نتنياهو «سفاح غزة»... مجرم حرب

- 30 ديسمبر 2023 - 758 قراءة

نتنياهو ليس «مجرمًا ميدانيًا» فحسب... ولكنه مجرم فكرى و«قاتل أيديولوجي» ذو عقيدة وإيمان

 

نتنياهو سيواجه نفس مصير سلوبودان ميلوسوفيتش «جزار البلقان» الذي مات بعد 4 سنوات في السجن

 

 

مهما طال الزمن، وتعاقبت السنون، فسوف يُحاكم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يومًا ما أمام المحاكم الدولية كـ «مجرم حرب»، وسيلقى جزاء ما جنته أياديه الملطخة بدماء أكثر من 20 ألف شهيد فلسطيني حتى الآن، وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين، في أكبر مجزرة بشرية يشهدها العالم منذ مذبحة المحرقة النازية «الهولوكست»، التي تفوقت عليها مذابح غزة وحشيةً ودمويةً.

لقد ظل العالم الغربي منذ عام 1945، يشعر بعقدة الذنب تجاه اليهود الذين جرى قتلهم بالغاز في بولندا، وظل الأوروبيون والأمريكيون يدفعون ثمن "الهولوكست" للكيان الصهيوني حتى الآن. ومرت أعوام طويلة، وبعد 70 عامًا من ذلك التاريخ، تفوق "نتنياهو" حفيد هؤلاء المضطهدين اليهود الذين قدموا إلى فلسطين المحتلة من كل فج عميق، على جلادهم "هتلر"، وروّع العالم أجمع بمذابحه الدامية في غزة.

ولا شك أن نتنياهو ليس مجرمًا ميدانيًا فحسب، ولكنه مجرم فكرى وقاتل أيديولوجي. إنه يمتلك مرجعية دينية وثقافية للإبادة والتهجير والنقاء العرقى والدين الواحد. هو إذن لا يتحرك من منظور المنافسة الانتخابية، أو جذب الأضواء، أو الظهور فى نموذج رجل السياسة القوى، ولكنه مجرم ذو عقيدة وإيمان، لا تنبُع جرائمه من خللٍ نفسي، أو من محاولة تحقيق مجد شخصي كما فعل سلفه "هتلر"، بل تنبع جرائمه من رؤية كاملة للدين والدولة.

 

جرائم بدم بارد

 

من المؤسف أن المطالبات بمحاكمة سفاح غزة كمجرم حرب، لم تأت من دولة عربية، بل جاءت أولًا من أقصى بقاع الأرض، حيث أعلن الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو، في نوفمبر/تشرين الثاني، أن وزير خارجيته سيوجه اتهامًا لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بارتكاب جرائم حرب.

وقال "بترو"، إن ألفارو ليفا، وزير الخارجية، سيجتمع مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لتوجيه اتهامات رسمية ضد نتنياهو، بشأن "المذبحة التي ارتكبها ضد أطفال الشعب الفلسطيني والمدنيين والإبادة الجماعية للفلسطينيين".

كما كانت جنوب إفريقيا سبّاقة في نصرة أهالي غزة، حيث طلبت من المحكمة الجنائية الدولية رسميًا، التحقيق في الجرائم الإسرائيلية التي تم ارتكابها بدم بارد ضد المدنيين العزل، وخصوصًا النساء والأطفال الذين لقوا مصرعهم في مذبحة "مستشفى المعمداني".

أعلن ذلك الرئيس سيريل رامافوزا بنفسه، أثناء زيارة إلى دولة قطر. وأضاف: "كجنوب إفريقيا، رأينا مع العديد من الدول الأخرى في العالم، أنه من المناسب إحالة هذا الإجراء الذي اتخذته حكومة الاحتلال الإسرائيلية برمته إلى المحكمة الجنائية الدولية".

 

إبادة جماعية مُخطط لها

 

لم يقتصر الأمر على أمريكا اللاتينية وأفريقيا، بل امتدت هذه المطالبات الدولية بمحاكمة "نتنياهو" إلى أوروبا، حيث قالت الوزيرة الإسبانية إيوني بيلارا، القائمة بأعمال وزير الحقوق الاجتماعية، إن (إسرائيل) "تنفذ إبادة جماعية مخططة" في غزة ويجب محاكمة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه "جرائم حرب".

وفي كلمة مؤثرة، قالت بيلارا إنها "نظرت بقلب حزين إلى الصور المؤلمة القادمة من فلسطين، وطالعت ما تقوم به (دولة إسرائيل) من إبادة جماعية مخطط لها في غزة فيما يتعلق بالهجمات الإسرائيلية على غزة".

وذكرت الوزيرة، أن: قصف (إسرائيل) للمناطق المأهولة بالسكان المدنيين ومحاولتها تدميرها بشكل جماعي ينتهك القانون الدولي، ويعد "جرائم حرب". وأضافت: "الحقيقة هي أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يغضان الطرف عن ذلك فحسب، بل يدعمان أيضًا (دولة إسرائيل) في سياسة الفصل العنصري والاحتلال الذي ينتهك حقوق الإنسان".

ولقد كان موقف "مجلس الأمة" الكويتي مشرفًا لكل عربي، عندما اعتمد توصية بإحالة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة بلاده العسكريين والسياسيين «كمجرمي حرب» في المحافل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية وفي برلمانات العالم، وتكليف الشعبة البرلمانية قيادة جهود قانونية وسياسية وإعلامية بهذا الصدد.

 

مصير "جزار البلقان"

 

بعد كل ذلك، وبعد أن انتفض الرأي العام الدولي ضد الاحتلال الإسرائيلي، لم يعد يخفى على أحد، أن نتنياهو لن يستطيع الإفلات من تهمة ارتكاب جرائم حرب، وأنه سيواجه نفس مصير سلوبودان ميلوسوفيتش "جزار البلقان"، الذي مات أثناء انتظار حكم "الجنائية الدولية" بعد 4 سنوات من السجن.

وربما تكون نهاية السفاح الصهيوني أقرب ما يتصور أحد، فقد كشفت الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن البدء في جمع أدلة حول ارتكاب (إسرائيل) "جرائم حرب" في قطاع غزة، تمهيدًا لمحاكمات محتملة لأعضاء حكومة بنيامين نتنياهو.

ووفقًا لمواثيق لأمم المتحدة، تخضع الأطراف المشاركة في الحرب لقوانين مستمدة من نظام الاتفاقيات والمعاهدات والأحكام المعروفة باسم القانون الإنساني الدولي أو قانون النزاعات المسلحة. ويحتوي القانون على عنصرين أساسيين هما حماية غير المقاتلين مثل المدنيين والجنود الذين استسلموا والقيود المفروضة على نوع الحرب. وتستند تلك القواعد إلى معاهدات تعود للقرن التاسع عشر، لكن القانون الآن يرتكز على اتفاقية جنيف لعام 1949 التي تم التوقيع عليها بعد جرائم ضد الإنسانية، وبعد جرائم ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية.

غير (إسرائيل) لم توقع على بعض البنود في الاتفاقيات التي تغطي قضايا مثل العقوبات الجماعية، أهم ما يعرقل فتح تحقيق في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، عدم انضمام الكيان الصهيوني إلى المحكمة الجنائية الدولية، وعدم اعتراف هذا الكيان الغاصب بسلطتها، ورفضه التعاون مع محققيها الجنائيين، أو منحهم تأشيرات الدخول والسماح لهم بحرية التنقل والوصول إلى أماكن الجرائم، والحديث مع الضحايا والشهود. لكن أمريكا ودولًا أوروبية كبرى تعتبرها ضمن القانون الدولي العرفي، وبالتالي هي مُلزمة للجميع.

 

على قلب «مجرم واحد»

 

من المؤكد أن حكومة الاحتلال على قلب مجرمٍ واحد فى حربها الدموية ضد المدنيين الأبرياء في غزة، وأن جيش العدوان الإسرائيلي على عقيدة واحدة، وهي المُضي قُدمًا حتى آخر فلسطينى فى غزة. والمؤكد أيضًا أن نتنياهو لا يشعر بأى أزمة، بل هو يشعر بالنشوة والانتصار، بعد أن قتل آلاف الأطفال والنساء.

وسيكون عارًا على جبين الإنسانية جمعاء، بل على الأمم المتحدة نفسها، أن يواصل هذا المجرم حياته فى منصِبه أو منزله. بل تقضي قوانين السماء والعدالة والقيم الإنسانية أن يكون أمام نتنياهو خطوتان أخيرتان فى سيرته الدامية: المحاكمة، والسجن.

ولن يحدث ذلك من تلقاء نفسه، فلا يحك جلدك مثل ظفرك، ولن يقتص لدماء أهلنا المستضعفين في فلسطين سوانا. لهذا، لابد من تحركات قانونية عربية على قدم وساق، بهدف إيصال هذه المطالبات إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ومن هذا المنبر الإعلامي، تدعو "شؤون إيرانية" إلى أن يبدأ اتحاد المحامين العرب، والجهات القانونية المعنية في كل أرجاء الوطن العربي، بمساعدة من الجمعيات الحقوقية العربية فى أوروبا والولايات المتحدة. تبدأ هذه الجهات وفق تنسيق مشترك عالي المستوى، في إنجاز الملفات اللازمة، وتمهيد الطرق القانونية لمحاكمة نتنياهو وقادة الحرب فى (إسرائيل)، حتى لا تستمر سياسية "الإفلات من العقاب" إلى الأبد.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.