخًا لآلاف الكتب والدراسات والبحوث الخاصة بالمعتقدات الشيعية، ومعالجة مشاكل الشيعة في العالم، ومناقشة قضاياهم، وتقديم الفتاوى والأحكام الخاصة بهم؛ كي يقلدوها من ناحية. ويتفقهوا في أمور مذهبهم من ناحية أخرى. هذا إلى جانب آلاف المواقع الخاصة بجميع أئمة المذهب، وجميع المرجع والفقهاء في الحوزة العلمية سواء الموجودة في مشهد أو النجف أو قم.
ج ـ المجلات والمطبوعات:
تنشط رابطة الثقافة والاتصال والمؤسسات التابعة لها والمتعاونة معها في إصدار وتوزيع عشرات المجلات والصحف والمطبوعات الدينية والثقافية، التي تتم طباعتها إما في دار الهدى بإيران أو بالتعاون مع عدد من المراكز الموجودة في الدول الواقعة داخل دائرة اهتمامها؛ خاصة بعد نجحت إيران في استكتاب العشرات من الكتّاب والصحفيين والإعلاميين المنتمين لهذه الدول.
وتقوم بتوزيعها المراكز والملحقيات الثقافية الإيرانية بالمجان، مع الأخذ في الاعتبار أن معظم هذه الإصدارات الورقية، لها نسخة رقمية متوفرة على موقع خاص بشبكة المعلومات الدولية. وفي إطار هذه الجهود، يُصدر مركز بحوث آل البيت مجلة فصلية دينية في داغستان بعنوان کوثر، بينما تقوم مؤسسة الفكر الإسلامي بإصدار ثمان عشرة مجلة، موجهة للشيعة الناطقين باللغات السبع، التي توزعها في الدول الناطقة بها مجانا. أما المجمع العالمي لأهل البيت، فيصدر بدوره أيضًا مجلة شهرية دعوية متخصصة بعنوان رسالة الثقلين.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية