جرائم جديدة للجيش التركي شمال شرق سوريا

- 14 يناير 2024 - 241 قراءة

الإدارة الذاتية: الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية جرّاء الهجمات أثرت على 4.3 مليون شخص

 

القصف التركي طاول مخازن وقود وآبار بترول وغاز ومجمعات غلال ومحطات مياه وكهرباء

 

"هيومن رايتس ووتش": يتعيّن على تركيا بموجب قوانين الحرب عدم مهاجمة أو تدمير البنى التحتية

 

 

ارتكب الجيش التركي، خلال الآونة الأخيرة، جرائم جديدة في حق المدنيين شمال شرق سوريا، حيث أسقطت الهجمات التركية خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول الماضي ونوفمبر/تشرين الثاني الحالي، عشرات الشهداء، ودمرت مرافق خدمية ومنشآت حيوية في المنطقة، وطاول القصف التركي مخازن وقود وآبار بترول وغاز ومجمعات غلال، ومحطات مياه وكهرباء.

ترك هذا التصعيد أثرًا سلبيًا كبيرًا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، التي يعيشها السكان والنازحون في هذه المناطق. إذا تعاني المرافق الخدمية الأساسية على طول الحدود مع تركيا من توقف شبه كامل، كما تضررت منشآت نفطية حيوية وتم إخراجها عن الخدمة.

هذه الأحداث المؤلمة، جراء العدوان التركي، جرت في الفترة من 4 أكتوبر/تشرين الأول إلى 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ووصفت على أنها الأعنف منذ احتلال تركيا لمدن سيري كانيه وتل أبيض في عام 2019.

وذكرت تقارير صادرة عن الإدارة الذاتية الكردية، مؤخرًا، أنه تم تنفيذ 580 ضربة جوية وبرية باستخدام مجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار والمدافع.

وركزت الهجمات على تدمير البنية التحتية في العديد من المدن والضواحي، بما في ذلك ديريك، تربسبيه، القامشلي، عامودا، الحسكة، كوباني، وعين عيسى. ووفقًا لأحدث الإحصائيات، أسفرت هذه الهجمات عن استشهاد 44 شخصًا وإصابة أكثر من 55 آخرين، بما في ذلك المدنيين والعسكريين وقوى الأمن الداخلي.

عاودت القوات التركية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، تصعيد عملياتها التي تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشمال شرقي سوريا، وقصفت القوات التركية بالمدفعية الثقيلة انطلاقًا من مواقعها فيما يعرف بمنطقة «نبع السلام»، شمال شرقي سوريا، كثيرًا من القرى إلى جانب محيط بلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة.

كما قصفت القوات التركية قرى تل خاتون وملا عباس ومحيط قرية تل زيوان في ريف القامشلي، إلى جانب قصفها بالمدفعية الثقيلة قريتي كركي شامو وتل جهان بريف القحطانية شمال الحسكة، من مواقعها داخل الحدود التركية.

وأدى القصف التركي إلى نزوح طفيف للسكان، وأسهم في تعزيز الفكرة السائدة لدى فئات واسعة من السكان، وهي تفضيل الهجرة خارج الحدود باتجاه كردستان العراق وأوروبا، الأمر الذي يستنزف الموارد البشرية للمنطقة، كما يمكن أن يزيد من الضغط على الموارد في المناطق والدول المجاورة، وذلك يخلق تحديات تأمين الإيواء والغذاء والرعاية الصحية.

عدا عن تبديد المدخرات المالية المتبقية في أيدي المواطنين، والتي تمنح لشبكات التهريب الدولية بغية الخروج من مناطق شمال وشرق سوريا. وزادت مستويات الخوف والقلق بين السكان بعد هذه الهجمات، حي بات الأطفال يشعرون بالخوف حتى من أصوات الطرق المفاجئة على الأبواب.

 

تفاقم الأزمة الإنسانية

 

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، في بيان لها مؤخرًا، إن الغارات بطائرات مسيَرة التي شنتها القوات المسلحة التركية على المناطق التي يسيطر عليها الكُرد في شمال شرق سوريا، ألحقت أضرارًا بالبنية التحتية الحيوية، وأدت إلى انقطاع المياه والكهرباء عن ملايين الأشخاص.

وأسقطت الغارات التركية على أكثر من 150 موقعًا في شمال وشرق سوريا، خلال الآونة الأخيرة، عشرات الشهداء، كان من بينهم مدنيين، وألحقت أضرارًا بالهياكل المدنية.

أكدت "الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا" بقيادة الكُرد، والتي تحكم المناطق المستهدفة، أن الهجمات على محطات المياه والكهرباء أدت إلى "انقطاع كامل للكهرباء وإمدادات المياه" عن محافظة الحسكة.

وتضررت أيضًا بسبب هذه الهجمات، منشآت النفط الحيوية وكذلك المحطة الوحيدة العاملة في شمال شرق سوريا التي تؤمّن الغاز للاستخدام المنزلي. في مدينة الحسكة، كان النزاع المستمر على المياه منذ الغزو التركي لأجزاء من شمال سوريا عام 2019 قد عرّض حق نحو مليون شخص في الحصول على المياه للخطر، بمن فيهم السكان والمجتمعات النازحة.

ومن جهته، قال آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "عبر استهداف البنية التحتية الحيوية في أنحاء شمال شرق سوريا، بما يشمل محطات الطاقة والمياه، تجاهلت تركيا التزامها بضمان ألا تؤدي عملياتها العسكرية إلى تفاقم الأزمة الإنسانية البائسة بالفعل في المنطقة. الناس في مدينة الحسكة والمناطق المحيطة بها الذين يواجهون أصلًا أزمة مياه حادة على مدى السنوات الأربع الماضية، يتحملون الآن وطأة القصف والدمار المتزايدين، مما يفاقم معاناتهم للحصول على إمدادات المياه الأساسية".

وبحسب الإدارة الذاتية، أثرت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الهجمات التي وقعت بين 5 و10 أكتوبر/تشرين الأول على نحو 4.3 مليون شخص في شمال شرق سوريا، حيث أصبح ما لا يقل على 18 محطة لضخ المياه و11 محطة طاقة خارج الخدمة.

وتشمل مرافق الطاقة الكهربائية التي استُهدفت محطة كهرباء السويدية، وهي مصدر حيوي للكهرباء لأكثر من مليون شخص، ومحطة تحويل الكهرباء في شمال القامشلي التي تخدم 40 ألف أسرة. عطلت الهجمات هذه المرافق الحيوية، مما أدى إلى انقطاع كامل لخدمات إمدادات الطاقة والمياه، حتى 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأكدت "هيومن رايتس ووتش"، أنه بموجب قوانين الحرب، يتعين على تركيا والأطراف الأخرى في النزاع المسلح عدم مهاجمة أو تدمير أو إزالة أو تعطيل الأعيان، التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، بما في ذلك توزيع المياه والصرف الصحي.

 

جناية الإرهاب التركي

 

من جانبه، كشف "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، عن أن الضربات الجوية التركية استهدفت بعض مواقع عسكرية للكُرد بالفعل، لكنها أيضًا طالت أكثر من 50 موقعًا من البنى التحتية في شمال وشمال شرق سوريا، بعضها تعرض للقصف أكثر من مرة من بينها 2 من المستشفيات، ومستوصف، وصوامع حبوب وسد مياه في المنطقة، ومعامل نسيج ودهان ومحطات مياه وتوليد كهربائي، ومدرسة، بالإضافة إلى تعرض عشرات القرى المأهولة بالسكان في أرياف الحسكة للقصف الجوي.

وتعليقًا على ذلك، قال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري، في تصريحات: "نحن نندد بالهجوم الذي استهدف شمال وشرق سوريا، ونعتبره انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية ولاتفاقات صون حقوق الإنسان، تلك الهجمات استهدفت المدن ومسّت الأهالي، وهو مرفوض بشكل مطلق ولا جدال فيه".

وأضاف مدير المرصد، أن "تركيا تشن هجمات إرهابية تستهدف تدمير البنى التحتية في شمال شرق سوريا، وأن هناك تصعيدًا كبيرًا في هذه الهجمات دون وجود أي أسباب حقيقية، فعندما شنوا هجمات سابقًا، قبل نحو 3 أشهر، كانت الذريعة استهداف وزارة الداخلية (التركية) الذي جرى تبنيه على أساس أنه هجوم من حزب العمال وأنهم جاؤوا من داخل الأراضي السورية".

وتابع: "الآن، هناك هجمات إرهابية تركية تدمر البنى التحتية ولا تستهدف مواقع لقسد في شمال شرق سوريا. تروّع وتقتل المدنيين. لا يوجد أي سبب يدع تركيا تقوم بمثل هذه الهجمات".

ودعا عبد الرحمن، "المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، للانخراط معنا في تقديم دعاوى لمحاسبة كل من أجرم في حق السوريين بمختلف مكوناتهم".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

1- شمال شرق سوريا: الضربات التركية تقطع المياه والكهرباء، موقع منظمة "هيومن رايتس ووتش" 26 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

2- حصيلة الهجمات والاعتداءات التركية على شمال شرق سوريا، موقع ليفانت، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

3- حرب المسيرات التركية تدمر البنية التحتية لـ"قسد" في شمال شرق سوريا وتحد من جهود مكافحة الإرهاب، موقع منتدى فكرة، 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.