ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومن قبله العصابات الإرهابية الصهيونية، مجازر بشعة ضد أبناء الشعب الفلسطيني خلال القرن العشرين. وهي المجازر التي نُفذت بدم بارد، دون أي محاسبة أو ملاحقة قانونية لمرتكبي هذه الجرائم والمذابح التي كان الهدف منها -ولازال- هو إرهاب أصحاب الأرض الأصليين، وترويع الآمنين، وممارسة جرائم التطهير العرقي ضد المدنيين الفلسطينيين العزل.
واستُخدمت المجازر قبل "نكبة 1948" وبعدها، سلاحًا لترهيب السكان الفلسطينيين وتهجيرهم من أراضيهم وقراهم. ونزح على إثرها ما لا يقل عن 650 ألف فلسطيني، في تلك الفترة، كما دُمّرت نحو 400 قرية وتم محوُها بالكامل.
وفيما يلي سجلّ بالمذابح التي ارتكبها الكيان الصهيوني، منذ "النكبة" حتى الآن، والتي كان آخرها مجزرة مخيم "جباليا" شمال قطاع غزة، ما أسفر عن تسجيل 400 شهيد وجريح فلسطيني جراء إلقاء جيش الاحتلال ستة قنابل، تزن الواحدة منها طنًا من المتفجرات ما يعني إلقاء 6000 كيلو جرام من المتفجرات.
مذبحة "بلد الشيخ"
كانت أولى المذابح في ديسمبر/كانون الأول 1947، حيث أقدمت العصابات الصهيونية على ارتكاب مذبحة في قرية "بلد الشيخ"، أسفرت عن سقوط 60 شهيدًا من النساء والأطفال العزل، ووقعت المذبحة بعد ثورة للعمال العرب في شركة مصفاة بترول حيفا على اليهود العاملين في الشركة نفسها، بعد أن انفجرت قنبلة خارج بناء المصفاة وقتلت وجرحت عددًا من العمال العرب القادمين إلى المصفاة.
وكان جزء كبير من العمال العرب في المصفاة يسكنون قريتي "بلد الشيخ وحواسة" الواقعتين إلى الجنوب الشرقي من حيفا بمسافة خمسة كيلومترات على طريق حيفا – الناصرة والمجاورتين لمستوطنة "نيشر" اليهودية شرقيهما، لذا خطط المسلحون اليهود للانتقام لقتلاهم في المصفاة بمهاجمة القريتين في وقت واحد.
بدأ هجومهم بعيد منتصف الليل مطلع ديسمبر/كانون الأول عام 1947، وكان عدد المهاجرين بين 150 و 200 يهودي قدموا من التلال الواقعة جنوبي بلد الشيخ، وقد ركزوا هجومهم على أطراف بلد الشيخ وحوّاسة. ولم يكن لدى العرب آنذاك السلاح الكافي. ولم يتعد الأمر وجود حراسات محلية بسيطة في الشوارع.
مذبحة "دير ياسين"
وقعت مذبحة دير ياسين، وهي واحدة من أبشع وأشهر المجازر الصهيونية، في قرية "دير ياسين" الفلسطينية، غربي القدس، يوم 9 أبريل/نيسان عام 1948، على يد الجماعتين الإرهابيتيّن "أرجون، وشتيرن".
بدأ الهجوم الإرهابي الدموي فجرًا، عندما اقتحم مسلحو العصابتين الصهيونيتين القرية، من جهتي الشرق والجنوب، ليفاجئوا سكانها وهم نائمون وقتلوهم.
راح ضحية هذه المذبحة أعدادًا كبيرة من سكان هذه القرية من الأطفال، وكبار السن والنساء والشباب. عدد من ذهب ضحية هذه المذبحة مختلف عليه، حيث تذكر المصادر العربية والفلسطينية أن ما بين 250 إلى 360 شهيدًا تم قتلهم، بينما تذكر المصادر الغربية أن العدد لم يتجاوز 109 قتلى.
مذبحة دير ياسين، كانت عاملًا مهمًّا في موجات الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أُخرى من فلسطين والبلدان العربية المجاورة، لما سببته المذبحة من حالة رعب عند المدنيين. ولعلّها الشعرة التي قصمت ظهر البعير، وتسببت في إشعال الحرب العربية- الإسرائيلية في عام 1948.
مذبحة قرية أبو شوشة
بدأت المذبحة، 14 مايو/آيار 1948 في قرية أبو شوشة القريبة من قرية دير ياسين فجرًا، راح ضحيتها 50 شهيدًا من النساء والرجال والشيوخ والأطفال ضربت رؤوس العديد منهم بالبلطات، وقد أطلق جنود لواء جعفاتي الذي نفذ المذبحة النار على كل شيء يتحرك دون تمييز.
مذبحة الطنطورة
في 23 مايو/آيار 1948م هاجمت الكتيبة 33 من جيش الاحتلال الصهيوني قرية الطنطورة، واحتلت القرية بعد عدة ساعات من مقاومة أهالي البلدة لقوات الاحتلال.
وفي الصباح الباكر، كانت القرية كلها قد سقطت في يد جيش الاحتلال، وانهمك الجنود الإسرائيليون لعدة ساعات في مطاردة دموية شرسة لرجال بالغين بهدف قتلهم، في البداية أطلقوا النار عليهم في كل مكان صادفوهم فيه؛ في البيوت، في الساحات، وحتى في الشوارع، وبعد ذلك أخذوا يطلقون النار بصورة مركزة في مقبرة القرية.
وخلفت مذبحة الطنطورة أكثر من 200 شهيد دُفنوا في حفرة كبيرة أو قبر جماعي أُجبر بعض الفلسطينيين على حفره وفقًا لصحيفة هآرتس الإسرائيلية. وأقيمت على أنقاض قرية الطنطورة مستعمرة نحشوليم 1948. وفي عام 1949 أُقيمت مستعمرة أخرى هي مستعمرة موشاف دور على الجزء المتبقي من أراضي القرية.
مذبحة اللد
تقع اللد في الجنوب الشرقي من مدينة يافا وفي الشمال الشرقي من مدينة الرملة. تميزت بوجود خط سكة حديد ومحطة قطارات كانت تُعتبر أهم محطة بعد محطة حيفا. وقام الجنود الإسرائيليون بمطاردة الفلسطينيين وإطلاق النيران والقنابل اليدوية داخل المنازل الفلسطينية والمساجد وغيرها. وقد راح ضحية المجزرة أكثر من 400 فلسطيني.
وبحسب مجلة دراسات فلسطينية، نقل أحد الصحفيين أن جثث الرجال والنساء والأطفال تراكمت في شوارع مدينة اللد وبقيت تحت الشمس أكثر من 10 أيام.
مذبحة قبية
في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1953، قامت وحدات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بتطويق قرية "قبية" التي كان عدد سكانها يوم المذبحة حوالي 200 شخص فقط، بقوة قوامها حوالي 600 جندي، بعد قصف مدفعي مكثف استهدف مساكنها، وبعد ذلك اقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني القرية وهي تطلق النار بشكل عشوائي. وبينما طاردت وحدة من المشاة السكان الفلسطينيين العزّل وأطلقت عليهم النار، عمدت وحدات أخرى إلى وضع شحنات متفجرة حول بعض المنازل فنسفتها فوق سكانها.
ورابط جنود الاحتلال خارج المنازل أثناء الإعداد لنسفها، وأطلقوا النار على كل من حاول الفرار من هذه البيوت المعدة للتفجير، وقد كانت حصيلة المجزرة تدمير 56 منزلًا ومسجد القرية ومدرستها وخزان المياه الذي يغذيها، كما استشهد فيها 67 شهيدًا من الرجال والنساء والأطفال، وجرح مئات آخرون، وكان قائد القوات الإسرائيلية التي نفذت تلك المذبحة أرييل شارون رئيس وزراء الاحتلال السابق.
مذبحة خان يونس
ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1956 مذبحة بحق اللاجئين الفلسطينيين في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة، راح ضحيتها أكثر من 250 فلسطينيًّا، وبعد تسعة أيام من المجزرة الأولى 12/11/1956 نفذت وحدة من الجيش الصهيوني مجزرة وحشية أخرى راح ضحيتها نحو 275 شهيدًا من المدنيين في نفس المخيم، كما قُتل أكثر من مائة فلسطيني آخر من سكان مخيم رفح للاجئين في نفس اليوم.
مذبحة صبرا وشاتيلا
تعد مجزرة صبرا وشاتيلا إحدى أبشع المجازر التي ارتكبت في العصر الحديث. استمرت المذبحة 3 أيام إذ بدأت في 16 سبتمبر/أيلول 1982، وانتهت في 19 من نفس الشهر.
وقعت هذه المذبحة بمخيم صابرا وشاتيلا الفلسطيني بعد دخول القوات الإسرائيلية الغازية إلى العاصمة اللبنانية بيروت وإحكام سيطرتها على القطاع الغربي منها.
وقتها، قامت ميليشيات مارونية مسيحية لبنانية، برفقة جيش الاحتلال الإسرائيلي بعمليات قتل جماعية في مخيم صبرا وشاتيلا الواقع في لبنان راح ضحيتها حوالى 1300 شهيدًا فلسطينيًا ولبنانيًا، بينهم الأطفال والنساء، فضلًا عن اغتصاب النساء. وذلك وفقًا للباحثة الفلسطينية بيان نويهض الحوت في كتابها "صبرا وشاتيلا.
مذبحة المسجد الأقصى
في 8 أكتوبر/تشرين الأول 1990م وقبيل صلاة الظهر، حاول متطرفون يهود مما يُسمى بجماعة «أمناء جبل الهيكل» وضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم في ساحة الحرم القدسي الشريف، وهبّ أهالي القدس لمنع المتطرفين اليهود من تدنيس المسجد الأقصى؛ مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين المتطرفين اليهود الذين يقودهم جرشون سلمون زعيم «أمناء جبل الهيكل» مع نحو خمسة آلاف فلسطيني قصدوا المسجد لأداء الصلاة فيه، وتدخل جنود حرس الحدود الإسرائيليون الموجودون بكثافة داخل الحرم القدسي، وأخذوا يطلقون النار على المصلين دون تمييز بين طفل وامرأة وشيخ؛ مما أدى إلى استشهاد أكثر من 21 شهيدًا، وجرح أكثر من 150 منهم، كما اعتقل 270 شخصًا داخل وخارج الحرم القدسي الشريف.
مذبحة الحرم الإبراهيمي
ارتُكبت مذبحة الحرم الإبراهيمي، بقيادة باروخ جولدشتاين، وهو طبيب يهودي والمنفذ لمذبحة الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل الفلسطينية في 25 فبراير/شباط 1994، وقام بها جولدشتاين مع عدد من المستوطنين والجيش في حق المصلين، حيث أطلق النار على المصلين المسلمين في "المسجد الإبراهيمي"، أثناء أدائهم الصلاة فجر يوم جمعة في شهر رمضان، فقتل 29 شهيدًا وجرح 150 آخرين، قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.
مجزرة مستشفى "المعمداني"
أقدمت طائرات المحتل الإسرائيلي يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على ارتكاب مجزرة مروعة، وقامت الطائرات بالإغارة وعلى حي الزيتون والشجاعية، ثم عاودت الطائرات الحربية غارة قوية جدًا لكنها استهدفت هذه المرة ساحة مستشفى "المعمداني" الأهلي، والذي كان قد استقبل مئات النازحين المدنيين، فضلًا عن مئات آخرين من المرضى والجرحى وغيرهم.
كانت الضربة الجوية الإسرائيليّة قوية جدًا وأظهر مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وبثته قنوات عربية ودوليّة حجم الغارة التي طالت المشفى وما أعقبها من انفجار ضخم هزّ كامل المناطق المحيطة بموقع الضربة فضلًا عن ألسنة اللهب التي لم تهدأ. كان من الواضح أنّ الضربة قوية جدًا وأنها استهدفت وبشكل متعمّد مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة المعروفة إحداثياته أساسًا لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وسارعت سيارات الإسعاف لموقع المذبحة التي ارتكبتها (إسرائيل) وحاولت التعامل مع الضحايا على قيد الحياة تاركةً الجثث ملقاة في جميعِ الأماكن لعدم قدرة الإسعاف الفلسطيني على التعامل مع كلّ هذا العدد من ضحايا الإرهاب الصهيوني. أشارت التقديرات الأولية إلى مقتل ما بين 200 إلى 300 مدني فلسطيني في القصف الإسرائيلي الذي تعمَّد استهداف مستشفى المعمداني الممتلئ عن آخره بالمدنيين النازحين وبضحايا الغارات الإسرائيليّة. تصاعد عدد الضحايا بشكل كبير بسبب الموقع المستهدف وعدد المدنيين ممن كانوا داخله.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة في مؤتمر صحافي في المستشفى من بين جثامين الشهداء عن استشهاد 471 فلسطينيًا في قصف الاحتلال لمستشفى الأهلي المعمداني، وما عقّد الأمور أكثر هو انقطاع الكهرباء بشكل كامل عن مستشفى الشفاء بسبب الحصار الإسرائيلي، وهو المشفى الذي وصل له العشرات من ضحايا المجزرة الإسرائيلية.
بشاعة جريمة المستشفى العربي المعمداني لم تأت فقط من العدد الهائل من الشهداء، ولكنها لكونها استهدفت مستشفى وهو مكان له طبيعة خاصة، تجعل أكثر الجيوش وحشية يتجنب قصفه، كما أنه مستشفى ديني مسيحي، حيث تديره الكنيسة الإنجليكانية المعمدانية، وبه كنيسة.
وأكد رئيس مكتب الإعلام الحكومي في غزة سلامة معروف، أن مجزرة المستشفى المعمداني التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي تعدّ مجزرة القرن الواحد والعشرين، وهي امتداد لجرائمه منذ نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، موضحًا أنه حتى هذه اللحظة هناك انتشال لأشلاء من موقع مجزرة المستشفى المعمداني التي تعمّد الاحتلال استهدافها بشكل مباشر والمدنيين النازحين إليها، منتهكًا كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.
مجزرة مخيم "جباليا"
وبعد عدة أيام فقط، وبالتحديد في 31 أكتوبر/تشرين الأول، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة أخرى في مخيم "جباليا" شمال قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل وإصابة 400 فلسطيني.
أضاف جيش الاحتلال، مجزرة جديدة إلى سجله الدموي، بغارات شديدة العنف على مخيم جباليا. وأسفرت المجزرة الإسرائيلية عن تسجيل 400 شهيد وجريح فلسطيني على الأقل جراء إلقاء جيش الاحتلال ستة قنابل، تزن الواحدة منها طنًا من المتفجرات ما يعني إلقاء 6000 كيلو جرام من المتفجرات. وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن تدمير 40 منزلًا في منطقة بلوك 6 في "جباليا"، المعروف بأنه المخيم الأكثر اكتظاظًا بالسكان في قطاع غزة.
وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال، أن السبب وراء ارتكاب قوات الاحتلال لمجزرة مخيم جباليا هو وجود قيادي بحركة "حماس" داخل المخيم. وقال المتحدث في تصريحات لشبكة "سي إن إن" الأمريكية: "قصفنا مخيم جباليا حيث كان يختبئ أحد قادة حماس".
وأضاف: "لا نستطيع التأكّد من أننا قتلنا القيادي في حماس خلال قصف جباليا"، مشيرًا إلى أن القيادي المستهدف كان هو المسؤول عن المعارك في شمال غزة منذ بدء الحرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1- بالصور.. أبرز 10 مذابح للكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، موقع المصري اليوم، 8 أغسطس/آب 2014.
2- مجزرة مستشفى المعمداني أبشعها.. مذابح بشعة ارتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين، موقع اليوم السابع، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
3- مذبحة المستشفى المعمداني: جريمة حرب الأبشع بتاريخ فلسطين، موقع شبكة النبأ، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
4- بالأرقام.. أبرز المجازر التي اتُهمت إسرائيل بارتكابها في فلسطين والدول المجاورة، موقع يورو نيوز، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
5- 471 شهيدًا ومئات الجرحى بمجرزة الاحتلال في المستشفى المعمداني بغزة، موقع المركز الفلسطيني للإعلام، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية