كيف أعطت واشنطن «الضوء الأخضر» للثورة؟

- 10 فبراير 2022 - 350 قراءة

• حسن روحاني اعترف لصحيفة "باري ماتش" الفرنسية بأن أمريكا أعطتنا الضوء الأخضر لإسقاط حكم الشاه

• "بني صدر" أول رئيس إيراني: الخميني كان يريد إقامة "حزام شيعي" للسيطرة على العالم الإسلامي بمباركة أمريكية

• الخميني لمواطن أمريكي: إذا سيطرت على مقاليد الحكم في إيران سوف أستمر في بيع البترول للولايات المتحدة

• حسين علي منتظري قرر إدانة "الاتصالات السرية" بين طهران وواشنطن.. فتم إبعاده نهائيًا من طهران

 

 

لم تكن ثورة عام 1979 في إيران لتنجح، لولا الدعم الكبير الذي تلقاه الملالي من الولايات المتحدة. فقد كان من المستحيل أن يتخلى شاه إيران محمد رضا بهلوي عن الحكم، دون تأييد أمريكي لرحيله عن عرش الطاووس. وقد اعترف بذلك صراحة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، الذي كان ممثلًا للخميني في واشنطن عشية اندلاع الثورة، حيث قال روحاني في تصريحات لصحيفة "باري ماتش" الفرنسية: "أنا مقتنع بأن أمريكا أعطتنا الضوء الأخضر للثورة"!

ويؤكد الباحث رأفت صلاح الدين أنه عندما بدأت معارضة الملالي تأخذ وضعها في الشارع الإيراني، أعطت لهم أمريكا والدول الغربية بشكل عام "الضوء الأخضر" في المضيّ قُدمًا نحو الثورة، وإسقاط حكم الشاه إلى الأبد.

دعم الغرب لرحيل الشاه عن سدة الحكم، وتأييد الثورة ضده، أكده هو نفسه في مذكراته، فقد عبر بهلوي عن استياء شديد من مؤتمر عقد في الفترة من 4 إلى 7 يناير/كانون الثاني 1979 في "مؤتمر جوادلوب" لمناقشة الأوضاع في إيران، ضم 4 دول هي الولايات المتحدة بقيادة جيمي كارتر، ورئيس الوزراء البريطاني آنذاك جيمس كالاهان، والرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان والمستشار الألماني هلموت شميت، وأجمع هؤلاء الزعماء على رغبتهم في رحيل الشاه.

 

اقرأ أيضًا...

ثورة الخميني الأمريكية

 

 

وعندما وصلت الأنباء إلى الشاه تأثر بشدة وكتب في مذكراته: "قبل أسابيع من انعقاد المؤتمر بدأت الضغوط من أجل إخراجي من البلاد، وخلال أسابيع من المفاوضات كان هناك شرط مبدئي لذهابي لقضاء عطلة للخارج وهو تشكيل حكومة ائتلاف. وخلال أسابيع جاءت وفود أجنبية لزيارة إيران وطلب خروجي من البلاد، في رأى مؤتمر جوادلوب، وافقت كلًا من فرنسا وألمانيا على اقتراح بريطانيا والولايات المتحدة بإخراجي من البلاد".

وفى الوقت نفسه، عرض مقربون من الرئيس الأمريكي جون كنيدي خطة واضحة لانتقال السلطة في إيران، وعزل الشاه، وأن يتولى الحكم مجلس مكون من سياسيين إيرانيين هم "محل ثقة" لدى واشنطن، لكن خطتهم لم تلق تأييد وكالة الاستخبارات الأمريكية، وكان يسيطر الحزب الجمهوري على الإدارة آنذاك، وكانوا لا يرون شخصًا بديلًا يمكن الثقة فيه بعد الاطاحة بالشاه، لذا فضلوا مجبرين الابقاء عليه ودعمه.

وكان الرئيس كنيدي ينوي إحداث انقلاب ضد الشاه في حال تنفيذ تهديداته والتوجه إلى السوفييت، وقرر أن يمد يد الصداقة والتفاهم إليه، لكن في الوقت نفسه يقوم باتصالات بين الزعماء المعتدلين في الجبهة الوطنية والشخصيات العسكرية محل ثقة المناهضة للشيوعية. وكان كيندي يرغب في إحداث إصلاحات داخل إيران للحيلولة دون قيام "انقلاب شيوعي" في البلاد.

 

اعترافات أول رئيس إيراني

 

اعترف الراحل أبو الحسن بني صدر، أول رئيس لإيران بعد الثورة مباشرة، بتلقي الثورة الإيرانية في بدايتها دعمًا أمريكيًا وغربيًا، حيث قال "بني صدر" في برنامج "زيارة خاصة" على إحدى القنوات الفضائية مطلع ديسمبر/كانون الأول عام 2000: "جاء موفدون من البيت الأبيض للقاء الخميني في (مافلي شاتو) منفاه في فرنسا، واستقبلهم آنذاك إبراهيم يزدي، الذي كان وزيرًا للخارجية في حكومة مهدي بازاكان. في طهران عقد اجتماع ضم السفير الأمريكي في طهران من جهة، ومهدي بازاكان الذي أصبح رئيسًا للوزراء، وموسوي أردابيلي، أحد الملالي الذي أصبح بدوره رئيسًا لمجلس القضاء الأعلى؛ خرج المجتمعون باتفاق يقضي بأن يتحالف رجال الدين والجيش من أجل إقامة نظام سياسي مستقر في طهران".

وعندما سئل أبو الحسن بني الصدر في نفس البرنامج: هل كانت هناك محادثات كثيرة بين الملالي والأمريكيين سريًا؟ أجاب: "نعم، كانت هناك لقاءات كثيرة أشهرها لقاء أكتوبر/تشرين الأول المفاجئ، والذي جرى هنا في باريس، ووقعت اتفاقات بين جماعة الرئيس الأمريكي رونالد ريجان وممثلي الخميني".

 

اقرأ أيضًا...

عندما أصبح «الشيطان الأكبر» صديقًا!

 

 

وقال "بني صدر" في نفس المقابلة: "عُقد أول اجتماع بين جماعة ريجان وممثلي الخميني، في باريس، وكان هناك اتفاق. بعدها كتبت للخميني لاطلاعه على هذه المعلومات، ولم أكن أصدق أنه كان على علم بذلك، كنت أظن أنه خارج اللعبة، إذن كيف تفسرون إطلاق الرهائن عشية أداء الرئيس (ريجان) اليمين الدستورية!".

وقال أيضًا: "جاء رضا باسنديدي، ابن شقيق الخميني إلى العاصمة الإسبانية مدريد، للقاء مسؤولين أمريكيين، ثم عاد إلى إيران وطلب مقابلتي، وقال لي إنه كان في مدريد"، وطلب الأمريكيون لقاءه، وأعطوه اقتراحات مشروع جماعة ريجان. وقال لي: إذا قبلتها سيلبي ريجان جميع طلبات إيران عندما يصلون إلى السلطة، وهددني إذا رفضتها بالتعامل مع خصومي السياسيين، هل تتصوّرون أن ابن أخ الخميني يخرج من إيران دون إذن عمه؟! لم يقل لي إنه خرج من إيران للقائهم، قلت: ربما كان في زيارة إلى أوروبا، وبعدها علمنا أنه كان مدعوًا لذلك".

وأوضح "بني صدر" أن الخميني كان يريد إقامة "حزام شيعي" للسيطرة على ضفتي العالم الإسلامي، كان هذا الحزام يتألف من إيران والعراق وسورية ولبنان، وعندما يصبح سيدًا لهذا الحزام يستخدم النفط وموقع الخليج العربي للسيطرة على بقية العالم الإسلامي. كان الخميني مقتنعًا بأن الأمريكيين سيسمحون له بتنفيذ ذلك، قلت له: "إن الأمريكيين يخدعونك". ورغم نصائحي له فإنه لم يكن يريد الاقتناع.

 

الاتصالات السرية مع واشنطن

 

في أعقاب هروب الشاه من إيران دخلت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والثوار مرحلة جديدة، فقد التقى وارن زيمرمن أحد كبار موظفي السفارة الأمريكية في باريس، بمستشار الخميني سرًا، ذهب إلى مقاطعة نوفل لوشاتو بسيارة السفير الأمريكي الشخصية والتي لم تكن تحمل أرقامًا دبلوماسية، حتى لا يتعرف عليه أحد. ولم يستمر اللقاء أكثر من 20 دقيقة، واعتبر هذا اللقاء بدء عملية التواصل المباشر بين أمريكا والخميني.

وكان الخميني في مقابلاته الصحفية يتحدث عن الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر بلهجة رقيقة، حيث كان يخشى بعد خروج الشاه من إيران أن يتكرر سيناريو انقلاب 1953 وتُعيد الولايات المتحدة الشاه مرة أخرى إلى العرش. لذا كان يتعمد الخميني لقاء مواطنين أمريكيين عاديين ويستغل ذلك لإبلاغهم برسائله السياسية الموجهة إلى واشنطن.

في تلك الفترة، عُقد لقاء جمع بين الخميني ومواطن أمريكي يدعى ليونارد فريمن، في فرنسا، وحملّه زعيم الثورة رسالة إلى أمريكا، أكد فيها أنه "إذا سيطر على مقاليد الحكم في إيران، سيقيم حكومة العدل، وسيستمر في بيع البترول للولايات المتحدة".

وتم تسجيل الرسالة باللغة الإنجليزية على شريط، وتسليمه إلى "فريمن" لكي ينقله للحكومة الأمريكية. واتصل فريمن بالسفارة الأمريكية فى باريس ووصلت الرسالة إلى واشنطن في نفس اليوم.

وأعطى الخميني في عام 1984 الضوء الأخضر لإجراء محادثات سرية مع الولايات المتحدة، بواسطة (إسرائيل). وأوضحت التقارير الصادرة حول "إيران جيت" المدى الذي وصل إليه الخميني من الاتفاقيات السرية مع الأمريكيين. وكاد المشروع بأكمله أن ينهار، عندما قرر المُلا حسين علي منتظري، أحد زعماء الثورة، إدانة الاتصالات السرية بين طهران وواشنطن، لتنتهي المسألة بإبعاد منتظري من طهران.

وفي عام 1986 قام مستشار الأمن القومي الأمريكي بد مكفارلين بزيارة سرية لطهران، وحضر والوفد المرافق له على متن طائرة تحمل معدات عسكرية لإيران، وجلب الوفد معه "كعكة" صنعت على شكل مفتاح كرمز لمفتاح الصداقة بين البلدين، كما قدموا إنجيلًا يحمل توقيع الرئيس ريجان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- أمريكا وإيران.. ماذا يحدث خلف الكواليس؟، موقع "طريق الإسلام"، 3 فبراير/شباط 2013.

2- أرشيف إيران يكشف الغدر الأمريكي مع الشاه، موقع "اليوم السابع"، 3 فبراير/شباط 2019.

3- حقيقة العلاقات السرية بين أمريكا وإيران.. من صفقة الكونترا لحرب اليمن، موقع "ساسة بوست"، 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

4- أمريكا وإيران.. صراع على حساب العرب، موقع "الشروق"، 24 مايو/أيار 2019.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.