تعرضت مملكة البحرين على مدار أربعة عقود من الزمن، لتدخلات إيرانية عدوانية في شؤونها الداخلية، عبر استهداف للبلاد، من أجل زعزعة أمنها واستقرارها، وإنشاء تنظيمات إرهابية، وتمويلها وتسليحها لإحداث الفوضى، والمساس بالأمن القومي البحريني.
وصنّفت البحرين 6 خلايا وجماعات على "قوائم الإرهاب" لديها، جميعها على صلة وثيقة بـ "الحرس الثوري"، وهي: "ائتلاف شباب 14 فبراير، وسرايا الأشتر، وسرايا المقاومة الشعبية، وحزب الله البحريني، وسرايا المختار، وحركة أحرار البحرين".
وكشفت المنامة عن تورط طهران في دعم الميليشيات الإرهابية بالأسلحة والمتفجرات، والتحريض في ارتكاب العديد من حوادث العنف والتخريب، بلغ عددها أكثر من 29 ألف عمل تخريبي خلال عشر سنوات، نتج عنها استشهاد 35 مدنيًا ورجل أمن، وإصابة 3500، منها إصابات بعاهات مستديمة، وتخريب العديد من المنشآت والممتلكات العامة والخاصة من محطات كهرباء وأبراج اتصالات ومؤسسات تعليمية ومصرفية وقطع الطرق.
وسعى النظام الإيراني بعد ثورة الخميني مباشرة إلى التدخل في الشأن البحريني، بدعوى "مناصرة" أبناء الطائفة الشيعية في البلاد، وذلك من خلال تقديم الدعم إلى بعض الجماعات المتطرفة، وأخطرها هو تنظيم «سرايا المختار»، الذي يؤمن بمبدأ «ولاية الفقيه»، ويتبع المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، كما أن شعار التنظيم هو نفسه شعار "الحرس الثوري" الإيراني.
وجاء الدليل القاطع على هذا الولاء لإيران، مما أكدته ميليشيا «سرايا المختار» نفسها، في بيان لها صدر 3 يوليو/تموز 2016، في ذكرى رحيل الخميني، من أنها ملتزمة بالولاء لنهج الخميني، والسير على طريقه وتحقيق أهدافه، و«التمسك بالنهج المقاوم الممهد لدولة العدل الإلهية لمولانا صاحب العصر والزمان».
وجاء في البيان: "تمر علينا هذه الذكرى العظيمة، ونحن في اطمئنان بأن النهج الخميني الثائر في مستودع أمين لدى هذا الشعب المخلص لدينه وأمته ولدى قيادة ربانية عظيمة لم تخضع يومًا للإمبريالية الصهيونية العالمية، ونحن إذ نمر في أقسى المراحل وأشدها صعوبة إلا أننا نرى بركات هذه الثورة المقدسة التي فجرها الإمام الخميني تدمر مشاريع الاستعمار وأذنابه من دويلات الأعراب"!
تأسست ميليشيا "سرايا المختار" الشيعية أواخر عام 2011، على خلفية ما سُميّ بـ "ثورات الربيع العربي"، واعتمدت الميليشيا أسلوب حرب العصابات والهجمات الإرهابية الخاطفة والتفجيرات ضد الأهداف المدنية وقوات الأمن.
بدأ تنظيم «سرايا المختار» بتنفيذ عمليات إرهابية عبر تفجير عبوات وقنابل موقوتة ضد قوات الأمن البحرينية وقوات "درع الجزيرة" في يوليو/تموز 2011. ونفذت «سرايا المختار» عددًا من العمليات الإرهابية الدامية، منها إحراق البنك الوطني البحريني، والهجوم على 3 مراكز للشرطة البحرينية واستهداف قوات الأمن بعبوات متشظية.
واعترفت «سرايا المختار» بامتلاكها أسلحة، وعبوات، وألغامًا وصواريخ محلية الصنع، ومهربة من الخارج وهي: (مختار1، وبتار1، وعاصف: لغم مضاد للأفراد، وشرف1: صاروخ محلي الصنع، وصياد1: عبوة انشطارية، وسعير1: عبوة حارقة).
وفي 30 ديسمبر/كانون الأول 2013، اعترضت قوات خفر السواحل البحرينية زورقًا سريعًا كان قادمًا من العراق، محمّلًا بأسلحة ومتفجرات معدة للمتطرفين الشيعة في البحرين. وعلى رأسها ميليشيا "سرايا المختار". وكان من بين المواد المُصادرة 50 قنبلة إيرانية الصنع، وما يقرب من 300 عبوة ناسفة مكتوب عليها "صُنع في سوريا".
وبعد ضبط القارب، داهمت السلطات البحرينية مخازن أسلحة مشتبه بها، وكشفت كمية ضخمة من المتفجرات، إلى جانب صواعق تفجير تجارية صُنعت في سوريا، وبنادق، ومواد لصنع القنابل. أدت المداهمات إلى إلقاء القبض على سبعة عشر شخصًا.
وأصدرت المحكمة الكبرى الجنائية البحرينية الرابعة، في 27 يونيو/حزيران 2016، حكمًا في قضية الانضمام إلى جماعة إرهابية على خلاف أحكام القانون بما يسمى بـ "سرايا المختار"، وحيازة وإحراز واستعمال مفرقعات وأسلحة بغير ترخيص تنفيذًا لغرض إرهابي، بمعاقبة ثلاثة متهمين بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وتغريم المتهم الثاني بمئتي ألف دينار وإسقاط الجنسية عن جميع المتهمين ومصادرة المضبوطات.
وفي يونيو/حزيران 2017، صنفت كل من مصر والسعودية والإمارات البحرين، «سرايا المختار» كتنظيم إرهابي، وأكدت الدول الأربع أنها لن تتهاون في ملاحقة الأفراد والجماعات، وستدعم السبل كافة في هذا الإطار على الصعيدين الإقليمي والدولي، وستواصل مكافحة الأنشطة الإرهابية واستهداف تمويل الإرهاب أيًّا كان مصدره، كما ستستمر في العمل مع الشركاء في جميع أنحاء العالم بشكل فعّال للحد من أنشطة المنظمات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة.
في 22 يناير/كانون الثاني 2018، كشف وزير الداخلية البحريني عن معلومات أمنية تتعلق باستهداف بلاده من منظمات إرهابية عابرة للحدود، تديرها عناصر موجودة في إيران تنسق بدورها مع "الحرس الثوري" الإيراني و"الحشد الشعبي" في العراق و"حزب الله" في لبنان، من أجل تدريب العناصر التي تنفذ الأعمال الإرهابية في البحرين.
وأدرجت وزارة الخارجية الأمريكية، "سرايا المختار" على قائمة التنظيمات الإرهابية في ديسمبر/كانون الأول 2020. وقالت الوزارة في بيان لها: "إن سرايا المختار هي منظمة إرهابية مدعومة من إيران ومتمركزة في البحرين، وتشير التقارير إلى أنها تتلقى الدعم المالي واللوجستي من الحرس الثوري الإيراني. يتمثل هدف سرايا المختار بحسب الجماعة نفسها بإسقاط الحكومة البحرينية بقصد تمهيد الطريق لإيران حتى تمارس نفوذًا أكبر في البحرين".
وفي يناير/كانون الأول 2021 قضت إحدى المحاكم البحرينية بالسجن المؤبد لـ 8 متهمين، لإدانتهم بتشكيل خلية إرهابية تحت مسمى "سرايا قاسم سليماني" مدعومة من "الحرس الثوري"، بغرض تنفيذ عدة عمليات إرهابية في البحرين. وقضت المحكمة بالسجن 15 عامًا على متهمَين، و10 أعوام على متهمين، والسجن 5 أعوام على خمسة متهمين، و7 أعوام لمتهم، في قضية ضمت 18 شخصًا بينهم فارّون خارج البلاد.
وكانت النيابة العامة البحرينية باشرت التحقيق في القضية بعد القبض على عدد من المتهمين في النصف الثاني من يناير عام 2020، وفي ضوء ما أسفرت عنه التحريات من أن بعض المتهمين الرئيسين فرّوا من البحرين، واستقروا في إيران وتلقوا الدعم المالي واللوجستي من "الحرس الثوري".
وذكرت النيابة أن المتهمين قاموا بتأسيس جماعة لارتكاب عمليات إرهابية داخل المملكة، وتجنيد بقية المتهمين الذين انضموا إلى تلك الجماعة لاحقًا، وشرعوا بارتكاب جرائم في إطار ذلك النشاط؛ بهدف بث الرعب بين الناس وإشاعة الفوضى في أوساط المجتمع وإضعاف مقومات الدولة، إذ خططوا لإحداث تفجيرات في المملكة واستهداف رجال الأمن، وقد تلقى بعضهم التدريب على استخدام الأسلحة النارية والمتفجرات لاستعمالها في تنفيذ مخططاتهم الإرهابية.
ــــــــــــــــــــــــــ
1- خلايا إيران تتساقط بالبحرين.. رسائل مهمة من المنامة، موقع بوابة العين، 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
2- بيان سرايا المختار بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل الامام الخميني، العربي برس، 3 يونيو/حزيران 2013.
3- "الجرائم الإرهابية": 15 سنة وإسقاط الجنسية للانضمام لـ "سرايا المختار"، الوسط، 12 مايو/أيار 2017.
4- منها "عرض مكافآت لاغتيال مسؤولين بحرينيين".. أمريكا توضح أسباب إدراج "سرايا المختار" بقائمة الإرهاب، موقع سي إن إن بالعربية، 16 ديسمبر/كانون الأول 2020.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية
@2021 جميع الحقوق محفوظة - مركز الخليج للدراسات اﻹيرانية
